ما زال سامي عودة يقدم خبزه المفضل الذي يشبه خبز المنازل إلى أهالي رفح في جنوب قطاع غزة، من فرن تملكه العائلة منذ أجيال يعتمد في الطهي على حرق الحطب. يقول عودة إن سبب زيادة الاعتماد على الحطب يعود إلى الأوضاع السيئة بالقطاع وانقطاع الكهرباء من جهة والفرق في جودة الطعم وحلاوة المذاق من جهة أخرى. يوضح “بسبب أن الوضع سيء وتعبان لدى الناس اضطرت المرأة أن تأتي لكي تخبز العجين لأنه الكهرباء لما تخبز عليه تخرج العجين بشكل سيء لكن عنا نكهته بالفرن القديم نكهته غير (مختلفة) 100 بالمئة”.

ويعاني بعض العملاء بالفعل بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة في القطاع أو لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة أفران الغاز في المنازل، ويختارون بدلا من ذلك إرسال طعامهم وعجينهم لخبزه في فرن عودة. يقول العملاء إن الفحم والخشب متاحان بسهولة أكبر من المواقد الكهربائية أو المواقد التي تعمل بالغاز، وإنهما أسهل في الاستخدام لطهي الخبز من البدائل الأكثر حداثة. وتقول واحدة من العملاء وتدعى أم زياد أبو رويشد “في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها نجد هذا الفرن اقتصادي وأسرع وأسهل من المولدات لأنه صعب التعامل معها. فالكهرباء تقطع لساعات طويلة”. وتضيف “كذلك غاز الطهي فتجد أن فرصة الخبيز بالخشب وبالحطب الذى يقومون بجمعه فى تعب ومشقة، ولكن فائدته أكثر ومتوفر”. وتقول عميلة أخرى تُدعى ميسرة أبو لولى “أنا أذهب إلى فرن أبو حسيب لأن الكهرباء تقطع 12 ساعة وتأتي 6 ساعات وبالتالي عندما نقوم بالعجين وتقسيمه لا نمتلك الوقت الكافي لذلك بسبب مشكلة قطع الكهرباء وكذلك ارتفاع حرارة الجو والعجين يتلف لذلك أذهب به إلى فرن أبو حسيب”. يوضح عودة أن الطهي بهذا الفرن وبنفس الطريقة التقليدية يعود إلى زمن الأجداد. ويقول “إحنا من زمان من أيام أجدادي.. والدي كانوا شغالين ولديهم عمال بشكل كبير. كانت الناس فى زمانهم مبسوطة وبخير ووضعهم المعيشي ممتاز والناس كانت تأتي بطبيخها وملوخيتها وكانت الناس تحب الخبز وكل شيء”. ويضيف “الناس لليوم تأتي لدي بالطعام من أجل طهيه على الفرن وتنتظر دورها لأنه أحسن من المخابز الآلية الحديثة وأحسن من الغاز وأحسن من الكهرباء”. ويعيش أكثر من 2.3 مليون نسمة في القطاع الضيق المحصورة بين مصر وإسرائيل. ويحتاج القطاع عادة إلى حوالي 500 ميجاوات من الطاقة يوميا في فصل الصيف، بحسب مسؤولين محليين. لكن القطاع لا يحصل سوى على 120 ميجاواط من إسرائيل بينما توفر محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع 60 ميغاوات أخرى. وتعتمد المنازل والشركات في غزة على المولدات والألواح الشمسية لتعويض انقطاع التيار الكهربائي، مما يزيد الضغط المالي على سكانها الذين يعانون من الفقر إلى حد كبير.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

حكايات موت تتكرر كل شتاء.. سببها غياب الوعي

الأسرة/خاص

لا يكاد يمر شتاء في المناطق شديدة البرودة في بلادنا إلا ونسمع أخبارًا عن وفيات وإصابات بين أفراد الأسر والعائلات اليمنية بسبب التعامل الخاطئ مع وسائل التدفئة.

وبصورة سنوية تتجدد معاناة الأسر في مواجهة البرد القارس، خصوصًا في المناطق المرتفعة مثل صنعاء وذمار وإب. وفي ظل غياب الكهرباء وارتفاع أسعار الغاز المنزلي، يلجأ الكثيرون إلى وسائل تدفئة تقليدية مثل الفحم والحطب والديزل. ورغم أنها متاحة ورخيصة نسبيًا، إلا أنها تحمل في طياتها مخاطر صحية وبيئية جسيمة، في وقت يظل فيه الوعي المجتمعي بمخاطرها محدودًا للغاية، بينما تغيب الرسالة التوعوية والإرشادية الفاعلة في مختلف وسائل الإعلام الجماهيري.

أخطاء قاتلة

يلجأ الكثيرون إلى الاعتماد على المواقد التقليدية التي تعتمد على الفحم أو الحطب، وتوضع غالبًا داخل المنازل المغلقة، فيما يعتمد آخرون على الديزل ويستخدمونه في مواقد معدنية صغيرة، ولا يدركون أن ذلك يطلق أبخرة شديدة السمية قد تؤدي بحياة الأشخاص.

ومن الأخطاء القاتلة التي يلجأ إليها البعض بحثًا عن التدفئة حرق البلاستيك والمواد المستعملة أو الملابس القديمة، ما يزيد من خطورة الانبعاثات.

ومن أبرز المخاطر الصحية الناجمة عن تلك الممارسات الخاطئة – كما يقول مختصون – الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون، ويتعاظم الخطر مع قيام كثير من الأسر بإغلاق النوافذ لضمان دفء المكان، مما يؤدي إلى تراكم الغاز القاتل الذي لا لون له ولا رائحة.

ويؤكد أطباء أن وسائل التدفئة التقليدية والأخطاء في استعمالها تعد سببًا رئيسيًا للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي؛ إذ إن الدخان الناتج عن الحطب والفحم يفاقم أمراض الربو والحساسية ويؤثر بشكل خاص على الأطفال وكبار السن.

كما أن استخدام المواقد داخل غرف النوم أو بالقرب من الأثاث يزيد من احتمالية اندلاع الحرائق. إضافة إلى أن الاعتماد على الحطب يؤدي إلى قطع الأشجار، ما يفاقم مشكلة التصحر ويهدد الغطاء النباتي.

قلة الوعي

رغم تكرار الحوادث سنويًا، يظل الوعي المجتمعي ضعيفًا؛ فكثير من الأسر ما زالت تعتبر هذه الوسائل جزءًا من العادات الشتوية، ولا تدرك خطورة استخدامها في أماكن مغلقة، دون إدراك المخاطر الجمة. كما أن غياب الحملات التوعوية المستمرة يمكن أن يغير السلوكيات ويتلافى الكثير من النتائج الكارثية.

ونظرًا لغياب الوعي الكافي، لا تزال الظاهرة في تنامٍ؛ حيث سجلت مستشفيات أمانة العاصمة – وفقًا للطبيبة ليلى العوامي في حديثها لـ”الأسرة” – خلال شتاء العام الماضي عشرات الحالات من الاختناق بسبب الفحم داخل المنازل. ولم تتوقف الحوادث في صنعاء، بل امتدت إلى العديد من المحافظات، فقد سجلت في محافظة إب وذمار اندلاع حرائق في منازل نتيجة استخدام مواقد الحطب، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية. وهذه الحوادث تتكرر كل عام لكنها لا تترك أثرًا كافيًا لتغيير السلوكيات.

معالجات ملحّة

تبقى هذه الظاهرة ذات مخاطر محققة، ولمعالجتها – وفقًا لمختصين – يجب تنفيذ حملات توعية إعلامية مستمرة عبر التلفزيون والإذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي.

وكذلك العمل على توفير بدائل آمنة عبر دعم استخدام المدافئ الكهربائية أو الغازية عند توفر الكهرباء والغاز بأسعار معقولة، كما يتطلب الأمر تشجيع المبادرات المجتمعية مثل:

– توزيع أجهزة كشف أول أكسيد الكربون

– نشر كتيبات إرشادية

– إطلاق برامج لإعادة التشجير والحد من قطع الأشجار

وفي الأخير يجب التأكيد على أن وسائل التدفئة التقليدية تهدد حياة الناس وصحتهم، ومع استمرار ضعف الوعي المجتمعي تظل المخاطر قائمة وتتكرر المآسي كل شتاء. ويجب البحث عن حلول عملية فاعلة تبدأ من الجمع بين التوعية المستمرة وتوفير بدائل آمنة، حتى لا يبقى الدفء في الشتاء ثمنًا باهظًا تدفعه الأسر اليمنية من حياتها وصحة وسلامة أبنائها.

مقالات مشابهة

  • وزارة العمل تؤكد أهمية تنظيم قطاع العاملين في المنازل للوقاية من الاتجار بالبشر
  • وزير المالية: شغلنا الشاغل تحسين حياة الناس «بقدر المستطاع»
  • الاحتلال يكثّف القصف ونسف المنازل في خان يونس
  • أميركا تعزز إنتاجها من الغاز الطبيعي المُسال
  • تصعيد صهيوني واسع في غزة يسفر عن 8 شهداء وتدمير المنازل
  • موعد عودة الكهرباء عن القرى المتأثرة بالفصل في كفر الشيخ
  • حكايات موت تتكرر كل شتاء.. سببها غياب الوعي
  • وزير الكهرباء يبحث مع وفد التمويل الدولية استخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة
  • وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص في مجالات الإنتاج والتوزيع
  • وزير الكهرباء يبحث مع وفد مؤسسة التمويل الدولية "IFC" سبل دعم وتعزيز الشراكة والتعاون