أُقلب الصحف الألمانية. تكاد تكون المرة الأولى التي أرى فيها الصحف الألمانية تنقل الجانب الفلسطيني من القصة منذ بداية الأحداث. بعد مجزرة مخيم جباليا نشرت Der Spiegel فيديو يصور أثر الدمار الناتج عن الإطاحة بمربع سكني كامل، ما تسبب في استشهاد العشرات، يحمل المقال تعليقا على لسان الفلسطينيين «ثمة جرحى في كل مكان.
بالطبع ليس هذا بالموقف الذي ينتظره المرء من قوى لها وزنها في القضية، ولكن تغير الموقف ولو قليلا قد يكون مبشرا. ثم أسأل نفسي: مبشرا بماذا؟ ما الذي يُمكن أن يحدث بعد ليتغير أي شيء. إنهم حتى الآن يرفضون أبسط شيء، الشيء الذي لا يحتاج لأي حساسية أخلاقية لتأييده: وقف لإطلاق النار. لكن هذا -حتى هذا- يبدو بعيد الاحتمال.
لا يزال أصدقائي في ألمانيا يتحفظون عن قول أي شيء عبر الهاتف، وتأجيل أي نقاش يخص القضية لحين اللقاء وجها لوجه. توقف البعض عن مشاهدة الأخبار، لكن لا يبدو هذا إلا تنصلا من المسؤولية، مسؤولية أن نرى، وواجب أن نحدق بالجثّة كما يكتب سمير سكيني.
يركع شاب أمام جثة قريبه (لا نعلم صلة القرابة تحديدا، ولكن الحرقة التي يصرخ بها تخبرنا شيئا عن تاريخهم عن قرابتهم وعن ثقل الفقد) «يا الله» يصرخ، آخر يذهب ويجيء دون حيلة صارخا «أولادي الثلاثة ولا واحد يا الله». يبدو أن هذا هو النداء الذي يتكرر مرة بعد مرة. النداء الذي لم يبق سواه. الحناجر هي ما يقاوم الآن، سواء في أصوات الحداد التي تُعلن البقاء في الوقت نفسه «بظلني عايش»، أو أصوات المتظاهرين حول العالم التي تحاول أن تُحرّك وتستفز، غالبا دون جدوى.
«متسمرين؟» هكذا صرنا نسأل بعضنا حين نتصل بالأصدقاء. لا نسأل ماذا تفعلون، فالجميع يعرف ما يفعله الجميع. ماذا بأيدينا سوى التسمر أمام التلفاز، ورؤية العالم يحترق.
متسمرون أيضا أمام هواتفنا، نُقلب «الريلز» بحثا عما يُقربنا أكثر من واقع المعاناة اليومية. ننظر في عيونهم. نسمع أصواتهم. ونشعر بعجز مضاعف.
أنا حاليا في زيارة إلى عُمان، تُخيفني فكرة العودة إلى ألمانيا والاضطرار للمشي على قشور البيض طوال اليوم. يشتغل الناس هناك اليوم بالتحدث عن معاداة السامية، عمن لا يؤمنون بحق إسرائيل في الوجود، عمن يجب تنظيف البلاد منهم لأنهم يقفون ضد «قيم الشعب الألماني». خائفة من العداء، من العنصرية، ومن تناقص حظ الفلسطينيين في الحصول على حياة أفضل خارج بلدهم. هذا إن رغبوا بعد في ذلك.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
لوفتهانزا الألمانية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل حتى منتصف يونيو
قالت مجموعة الخطوط الجوية الألمانية لوفتهانزا اليوم الاثنين إنها ستعلق رحلاتها إلى تل أبيب حتى 15 يونيو/ حزيران، وعزت ذلك إلى "الوضع الراهن" في إشارة إلى استمرار التوتر والتهديد.
وأضافت أن هذا سيؤثر على الرحلات التي تديرها لوفتهانزا للخطوط الجوية السويسرية (سويس) والنمساوية (أوستريان إيرلاينز) والبلجيكية (براسلز إيرلاينز) والإيطالية (إيتا إيرلاينز) ويوروينجز وإيتا وخطوط بروكسل الجوية ولوفتهانزا للشحن.
ورغم الضغوط الدولية المتزايدة، تواصل إسرائيل تكثيف حربها على قطاع غزة المدمّر الرازح تحت وطأة أزمة إنسانية.
وبعد هدنة استمرت شهرين، استأنفت إسرائيل هجومها في منتصف مارس/ آذار على القطاع، وكثفت عملياتها العسكرية في 17 مايو/ أيار.
وأفاد الدفاع المدني الفلسطيني باستشهاد 52 شخصا على الأقلّ في القصف الإسرائيلي على غزة.
ومنذ بدء الحرب على غزة عدّلت مجموعة لوفتهانزا رحلاتها إلى المنطقة مرّات عدّة، على غرار شركات طيران أخرى.
تعليق الرحلاتيشار إلى أن عددا من شركات الطيرات العالمية علقت رحلاتها من تل أبيب وإليها منتصف الشهر الجاري بعد هجوم صاروخي من جماعة الحوثي في اليمن، وهذه الشركات التي ما تزال تتعلق رحلاتها منذ ذلك الحين:
إعلان فرانس-كيه.إل.إم: أوقفت كيه.إل.إم ذراع المجموعة في هولندا رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى 30 مايو أيار. آي.إيه.جي: أوقفت الخطوط الجوية البريطانية التابعة لمجموعة الخطوط الجوية الدولية (آي.إيه.جي) رحلاتها إلى تل أبيب حتى 14 يونيو/ حزيران، وألغت إيبيريا إكسبريس للطيران منخفض التكلفة التابعة لها رحلاتها إلى تل أبيب حتى 31 مايو/ أيار. رايان إير: ألغت أكبر شركة طيران منخفض التكلفة في أوروبا رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى الرابع من يونيو/ حزيران.وأعلن رئيس ريان إير، مايكل أوليري في وقت لاحق أن الشركة بدأت "تفقد صبرها" تجاه الوضع الأمني في إسرائيل، ملمّحا إلى احتمال سحب طائرات الشركة من مطار بن غوريون ونقلها إلى وجهات أوروبية بديلة.