بعد أن أغدقت عليها بالدلال …فلذة كبدي في طريق المحال
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أم فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني
بعد أن أغدقت عليها بالدلال …فلذة كبدي في طريق المحال
سيدتي الفاصلة، أعترف أنني السبب في ما أعانيه مع ابنتي الوحيدة، فانا سيدة متزوجة وشاء القدر أن أرزق بفتاة واحدة. حيث واجهتني بعض الصعاب لأنجب مرة ثانية، فإعتبرتها حياتي وأغدقت عليها من حناني لدرجة أنني فضلتها حتى على زوجي.
كبرت الفتاة ونحن على ذات الحال، أبرر كل أفعالها وكل أخطائها وأغلّط الكل في سبيل عدم إزعاجها. أعترف أنني بالغت في ذلك لا وبل أنني كنت مخطئة. فقد كنت أظن أنني بتلك الطريقة أحسن تربيتها فإذا بي خسرتها وودعت السعادة من حياتي فابنتي وبسبب الحرية الزائدة. التي أعطيتها لها أصبحت اليوم وهي في سن العشرين لا تحترمني أنا كذلك وبوادر الطيش بادية عليها فبعد أن أهملت دراستها. اليوم تصاحب رفقاء لا أعلم لهم أصل ولا فصل، ترتدي لباساً غير لائق، تدخل وتخرج دون أن أدري إلى أين لا بل ليس لي حتى الحق في السؤال.
أنا جد مقهورة وأنا أرى فلذة كبدي في طريق الانحراف دون أن أستطيع أن أفعل شيء، إنه طريق لا يرحم. ولا يفرّق بين كبير وصغير أنا أعلم بأنها لا تملك من الحيلة. ما يكفي لتخرج من هذه التجارب بأقلّ ضرر ممكن، الكل الآن يعاتبني ويرجع اللوم علي فانا من أفرط في تدليلها. وأنا من غلب الجميع عليها بما فيهم والدها، فكيف أتصرف معا دون أن أزيد الطين بلة وأنجيها من الدخول في نفق مظلم؟
أم إلين من الوسط الجزائري.
الــــــــــرد:من الصعب أن تجد الأم نفسها المسؤولة عن ضياع فلذات الأكباد، ولعل المؤلم أن نتائج الدلال تكون وخيمة مقرونة بالخيبة. والضياع. أختاه، تتحملين مسؤولية تركك الحبل على الغالب في حق إبنة ستحاسبين على تصرفاتها. وكل ما تقترفه من زلّات في حق نفسها وفي حق أسرتكم إن لم يكن من المجتمع فمن الله عز وجلّ. أفهم حيرتك التي أتت مـتأخّرة، لكنني أخبرك أنه وبنفس الحماسة التّي بنيت بها غطرسة هذه الفتاة وطيشها. يمكنك إستعادتها والسموّ بأخلاقها من خلال التقرب منها وتبيان ما تقترفه في حق نفسها.
تأكدي أختاه أنّ اللّبنة الصالحة لازالت موجودة لدى هذه الفتاة، حيث أنك أكدت في رسالتك أنها قليلة الحيلة. ولا تقوى على مجابهة الصعاب، وإن كانت لديك القدرة فمن الضروري. أن تقحمي زوجك بصفته والدها ولكونه المسؤول الأول عنها، حتى يمارس نوعا من الضغط والسلطة عليها. فيكون لديها من تهابه وتخاف من عقابه إن هي أخطأت أو تمادت.
عليك أن تضربي بيد من حديد كل محاولة لإبنتك في التمرد والخروج عن سلطتك أنت ووالدها، وعليك أن تفهميها. بأنك تغيرت ومن أنّك أبدا لن تعودي كما كنت في السابق الفرحة. المرحبة بكل تصرف غير لائق ممن حملتِها تسعة أشهر وهنا على وهن والذي تظنه هي يدخل في إطار التحرر والامبالاة.
ما تمرّين به من تجربة ليعدّ رسالة لكل الأمهات مثلك ممن تحسبن أن الدلال والإفراط فيه هو من سيجعل أبناءنا وتحديدا بناتنا. في قمة الأدب والأخلاق، كما أنه من الضروري مراعاة الدين والأعراف والتقاليد في تربيتنا لأبنائنا. الذين لا يجب عليهم أن يخرجوا من إطار ما جبل عليه مجتمع لا يرحم من يخطئ ومن لا يصيب.
لازال لديك من الفرص ما سيجعلك تحسين أنك أديت رسالتك على أحسن وجه ومن أنك لست بالأم الفاشلة قطّ.
ردت: “ب.س”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
قمة شرم الشيخ… من تجاهل المأساة إلى تبييض الجريمة
منذ الأمس وأنا أتذكّر مشهد قمة شرم الشيخ، ولم أستطع فهم واستيعاب ما جرى فيها؛ وربما الحاضرون لا يعلمون سبب مجيئهم، كانت غريبة إلى حدٍّ يصعب تفسيره.
بدت وكأنها مشهد مقتطع من فيلم الزعيم لعادل إمام، حيث تتداخل المجاملات الزائفة مع المواقف الهزلية في إطارٍ يُفترض أنه جاد ورسمي.
الأغرب هو وقوف ترامب بمفرده بينما يتوالى القادة للسلام عليه واحدًا تلو الآخر، مع أنه ضيف مثل سائر الحضور.
في المقابل، بدا المضيف الرسمي في حالة من التواضع المفرط حد الارتباك، تاركاً الحضور الأمريكي ليطغى على المشهد.
ظهر المجرم ترامب يوزّع الابتسامات والمديح على الحاضرين، ويتلوا أسماءهم من ورقة، ويسخر من بعض الزعماء بأسلوب يجمع بين المزاح والتعالي.
أسلوب ترامب الاستعراضي والشخصي كسر القواعد المتعارف عليها، مما أربك الحضور وفرض إسهابه وثرثرته على الحدث.
أما مديحه المتكرر لعائلته ووزرائه في كلماته فيعكس طبيعته التي تميل إلى الاستعراض الذاتي، وكأنه يعيش في حملة انتخابية دائمة حتى وهو في مؤتمرات القمم.
لكن ما هو أخطر من المظهر البروتوكولي هو ما غاب عن القمة من مضمون مهم للغاية.
فقد غاب الحديث الجاد عن إعمار غزة وضرورة التعجيل به، باستثناء كلمات مقتضبة من الرئيس المصري. كما غاب النقاش حول المأساة الإنسانية الكبرى التي عاشها أبناء غزة، وهي مأساة لن تزول آثارها في عشرات السنين.
لم يُطرح أيضًا ملف الأسرى الفلسطينيين المتبقين في سجون العدو، والذين كانوا أحد أبرز أسباب انفجار السابع من أكتوبر، ولم يُناقش موقعهم في أي تسوية قادمة رغم أهميته المحورية.
والأسوأ من ذلك هو عودة الحديث عن اتفاقيات أبراهام، وتنميق تجربة التطبيع والتسويق لها، وكأن ما جرى في غزة لم يكن جريمة إبادة جماعية لم تجف دماء شهدائها ولم ينتشلوهم من تحت الأنقاض.
فإعادة تفعيل تلك الاتفاقيات بعد كل ما حدث لا تعني سوى طمس جرائم العدو الإسرائيلي وشرعنتها، وتبييض الجريمة، وتجميل الفعل الوحشي، وتحويل صفحة الدم إلى وثيقة «سلام»، يكافأ فيها المجرم بدل أن يحاسب.
بهذا الشكل، خرجت القمة – في نظر كثيرين- عن طابعها الرسمي، لتبدو أقرب إلى استعراض سياسي منها إلى لقاء دولي جاد.
غير أن ما وراء هذا المشهد أعمق من مجرد خلل في البروتوكول؛ إنه اختلال ميزان العلاقات الدولية في المنطقة، حيث باتت دول منطقتنا تتعامل مع أمريكا من موقع التبعية لا الندية.
أما الحضور العربي في مثل هذه المحافل فقد تحوّل إلى دور رمزي لا فاعل، بينما تُدار خيوط اللعبة من إسرائيل، في تداخل بين النفوذ السياسي والاستعراض الإعلامي.
وفي النهاية، لم يكن مشهد شرم الشيخ مجرد لقطة عابرة، بل صورة مكثفة لواقع السياسة في عالمٍ يميل فيه الضوء نحو الأقوى لا نحو الأجدر، ويُكرَّم فيه المعتدي بينما يُترك الضحية وحيدًا في العراء.