لا غنى عنها.. 4 دوافع خلف نشاط تركيا المكثف في آسيا الوسطى
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
تنشط تركيا بكثافة في دول آسيا الوسطى مدفوعة بأربع دوافع، ما جعلها "لا غنى عنها" في هذه المنطقة المهمة، لكن دون أن تشكل تحديا لروسيا أو الصين، إذ لا تملك النفوذ المالي ولا الجيوسياسي اللازم، بحسب إيكاترينا زولوتوفا في تحليل بمركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي (Geopolitical Futures).
زولوتوفا أردفت، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه في الأسبوع الماضي، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آسيا الوسطى مرتين، إذ ذهب أولا إلى أوزبكستان لحضور قمة منظمة التعاون الاقتصادي، ثم إلى كازاخستان للمشاركة في قمة الذكرى السنوية العاشرة لمنظمة الدول التركية.
وأضافت أن "الرحلة كانت جزءا من التزام تركيا المتجدد مع آسيا الوسطى، والذي شهد زيادة نشاط أنقرة في التجارة والتعاون العسكري والاستثمار والتصالح السياسي مع حكومات المنطقة. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، عززت أنقرة بشكل مطرد تعاونها مع آسيا الوسطى ضمن سعيها لتصبح قوة إقليمية".
وتابعت: "وبالنسبة للحكومة التركية، فإن هذا يتطلب إحياء وتوحيد الشعوب التركية وتسخير الموارد الطبيعية العديدة في آسيا الوسطى، لكن كانت المسافة تعوق التواصل، وعدم كفاية البنية التحتية للنقل، ومحدودية الاستثمار، وانخفاض التجارة، ولهذا عززت تركيا دورها خلال العام الماضي".
لكن توجد دوافع عديدة تفسر تحول تركيا نحو الشرق، أولا، أعطت التوترات بين روسيا والغرب أنقرة شعورا جديدا بإلحاح الأمر، ومنحت الأعمال العدائية تركيا فرصة لتكون وسيطا بين روسيا والغرب وفتحت طريقا تجاريا جديدا بين الصين والغرب يتجاوز روسيا عبر آسيا الوسطى، كما أردفت زولوتوفا.
وزادت بأنه "من شأن زيادة العبور على طول الطريق بين أوروبا والصين أن يجلب بعض الأموال التي يحتاجها الاقتصاد التركي بشدة. وتراهن تركيا على جدوى الممر الأوسط، حتى مع توقيع أوزبكستان وتركمانستان وإيران على بروتوكول لتشكيل ممر نقل متعدد الوسائط سيتم استخدامه لتسليم البضائع من منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى أوروبا".
وأضافت: "وثانيا، أدى انخفاض صادرات الطاقة من روسيا إلى جعل الطاقة في آسيا الوسطى أكثر جاذبية مع سعي أوروبا إلى تنويع مورديها".
ولفتت إلى أن "المحاولات السابقة لاستغلال الطاقة في المنطقة، مثل خط أنابيب الغاز عبر قزوين، وهو مشروع مخطط له لنقل الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر أذربيجان وجورجيا إلى تركيا ومنها إلى الاتحاد الأوروبي، باءت بالفشل بسبب التكلفة أو التعقيد".
وقالت إن "النفط الكازاخستاني يتدفق بالفعل إلى أوروبا عبر أذربيجان وتركيا. وفي يوليو/تموز (الماضي)، بدأ شحنه عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان. وهذا يوضح نية أنقرة في أن تصبح مركزا للطاقة الأوراسية التي ستتلقى أوروبا من خلالها الغاز من روسيا وآسيا الوسطى".
اقرأ أيضاً
روسيا منشغلة وإيران مأزومة.. تركيا تعيد نفوذها في جنوب القوقاز من بوابة أذربيجان
العلاقة مع أوروبا
وثالثا، لعبت عضوية تركيا المحتملة في الاتحاد الأوروبي دورا في تحولها نحو الشرق. وقبل بضعة أشهر، ذكّرت أنقرة بروكسل بحالة الطلب التركي للعضوية عندما وافقت أنقرة على وقف عرقلة عملية طلب السويد لعضوية (حلف شمال الأطلسي) الناتو، كما تابعت زولوتوفا.
واستدركت: "لكن بعد أن نشر البرلمان الأوروبي تقريرا في سبتمبر/أيلول (الماضي) حول وضع تركيا، والذي قالت أنقرة إنه مليء باتهامات لا أساس لها وأحكام مسبقة ومعلومات مضللة، وصلت التوترات إلى ذروتها".
وأضافت أن "تركيا هددت بالانسحاب من هذه العملية، لكن في الحقيقة، يشتري الاتحاد الأوروبي حوالي 40% من الصادرات التركية، لذلك ليس من المنطقي بالنسبة لأنقرة أن تقطع العلاقات، خاصة إذا كانت تطمح إلى أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة، وأفضل ما يمكن أن تفعله تركيا هو تنويع أسواق صادراتها".
زولوتوفا قالت إنه "لكل هذه الأسباب، سعت تركيا إلى إيجاد سبل للقيام بمزيد من الأعمال التجارية في آسيا الوسطى، وقد ارتفعت حصة حجم التجارة التركية مع المنطقة".
وتابعت: ورابعا، تسببت الحروب في أوكرانيا وغزة في تحويل انتباه روسيا وإيران، وبالتالي سمحت لتركيا بتوسيع وجودها العسكري في منطقة تقع تاريخيا في مناطق نفوذهما، وقد يسمح هذا لأنقرة بضمان الأمن بشكل مستقل لمشاريع النقل المستقبلية.
وزادت بأن "دول آسيا الوسطى من جانبها ترحب باهتمام تركيا، فهذه الدول بحاجة إلى تركيا كسوق للتصدير، فهي لا تحتاج إلى الاستثمار فحسب، بل تحتاج أيضا إلى تنويع الاستثمار؛ إذ جفت الأموال الروسية (جراء العقوبات الغربية)، وتخاطر الأموال الصينية بسياسات لا تريدها حكومات وشعوب آسيا الوسطى، بينما تسمح لها تركيا بسياسة خارجية متعددة الاتجاهات مع الكثير من الفوائد المالية واللوجستية".
و"من المؤكد أن تركيا تستفيد من هذه اللحظة، ولكن من المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن أنقرة أصبحت لا غنى عنها لآسيا الوسطى، إلا أنها لا تشكل تحديا مشروعا لروسيا أو الصين، فهي لا تملك النفوذ المالي أو الجيوسياسي للقيام بذلك، ومع تزايد أهمية المنطقة، ستدخل المزيد من البلدان إلى المنافسة"، كما ختمت زولوتوفا.
((3))
المصدر | إيكاترينا زولوتوفا/ جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا آسيا الوسطى روسيا الصين الطاقة تجارة فی آسیا الوسطى
إقرأ أيضاً:
أوروبا تجمد 210 مليارات يورو من أصول روسيا وموسكو تحذر من عواقب وخيمة
قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الجمعة، تجميد الأصول الروسية التي تبلغ قيمتها 210 مليارات يورو إلى أجل غير مسمى، مؤكدة أنها ستواصل العمل على زيادة تكلفة الحرب على أوكرانيا بالنسبة لروسيا، بينما قالت موسكو إن الأوروبيين سيواجهون عواقب وخيمة.
وأعلنت مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن دول الاتحاد قررت إبقاء الأصول الروسية مجمّدة إلى أجل غير مسمّى، ما لم تدفع روسيا تعويضات كاملة لأوكرانيا عن الأضرار التي تسببت فيها.
وشددت كالاس على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تصعيد الضغط على روسيا لدفعها إلى التعامل بجدية مع مسار المفاوضات.
من جهته، أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أن قادة الاتحاد تعهدوا بالإبقاء على تجميد الأصول الروسية إلى أن تنهي موسكو ما وصفها بـ"حربها العدوانية" على أوكرانيا وتتحمل مسؤولية التعويض عن الأضرار، موضحا أن الخطوة التالية ستتركز على تأمين التمويل اللازم لأوكرانيا خلال العامين المقبلين.
وذكر بيان لمجلس الاتحاد الأوروبي، الجمعة، أن الدول الأعضاء قررت حظر إعادة الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي في دول الاتحاد، مضيفا أن القرار جرى اتخاذه بشكل عاجل للحدّ من الأضرار المحتملة على اقتصاد الاتحاد الأوروبي.
وأكد المجلس، أنه في حال عدم حظر هذه الموارد، فسيتمكّن الجانب الروسي من استخدامها لتمويل الحرب ضد أوكرانيا، مما قد يفضي إلى عواقب خطيرة على اقتصاد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء.
ورحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بقرار المجلس، مؤكدة أنهم سيواصلون زيادة تكلفة الحرب بالنسبة لروسيا.
وقالت فون دير لاين، في بيان، إنهم سيعملون على ضمان أن تصبح أوكرانيا أقوى في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات.
إعلانوينهي القرار الجديد عملية سابقة كانت تقضي بتمديد تجميد الأصول الحكومية الروسية التي تبلغ نحو 210 مليارات يورو كل 6 أشهر، وهي العملية التي تتطلب إجماع كل الأعضاء، وبذلك يبعد خطر رفض المجر وسلوفاكيا لقرار التمديد.
موسكو تحذروفي أول رد فعل روسي، قال المبعوث الروسي الخاص كيرلي ديمتريف إن "الأوروبيين سيواجهون عواقب وخيمة إذا قرروا استخدام أصولنا المجمدة".
وكان البنك المركزي الروسي قد استبق صدور القرار الأوروبي وأكد صباح الجمعة أن المقترحات التي نشرها الاتحاد الأوروبي لاستخدام أصوله غير قانونية، وحذر من أنه يحتفظ بحقه في استخدام جميع الآليات المتاحة لحماية مصالحه.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.