«كإبرة في كأس ممتلئ» تواشج مع التوحيدي نصًا وفنًا
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
في تواشجٍ بين النص والتشكيل، قدّم الفنان علي البزاز، معرض «كإبرة في كأس ممتلئ»، بالتعاون مع الكاتبة باسمة القصاب، التي دشّنت كتابها «إبرة أبو حيان.. منادمة فكرية مع أبي حيان التوحيدي»، ليكون هذا التواشج، مستوحىً من الفيلسوف والأديب الذي عاش في بغداد القرن الرابع الهجري، حيثُ شكلت نصوصه متكأً لـ 12 عملاً مشغولاً بتقنية الكولاج والرسم، قدّمها البزاز في أكتوبر الماضي، بـ«مساحة مشق للفنون».
على المستوى الفني، وتحقيقًا لهذا التواشج، يحاول البزاز أن يخلق تجلٍ بصري عبر أعمالٍ فنية منفذة بالكولاج والرسم، مستخدمًا رسم الشخوص كعناصر في اللوحة، وهي تجربة لم يسبق للبزاز أن تطرق لها في أعماله السابقة، كما يشير. إلى جانب تداخلات لفن الخط العربي، والحروفيات، التي وجدها أقرب لتجسيد البعد الصوفي في الأعمال التي ترتكنُ على استيحاءات من نصوص التوحيدي، فكان ذلك دمجًا يتناسق مع العلاقة المتداخلة بين دواخل المتصوف، وما يعبر عنه في كلماته وأقواله.
وارتكزت أعمال البزاز على نصوص من كتاب «الإشارات الإلهية»، حيثُ الاقتباسات التي تداخلت في اشتغالاته الفنية، مبينًا بأن هذه الاقتباسات هي في الأصل حروفٌ ومعانٍ انقدحت في ذات المتصوف، لتشكل إشارات عما يعتمل في داخله، وهو أمر - يشير البزاز - إلى اقترانه بالتراث الصوفي، حيثُ استوحاه ليوظفه فنيًا، مستبدلاً الإشارات الكلامية باللون والعناصر الفنية التي تحاول محاكاة النص الذي يعبر به الصوفي عن فنائه في الحقيقة المطلقة، أو في الله. وقد عزز البزاز ذلك بصريًا من خلال حضور النص، وتوليفة اللون والشكل التي حاول من خلالها محاكاة التجربة الصوفية، والتعبير عنها بصريًا.
ويؤكد البزاز «كما من الصعب على المتصوف والعارف أن يترجم حالته الصوفية والمعاني التي تتمثل في ذهنه إلى نصوص وتعابير، كذلك يوجه الفنان صعوبة في ترجمة تقمصات الصوفي إلى اشتغالاتٍ فنية»، لكن البزاز يؤمن بأن الفن فضاءٌ يتسع لتجلية الحالة الصوفية، تمامًا كالشعر، الذي عادةً ما يلجأ إليه الصوفي، للتعبير عن تلك المشاهدات التي يلمسها أو يعيشها أثناء فنائه في الذات العليا، مبنيًا بأن للعناصر الفنية من لونٍ، وتشكيل، وخطوط، وتداخلات.. قدرة على تمثيل الحالة في بعدها اللامعبر عنه، لتكون حالةً بصرية يهيم فيها المتلقي، كما يهيم الصوفي في صوفيته.
من جانبها، تذهب القصاب إلى شكلٍ آخر من التواشج، حيثُ كتابها «إبرة أبو حيان»، الذي تبدأه بسؤال «ماذا يعني أن نصادق نصًا تراثيًا قديمًا؟!»، فهي في كتابها هذا تواشج كتاب التوحيدي «الإمتاع والمؤانسة»، لتشاكله، أي تجعل نصوصها مشاكلةً له، في المعنى والمبنى، انطلاقًا من صداقةً تؤلفها مع هذا النص، إذ تقول «كما نحن نصادق الإنسان الذي على شاكلتنا، من تمتزج طبيعته بطبيعتنا، وتتقارب معه إرادتنا ورغباتنا، فقد وجدت نفسي منسجمة مع إرادة نص التوحيدي، أي بيانه ومقصده وما يرمي إليه.
أنا منسجمة مع إرادة التوحيدي في بحثه عن الإنسان الذي أشكل عليه الإنسان، واهتمامه بالقواسم المشتركة التي تجمع الناس، والصداقة التي توحدهم وتعدد أشكال وجودهم، إنها صداقة على طريق (الإنسان أشكل عليه الإنسان)، ونعني هنا المشاكلات التي نتقارب من خلالها، لا المشكلات التي تجعلنا نختلف ونتخاصم».
هذا ما يجعلها ترى في كتابها منادمة فكرية بينها وبين التوحيدي، فهو ليس دراسة منهجية لنصوص الأخير، ولا شرحًا لها، وإنما «تشاكل صديق معها، اشتباك وامتزاج، مرافقة ومؤانسة، لهذا وجدت في توصيف المنادمة ما يشي بهذه العلاقة اللطيفة».
وعن اختيارها كتاب «الإمتاع والمؤانسة»، تبيّن القصاب، بأن هذا الكتاب يمثل نصًا «مشكاليًا جامعًا لنفثات التوحيدي (...)، لم يخضع التوحيدي كتابه إلى تبويب ولا ترتيب ولا عنوان ولا لون واحد، جعله فضاءً يقلب فيه وجوهه المتعددة: وجه الفيلسوف، وجه الحكيم، المتصوف، الأديب والمثقف والماجن أيضًا، ما يجعله مدونة مفتوحة على مفاهيم التوحيدي وأفكاره ورؤاه وخطابه ومقاصده وروح إنسانه المشاكل، ومنحني نشوة المصاحبة ولذة إمتاعها».
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟
قال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفعت معظم العقوبات عن سوريا في بادرة حسن نية تجاه الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، ولكن هذا التقارب الدبلوماسي ليس مجانيا بل مشروطا بتوقعات أميركية محددة.
وذكر التقرير أن القرار كان موضع ترحيب شعبي في سوريا، حيث يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، إلا أن العقوبات التي رفعها ترامب لا تشمل الإجراءات كافة، لأن بعضها يحتاج إلى موافقة من الكونغرس.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير إسرائيلي: عزل أيمن عودة من الكنيست إعلان حرب على عرب الداخلlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: نقاشات حادة ومشادات كلامية بين الوزراء بسبب غزةend of listوفي ما يلي متطلبات واشنطن من سوريا وفق ما أورده كاتبا التقرير: مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز في بيروت بن هابرد، ومراسلة الصحيفة في الشرق الأوسط إيريكا سولومون.
التطبيع مع إسرائيلوأكد التقرير أن الولايات المتحدة تتوقع من الحكومة السورية اتخاذ خطوات جدية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على أن يشمل ذلك مبدئيا السعي لتوقيع اتفاق يضمن وقف جميع الأعمال العدائية بين البلدين.
وأضاف أن واشنطن تأمل أن تنضم سوريا في نهاية المطاف إلى "اتفاقيات أبراهام"، على غرار الإمارات والمغرب والبحرين والسودان.
المقاتلون الأجانبوطالب الرئيس ترامب، وفق التقرير، بترحيل المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى سوريا منذ 2011، معبرا عن مخاوف من إمكانية تورطهم في التخطيط لهجمات إرهابية خارج البلاد، وهو ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين.
غير أن الشرع رفض الطلبات الأميركية الأولية بطرد المقاتلين أو فصلهم عن قواته، بل بدأ فعليا بدمجهم في جيشه الجديد، وتؤكد حكومته أن إعادتهم إلى بلدانهم أمر شبه مستحيل، إما بسبب رفض تلك الدول استقبالهم أو لخطر أن يتم إعدامهم هناك.
كما حذرت الحكومة السورية الانتقالية، حسب التقرير، من أن عزل المقاتلين في سوريا قد يؤدي إلى انقسامات داخلية ويقوّض النظام الهش الجديد.
وبعد أن طالب ترامب في البداية بخروج "جميع الإرهابيين الأجانب" من سوريا، تراجعت واشنطن لاحقا لتطلب فقط "الشفافية الكاملة" حول مواقعهم، وفق التقرير.
إعلانوأوضح التقرير أن عددا كبيرا من هؤلاء المقاتلين سبق أن قاتل ضمن صفوف تنظيم القاعدة في سوريا، الذي أسّسه الشرع وقاده على مدى سنوات قبل أن يعلن انفصاله عنه في عام 2016، وبقي الآلاف منهم في صفوف جماعة الرئيس السوري أو في تشكيلات أخرى موالية له.
إخراج الجماعات الفلسطينية المسلحةويتوقع الأميركيون كذلك من سوريا أن تقطع علاقاتها مع الجماعات الفلسطينية المسلحة وخاصة حركة الجهاد الإسلامي، وهو مطلب ترحب به إسرائيل وفق التقرير، وقد بدأت الحكومة السورية بالفعل باتخاذ خطوات أولية عبر اعتقال اثنين من كبار الحركة في أبريل/نيسان الماضي.
وأضاف التقرير أن سوريا تواجه معضلة بشأن ترحيل القادة ومقاتلي الجماعات الفلسطينية إذ لا يوجد بلد مستعد لاستقبالهم، في حين يرفض لبنان ودول الجوار استضافتهم خشية التوترات أو الهجمات الإسرائيلية.
كذلك تطالب الولايات المتحدة بتفكيك الشبكات التابعة لإيران داخل أراضيها، وهذا ليس مطلبا صعبا على الشرع الذي يرى في إيران وحزب الله شريكين لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ولكن العملية قد تحتاج إلى مساعدة استخبارية أجنبية، وفق التقرير.
وحسب التقرير، تعدّ إزالة برنامج الأسلحة الكيميائية السوري من أبرز أولويات الولايات المتحدة.
وقال التقرير إن برنامج سوريا النووي بدأ في السبعينيات، ونجح العلماء السوريون في تطوير مخزونات من غازات السارين والكلور والخردل، استخدم بعضها ضد المدنيين خلال الحرب التي استمرت 13 عاما في عهد الأسد.
وأدى ذلك إلى توقيع اتفاق في عام 2013 سمح بموجبه لـمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة بإرسال مفتشين لإغلاق 27 موقعا مرتبطا بإنتاج هذه الأسلحة.
وبحسب التقرير، فقد دعت الحكومة السورية الجديدة خبراء دوليين وأبدت تعاونا في تبادل المعلومات حول ما تبقى من المخزونات، ويقدر الخبراء وجود نحو 100 موقع مخفي، مما يجعل الوصول إليها وتدميرها تحديا كبيرا.
ومن أولويات واشنطن أيضا منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية. وتشترط الإدارة الأميركية أن تسيطر الحكومة السورية على معسكرات عناصر التنظيم وسجونه التي ما زالت تخضع لقوات سوريا الديمقراطية، وهي قوات كردية مدعومة أميركيا.
ويأمل البيت الأبيض أن تتحمل الحكومة الجديدة مسؤولية إغلاق معسكرات احتجاز عائلات مقاتلي التنظيم، وتهيئة الأرضية لإعادة تأهيل قاطنيها أو ترحيلهم، رغم هشاشة البنية الأمنية السورية في هذه المناطق.
وخلص التقرير إلى أن واشنطن لا تهتم كثيرا بكيفية حكم الشرع لسوريا داخليا، لكنها تركز على أن يكون هذا الحكم متوافقا مع المصالح الأميركية الإقليمية، وهو ما يشكل جوهر توقعاتها من تحسن العلاقة مع دمشق.