ميناء الفجيرة : خطة لتحييد الأثر الكربوني وتعزيز الاستدامة البيئية.. وقاطرات هجينة تدخل الخدمة قريباً
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
كشف ميناء الفجيرة عن الانتهاء من دراسة لاستبدال القاطرات البحرية التقليدية بأخرى هجينة سعياً لتقليل استهلاك الوقود، حيث تعتمد القاطرات الحديثة على استخدام محركات كهربائية بالإضافة إلى محركات الديزل التقليدية.
وتأتي الخطوة سعياً من إدارة الميناء ضمن مبادراتها الخاصة بتعزيز استدامة الأعمال والخدمات ومنظومة النقل المستدام في الميناء، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة لتخفيض الانبعاثات أثناء المرور الحر للقاطرات في مرافق الميناء
وقال الكابتن موسى مراد مدير عام ميناء الفجيرة لوكالة أنباء الإمارات “وام”، نسعى لاستكمال رحلة التحول التدريجي نحو الخدمات الصديقة للبيئة والمتفقة مع الأطر الاتحادية الرامية للوصول إلى الحياد المناخي، مؤكداً أن ميناء الفجيرة أطلق العديد من المبادرات ذات الصلة خلال السنوات الماضية وفق 4 محاور رئيسية تضمنت: النقل المستدام، وكفاءة استخدام الطاقة، والرقمنة، والحياد المناخي.
ودشن ميناء الفجيرة منذ العام 2019 مرسى قوارب الخدمة الأخضر الذي يوفر خدمات بحرية شاملة، ويصنف المرسى كمرفق أخضر حيث تتوفر فيه مقومات المنشآت الخضراء الصديقة للبيئة، ويعد أول مرفأ أخضر في المنطقة حيث يعمل على ترشيد استهلاك الطاقة، والارتقاء بجودة الهواء، وتقليل تلوث المياه، وتعزيز الصحة العامة، والحد من الانبعاثات الضارة، وتقليل الضوضاء عن طريق تزويد القوارب بالطاقة الكهربائية عوضا عن استهلاك الوقود الأحفوري ويوفر المرسى كتلك محطة للصرف الصحي منعاً لتلوث المياه الناجم عن مخلفات القوارب.
وقال إن الميناء عن مبادرة مصفوفة شبكة أنابيب المشتقات النفطية في محطة الأرصفة البترولية التابعة لميناء الفجيرة الذي يعد الوحيد من نوعه عالمياً حيث تقوم فكرته على ربط وتوصيل كل المحطات البترولية في الفجيرة بالأرصفة البترولية التابعة لميناء الفجيرة مما يقلل من عدد الأرصفة المطلوبة لخدمة تلك المحطات وبالتالي تقليل المساحة المستغلة لبناء تلك الأرصفة، بالإضافة إلى تمكين المحطات البترولية من نقل المنتجات البترولية فيما بينها عن طريق مصفوفة شبكة الأنابيب دون الحاجة لنقلها عن طريق ناقلات النفط ما من شأنه تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية.
وأوضحت إدارة الميناء أن المصفوفة تعد ضمن أهم المبادرات الرامية لتأمين خدمات مناولة فريدة من نوعها على مستوى المنطقة من ناحية الكفاءة التشغيلية والقدرة على تقليل الانبعاثات والبصمة الكربونية، حيث يعمل التصميم على منع حدوث أي تسرب للغازات أو المشتقات النفطية في أثناء العمليات التشغيلية، فيما تعمل الشبكة على تقليل عدد الأرصفة البترولية المطلوبة لخدمة “شركات تخزين المنتجات البترولية” ، مما يقلل بشكل كبير من حجم البنية التحتية والفوقية المطلوبة وبالتالي تقليل كمية الانبعاثات الكربونية. كما تم تعزيز التصميم بمنظومة ذات كفاءة عالية في جمع وتصريف مياه الأمطار وذلك تقليلاً للمخاطر وتأكيداً لخطة استمرارية الأعمال.
إلى ذلك عمدت إدارة الميناء ضمن مبادراتها الرامية لتعزيز جهود الوصول إلى الحياد المناخي إلى اعتماد التحول الرقمي عبر نظام مجتمع الموانئ الذي سيعمل على تخليص المعاملات والإجراءات الإدارية والعملياتية إلكترونيا ، مما سيسهم في تقليل استخدام الورق والإجراءات الروتينية لتخليص المعاملات، كما استبدلت الإضاءة التقليدية في مرافق الميناء بإضاءة LED بهدف تقليل استهلاك الطاقة.
وتضاف تلك الجهود إلى عدد من الخطوات الأخرى المرتبطة بحماية المياه البحرية من التلوث، فعلى سبيل المثال تم تخصيص مرافق خاصة لاستقبال الرواسب الزيتية السائلة والصلبة حيث تقلل ذلك المرافق من خطر إلقاء النفايات في البحر، إضافة إلى جهود تنظيم والسيطرة على انبعاثات الدخان من السفن حيث يتعين على ربابنة السفن وملاكها اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع تلوث الهواء من سفنهم وتقليل كمية الدخان الأسود الناتجة عن عوادم المحرك أو الأجهزة المساعدة مثل المولدات والغلايات أثناء رسوهم في منطقة المخطاف في إمارة الفجيرة.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
عن الأثر السياسي لاستشهاد شيخ يمني بارز في محراب القرآن
في مشهد ملحمي نادر، ودَّعَ مُعلمُ القرآن والأستاذ والمربي المحترم والمحبوب، الشيخ صالح حنتوس، محبيه بنداءٍ وثَّقَ فيه لحظاته الأخيرة قُبيْلَ استشهاده مساء اليوم الأول من شهر تموز/ يوليو، جراء اعتداء نفذه العشرات من مسلحي جماعة الحوثي على منزله، وسط متابعة حثيثة من قبل ملايين اليمنيين الذين هزتهم هذه الواقعة وأعادت إلى أذهانهم سلسلة الجرائم التي ارتبطت بتمدد هذه الجماعة في الجغرافيا اليمنية، وطالت على وجه الخصوص العلماء والمدارس والجامعات والمراكز المعنية بتحفيظ القرآن الكريم والقاسم المشترك الديني والعقدي الوسطي للشعب، والذي تشكل على مدى عقود من زمن العهد الجمهوري.
على مدى سنوات مضت حُوصر هذا الشيخ اليمني البارز وتعرَّضَ لضغوطٍ وتهديدات لم يستسلم لها أبدا، لأنه كان يرى نماذج من الممارسات البشعة التي طالت شخصيات من زملائه وقعت في قبضة الجماعة وانتهى بها الأمر إما للتعذيب والتغييب أو الموت.
ورغم إجباره على إغلاق مركز لتعليم القرآن الذي يديره، بقي الشيخ حنتوس وفيّا لرسالته عبر دروس محدودة يقدمها في مسجد قريته الواقعة في مديرية السلفية بمحافظة ريمة الجبلية في الغرب الأوسط لليمن، غير أن جماعة الحوثي لم تستطع التعايش مع هذا الدور الديني للشهيد على محدوديته، وهي التي تمضي بكل ما أوتيت من إمكانيات لفرض المفاهيم السياسية والسلطوية لما يعرف بـ"المسيرة القرآنية" وهي التسمية الموازية لجماعة أنصار الله الحوثية.
لا تتكئ هذه "المسيرة" على القرآن بل على الخطب السياسية الطويلة اليومية لزعيمها، وعلى ما تسمى بـ"المَلازم"، وهي تسجيلات منسوبة لمؤسس الجماعة حسين الحوثي ألقاها في حياته وتم تفريغها كنصوص، لكنها تفتقد للتماسك اللغوي والمنطق، إلى جانب كونها مشحونة بالتحريض الطائفي والإساءة للصحابة وأمهات المؤمنين، وبالتفسير المشوه للدين وللعقيدة، ولمفهوم الدولة الذي يتأسس على قناعة راسخة بالحق الإلهي لهذه الجماعة في الحكم.
سارع الحوثيون عقب انتشار نبأ استشهاد الشيخ صالح حنتوس على نطاق واسع، داخل اليمن وخارجه، إلى تسويق سردية غير متماسكة ومكشوفة وتعتمد على الأكاذيب وتزييف الحقائق. فقد اتهموا الشهيد بأنه كان يُحرض ضد موقف الجماعة من إسناد غزة، وأنه اشتبك مع العناصر المسلحة التي هاجمت مقره وقتل ثلاثة وأصاب سبعة، إلى جانب عدد آخر من التهم الزائفة التي لم تُقبل حتى من أشد المؤيدين للجماعة حماسة ودعما.
جرى استدعاء غزة، كسلاح أخير لغسل جريمة لا يمكن أن تُمحى من أذهان ووجدان اليمنيين، في ابتزاز يتساوى في بشاعته مع جريمة تصفية رجل بريء، لأن غزة كانت حاضرة في وجدان الشهيد، وكان ينتصر لها بزرع حب فلسطين والأقصى وأرض الرباط والانتماء إليها، في وجدان أبنائه وطلابه.
جريمة قتل رجل له مكانة عالية في المجتمع، لطالما كانت مدفوعة بإصرار الحوثيين على احتكار الدين التدين، والحيلولة دون بناء مجتمع متدين خارج المعايير الطائفية التي يفرضونها ويتوخون من خلالها تعزيز الصورة الدينية الرمزية لزعيمهم؛ بصفته الرجل الكامل الذي ترتبط بشخصه مهمة فهم القرآن وتفسيره، والذي يجب أن تشرئب له أعناق جميع اليمنيين دون استثناء وتنقاد له.
ها قد فهم العربُ الآن لماذا لم ينخدع اليمنيون بادعاءات الحوثيين، بعد أن كان طوفان الأقصى قد طمرَ جبلا من الأدلة على مسؤوليتهم المباشرة عن الوضع الذي يعيشه اليمنيون في مناطق التركز السكاني الكبرى الواقعة تحت سلطتهم القمعية في شمال اليمن، حيث تسود ظروف بالغة السوء، ويعيش الناس تحت وطأة الشعور بالذل وفقدان الكرامة، والخوف المستدام على كل شيء.
على مدى عامين تقريبا منذُ طوفان الأقصى، لم يعد أحد ينظر إلى الشعب اليمني الذي فقد وطنا بكامله وعانى من وطأة النزوح والحرب والتجويع وفقدان الموارد والممتلكات، لأن الحوثيين استطاعوا أن يغيروا الصورة الذهنية عن مجمل ما صنعوه بحق اليمنيين، وأن يعززوا مكانتهم الإقليمية والدولية، عبر انخراطهم في حرب إسناد غزة، وهو دور لم يكتسب بعده الأخلاقي والإنساني والديني، بنظر اليمنيين على الأقل، في ظل إصرار الحوثيين على رفض التوصل إلى اتفاق يُنهي الصراع ويحقق السلام في اليمن.
لا أبالغ إذا قلت إن استشهاد الشيخ الأعزل صالح حنتوس قد تحول بفعل الزخم الهائل الذي مثَّلهُ هذا الاستشهاد المجيد، إلى نقطة تحول حقيقية، دفعت شريحة واسعة من المهتمين بالشأن اليمني إلى إعادة ضبط المواقف، بما يتناسب مع الفهم الواضح لهذه الجريمة، بعد أن حالت موجة الاستقطابات التي شهدتها الساحة اليمنية والعربية طيلة الفترة الماضية، دون بناء موقف حاسم تجاه الدور الخطير الذي يقوم به الحوثيون، في هدم مبنى الدولة اليمنية اجتماعيا وماديا وعقائديا، وأثر كل ذلك في إضعاف وتحييد بلد كبير مثل اليمن وتحويله إلى عبء جيوسياسي واقتصادي وإنساني على المنطقة والعالم.
x.com/yaseentamimi68