تجلى الله على سيناء أمر جعلها أغلى بقعة في الأرض، لكن ما يغفله الكثيرون أن هناك من الأنبياء من مر بها وليس الكليم موسى عليه السلام، فكم نبيًا مر بسيناء؟ 

كم نبيًا مر بسيناء؟ 

قال الدكتور أيمن الحجار، من علماء الأزهر الشريف، إن أرض سيناء مباركة، لافتا إلى أن صفوة الخلق وهم الأنبياء نزل عليهم الوحي فى هذه البقعة المباركة التي تجلى الله سبحانه وتعالي عليها.

وأوضح العالم الأزهري، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، اليوم الأربعاء: "هى البقعة الوحيدة التى حدث عليها التجلي، فربنا سبحانه وتعالى اراد ان يجبر خاطر سيدنا موسى، فتجلى الله علي الجبل فاهتز فلم يتحمل انوار الله سبحانه وتعالى، وخر موسي صعقا"، مستشهدا بقول الله سبحانه وتعالى: "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ". 

واستكمل: "تجلى الله على سيناء جعلها من أفضل أراضي الدنيا لما تحويه من كنوز ومعادن، وكانت مسار أنبياء الله، فلما أحبه الله أحبه أنبياء الله، منهم سيدنا إبراهيم ويعقوب ويوسف".

الجبل الذي تجلى الله لموسى عنده في طور سيناء

"سورة الطور" يقول تعالى : {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}، "الطور" هو الجبل الذي تجلى الله لموسى عنده في طور سيناء، وهو معروف باسم "جبل موسى" وباسم "الطور"، وهو من الأماكن التي ذكر الله -في القرآن-  فيها مصر وأماكن مصر ، وفى بعض الروايات التي صححها ابن حجر العسقلاني أن رسول الله ﷺ نزل فصلى ركعتين في الطور، -أي أن سيدنا رسول الله ﷺ وطئ أرض مصر بقدميه الشريفتين ليلة الإسراء والمعراج-.

{وَالطُّورِ} يقسم الله تعالى بذلك الجبل الذى شهد هذا التجلي.

{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} تكلم الإمام الرازي ومن قبله الشيخ محي الدين بن العربي عن "كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور" ؛ "كتاب الله المسطور" هو ذلك الوحى الذى أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه ﷺ "القرآن الكريم".
و"الكتاب المنظور" هو ذلك الكون.

فلابد لنا من أن نقرأ الكتابين ؛ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} -أي نقرأ الكون- ، {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} -يعيد القراءة مرة ثانية ويقصد بها الوحي- ، فكلاهما من عند الله، فالكون من عند الله خلقاً ،والوحي من عند الله أمراً -لأن كلام الله ليس بمخلوق- ،{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فالله سبحانه وتعالي له هذا الكون وله هذا الوحي وكلاهما صدر عن الله فلا تناقض ؛ فكلما قرأوا في الكتاب المنظور وجدوه في الكتاب المسطور ، وكلما قرأوا في الكتاب المسطور لا يعارضه الكتاب المنظور.

{فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} يعنى يستطيع كل من يحسن الكتابة أن ينظر إليه، وهو محفوظ في الصدور ومحفوظ في السطور.

{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} وهو في السماء تطوف به الملائكة كطواف المؤمنين بالكعبة سواء بسواء، وتكلم العلماء عن أن البيت المعمور هو محاذاة الكعبة المشرفة ، لو أننا تخيلنا أننا نكمل بناء الكعبة المشرفة إلى أعلى فستكون على سمت البيت المعمور .

{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} وهى السماء لأن كل ما هو فوقك فهو سقف. 

الأزهر: لا صحة لما يتم تداوله حول سفر الإمام الأكبر لرفح وإطلاقه كلمة من المعبر دار الإفتاء للاحتلال الغادر الأثيم: التاريخ ينذركم بعواقب وخيمة

{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} وهو بحر به ماء كثيف، قيل إنه "مسجور" بمعنى أنه مرتفع الحرارة، وهذا يكون في يوم القيامة، ولذلك قال : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } عذاب ربك يوم القيامة عذاب واقع لا محالة ، وهذا خبر صدق، وهو يمنع الإنسان من فعل الفواحش في حياته الدنيا ويجعله من أهل العبادة والعمران، { مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} لا يستطيع أحد من المخلوقات كائنا من كان أن يدفعه.

{يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} -المور معناه التحرك والاضطراب- ، مشهد من مشاهد يوم القيامة .

- " الله سبحانه وتعالى هنا يأمرنا بالحقيقة وبأن نفهم كل شيء على حقيقته " يقول تعالى : {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ } "الكِسْفً" القطعة، قطعة من السماء تسقط عليهم وهذا لا يكون إلا إذا سقط ما يسمى بالنيزك لأن له جرم وهو مدمر إذا لامس الأرض انفجر وصنع دماراً كبيراً ، فهذا "الكِسْفً" يوهمون أنفسهم بغير الحقيقة "يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ" سيأتي لنا بالخير دون العذاب ودون مبالاة بهذا التحذير.

يقول تعالى أيضا: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} ما على الرسول إلا البلاغ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } وكأن التسبيح مرتبط بالصبر ، فالتسبيح يُحدث في القلب شيئًا من الراحة، والرضا، ويعين الإنسان على مواجهة الحياة.

وفي "سورة النجم" تكلم الله تعالى فيها عن نبيه ﷺ أثناء رحلة المعراج.

يحلو لكثير من الناس أن يهرفوا بما لا يعرفوا {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } هذه السورة واضحة في أنها تتكلم عن المعراج، وإذا خرجنا عن هذا النطاق أصبحت غامضة، وأصبح كثير من آياتها لا معنى له -والعياذ بالله تعالى-، ومن هنا ترى العلماء وهم يتمسكون بقضية معراج النبي ﷺ إلى السماوات العلى، ليس فقط لما فيها من معجزة سلت قلب النبي ﷺ ، وليس فقط أنها قد صحت الرواية  في هذا الشأن، وليس فقط أنها تبين قدرة الله سبحانه وتعالى حيث إنه يخلق ما يشاء ويفعل ما يشاء وأنه على كل شيء قدير، هذه الآيات لا يستقيم فهمها إلا بقصة المعراج التي سميت أيضاً بقصة الإسراء، لأن المشي بالليل في الأرض أو في السماء يسمى إسراء، وهذا ما جعل بعض أهل دواوين السنة كـ"الترمذي، ومسلم، ...." يعبرون بـ "ليلة الإسراء" عن "الإسراء والمعراج" ويأتون بأحاديث المعراج فى هذا المقام.

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} يقسم تعالى بهوى -سقوط- النجم، إذًا فهو يتكلم عن أمر مرده إلى السماء، مسألة في غاية الوضوح، وهذا خوف كبير أن الكلام لا يكون له معنى اذا تم إنكار هذه الحقائق وإنكار الواقع .

{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} إذًا هناك نزاع عندما يسمع المشركون في مكة أن رسول الله ﷺ قد اخترق السماء، يصفونه كذبا بالضلالة، وأنه يفترى عليهم، { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} يرد ربنا سبحانه وتعالى على هؤلاء بنفي الضلالة عن خبر رسول الله ﷺ فيما حدث في هذه الليلة، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} إذًا فهذا ليس من خياله ولا من كلامه؛ وإنما هو بأمر الله سبحانه وتعالى، { إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } فما يقوله إنما وحى أوحاه الله إليه، فعندما نزل وقال إن الله قد فرض عليكم خمس صلوات، إذًا فالخمس صلوات ركن من أركان الدين، والخمس صلوات هى فريضة علينا في كل يوم وليلة ، والصلوات الخمسة هى ذروة السنام وهي عماد الأمر.

{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} وهو سيدنا جبريل، {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} يعنى له مكانه، و"اسْتَوَى" يعنى استولى، فالاستواء معناه الإستيلاء، {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} يعنى هو له إمره وله كلام على سيدنا رسول الله ﷺ وقد استولى على قلبه يحبه حبًا جما.

{وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} يصف مسالك السماء، تمشى في خط مستقيم فإذ بك تتدلى للأسفل، وهذه هي المنحنيات التي اكتشفها العلماء وبناء عليه جعلوا مسارات المراكب الفضائية التي تذهب إلى القمر أو إلى المريخ أو كذا تسير في مسارات متعرجة، {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} يعنى في مسارات منحنية وليست في مسارات مستقيمة كاستقامة خط الأرض ، حتى قال بعضهم أنه ليس هناك أصلاً خط مستقيم -في الفضاء- لأنه جزء من محيط الدائرة .

{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} أيضا شبه المسألة بالقوس لأن فيه عروج وفيه تقويس، "قَابَ قَوْسَيْنِ" والقوس : آلة على هيئة هِلال تُرمى بها السِّهامُ.

وكانت العرب في الجاهلية إذا تحالفوا فإنهم كانوا يخرجون قوسين ويلصقون إحداهما بالأخرى ، فيكون القاب ملاصقا للآخر حتى كأنهما قاب واحد ، ثم ينزعونهما معا ويرمون بهما سهما واحدا ، فيكون ذلك إشارة إلى أن رضا أحدهم رضا الآخر وسخطه سخطه لا يمكن خلافه - التحالف التام والرضا الكامل -.

{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} فهذه مسافة بسيطة جدا ، يدل على القرب الشديد .

{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} يتكلم عن ما رأى رسول الله ﷺ في هذا اليوم، فهى ليلة واحدة وهي رحلة واحدة.
{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى } يعنى أخبروني عن اللَّاتَ وَالْعُزَّى في مقابل ما أنقذت به النبي ﷺ وسليت قلبه بعد موت خديجة وبعد موت أبى طالب وبعد حادثة الطائف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سيناء طور سيناء تجلى الله على سيناء الله سبحانه وتعالى رسول الله ﷺ

إقرأ أيضاً:

خطبتا الجمعة من المسجد النبوي والمسجد الحرام

مكة المكرمة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته في السر والنجوى.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “تشهد البشرية في عصرنا قفزة حضارية، وطفرة نوعية في مجالات التقنية والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الرقمية، تيسرت فيها الاتصالات، وطويت المسافات، واختصرت الأوقات، وأنجزت المهمات، وطورت الخدمات، وأتيح العلم عبر المنصات، فأصبحت التقنية جزءًا لا ينفك عن حياتنا”.
وأضاف قائلًا: “لئن كانت الأمم تتسابق في مضمار التقنية، فإن مملكتنا المباركة قد تميزت برؤيتها، وسارت بخطى ثابتة، وكانت رائدة في هذا الميدان، تستثمر التقنية وتوظفها في خدمة المجتمع والإنسان، حتى صارت نموذجًا يشار إليه ويحتذى به في صورة مشرقة تثبت مكانتها العالمية في مجالات التقنيات المتقدمة، وبرهنت أن التقدم لا يتنافى مع القيم، ولا يتعارض مع المبادئ، بل ينهض بها، ويستند إليها، فارتقت دون أن تنفصل عن جذورها، وتقدمت دون أن تفرط بثوابتها”.
وحذر فضيلته من غياب الوعي في استخدام التقنية قائلًا: “فحينها تصبح الرسائل مزالق، ومن هنا برز داء ابتلي به بعض الناس على اختلاف الأعمار والثقافات والأجناس، إنه داء الإدمان المرضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والانغماس في عالم رقمي لا ينتهي، وتحوّل الهواتف عند البعض من أدوات للتواصل، إلى وسائل للعزلة والانفصال، فترى المرء بين الناس جسدًا بلا قلب، وحسًا بلا روح، يتنقل بين المنصات، ويتصفح التطبيقات، تتقاذفه المواقع، وتتكاثر عليه المقاطع، فلا يدري ما يريد، ولا يحصد إلا القليل”.
ولفت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة، وموطنًا للمقارنات الجائرة، فدبَّ إلى البعض داء الحسد والبغضاء، وتمكنت من قلوبهم الضغائن والشحناء، وقلَّ الحمد والشكر على النعم والآلاء، مبينًا أنه من الآفات تلك الحسابات المزيفة الخبيثة التي تنفث سمومها في المجتمعات، وتنشر الفتن والاختلافات، وتذكي الضغائن والإشاعات، وتلقي على ألسنة العلماء فتاوى مكذوبة، في حملات مجحفة، وتشويهات متعمدة، لا تراعي دينًا ولا خلقًا.
وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن من أعظم النعم أن يدرك الإنسان خلله قبل فوات الأوان، وأن يعالج قلبه قبل أن يستحكم عليه الداء، فكم نحن بحاجة في هذا العالم الرقمي، والضجيج التكنولوجي، إلى دواء لهذا الإدمان المرضي، وذلك بعزلة قصيرة، لإطفاء صخب الأجهزة، لا لعتزال الحياة، وإعادة التوازن لما اختل من حياتنا.
وأكّد أن التقنية نعمة عظيمة، إذا وُجهت إلى الخير، وقُيدت بقيود الشرع والحكمة، فهي ليست شرًا محضًا، وليست مذمومة في أصلها، بل هي سيف ذو حدين، ويجب استخدامها خادمًا لا سيدًا، وجسرًا إلى الطاعة لا هاوية إلى المعصية، ولتكن وسيلة للعلم والفهم، لاأداة للهوى والجهل.

كما أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور على الحذيفي، المسلمين بتقوى الله سبحانه، مؤكدًا أنها من أعظم أسباب الفوز بثواب الله تعالى، ونيل رضوانه، والنجاة من عذابه الأليم، مستشهدًا بقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقال فضيلته: “أيها الناس أتعلمون أشد الساعات كربًا، وأعظم الساعات خوفًا ورعبًا، وأكثر الساعات قلقًا وهمًا وضيقًا وغمًا، إنها الساعة التي تزيغ عندها الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر، ويتزلزل كل عضو في الإنسان من أهوال ما يرى ويشاهد من الأمور العظام، وما يلاقي من الأحوال التي تتفطر منها الأجسام، إنها الساعة التي يُنصب فيها الصراط على متن جهنم، فليس بعد الصراط إلا الفوز العظيم، وأنواع النعيم الأبدي السرمدي ورضوان الله تعالى، فيا بشرى من اجتازه ونجا وياخسارة من زلت قدمه عن الصراط فهوى في جهنم وتردى، قال تعالى:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا).
وأوضح الدكتور الحذيفي، أن الدنيا سريعة الزوال، سريعة الانقضاء، فما أسرع طَيَّها وانتهاءها، فقد خلقها الله سبحانه وتعالى لأجلٍ محدود، وجعلها دار عمل، ثم يُجازى العبد على أعماله، مبينًا أن هذه الحياة الدنيا، من أولها إلى آخرها، ليست إلا كساعةٍ مقارنةً بأبدية الآخرة، فهي زائلة فانية، كما قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ).
وأشار فضيلته، إلى أن الأمم السابقة من عادٍ وثمود، وقومِ إبراهيم، وقومِ لوط، وأصحابِ مدين، والقرون الخالية وغيرهم، ممن أجروا الأنهار وغرسوا الأشجار وتمتعوا بأطيب الثمار وملكوا البحار، ونالوا كل ما أرادوا من الملذات والشهوات، قد قدموا على ربهم بأسوأ الأعمال وشر الآجال ولم ينجُ من الهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة إلا من عدل وآمن بالله ذي العزة والجلال، مبينًا أن ساعة الكرب -الذي لا يشبهه كرب- واقفةٌ أمام الناس جميعًا، لا مفرّ منها لأحد، مستشهدًا بقوله تعالى في الجسر المنصوب على متن جهنم: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا).
وأبان فضيلته، أن ساعة المرور على جسر جهنم كانت تملأ قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- خوفًا ورعبًا، وتملأ قلوب من جاء بعدهم ممن سار على نهجهم خوفًا من العذاب، ورجاءً من الله تعالى أن يمروا على هذا الصراط إلى الجنة برحمة الله تعالى، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ـ: “ما يبكيك” قلت: ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: “أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحدٌ أحدًا، عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز” رواه أبو داوود.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الخطبة موصيًا المسلمين بالمسارعة إلى الخيرات، والاجتهاد في الأعمال الصالحة، ومجانبة المحرمات، والحذر من الذنوب والمعاصي.

مقالات مشابهة

  • فضل كثرة ذكر الله وثوابها للمسلم .. من أحب وأفضل الأعمال
  • ما حكم إجراء عملية حقن مجهري لتحديد نوع الجنين؟.. الإفتاء تجيب
  • ما معنى نزول الله الى السماء الدنيا؟.. الدكتور يسري جبر يجيب
  • ما سبب عدم البركة في المال؟.. اجتنب7 أفعال وردد هذا الدعاء
  • أفضل كلمات الاستغفار.. 6 صيغ وردت في القرآن والسنة تمحو الذنوب
  • خطبتا الجمعة من المسجد النبوي والمسجد الحرام
  • حين يغـضب المنـتــقم
  • تأملات قرآنية
  • التيجان السبع.. لتفريج الكرب وراحة البال
  • "الأرصاد": رياح وأتربة بعدة مناطق.. وأمطار حتى الثلاثاء