طوفان الأقصى المعركة التي نسفت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر وبددت سرديات الكيان الصهيوني ومعه ديموقراطيات العالم لا سيما الغربي التي ما انفكت تدافع عنه وتدفع به لارتكاب أبشع الجرائم بحق الأبرياء والعزل..معركة أحيت ضمائر الشعوب المُغرر بها من سبات عميق بأنّ فلسطين الطريق والبوصلة، في الوقت ذاته مثلت دعوة للأمة لتصويب سهامها نحو فلسطين المحتلة ونصرة المظلومية الأكبر في العالم؛ والتي لم يتردد اليمن في إجابتها منذ اليوم الثاني من المعركة إذ أعلن سيد الثورة بالمشاركة الفعّالة في المعركة بقدر الاستطاعة مُجسِّداً المبادئ الإيمائية والانتمائية بشجاعة لم يجرؤ عليها أحدٌ من قبل.
الإعلان أتبعه تحديد أهدافٍ في العمق الإسرائيلي وضربت-دون تردد- متواصلة مع تكتمٍ إسرائيلي حول العمليات واكتفاء جيش الاحتلال بأخبار الاعتراض علماً على أنهم فعلوا أكبر منظوماتهم الدفاعية(السهم3) وقبلها على الطريق دفاعات متخاذلي الأعراب من السعودية والأردن إلا أن المسيرات والصواريخ اليمانية عرفت أهدافها وهم أكثر من عرف وصولها. اليوم وبعد أكثر من شهرٍ طوفان الأقصى لا يزال اليمن في ذات الخط يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بخطابٍ بمناسبة ذكرى الشهيد قدم فيه تصور الأحداث مؤطرةً بنظرته القرآنية الثاقبة-كما نعرفها-ورسم فيه ملامح جديدة لمآلات قادمة تتسع باستمرارية الحرب. أولاً:مع الوهن الذي تعيشه
الأمة الإسلامية والاضطهاد لا بد من التحرك المتماشي مع احتياجات العصر وأهمه حمل راية الجهاد والتضحيات في مواجهة الطغيان فبه تُستنهض الأمة وكسر قيود الذل والخوف وجموح الأعداء في انتهاش جسد الأمة لا سيما ممن ضُربت عليهم الذلة والمسكنة..وما يحدث من إجرام وتفننٍ في القتل والإبادة بغزة من قبل الصهاينة وبدعم من الأمريكيين والأوروبيين يبرهن ضرورة الجهاد وانتهاج مشروع الشهادة كرديفٍ مؤثر ومناسبٍ لذلك الإجرام؛ وإذا لم يكن هذا هو الحل لما جعله الله ذروة سنام دينه الحنيف، والتأريخ قد تكفل لنا بالحديث عن مآسٍ يندى لها جبينه حصلت للمسلمين حال تخلوا عنه. من سبعة عقود زرعت بريطانيا وأمريكا هذا الكيان في قلب الشام والوطن العربي بناءً على نزعات تطرفية دينية وأوهام تلمودية غير موجودة سطوراً أو أطلالا وجمعت فيها اليهود من جميع أنحاء العالم وقوته بفكفكة الصفين العربي والإسلامي من حوله، غذّت النزاعات وبطريقٍ أو آخر ترغيباً أو ترهيبا نجحت أمريكا في هذا وحولت الأنظمة العربية والإسلامية حول فلسطين إلى أسوار حماية لإسرائيل على مر السنين، همها المصالح الشخصية و الفرعية بدلاً من المركزية وما يهم الأمة، وبعضها دخل في اتفاقيات سياسية وعلاقاتٍ دائمة مع الكيان وتخلٍ عن مسؤولية مهمة كهذه، بل حذت بها الأيام ترويض شعوبها عن قضيتها المركزية وصارت-الأنظمة-تتعامل مع أصحاب الأرض والقضية بأنهم أشبه بالإرهابيين والمتخلفين وغير ذلك وللمزايدات الإعلامية جعلوا أفضل مواقفهم بيانات إدانات لا يرقى أن تصدره مدرسة إبتدائية علاوةً على أن تصدره 57 دولة عربية ومسلمة كالأخير الذي أنتجته قمة الرياض في جلسة تسمى طارئة تجاه أحداث غزة الجارية. على الطرف الأخر إسرائيل أو لنقل على ذات الطرف وإنما على الميدان تستبيح كل شيءٍ في فلسطين ليس لها مراقب، خصوصاً غزة ففيها انتهاكات القانون الدولي التي ترتكبها قد أُعفيتها بصك غفرانٍ من أمريكا والغرب، يقصفون المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، وحداتٌ سكنية يدُفن أهلها تحت أنقاضها، جرافات تمشي على رؤوس المواطنين ،جثث تأكلها الكلاب والغربان، مجازر بالمئات بل قل شهداء بالآلاف أكثرهم نساءً وأطفالا علاوةً على من يزالون تحت الأنقاض؛ كانت غزة أكبر سجنٍ في العالم وحالياً أكبر مقبرة جماعية في العالم. ثانياً: موقف اليمن الشجاع من الصراع يرفع سقفه السيد القائد ويرسم الملامح القادمة له..العمليات العسكرية مستمرة وآخرها ما حصل ليلة الخطاب وبعدها عملية أعلن عنها متحدث القوات المسلحة بعد الخطاب استهدفت إيلات جنوب فلسطين المحتلة.. ناهيك عن توسع رقعة الصراع ليشمل استهداف إسرائيل حتى خارج جغرافياتها المحددة تحديداً في البحر الأحمر -وهذا يعتبر أول استخدامٍ للبحر الأحمر كورقة جيوسياسية مهمة في تأريخ الصراع مع العدو وله تبعات استراتيجية حساسة جداً-باصطياد كل سفنها حيث نستطيع، وعيوننا عليها بالرغم من أنها تخفي إعلامها وتغلق أجهزة تعارفها كلما اقتربت من دائرة قدرتنا ولن تستمر في الإفلات منّا، أضف إلى ذلك ما يوجد على مقربةٍ منّا كعصب ودهلك في أريتريا ولن نتردد في ذلك، حيث أنّ مواقفنا إنما جاءت من مسؤولياتنا الدينية والإيمانية والإنسانية وحتى القومية وليست نابعة من اعتبارات سياسية التي لو اعتبرناها لما اتخذنا أي موقف لا سيما مع وصول التهديدات الأمريكية المباشرة وغير المباشرة مثل التهديد بعودة الحرب أو إنهاء المفاوضات التي وصلت مرحلة متقدمة أو قطع المساعدات وغيرها..السيد القائد رد أيضاً على رسالةٍ أمريكية لجميع الزعماء العرب بعدم التدخل بألا تحسبونا منهم فنحن لسنا ممن نقبل الإملاءات، نحن أحرارٌ وقد رفضنا مشروع الوصاية منذُ انطلاق مسيرتنا التي أسسها الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي. السيد القائد رمى بالكرة ملعب من يقلل من موقفنا لا سيما الأعراب بأنّ عليهم أن يُثبتوا فحولتهم في الميدان بدل الثرثرة والتعامل مع الإسرائيلي من تحت الطاولة، وأشاد بالتأييدات المُتلقاة سواءً من التيارات الوطنية المخالفة لنا أو حتى التيارات التي في صف العدوان وعلينا أن نجعل من القضية الفلسطينية طريقاً يوحدنا ويجمعنا وموقفنا هذا سواءً العسكري أو السياسي أو غيره ليس مزايدةً على أحدٍ أو محاولةً لنيل أيةَ مكاسب أخرى. عملية طوفان الأقصى كشفت أقنعةً كثيرة أبرزها العروبة والحضن العربي وتلك المزايدات التي غطت بها الأنظمة وجوهها العميلة..ومع التخاذل العربي والإسلامي والوحشية الصهيونية لا تزال المقاومة على الميدان بثباتها هي الآخذة بزمام المعركة والممرغة لأنوف الصهاينة في التراب وهذا مما يزيد الشعور بالثقة بأنّ ثمار النصر آتية لا محالة، والأهم من هذه الأحداث هو الاتعاظ والعبرة مما يحدث إذ أنه أفرز لنا حقائق أُناس وأبان قبحها مع أنهم محسوبون على الأمة والإسلام وأن لا ننخدع -كالنخب أول المنخدعين بيننا-بحلاوة المصطلحات الغربية التي تتغلغل في أوساطنا.. والدماء المسفوحة اليوم والتضحيات المبذولة والتكهنات المتلاطمة حول طبيعة الصراع الأزلي ومعها أثقال الخذلان من القريب قبل البعيد ليسوا إلا أسباباً تُصيّر نتائجَ انتصاراتٍ يأتزرُ بها المظلومون ويغلب بها الدمُ السيف.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
القبيلة اليمنية في خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي: حضورٌ راسخٌ ودورٌ مساند لقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية
يمانيون / خاص
تُعدُّ القبيلة اليمنية مكونًا اجتماعيًا وثقافيًا راسخًا في هوية الشعب اليمني، وقد أولى السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- اهتمامًا بالغًا بدورها في خطاباته، مؤكدًا على مكانتها في مسيرة الثورة ومساندتها لقضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
القبيلة اليمنية: عمقٌ اجتماعيٌ وأخلاقيٌ
في خطاباته، يُبرز السيد القائد القبيلة اليمنية كرمزٍ للقيم الأصيلة: الكرامة، الشرف، النصرة، الوفاء، والثبات. وقد أشار إليها كركيزة من ركائز الصمود الشعبي، منوِّهًا بمواقفها المشرفة في الدفاع عن الأرض والعرض والسيادة، وبدورها الفاعل في معركة الوعي والتعبئة.
القبيلة والقضية الفلسطينية: انتماءٌ لا يتغير
في سياق خطابه المستمر عن قضايا الأمة، كان للقبيلة اليمنية نصيبٌ من التحفيز والثناء، إذ شدد السيد القائد على أن مواقف القبائل اليمنية لا تنفصل عن مواقف الأمة الواعية تجاه فلسطين.
وقد كانت القبيلة في طليعة المشاركين في المسيرات المليونية المناصرة لفلسطين، وفي تقديم القوافل المالية والعسكرية، حتى باتت رمزًا للموقف الشعبي العربي الذي ينطلق من الفطرة النقية التي ترفض الظلم وتنصر المظلوم.
الخطاب التعبوي والتعويل على القبيلة
في لحظات التحشيد والتصعيد الثوري، لطالما خاطب السيد القائد القبائل بشكل مباشر، معوِّلاً عليها في الحضور الميداني، وفي الدفاع عن السيادة، وفي رفض الوصاية الخارجية، مذكِّرًا ببطولاتهم التاريخية منذ مواجهة الغزو العثماني والبريطاني، وحتى التصدي للعدوان الأمريكي السعودي.
ولم يغب عن خطاباته تحذيرٌ من محاولات الأعداء لضرب القيم القبلية، عبر أدوات ناعمة تستهدف التفكك الأخلاقي وتشويه مفاهيم الشرف والولاء، داعيًا القبائل إلى التمسك بثوابتهم الدينية والهوية الإيمانية التي تحصِّنهم من مشاريع التغريب.
إن استحضار القبيلة اليمنية في خطابات السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ليس استدعاءً خطابياً عادياً، بل هو تأصيلٌ لوحدة وطنية راسخة، وتعزيزٌ لدور القبيلة في معركة الأمة، وتجديدٌ للبيعة التاريخية بين القيادة والشعب. ومع استمرار التحديات، تبقى القبيلة اليمنية صخرةً تتكسر عليها كل مؤامرات العدوان، ورافعةً أساسيةً لمشروع التحرر ونصرة فلسطين، القضية المركزية التي يجتمع حولها الشرفاء.