هل حماس معنية باليوم التالي لحرب غزة؟
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
رغم السيناريوهات التي طرحت لـ"غزة ما بعد الحرب"، إلا أن الصورة لا تزال "قاتمة وسيئة" بشأن من سيحكم تلك البقعة الملتهبة والمكتظة بالسكان، وفق ما يطرحه تحليل، يشير إلى أن حماس نفسها "قد لا تبدو مهتمة" بالعودة لحكم غزة.
ويقول التحليل، الذي نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، إن من الصعب تطبيق السيناريوهات التي يتحدث عنها البعض، لأسباب تتعلق بواقع مفروض على الأرض، مشيرا إلى جزئية لافتة ترتبط بحركة حماس، وأنها "لا تبدو مهمتة في العودة لحكم غزة"، في مقابل أنها "تريد إدارة الأمور من خلف الكواليس، بالتوازي مع المحافظة على قوتها العسكرية وبنيتها التحتية".
وفي أكثر من تقرير استعرضت وسائل إعلام غربية، احتمالات "غزة ما بعد الحرب"، وكان أبرزها تلك الخاصة بنشر قوات عربية في القطاع المحاصر فضلا قوات أممية، وخيارات أخرى تتعلق بتولي السلطة الفلسطينية زمام الإدارة أو أن تتولى إسرائيل المسؤولية الأمنية كاملة، كما أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو.
لكن، جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، يقول في التحليل الذي كتبه لمجلة "فورين أفيرز" إنه لا توجد حلول سهلة في متناول اليد، سواء بالنسبة لإسرائيل التي تواصل حربها أو الولايات المتحدة الأميركية، التي طرحت منذ اليوم الأول على الأخيرة سؤالا مفاده: ما هي خطة اليوم التالي لغزة ما بعد انتهاء الحرب؟
هل حماس معنية؟ومنذ بدء الحرب وحتى الآن يخيم مشهدٌ عسكري على حماس، سواء فيما يتعلق بالقرارات التي تتخذها أو بالتحركات التي تعلن عنها، والتي ترتبط في غالبيتها بالميدان، إذ تعلن بين يوم وآخر استهداف عربات ودبابات تابعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
ونادرا ما تطرقت الحركة إلى مسارات الإدارة الخاصة بها في القطاع، خلال أيام الحرب الماضية، أو عندما طرحت هذه القضية ضمن سيناريوهات ما بعد الحرب، والتي لم يحجز أي اسم للحركة، بينما أعطت خيارات عن الجهة التي ستكون بديلة عنها.
من جانب الحركة يعتقد الكاتب الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، أن حماس "مهتمة الآن بإدارة المعركة وبمواجهة العدوان الإسرائيلي وبمحاولة منع الاحتلال من السيطرة على غزة وتحقيق أهدافه بتهجير الشعب الفلسطيني".
ولذلك "هي تؤجل الحديث وبحث ما بعد العدوان وما بعد الحرب".
ويقول المدهون لموقع "الحرة" إن "حماس مستعدة لكل السيناريوهات، وهي لا تطرح أبدا أن يتم استثنائها من أي ترتيبات قادمة".
"هي منفتحة ولديها مرونة كاملة مع الجميع بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، وأهل قطاع غزة"، وما يزال جهازها الإداري والحكومي يعمل بحيوية وبشكل فاعل ووفق نظام الطوارئ، بحسب المدهون.
وعلى الرغم من عدم وجود استقرار، يضيف المدهون أن "الحركة قادرة على الإدارة، ومن الصعب تجاهلها في قطاع غزة".
لكن الدكتور، عامر السبايلة، وهو أستاذ جامعي ومحلل جيوسياسي، يرى أن حماس "وبلا شك لن تكون قادرة على إدارة قطاع غزة في الوقت الحالي".
وفي حديث لموقع "الحرة"، يقول السبايلة: "نتحدث عن حرب دمرت القطاع سواء على البنية التحتية أو فيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية.. بدون قبول دولي لا أحد يمكن أن يعود لإدارة غزة".
"نتحدث أيضا عن مشروع إعادة إعمار ومشروع إغاثة إنسانية، وبالتالي بدأ الحديث مبكرا عن الإدارات المدنية والدور الإسرائيلي الأمني للقطاع. وهذا يشرح الواقع"، وفق السبايلة.
ويشير السبايلة إلى المبادرة التي أعلنتها حماس قبل شهر، و"كأنها تدرك أن فكرة إدارة غزة لم تعد صالحة"، وفق تعبير الباحث السبايلة.
ما هي المبادرة؟وفي الثاني من نوفمبر الحالي قدمت الحركة، بحسب رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، للوسطاء "تصورا شاملا يشمل فتح المسار السياسي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وحق تقرير المصير".
وقال هنية في كلمة متلفزة نشرت في ذلك الوقت إن "التصور الذي قدمته الحركة يشمل صفقة لتبادل الأسرى، وفتح المعابر، ووقف إطلاق النار".
ويوضح الباحث السبايلة أنه "من الواضح أن حماس تبحث أن تكون ممثلا للشعب الفلسطيني، وهو ما تعكسه الرغبة في تبييض السجون، والصفقات التي تتجاوزها لتشمل كامل الفلسطينيين".
ويضيف السبايلة قوله: "أعتقد أنها ستسعى لأن تكون جزءا من المشهد السياسي، لكن من ناحية الإدارة قد لن تكون قادرة على فعل ذلك".
ويعتقد الكاتب المدهون أنه "وفي حال بقيت إسرائيل كقوة احتلال في غزة ستواصل حماس مواجهتها ومقاومتها".
و"تعتبر الحركة نفسها أنها في مشروع حركة تحرر وطني وليس من أولوياتها السلطة، ولكن من أولوياتها أن يعيش الشعب في حرية وكرامة وأن يتم ترتيب الوضع السياسي وفق المشروع الوطني الفلسطيني الكلي"، بحسب المدهون.
وبينما يعتبر المدهون أن الحديث عن "غزة ما بعد الحرب" من المبكر التطرق إليه، يرى أن "حماس ما تزال تقاوم حتى اللحظة وتسيطر ولديها تحكم وسيطرة وقادرة على البقاء والاستمرار في الظروف والسيناريوهات المختلفة".
لكن المسؤول السابق في "البنتاغون"، ديفيد دي روش يرى المشهد الخاص بالحركة في غزة مغايرا لما سبق.
ويقول لموقع "الحرة: "لم يبد أي وكيل إيراني أي اهتمام على الإطلاق بتحقيق الاستقرار أو حكم المنطقة التي يسيطر عليها إلا كوسيلة لتحقيق الربح".
فيما يتعلق بالسؤال المتعلق بحماس وأنها ما تزال تتطلع إلى إدارة غزة أم لا، يشير دي روش إلى أن "قادة الحركة يقولون إن رعاية المدنيين هي مهمة الأمم المتحدة وأنهم مهتمون فقط بالكفاح".
ولذلك "ستستمر بعد الحرب كقوة تمرد دون أي شيء آخر"، كما يتوقع المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية.
"السلطة مستعدة ونتانياهو: لا"وفي آخر المواقف المتعلقة بغزة ما بعد الحرب أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، الأربعاء، استعداد السلطة الفلسطينية لتولي المسؤولية في القطاع والضفة الغربية والقدس الشرقية، وفق ما ينص عليه اتفاق أوسلو.
وفي تصريحات لقناة "الحرة"، أشار أبو ردينية إلى أن السلطة الفلسطينية ترسل منذ 30 عاما كل احتياجات غزة من الكهرباء والماء والغاز، والصحة والتعليم. وهناك 88 ألف موظف بين عامل ومتقاعد يتلقون معاشاتهم من ميزانية السلطة الفلسطينية.
وأضاف: "مستعدون لتولى مسؤولياتنا في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، كما اتفقنا في أوسلو ووفق الشرعية الدولية".
لكن هذه التصريحات جاءت بعدما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إن "السلطة الفلسطينية ليست مؤهلة بشكلها الحالي" لحكم غزة.
واتهم نتانياهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدم إدانة هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، وذكر أن "بعض كبار وزراء عباس احتفلوا بالهجوم".
ولا تتحدث الحالة الفلسطينية في الوقت الحالي عن البدائل بل التشاركية والتكامل، كما يوضح المدهون، ويقول إن "حماس مستعدة للانفتاح على كل الفصائل ولديها علاقات مع الجميع".
ويضيف: "لذلك لا بديل عن حركة حماس إلا حماس ولا بديل عن فتح إلا فتح ولا الجهاد إلا الجهاد"، مشيرا إلى أن "الحركة خاضت عدة حروب سابقة وحافظت على إدارتها بعد الانتهاء منها".
ورغم أن الحرب الحالية تبدو مختلفة اعتبر المدهون أن "لدى حماس قدرة على الضغط في الأزمات الكبرى ولديها قدرة على استعادة النظام الإداري والحيوية لعدة أسباب، كونها لا تنحصر في غزة فقط، بل قياداتها موزعون في الضفة والخارج وفي الشتات الفلسطيني".
وكان الجيش الإسرائيلي قدّر، الجمعة، أنه قتل حوالي ألف فرد من مسلحي حماس، وهو جزء صغير من القوة التي يبلغ عددها أكثر من 30 ألفا، التي قال إنها كانت في صفوف الحركة قبل الحرب.
ومن المتوقع أن تستمر المرحلة الحالية من العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة لأسابيع قبل أن يتجه الجيش الإسرائيلي نحو الجنوب، وفقا لتقييم المخابرات الأميركية الذي قدمه مسؤول أميركي لـ"وول ستريت".
وتتجه الأنظار حاليا إلى "صفقة الهدنة" التي ستدخل حيز التنفيذ، الخميس، وما إذا كانت ستتمدد بالتدريج أم تنتهي عند اليوم الخامس كما هو مقرر بالنسبة لها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة غزة ما بعد الحرب قطاع غزة أن حماس فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
جولان: وزراء حكومة نتنياهو فاسدون
عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير جولان، قال إن وزراء حكومة نتنياهو فاسدون، وأطالب بإنهاء حرب غزة واستعادة المحتجزين.
وأضاف احذر إسرائيل من تنفيذ مخططات بن جفير وسموتريتش في الحـ ـرب، وأن أسلوب جانتس في التملق لنتنياهو وسموتريتش وبن جفير جرت تجربته من قبل وقد فشل.
وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه الشديد للبيان المشترك الذي صدر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، والذي طالب إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري، ملوّحين بإمكانية اتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل إذا لم تلتزم بالمطالب.
وأثار البيان موجة انتقادات إسرائيلية حادة، وتوترًا متزايدًا في العلاقات بين تل أبيب وحلفائها الغربيين.
في بيان رسمي، قال نتنياهو إن دعوات هذه الدول الثلاث لوقف إطلاق النار دون استكمال الأهداف العسكرية لإسرائيل "تشكل تشجيعًا لحماس على ارتكاب المزيد من الفظائع". وأضاف: "المطالبة بوقف حرب عادلة ووجودية ضد إرهاب حماس، والمطالبة بإقامة دولة فلسطينية بعد مذبحة 7 أكتوبر، هو بمثابة مكافأة للإرهاب، ودعوة للمزيد منه". وأكد أن إسرائيل "لن ترضخ للضغوط"، وستواصل عمليتها العسكرية حتى تحقيق ما وصفه بـ"الانتصار الكامل" على حماس.
البيان الصادر عن قادة بريطانيا (ريشي سوناك)، وفرنسا (إيمانويل ماكرون)، وكندا (جاستن ترودو)، عبّر عن "قلق عميق" من الأوضاع في قطاع غزة، خاصة في رفح، ودعا إسرائيل إلى وقف الهجوم والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود. واعتبر القادة أن استمرار الهجوم على القطاع "سيعرّض علاقات إسرائيل الدولية للخطر"، مطالبين بالتزام القانون الدولي الإنساني، واتخاذ خطوات جدية نحو حل الدولتين.
وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس وصف البيان بأنه "انحياز سافر للإرهاب"، محذرًا من أن تل أبيب "لن تقبل بإملاءات دولية تهدد أمنها". كما أيدت المعارضة موقف الحكومة، وسط إجماع سياسي داخلي على ضرورة مواصلة الحرب حتى القضاء على تهديد حماس.
تأتي هذه المواقف الغربية في سياق الضغط المتزايد على إسرائيل بعد تجاوز عدد القتلى في غزة 53,000 وفق مصادر وزارة الصحة في القطاع، ووسط تحذيرات منظمات دولية من "كارثة إنسانية". وأشارت الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن مليون شخص أصبحوا نازحين، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه.
تسلط التصريحات المتبادلة بين نتنياهو والقادة الغربيين الضوء على الانقسام الدولي بشأن الحرب في غزة. ففي حين تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية، تزداد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب، وهو ما ينذر بأزمة دبلوماسية قادمة قد تعيد تشكيل العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والغرب.