يرى الباحثون أيضا أنه من الممكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في دراسة تأثير الأنشطة البشرية على الأنظمة البيئة

يتجه عدد متزايد من الباحثين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة التنوع البيولوجي وتعزيز جهود حماية الأنواع الحية المهددة بالانقراض. وبعكس الوسائل التقليدية التي قد تعرقل عمل الأنظمة البيئية أو تتطلب قدرا كبيرا من الوقت والجهد والموارد، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات اللازمة في مجالات حماية البيئة مع تحقيق عنصري السرعة والكفاءة.

مختارات الذكاء الاصطناعي .. صديق أم عدو للبيئة؟ الذكاء الاصطناعي يرفع إجمالي الناتج القومي في ألمانيا

ويقول كال تشالمرز الباحث في مجال التعلم الاصطناعي في مؤسسة Conservation AI وهي منظمة غير ربحية معنية بحماية البيئة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومقرها في مدينة ليفربول البريطانية إنه "بدون الذكاء الاصطناعي، لن نستطيع مطلقا تحقيق أهداف الأمم المتحدة فيما يخص حماية الأنواع المهددة بالانقراض".

وفي الوقت الحالي، اصبحت الأنواع الحية تنقرض بوتيرة أسرع بمئات بل بآلاف المرات عما كان عليه الوضع قبل ملايين السنين، حيث يوجد الآن قرابة مليون فصيلة حية على حافة الانقراض.

ومن جانبها، حددت الأمم المتحدة في عام 2020 هدفا لحماية 30% من مساحات اليابسة والمحيطات على كوكب الأرض من خطر الانقراض بحلول نهاية العقد الحالي.

ويقول نيكولاس مايلي من مؤسسة Future Society، وهي منظمة دولية غير ربحية مقرها باريس تهدف إلى حوكمة تقنيات الذكاء الاصطناعي إنه بالرغم من أن هذه التقنيات "ليست مثالية"، فإنها يمكن أن تسرع وتيرة الاكتشافات المهمة.

وأضاف في تصريحات للموقع الإلكتروني American Scientific المعني بالأبحاث العلمية: "نحن بحاجة بالغة لمتخصصين من البشر من أجل تصميم النماذج الحوسبية وجمع البيانات وتحليلها وتفسيرها".

وفي إطار دراسة نشرتها الدورية العلمية Nature Communication، استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي في تحليل "المشهد الصوتي" في غابات تشوكو بالاكوادور التي تشتهر بتنوع الأنواع الحية التي تعيش فيها.

ووضع الباحثون أجهزة تسجيل في 43 بقعة في مناطق تمثل مختلف مراحل التعافي البيئي، بدءا من غابات بكر لم تتعرض لأنشطة القطع الجائر للأشجار، مرورا بمناطق تم إزالة الكساء الشجري فيها بالكامل ثم أعيد تشجيرها، وأخيرا مناطق تم اجتثاث الأشجار منها بالكامل ثم تحويلها إلى مساحات لزراعة أشجار الكاكاو أو أراضي للرعي.

واستطاع الفريق البحثي التعرف على 183 من الطيور و41 من الزواحف وثلاث فصائل حيوانية من خلال التسجيلات الصوتية.

في الوقت الحالي، اصبحت الأنواع الحية تنقرض بوتيرة أسرع بمئات بل بآلاف المرات عما كان عليه الوضع قبل ملايين السنين،

وقام الباحثون بتغذية التسجيلات الصوتية في نموذجللذكاء الاصطناعي يطلق عليه إسم "الشبكة العصبية الاصطناعية"، وكان قد تم تطويره في وقت سابق للتعرف على أصوات الطيور. واستطاع هذا النموذج التعرف على 75 من أصوات الطيور، علماً بأنه لم يكن يحتوي في ذاكرته سوى على 77 تسجيلا صوتيا للطيور التي ربما تعيش في هذه المنطقة.

ويقول مولر إن "هذه النتائج تظهر أن الذكاء الاصطناعي مستعد للمزيد من أنشطة التعرف على الأنواع الطبيعية في المناطق الاستوائية من خلال أصواتها، وكل ما نحتاجه الآن هو توفير المزيد من البيانات التي يجمعها البشر لتغذية النماذج الحوسبية".

ويؤكد الفريق البحثي أن استخدام الذكاء الاصطناعي لقياس التنوع البيولوجي في الغابات التي أعيد تشجيرها ربما يلعب دورا مهما في تقييم مشروعات الحفاظ على البيئة، التي لابد أن تحقق نجاحا من أجل ضمان استمرار تمويلها.

وأقام الباحثون منصة مجانية على شبكة الإنترنت تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فيتحليل الصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، بما في ذلك مقاطع حية يتم تسجيلها بواسطة كاميرات أو وحدات استشعار، بحيث يقوم المستخدم بتحميلها مباشرة على المنصة، مع إتاحة خيار للمستخدم أن يقوم بإرسال رسالة إلكترونية في حالة رصد فصيلة مهددة بالانقراض مع تحميل مقطع مصور خاص بها مع هذه الرسالة.

وحتى الآن، قامت المنظمة بمعالجة أكثر من 5ر12 مليون صورة، ورصدت أكثر من أربعة ملايين حيوان من 68 فصيلة حية، بما في ذلك غوريلات في الجابون، وقردة انسان الغاب في ماليزيا، وحيوان آكل النمل في أوغندا، وكلها أنواع مهددة بالانقراض.

ويرى الباحثون أيضا أنه من الممكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في دراسة تأثير الأنشطة البشرية على الأنظمة البيئة مع إعداد هياكل لعمل تسلسل زمني للتغيرات التي تطرأ على البيئات المختلفة، حيث نجحت فرق بحثية في اكتشاف حجم التدهور البيئي الذي حدث على مدار قرن من الزمان على أنظمة المياه العذبة مما ادى إلى تدهور التنوع البيولوجي في هذه الانظمة.

وترى مؤسسة هاينريش بول شتيفتونغ على موقعها الإلكتروني أنه مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة، أصبح من المهم بشكل متزايد فهم كيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في حماية المناخ. وكيف يمكن للمجتمع السيطرة على التطورات.

وبحسب المؤسسة الألمانية يمكن ذلك طريق دعم العديد من المجالات، على سبيل المثال في قطاع الطاقة، في إنتاج السلع، في الزراعة والغابات ومكافحة الكوارث.

ع.أ.ج  (د ب أ)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الحفاظ على التنوع البيئي الحياة على كوكب الأرض الذكاء الاصطناعي الحفاظ على التنوع البيئي الحياة على كوكب الأرض تقنیات الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی

إقرأ أيضاً:

كيف غيّر الذكاء الاصطناعي حياة المكفوفين في جامعة باريس؟

في حرم لوي براي الجامعي في باريس، تعمل نحو خمس عشرة شركة ناشئة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، على تحسين الحياة اليومية لمليوني شخص يعانون إعاقات بصرية، كأن يعثروا بسهولة على مقعد شاغر في الحافلة أو أن يقرأوا اللافتات في الشارع.يقول المشارك في تأسيس شركة «إيزيموب» روبن لو غال في حديث إلى وكالة فرانس برس في المعهد الوطني للشباب المكفوفين (INJA) الذي يضم قسماً من الحرم الجامعي الذي افتُتح مطلع ديسمبر 2024، إنّ «هدفنا هو جعل مدينة الغد في المتناول».
ويوفّر التطبيق الذي ابتكرته «إيزيموب» ويغطي أربع مناطق فرنسية (من ليون إلى جزيرة ريونيون في المحيط الهندي) ويستخدمه حالياً 12 ألف شخص، ميزات كثيرة بينها تحديد موقع أبواب المركبات، ومواقف السيارات الشاغرة، وحتى عدّ التوقفات عن طريق تنبيه المستخدمين عند نزولهم.
ويقول روبن لو غال «في الواقع، إذا صعد شخص ما إلى الحافلة، يُدرك بالضبط أين عليه الجلوس أو ما إذا كان هناك مقعد شاغر، ويُصدر التطبيق صوت تنبيه وإشارة اهتزازية في حال وجود مقعد شاغر».
ويضيف «لقد دمجنا خوارزمية ذكاء اصطناعي تُحلل الصورة وتُحدد مواقع البنية التحتية الرئيسية للنقل، مثل بوابات دوارة وأبواب ومقاعد. يسمع المستخدم مثلاً أن الباب مفتوح على بُعد خمسة أمتار اتجاه معيّن».
ويستضيف مجمع لوي براي 17 شركة ناشئة تسعى إلى هدف واحد هو «تطوير حلول ملموسة»، على ما يؤكد مديره تيبو دو مارتيمبري، وهو أيضا من ذوي الإعاقة البصرية.
ويضيف «لسنا مستشفى، بل تركز الأبحاث هنا على تحسين الحياة اليومية للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية والمكفوفين: كيف سنُسهّل عليهم التنقل، وكيف يُمكنهم شراء الخبز بأنفسهم، أو الذهاب إلى السينما، أو مشاهدة مباراة كرة قدم. الأمر كله يتعلق بعدم الإقصاء وبسهولة الوصول».

أخبار ذات صلة «المغمورة» تطيح أندرييفا من «رولان جاروس» جوف إلى نصف نهائي «رولان جاروس»

- قراءة لافتات الشوارع -
بدأ عدد من هذه الشركات الناشئة يحقق شهرة على غرار «آرثا فرانس». يشكل جهازها الذي فاز بمسابقة «ليبين» للابتكار عام 2024، نظارة مزوّدة بكاميرا صغيرة تنقل البيانات البصرية إلى أحاسيس لمسية عبر حزام قطني.
تُترجم الصور التي تلتقطها الكاميرا، بفضل حزام قطني في ظهر المستخدم، إلى نبضات تُمكّن الشخص ضعيف البصر أو المكفوف من إدراك بيئته بدقة أكبر، على ما يوضح المشارك في تأسيس الشركة لوي دو فيرون لوكالة فرانس برس.
ويضيف أن «الذكاء الاصطناعي يتيح إعادة إنتاج كل عمليات معالجة الصور التي يُجريها الدماغ». وبالمثل، «نستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً لتمكين الشخص من قراءة لافتات الشوارع. وهذه ميزة مطلوبة بشدة من المكفوفين».
وبالإضافة إلى تحسين الحياة اليومية، تسعى الشركات الناشئة إلى تسهيل إتاحة الأنشطة الثقافية والترفيهية. تبتكر شركة «غيف فيجن» البريطانية الناشئة خوذ رأس قائمة على الواقع المعزز تُتيح لمَن يعانون ضعاف بصر «تجربة حدث رياضي من قُرب».
في حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول مديرة تطوير الأعمال الفرنسية في الشركة الناشئة سيسيه دوكوريه التي تعاني من إعاقة بصرية، «هناك أجهزة كثيرة في فرنسا مصممة للمكفوفين، مزودة بأجهزة لوحية تعمل باللمس وميزات صوتية، ولكن حتى اليوم لا يوجد أي جهاز مخصص لمَن يعانون ضعفا في البصر».
وتضيف «إذا لم تكن لدينا معدات، فسنرى أشخاصا يركضون، لكننا لن نتمكن من تحديد هوية الفريق، سواء كانوا رجالاً أم نساء. من المهم أن نكون جميعاً على قدم المساواة».
وبحسب التقديرات الرسمية، يعاني نحو 1.7 مليون شخص في فرنسا من إعاقة بصرية، من بينهم أكثر من 200 ألف كفيف.

المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • Reddit تقاضي “أنثروبيك” بتهمة استخدام بياناتها لتدريب الذكاء الاصطناعي دون ترخيص
  • الذكاء الاصطناعي يساعد في تفويج الحجيج إلى عرفات
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • السوار الطبي.. تقنيات بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء
  • في أقل من ثانية.. كيف يخترق الذكاء الاصطناعي شيفرتك السرية؟
  • رادار الذكاء الاصطناعي يرعب السائقين في تركيا
  • كيف غيّر الذكاء الاصطناعي حياة المكفوفين في جامعة باريس؟
  • دولة قطر تشارك في قمة الشباب العالمية لاتفاقية "سايتس" 2025 بسنغافورة
  • مايكروسوفت تستغني عن مئات الموظفين للاستثمار في الذكاء الاصطناعي