تبرعات "دعم فلسطين" في محافظ العملات الرقمية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
في الخامس والعشرين من أكتوبر 2023، كشف آري ريدبورد المسؤول الكبير السابق بوزارة الخزانة الأمريكية: "أنه وبعد أسبوعين على هجمات السابع من أكتوبر، تلقت وكالة إعلامية فلسطينية خاصة نحو ستة آلاف دولار أمريكي على أحد عناوين حسابات العملات الرقمية" وقال في تصريحات صحفية: "إن الوكالة حصلت على 800 ألف دولار أمريكي منذ أغسطس 2021م"، ولم يتم الإعلان عن ضبط أو ملاحقة أعضاء من فريق عمل الوكالة في الداخل الفلسطيني أو توجيه أي اتهام لهم باستقبال تبرعات يعتبرها الاحتلال الإسرائيلي "داعمة للإرهاب" على الرغم من اعتراف الوكالة بأن "سلطات الاحتلال نفذت حظرًا على جميع الحسابات البنكية، وحسابات العملات المُشفرة التابعة لها".
ولم تسلم الوكالة الإعلامية الفلسطينية الخاصة من تعليقات الساخرين من ادعائها بأن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن على علم بحملات جمع التبرعات لإغاثة "ضحايا الحرب على غزة" عن طريق العملات الرقمية، المنشورة في حسابات، وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للوكالة، والتي انتشرت كالنار في الهشيم بين جروبات وقنوات "تليجرام" بعد السابع من أكتوبر 2023م، ومن هنا انطلقت رسائل التخوين الموجهة للوكالة التي حاولت الدفاع عن نفسها بادعاء أن أبناء عائلة فلسطينية معروفة "يستغلون الدين، كما يستغلون أنهم أبناء شهيد" ويكتبون منشورات الإساءة والتخوين.
واعترفت الوكالة الإعلامية بأنها تعتمد على فريق عمل يتكون من: "ستة أفراد في الضفة الغربية، وفرد واحد في القدس، وآخر في مدينة شفا عمرو" أي أن ثمانية من فريق العمل يعملون بموافقات رسمية من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بالإضافة إلى "13 في غزة وسبعة آخرين في دول أخرى".
وفي الثلاثين من أكتوبر 2023، كشفت الوكالة الإعلامية الخاصة بعضًا من أغراضها، ونشرت تحريضًا صريحًا ضد الحكومة المصرية، وتوهمت أنها سوف تجد من يستجيب لرسائلها الخبيثة، وينزل إلى الشارع داعيًا لتحقيق أهداف من تعمل لحسابهم، ثم بدأ عدد من تابعي الوكالة في ترويج منشورات تطعن في مصداقية حملات التبرع عن طريق القنوات الرسمية في مصر، ولم يسلم "الأزهر الشريف" من الهمز واللعن والطعن الذي يستهدف الوصول إلى أن "الحل هو التبرع عن طريق العملات الرقمية"، وفي كل حملة من حملات التشكيك يخرج "أخ"، ويقول: يا جماعة اللي مش عارف يتعامل بالعملات الرقمية يبعت لي، وأنا أتصرف".
وبالتزامن مع الاتهامات الموجهة للوكالة الفلسطينية الخاصة، نشر موقع إخباري عبري تقريرًا حول استخدام العملات الرقمية في تمرير ملايين الدولارات الأمريكية إلى فصيلين من الفصائل الفلسطينية، وأكد التقرير أن "السلطات المختصة في إسرائيل، والولايات المتحدة كانت تعلم بأن إحدى منصات العملات المشفرة المسجل في بيانات تأسيسها أن لها مقرًّا في غزة كان يتم استخدامها في السنوات الأخيرة "لغسل العملات المشفرة، وتسليم الأموال النقدية إلى حركتين من الحركات الفلسطينية، وإجراء معاملات متبادلة مع فصيل لبناني مُسلح"، واستمر عمل المنصة إلى أن صدر قرار من وزارة الخزانة الأمريكية في الثامن عشر من أكتوبر 2023، بإدراجها ضمن قائمة الشركات الخاضعة للعقوبات، وبناء عليه تم تجميد جميع أصول الشركة، وممتلكاتها، وحساباتها وكذلك ممتلكات، وحسابات الأشخاص الذين يتحكمون في أنشطة المنصة في غزة والداخل الفلسطيني!!
وقال التقرير إن "الشخص الذي سجل عنوان الموقع الإلكتروني للشركة عام 2015 هو من سكان غزة، وعمل طوال هذه السنوات كممثل للشركة ومالكها" ونقل الموقع العبري عن مؤسس إحدى الهيئات المختصة بمراقبة عمليات غسل الأموال في إسرائيل قوله: "إن الحكومات الإسرائيلية المختلفة سمحت على مدار عشرين عامًا بتحويل الأموال الواردة من إحدى الدول إلى حركة فلسطينية عن طريق العملات الرقمية".
وأعلنت إحدى شركات التحليل، والبرمجيات الإسرائيلية أن عناوين حددتها إسرائيل على أنها مرتبطة بإحدى الفصائل الفلسطينية تلقت نحو 41 مليون دولار من العملات المشفرة بين أغسطس 2020 ويوليو 2023، وقالت إن آخرين مرتبطين بإحدى الحركات الفلسطينية المسلحة حصلوا على ما يعادل أكثر من 154 مليون دولار بين أكتوبر 2022 وسبتمبر 2023، وأكدت أن بعضها لا يزال نشطًا.
ولا تزال حملات جمع التبرعات عن طريق "العملات الرقمية" مستمرة، على الرغم من التقارير والاعترافات الإسرائيلية التي تؤكد أن عددًا من حسابات تلقي التبرعات عبر العملات الرقمية "مسجلة بأسماء أشخاص يحملون جواز السفر الإسرائيلي"، والبعض اﻵخر يعمل بموافقة من سلطات الاحتلال، ولم ولن يصدر قرار بحظر نشاط الوكالة الإعلامية الفلسطينية التي تواصل عملها من خلال فريق عمل يقيم بعضهم بين أبناء "عرب 48" في مدن الداخل الفلسطيني المُحتل!!
وأخيرًا، وليس آخرًا، يستحق أصحاب الوكالة الإعلامية الفلسطينية الخاصة رسالة شكر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.. ولا عزاء للمتبرعين المخدوعين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی العملات الرقمیة سلطات الاحتلال من أکتوبر 2023 عن طریق
إقرأ أيضاً:
هآرتس: غريتا ثونبرغ عرّت الدعاية الإسرائيلية بعد اعتقالها
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريرًا انتقدت فيه السلوك الإسرائيلي حيال الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، التي اعتقلتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين بعد اعتراض سفينة "مادلين" كانت تشارك ضمن "أسطول الحرية" المتجه إلى قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة أن ثونبرغ ورفاقها في الأسطول لم يكونوا يتوهمون أن تحركهم سيُحدث تغييرًا جوهريًا في المعاناة الإنسانية داخل القطاع المحاصر، بل كانوا يدركون أن ما يقومون به هو فعل رمزي هدفه تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية المتواصلة في غزة، وهو ما تحقق بالفعل، وفق الصحيفة.
انتقدت هآرتس ما وصفته بالسطحية والغطرسة الإسرائيلية التي اختزلت تحرك "أسطول الحرية" برمته في شخصية واحدة: غريتا ثونبرغ.
وقالت إن الدعاية الإسرائيلية انشغلت بجنس الناشطة وسنّها، وبأنها مصابة بالتوحد كما أعلنت سابقًا، عوضًا عن التطرق إلى الهدف الأساسي من الرحلة، أو مناقشة شرعية اعتراض الأسطول في المياه الدولية.
الاحتلال يفرض حصارًا "توراتيًا"
وسلطت الصحيفة الضوء على السياق الإنساني الأوسع، مشيرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض منذ 17 عامًا حصارًا خانقًا على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وتمنع دخول معظم البضائع وتقيد حركة الأفراد عبر المعابر.
وأكدت أن ما فُرض على غزة خلال العشرين شهرًا الأخيرة يتجاوز مجرد الحصار، ليصل إلى ما وصفته بـ"المأساة التوراتية"، في إشارة إلى حجم الكارثة التي خلفتها الحرب، حيث قُتل عشرات الآلاف وأصيب مئات الآلاف، فضلًا عن تهجير مئات الآلاف من منازلهم، وتحولهم إلى لاجئين داخل القطاع المدمّر والمحروم من الدواء والغذاء.
وبحسب هآرتس، فإن ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي "مساعدات إنسانية" لا يتعدى في المتوسط مئات الآلاف من وجبات الطعام التي توزع بشكل غير فعال.
وتنتقد الصحيفة مشاهد الطوابير الطويلة التي يواجه فيها المدنيون خطر الموت برصاص الجنود الإسرائيليين، واصفة الوضع بأنه أسوأ من أكثر شرطة مرور وحشية في العالم.
وسخرت الصحيفة من محاولات الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، آفي دفرين، "صرف الأنظار" عبر تصريحات نمطية بأن "التحقيقات جارية"، فيما الواقع يعكس، بحسب تعبيرها، تعمّدًا للتضليل والتهرب من المحاسبة.
وتوقفت الصحيفة عند ما وصفته بـ"المهزلة الإعلامية" التي شاركت فيها جهات رسمية إسرائيلية. فقد نشرت بلدية الاحتلال في القدس صورة لثونبرغ وهي تتلقى كعكًا مقدسيًا من جندي، في وقت كانت فيه الحرائق تقترب من أكبر مستشفيات المدينة – قبل أن يُحذف المنشور لاحقًا.
وفي مثال آخر على الانحدار الإعلامي، نقلت الصحيفة تعليقًا لأحد الحسابات الإسرائيلية الشهيرة على إنستغرام قال فيه: "لا أصدق أننا أوقفنا غريتا ثونبرغ. هذه أطرف نكتة سمعتها في حياتي". وأضاف متهكمًا: "غريتا، اتركي الشرق الأوسط. أنتِ فتاة سويدية بمظهر نادلة في مقهى هيبستري في تل أبيب".
خارجية الاحتلال: استخفاف فاضح
وركزت الصحيفة نقدها على وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي أصرت على التقليل من شأن الرحلة، ووصفت الأسطول بـ"يخت السيلفي"، محاولة تقديم القضية باعتبارها مجرد استعراض للكاميرات، في استخفاف صارخ بعقول الرأي العام العالمي، بحسب ما ورد في التقرير.
واختتمت هآرتس تقريرها بالتشديد على أن غريتا ثونبرغ، التي يُنظر إليها عالميًا باعتبارها ناشطة بيئية مخلصة ألهمت ملايين الشباب حول العالم، خاطرت بسلامتها وسافرت آلاف الكيلومترات في ظروف صعبة من أجل توصيل رسالة بسيطة وواضحة: "افتحوا الحصار عن غزة، أدخلوا المساعدات الإنسانية، أوقفوا الحرب، وأوقفوا قتل الأبرياء".
وأضافت الصحيفة: "في الوقت الذي ينهمك فيه نظراؤها الإسرائيليون بالموت وأغاني الحرب، كانت ثونبرغ تسعى لحياة، وتُذكر العالم بأن ما يحدث في غزة ليس مأساة طبيعية، بل جريمة مستمرة".
وختمت بالقول: "غريتا أنجزت هدفها، أما إسرائيل، فقد بدت مرة أخر أكثر غباءً من أي وقت مضى".