مع بدء العملية البرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة المحاصر، يشكل موضوع أنفاق المقاومة الملف المجهول بالنسبة إليه، رغم ما يزعم من جاهزية ترسانته العسكرية، وباتت القوات الإسرائيلية تتحسس طريقها خوفًا من معضلة الأنفاق، حيث يتحصن مقاتلو حركة حماس بأعداد كبيرة.

 

أمير قطر: إلى متى يستمر تعامل المجتمع الدولي مع إسرائيل كونها طفلًا مدللًا؟ أحمد أبوالغيط: إسرائيل قتلت 11 ألف مدني في غزة منهم 70% أطفالًا ونساءً (فيديو)

ويطلق على شبكة أنفاق غزة مصطلح "مترو غزة"، في دلالة على تشعبها وامتدادها تحت الأرض، إذ وصفتها دراسة لمعهد الحرب الحديثة في كلية "وست بوينت" الحربية الأميركية كذلك بالمدينة الحقيقية تحت الأرض، وسط تقديرات بوجود نحو 1300 نفق على امتداد 500 كيلومتر، بينما يصل عمقها إلى عدة أمتار.

ويقدر خبراء عسكريون أن حركة المقاومة طورتها أكثر فأكثر منذ حقبة نهاية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حتى أصبحت سلاحًا إستراتيجيًا متفردًا لها أمام العدوان المتكرر للاحتلال على القطاع.

وتنقسم شبكة الأنفاق في غزة إلى ثلاثة أنواع، هي الأنفاق الهجومية وهي مخصصة لاختراق الحدود مع الأراضي المحتلة، وشن هجمات خلف خطوط الاحتلال، إذ تسمح لمقاتلي المقاومة بإطلاق رشقات صاروخية من تحت الأرض على غرار النفق الذي بنته كتائب القسام خصيصًا لعملية وفاء الأحرار على الحدود الشرقية لمدينة رفح.

فقد تمت مهاجمة دبابة إسرائيلية من خلف خط الاحتلال وأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006، في عملية نوعية عكست تطور الإستراتيجية العسكرية للمقاومة، وأربكت جيش الاحتلال، وتمكنت عبرها المقاومة من تحرير 1000 أسير فلسطيني في صفقة عُرفت إعلاميًا بصفقة شاليط.

ويوجد كذلك الأنفاق الدفاعية التي تستخدم لنصب الكمائن ونقل المقاتلين بعيدًا عن أعين الطائرات الإسرائيلية وغاراتها، إضافة إلى الأنفاق اللوجستية التي تستخدم غرف قيادة لإدارة المعارك وإقامة القادة الميدانيين والمقاتلين وتخزين العتاد العسكري، وتضم أقسامًا للاتصالات السلكية الداخلية للمقاومة.

وجعلت أنفاق المقاومة التي أثبتت فشل التقنيات الأمنية الإسرائيلية خلال السنوات الماضية، ومعها فشل الجدار الأمني العائق الاحتلال مرغمًا على التعامل مع حرب ثلاثية الأبعاد، يواجه فيها نيرانًا من المباني ومن المسيرات ومن تحت الأرض.

 

كلما توغلنا أكثر أصبحت المعركة أصعب

وبحسب جنود ومسؤولين حاليين وسابقين في إسرائيل، فإن مقاتلي حركة حماس، يهاجمون ثم ينسحبون أو يختفون تحت الأرض، مما يبطئ التقدم الإسرائيلي.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن نقيب إسرائيلي قاد وحدة دبابات احتياطية إلى شمال غزة في الأيام الأولى للغزو البري وقاتل في قلب المدينة: «كلما توغلنا أكثر، أصبحت المعركة أصعب».

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه قد يكون أحد أهداف إسرائيل – مستشفى الشفاء في المحيط الغربي لمدينة غزة – هو الأكثر تحديًا لها أيضًا، مشيرة إلى أن قواتها تجمعت في اليوم الأخير في المنشأة المترامية الأطراف، والتي تدعي أنها تحتوي على مخبأ رئيسي لقيادة حماس، وهو ادعاء نفته الحركة.

وكان ما بين 50 و60 ألف شخص يحتمون داخل أراضي المستشفى وحولها، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، بالإضافة إلى 2500 مريض بحاجة إلى الرعاية، إلا أن أطباء في غزة قالوا إنه بحلول وقت متأخر من يوم الجمعة، بقي أقل من 2000 نازح ونحو 700 مريض.

ويقول محللون لـ«وول ستريت»، إن استراتيجية إسرائيل تتمثل في «قتل ما يكفي من مقاتلي حماس وقادتها لتدمير الحركة، قبل أن تضطر إلى تقليص العملية، في حين أن هدف حماس هو الدفع بتل أبيب إلى طريق مسدود يسمح لها بالبقاء على قيد الحياة».

إلا أن إسرائيل تتعرض لضغوط دولية متزايدة لمنع سقوط قتلى في صفوف المدنيين وتخفيف الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وهي ضغوط قد تؤدي إلى وقف الحرب قبل تحقيق أهدافها، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ورغم ذلك، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم لن يقبلوا وقف إطلاق النار أو حتى وقفاً رسمياً للقتال حتى إطلاق سراح بعض الرهائن الذين يقدر عددهم بنحو 239 رهينة. لكن حتى المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأن التحرك بسرعة أمر بالغ الأهمية.

وقال ماتان فيلناي، الرئيس السابق للقيادة الجنوبية في إسرائيل الذي قاد في السابق القوات الإسرائيلية في غزة: «القضية الرئيسية الآن هي الوقت»، مشيرًا إلى أن حماس ربما تحتفظ بقواتها استعدادا لمعركة أكثر ضراوة داخل مدينة غزة.

 

إسرائيل لم تحقق الكثير من أهدافها

وعلى الرغم من الحملة الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة والتي دخلت شهرها الثاني، مخلفة أكثر من 11 ألف قتيل، إلا أن محللين يؤكدون أنها لم تحقق الكثير من أهدافها بالقضاء على حركة حماس.

فإسرائيل التي قصفت القطاع بنحو 32 ألف طن من المتفجرات وأكثر من 13 ألف قنبلة، بمتوسط 87 طنا من المتفجرات لكل كيلومتر مربع، وفق المكتب الإعلامي لحكومة غزة، لم تحقق تقدماً حتى اليوم بمعضلة الأنفاق وهي العائق الأكبر أمامها.

ولخطورة المعركة على ما يبدو تعتمد تل أبيب على القصف الجوي وحرب الشوارع حتى اللحظة، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

 

لمزيد من الأخبار العالمية اضغط هنا:

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: إسرائيل غزة الاحتلال انفاق حماس تحت الأرض فی غزة إلا أن

إقرأ أيضاً:

هل حان وقت ضم إسرائيل للضفة؟ وإلى ماذا تستند في خططها؟

يواصل المستوطنون المدججون بالسلاح اعتداءاتهم الممنهجة في مختلف مناطق الضفة الغربية، ضمن مخطط واضح لعزل التجمعات السكانية الفلسطينية، ومصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح التوسع الاستيطاني، كما يقول محللون.

ووفق الباحث أول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول "تنفيذ مشروع صهيوني يتبناه يرتكز على قيام دولة إسرائيل على ضفتي الأردن"، مستندا إلى أفكار مرجعه زئيف جابوتنسكي.

وأعرب مكي عن قناعته بأنه "حان وقت استيلاء إسرائيل على الضفة"، مشيرا إلى أنها تعد بالنسبة لإسرائيل "قضية لاهوتية توراتية، في حين غزة قضية أمنية وهي البداية فقط".

لكن الباحث أول بمركز الجزيرة للدراسات شدد -في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- على أن العقبات الديمغرافية تبقى التحدي الإسرائيلي الأكبر.

ولفت إلى أن مدن جنين وطولكرم وطوباس في شمال الضفة تأتي في طليعة الأهداف الإسرائيلية، إذ تحاول تهجير سكان هذه المناطق إلى الجنوب أو الأردن.

وبلغة الأرقام، أظهرت معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن شهر أبريل/نيسان الماضي شهد نحو 1700 اعتداء على يد جيش الاحتلال والمستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية.

إعلان

بدوره، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إن التوسع الاستيطاني تعمق بشكل كبير في ظل الحكومة الحالية، وزادت الحرب على غزة من وتيرته، فضلا عن توقعات اليمين الإسرائيلي باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضم الضفة.

واستدل مصطفى بأنه تمت المصادقة على 10 آلاف وحدة استيطانية خلال عام 2024، في حين تمت المصادقة على العدد ذاته خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.

ويعتقد المستوطنون أن ثمة فرصة تاريخية لتغيير معالم الضفة جغرافيا وديمغرافيا وسياسيا وقانونيا، وفق مصطفى، الذي وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش  بالحاكم الفعلي والمدني للضفة.

من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق إن ما يجري بالضفة ليس صدفة بل منسق تماما مع حكومة الاحتلال، مشيرا إلى أن ترامب يريد توسيع إسرائيل.

وأوضح القيق أن نتنياهو لديه أعمدة بالحكومة وهما وزيرا المالية والأمن القومي سموتريتش وإيتمار بن غفير، مما يدفع بأن تكون "الضفة دولة المستوطنين".

ويرتبط تسريع المستوطنين الإجراءات على الأرض بـ"توسيع دولة إسرائيل على حساب الفلسطينيين والدول المجاورة"، معربا عن قناعته بأنه "لا خيار لنتنياهو سوى البقاء مع بن غفير وسموتريتش".

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعّدت قوات الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم على المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية، مما أدى إلى استشهاد نحو ألف فلسطيني، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

ما المتوقع؟

وبناء على ذلك، تعني زيادة عدد البؤر الاستيطانية -وفق القيق- تزايد وتيرة اعتداءات المستوطنين وزيادة الاقتحامات العسكرية والتضييق أكثر على القرى القريبة من جدار الفصل العنصري، فضلا عن توسيع إسرائيل عملياتها في المخيمات.

إعلان

لكن الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى يقول إن مشروع اليمين الإسرائيلي في الضفة يواجه عقبات خاصة على المستوى الديمغرافي، كما أنه ليس كل ما يريده اليمين يمكن تحقيقه.

ولفت إلى أن اليمين يحاول تحويل الاستيطان إلى اقتصادي وليس أيديولوجيا، كما يحاول جذب شرائح استيطانية جديدة إلى الضفة، مما يحولها إلى متطرفة أكثر.

ووفق مصطفى، فإن التوقعات الإسرائيلية من انتفاضة فلسطينية عارمة في الضفة لم تتحقق، وهو ما يشجع اليمين أكثر على المضي قدما في مشروعه.

وأشار إلى أن حكومة نتنياهو ذهبت إلى "حسم الحالة النضالية في الضفة" عسكريا وأمنيا عبر نقل نموذج قطاع غزة إلى الضفة وخاصة مخيماتها وتدميرها، إلى جانب الحسم الاستيطاني من خلال زيادة عدد المستوطنات.

موقف العرب والغرب

وفي ظل هذا المشهد المعقد، أعرب مكي عن قناعته بأن الأردن مهدد وجوديا ويتعرض إلى خطر كبير، إذ سيكون "نجاح مشروع اليمين الإسرائيلي على حساب الأردن وأمنه".

وشدد على أن المشكلة ليست فلسطينية فحسب بل أردنية، لكون الضفة تضم كثافة سكانية أكبر من قطاع غزة، في حين يمتلك الأردن امتدادا جغرافيا يصل إلى السعودية وسوريا والعراق.

وخلص إلى ضرورة أن تمارس الدول العربية ضغطا على واشنطن، وتتخذ إجراءات خاصة التي أقامت علاقات مع إسرائيل، محذرا من مغبة عدم مواجهة ما يجري على الأرض.

وبشأن الموقف الغربي، لفت مكي إلى أن تقطيع أوصال الضفة لم يتحول إلى رفض غربي يحد منه أو يوقفه رغم بعض العقوبات التي فرضت ضد المستوطنين المتطرفين.

أما القيق فأشار إلى حالة التجاذب الأوروبية الأميركية، لافتا إلى أن الموقف الأوروبي في ورطة إذا لم يدعم حل الدولتين، في ظل خشية الأوروبيين من هجرة إلى القارة العجوز، في وقت لا تريد فيه واشنطن سيادة فلسطينية بالضفة.

وخلص إلى أن "الأوراق ليست بيد الفلسطينيين بل بيد المصالح"، التي تتغير في ظل التجاذب الأميركي الأوروبي، إذ يحاول الاتحاد الأوروبي إهمال العلاقة مع إسرائيل إذا أهمل ترامب ملف أوكرانيا، مما يزيد الخطر على القضية الفلسطينية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • هل حان وقت ضم إسرائيل للضفة؟ وإلى ماذا تستند في خططها؟
  • حماس تُعقّب على تعطيل إسرائيل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة
  • محلل إسرائيلي: حماس انتصرت معنويا وأضعفت روح التضامن الإسرائيلية
  • الشرع يتجه نحو إسرائيل.. ماذا قيلَ أميركياً عن لبنان؟
  • هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة: نتنياهو يختار التصعيد على حساب الرهائن
  • قناة عبرية: إجماع في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على إمكانية التوصل لصفقة مع حماس
  • ماذا حققت جولة مفاوضات واشنطن وطهران الخامسة؟ وما علاقة إسرائيل؟
  • غزة.. أكثر من 80 دولة تحذر من المجاعة وتطالب بوقف استغلال المساعدات
  • رسائل وروابط مفخخة.. «البريد» يُحذر من حملات احتيال إلكترونية جديدة
  • حماس ترحب باتساع دائرة الرفض الدولي للإبادة الإسرائيلية في غزة