سؤال تحتاج إجابته لتصحيح بعض المفاهيم: هل للكون مركز؟
تاريخ النشر: 26th, June 2023 GMT
هل للكون مركز؟ وأين يقع الآن؟ سؤالان الإجابة عنهما غير متوقعة للكثيرين، وتتطلب تصحيح بعض المفاهيم المترسخة في أذهان البعض حول بداية الكون وتطوره.
إذا تتبعنا الاتجاه العكسي لتمدد الكون إلى الماضي، سنجد أنه بدأ في حالة كثيفة للغاية. فوفقًا لما نعرفه اليوم، حدث هذا "الانفجار الكبير" قبل 13.78 مليار عام.
كان الإنسان يعتقد قديما أن الأرض هي مركز الكون، فالعالم المنظور من حولنا بما يحتويه من شمس وقمر وكواكب ونجوم، كان يبدو له وكأنه في حالة دوران حول الأرض. لكن علم الفلك حوّل كوكبنا الأزرق شيئا فشيئا إلى ذرة صغيرة من الغبار في الفضاء الفسيح.
ثم حلت نظرية مركزية الشمس للعالم، وانتقل نجمنا إلى هذا الموقع المتخيل. لكن سرعان ما أدرك العلماء أن الشمس ليست سوى نجم من بين مئات المليارات من النجوم تكوّن مجرة درب التبانة، وتدور حول مركزها. كما أن مجرة درب التبانة بدورها مجرد واحدة من عدد لا يحصى من المجرات في الكون.
وفي عشرينيات القرن الماضي، توصل علماء الفلك إلى اكتشاف غريب مفاده أن جميع المجرات تقريبا تبدو وكأنها تبتعد عنا. وكلما كانت المجرة أبعد، كانت سرعة هروبها أكبر. هذه الملاحظة أعادت إلى الأذهان ذلك السؤال الذي ظل دون إجابة: هل نحن فعلا في مكان استثنائي من الكون وهو مركزه؟
لم يطل الأمر طويلا حتى قدّم العلماء تفسيرا قطع عنا هذا الحلم، الكون يتمدد والمجرات تبتعد عن بعضها بعضا، ومهما كان موقعك في الكون فسترى بقية المجرات تهرب منك بالطريقة نفسها!
الإجابة على هذا السؤال تتطلب وفق العلماء تصحيح مفهوم خاطئ للانفجار العظيم في أذهان عامة الناس الذين يتخيلون أنه انفجار حدث وسط فضاء موجود مسبقا. وداخل هذا الفضاء، انفجرت المادة بعيدا عن نقطة واحدة في جميع الاتجاهات كما يحدث عند إطلاق الألعاب النارية المضيئة في الفضاء.
لكن ما حدث، كما تصوره النظريات العلمية، مختلف جذريا عن ذلك، فالانفجار العظيم لم يشكل المادة فقط، لكنه ولّد أيضا المكان والزمان. لذا فإن المادة لا تتوسع داخل فضاء موجود بالفعل، ولكنها تتوسع مع الفضاء نفسه.
لتبسيط هذه الفكرة وبقليل من الخيال، يمكن لأي شخص إنشاء نموذج للكون الآخذ في الاتساع باستخدام بالون ترسم على سطحه مجموعة من النقاط (ترمز للمجرات في الكون) بشكل عشوائي، ثم يتم نفخه. ومع زيادة حجم البالون تبتعد هذه النقاط عن بعضها بعضا ليس نتيجة لحركتها الذاتية، بل لتمدد السطح الذي يرمز إلى الفضاء الكوني.
كل نقطة سترى نفسها في مركز وهمي للتمدد، وتلاحظ أن بقية النقاط تهرب منها، لكن في الحقيقة لا يوجد مركز لتمدد المسافات بين النقاط على سطح البالون. هذا بالضبط ما يحدث الآن بالنسبة للكون: ليس هناك مركز للتمدد. بمعنى آخر حدث الانفجار العظيم في كل مكان في عالم اليوم.
ورغم أن تشبيه الكون بأبعاده الفضائية والزمانية بسطح البالون المنتفخ شائع كثيرا، فإن العلماء ينبهون إلى أن التوسع المتسارع للكون يثير تساؤلات حول حجمه وشكله: هل هو محدود أم لا نهائي؟ مسطح أم منحنٍ؟
ويتوفر لدى العلماء العديد من النماذج الممكنة لوصف هندسة الكون، اعتمادا على العلاقة بين كثافته وكثافته الحرجة. والكثافة الحرجة هي القيمة التي تسمح للكون بأن يكون مسطحا. وإذا كانت كثافة الكون مساوية للكثافة الحرجة، فإن الكون يكون مسطحا ولانهائيا. وإذا كانت أكبر منها، يكون الكون مغلقا ومحدودا. أما إذا كانت كثافته أقل من الكثافة الحرجة فيكون مفتوحا ولانهائيا.
وتشير بيانات الرصد الحديثة إلى أن الكون قريب جدا من أن يكون مسطحا، بكثافة تساوي 99% من الكثافة الحرجة. هذا يعني أنه ربما يكون لانهائيا، من دون حافة أو مركز.
وبحسب العلماء، فإنه لا يجب أن نفكر في الانفجار العظيم على أنه لعبة نارية كونية انفجرت في مكان معين. بدلا من ذلك، يتعين اعتبار الانفجار العظيم بمثابة توسع سريع للفضاء، حيث يمكن اعتبار كل نقطة منه مركزا له. ولأن الكون بأكمله يُعتقد أنه لانهائي، فإنه لا يتوسع إلى أي شيء، إنه يمتد أو يتقلص، لكنه يظل غير محدود.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عماد الدين حسين: حماية المستهلك مهمة لكنها تحتاج دعما وتشريعا أفضل
قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، إن جهاز حماية المستهلك يؤدي دورًا مهمًا في حماية المواطنين، لكنه لا يزال بحاجة إلى تعزيز فعاليته وتوسيع سلطاته، مشددًا على أن الجهاز يجب أن يكون أكثر حزمًا في مواجهة المخالفات التي يرتكبها بعض التجار والشركات.
أضاف حسين، في مداخلة مع الإعلامي هشام عبدالتواب، على قناة «إكسترا نيوز»، أن الجهاز لديه بعض الصلاحيات القانونية مثل إحالة المخالفين إلى النيابة العامة، لكنه بحاجة إلى أدوات تشريعية أقوى تمكّنه من إنفاذ القانون بشكل أكثر فاعلية.
وتابع: «الحكومة تبذل جهودًا كبيرة، مثل ما يحدث عند الاتفاق على وزن رغيف الخبز السياحي، لكن بعض المخابز الخاصة لا تلتزم، من هنا تظهر الحاجة لوجود رقابة حقيقية وعقوبات رادعة، وهو ما يتطلب تفعيلًا أقوى للجهاز».
وأشار إلى أن الجهاز أعلن مؤخرًا تلقي أكثر من 271 ألف شكوى، تم حل 95% منها، وهو رقم جيد، لكنه لا يزال محدودًا بالنظر إلى عدد السكان البالغ 110 ملايين نسمة، موضحًا أن الأمر لا يقتصر على حل الشكاوى الفردية، بل يجب أن يكون جزءًا من تغيير ثقافي أوسع يُشعر التاجر أو المنتج بأن هناك جهة رقابية قادرة على محاسبته.
وشدد حسين على أن تطوير الجهاز لا يجب أن يكون لوجستيًا فقط، بل لا بد من تطوير الأداء الرقابي والتشريعي معًا، مؤكدًا أن التحرك في كل المسارات المتوازية هو الحل.
وأضاف: «هناك دعم غير مسبوق من الدولة للجهاز، سواء من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، وهذا هو الوقت الأنسب لاستثمار هذا الدعم في تفعيل رقابة حقيقية على الأرض».
وختم بالتأكيد على أهمية تدريب الكوادر العاملة في الجهاز، قائلًا: «لابد من التأكد من أن موظفي الجهاز مؤهلون ومدربون جيدًا، حتى لا تعيق البيروقراطية أو سوء الفهم تنفيذ السياسات الطموحة التي تضعها القيادة السياسية».