تظهر دراسة حديثة نشرت في مجلة Proceedings of the Royal Society B أن فقمة الأقزام في جنوب وشرق أفريقيا تظهر تفوقًا في البقاء على قيد الحياة عندما تتعرض لمزيد من الصراع مع مجموعات خارجية، على الرغم من أن الحروب بين الحيوانات عادةً ما تكون ضارة للبقية، يبدو أن هذه الفقمة تجد في التصعيد نحو العدوانية أسلوبًا لزيادة اليقظة، مما يزيد من فرص نجاح صغارها في البقاء.

في عالم الحيوانات، يُظهر الصراع بين المجموعات عادة أثرًا سلبيًا على بقاء الأفراد. وفي بعض الحالات السيئة، يمكن أن تؤدي النزاعات بين المجموعات إلى وفاة أفراد، وحتى عندما تحدث إصابات غير قاتلة، يمكن أن تقلل من قدرة الفرد على التكاثر.

تسلط الدراسة الضوء على تصاعد النشاط العدواني بين مجموعات فقمة الأقزام، حيث تظهر الصغار أكبر فرص للبقاء على قيد الحياة في وجه المفترسين عندما يكون هناك المزيد من الصراع مع المجموعات الخارجية.

يُعتقد أن اليقظة تلعب دورًا هامًا في زيادة فرص البقاء لصغار فقمة الأقزام. يظهر أن البالغين يصبحون أكثر يقظة في وجه التهديدات الخارجية، مما يقلل من فرص حدوث حوادث قتل للصغار على يد المفترسين. ويُشير الباحثون إلى أن هذا الاستنتاج يعكس الحاجة إلى التفكير في تأثير النزاعات بين المجموعات كعامل اجتماعي يؤثر على اللياقة البيولوجية.

تعيش فقمة الأقزام في مجموعات تتألف من خمسة إلى ثلاثين فردًا، وتُولد معظم الصغار عند الأنثى الرائدة في المجموعة. 

الدراسة أُجريت عبر مراقبة 11 مجموعة من فقمة الأقزام في مواسم تكاثر متعددة، حيث خلصت النتائج إلى أن زيادة العنف بين مجموعات فقمة الأقزام تزيد من درجة اليقظة لدى أفراد البالغين، وتؤدي بالتالي إلى تقليل حالات قتل الصغار على يد المفترسين.

تظهر هذه الدراسة كيف يمكن للتصاعد في الصراع أن يخدم الغرض البيئي لفقمة الأقزام، حيث يزيد من اليقظة ويحمي الأفراد الصغار. 

يسلط هذا البحث الضوء على التفاعلات المعقدة في عالم الحيوانات وكيف يمكن للتطور تحديد سلوك البقاء والتكيف مع التهديدات الخارجية.

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

الحرب النفسية: اليمن يُعيد تعريف معادلة الصراع

 

في قلب الحروب الحديثة، قد تصبح الكلمة أكثر فتكاً من القذيفة. الحرب النفسية، التي كانت تاريخياً أحد أذرع القوى الكبرى، باتت اليوم في متناول الفاعلين غير التقليديين، ليس فقط كوسيلة ردع، بل كأداة لبناء توازنات معنوية وميدانية جديدة.

في هذا السياق، برز اليمن، خلال الأشهر الأخيرة من معركة الإسناد لغزة، كحالة لافتة في تطوير وتوظيف أدوات الحرب النفسية، ليس فقط عبر استنساخ أساليب العدو، بل عبر تنويعها وإعادة تشكيلها ضمن منظومة ردع متكاملة.

من أولى المؤشرات التي لفتت الأنظار في الأداء الإعلامي والعسكري للقوات المسلحة اليمنية كان استخدام أسلوب التحذير المسبق، بطريقة تعكس ما اعتادت إسرائيل فعله مع خصومها.

فبينما كانت تل أبيب ترسل رسائل تحذيرية عبر الناطقين باسم جيشها موجهة إلى سكان مناطق مثل غزة أو جنوب لبنان واليمن، بدأ الأخير بتوجيه تحذيرات مشابهة -شكلاً لا مضموناً- إلى مطارات ومواقع استراتيجية إسرائيلية، مثل مطار بن غوريون.

هذه الصيغة لم تكن مجرد محاكاة بل تمثل نقلة في الخطاب النفسي: تحويل التحذير من أداة تحييد إلى أداة تهديد. بذلك، لا يكون التحذير اليمني عملاً أخلاقياً بقدر ما يكون رسالة صلبة: نحن نملك القدرة على الإيذاء، ونمنحكم وقتاً للتفكير في العواقب.

من أدوات الحرب النفسية الأكثر بروزاً، اللجوء إلى تسمية العمليات العسكرية بأسماء ذات رمزية، كالإصرار اليمني على تسمية المدن والبلدات الفلسطينية بأسمائها الأصلية، لا تلك اليهودية، وهي خطوة تعكس رسالة محمّلة بدلالات دينية وتاريخية وسياسية.

من ناحية أخرى، وعلى الرغم من أن اليمن بما يمتلك من قدرات، إلا أنها ليست كافية -كقدرة نارية واسعة نتيجة البعد الجغرافي- للتأثير الفعلي الكبير على المرافق الحيوية في الكيان، ولذلك، كان استهداف البنية التحتية للملاحة الجوية الاسرائيلية خياراً عمليّاً، وبصاروخ واحد. وبهذا استطاعت صنعاء أن تثبت في وعي الاحتلال ومستوطنيه أن السماء لم تعد آمنة، وأن المعركة اقتربت من العصب الحيوي للكيان. وهنا تتضح القوة النفسية للتسمية: إنها تجعل من كل إعلان عن عملية، تهديداً مركّباً يتغلغل في الإدراك الجمعي للمستوطنين.

يُعد التوقيت في الضربات اليمنية أيضاً جزءاً من تكتيك الحرب النفسية، لا مجرد قرار عسكري. فقد اختارت صنعاء توقيتات دقيقة لتنفيذ ضرباتها، غالباً ما تكون متزامنة مع أحداث إسرائيلية داخلية أو تطورات إقليمية حساسة. في بعض الأحيان، كان التوقيت يحمل رسالة مبطّنة: «نحن نراقب، ونستطيع مفاجأتكم في اللحظة التي تظنون فيها أنكم في أمان».

هذا الاستخدام الذكي للتوقيت لا يسبب فقط أذى ميدانياً، بل يبني حالة من الترقب والقلق الدائم. كل ساعة تمر، هي احتمال لصفعة نفسية جديدة.

بيانات القوات المسلحة اليمنية تطورت خلال الأشهر الأخيرة لتصبح أداة حرب نفسية قائمة بذاتها. اللغة المستخدمة في هذه البيانات واثقة، حادة، تنطوي على تهديد مباشر ومدروس. لم تعد البيانات مجرد إعلانات بل رسائل موجهة لا إلى الداخل اليمني فحسب، بل إلى الحكومة الإسرائيلية، وإلى جمهورها، وإلى محيطها الإقليمي.

يضاف إلى ذلك نشر مشاهد مصورة للعمليات أو لمرحلة ما بعد التنفيذ، كتوثيق استهداف سفن في البحر الأحمر أو لقطات لطائرات مسيّرة في الأجواء. هذه الصور لا تكتفي بالإخبار، بل تبث رسائل ميدانية ذات طابع نفسي صارم: نحن نملك اليد، والعين، والسلاح.

من أكثر التحولات اللافتة في الحرب النفسية اليمنية، الاتجاه نحو مخاطبة الجبهة الداخلية الإسرائيلية مباشرة، أحياناً باستخدام اللغة العبرية أو رموز معروفة في الخطاب الإسرائيلي. هذا النوع من الخطاب يكسر الحاجز النفسي التقليدي بين المقاتل العربي والشارع الإسرائيلي، ويضعه وجهاً لوجه مع خصم يعرفه، ويخاطبه، ويهدده بلغته.

إنها رسائل قصيرة، لكنها موجّهة بدقة: «نحن نراكم»، أو «نحن نعرف مفاتيح التأثير عليكم». وهذا النوع من التواصل يشكل ضغطاً على القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي تجد نفسها ملزمة بالرد أمام جمهور بات يشعر أن جبهته الداخلية لم تعد بمنأى عن الخطر.

في معركة الإسناد لغزة، أثبت اليمن أن الحرب النفسية ليست فقط سلاحاً تكميلياً، بل ركيزة استراتيجية في بناء معادلة ردع جديدة. لقد تجاوزت صنعاء مرحلة استنساخ أدوات العدو إلى مرحلة إعادة إنتاج أدوات نفسية متعددة الوظائف: تهدد، وتربك، وتحفّز، وتخترق.

وإذا كان ميزان القوى العسكري ما زال يميل لصالح إسرائيل، فإن المعركة النفسية باتت مفتوحة، وقابلة للتطوير، وبعيدة عن الحسم. في هذا السياق، يمثل اليمن اليوم مختبراً متقدماً في الحرب النفسية السيادية، يعيد تعريف معادلة الصراع في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • فقمة ضخمة تتجول في شوارع كيب تاون.. فيديو
  • الأمم المتحدة: أهالي غزة يستحقون أكثر من البقاء على قيد الحياة
  • الأمم المتحدة: فلسطينيو غزة يستحقون أكثر من البقاء على قيد الحياة
  • أهمية بحر الصين الجنوبي في الصراع الأمريكي الصيني (1-3)
  • الحرب النفسية: اليمن يُعيد تعريف معادلة الصراع
  • صوت ثقافي يبحث عن صداه .. دور النشر العمانية.. هل تنجو وسط دوامة السوق المزدحم وأزمة الثقة ؟
  • ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟
  • ورد من تحت الرماد… صرخة طفلة تنجو من مجزرة مدرسة الجرجاوي في غزة
  • برلماني يساءل وزير الفلاحة بخصوص صغار مربي الماشية
  • حموني يساءل وزير الفلاحة حول تدابير استفادة الكسابين الصغار من دعم الديون المستحقة عليهم