سلطان بن ناصر القاسمي

غالبًا ما نجد أنفسنا في بيئات حياة قد تكون نتيجة لاختيارات لم نكن نحن القائمين عليها، سواء كان ذلك في المجتمع أو الأسرة أو في العمل، إما بمشيئتنا الشخصية أو دون إرادتنا، ومع ذلك، يظل الأمر الأهم هو كيفية تحقيق التواصل الإيجابي والعلاقات المحترمة والمحبة في هذه الظروف ويُستحسن أن يكون لديك القدرة على التأقلم والتأثير داخل المجتمع؛ حيث يمكن أن تتغير العلاقات والتفاعلات مع الأشخاص مع مرور الوقت، فقد تجد اليوم أصدقاء قريبين.

لكن في المستقبل يمكن أن يتغير الوضع بسبب ظروف مختلفة، مثل البعد المكاني أو ربما الغيرة والتي قد تكون الدافع وراء هذه التغييرات، ولكن يظل من المهم أن تحافظ على قيمك وتتبنى منهجًا يستند إلى الحب والاحترام، وبشكل عام، يجب أن يكون رضا الله-عز وجل- ومن ثم استحسان والديك هما الهدف الرئيسي، خاصة في زمن قد يغيب فيه الالتزام بالقيم والمبادئ.

ولندرك أن جوهر الإنسان ليس في العبارات الرنانة والكلمات الجميلة التي ينطق بها، بل تكمن قيمته الحقيقية في نقاء قلبه وصفائه، وفي جمال تقديره واحترامه للآخرين، يجب أن نكون محبين للخير، لأنفسنا ولغيرنا، مجسدين بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري ومسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

لذا، فلنكن مُحبين للخير والنجاح لأنفسنا وللآخرين، مع الثقة بأن ما نسعى لتحقيقه للآخرين اليوم، سيُعطى لنا من الله في المستقبل، وسترد الملائكة على دعواتنا وطلباتنا للآخرين ولكم بالمثل. إن الغنى الحقيقي يكمن في رضاك بما لديك، والكرم الحقيقي هو أن تمنح حتى وأنت في أوج حاجتك.

وفي مسار حياتنا المعقد، نجد أحيانًا أنفسنا محاطين بعدد كبير من الأشخاص، سواء في المحيط الذي نعيش فيه وترعرعنا، أو في بيئة عملنا، وفي تفاعلنا مع هؤلاء الأشخاص، نبني علاقاتنا بصفاء القلب ونوايا صادقة، آملين أن نجد فيهم رفاقًا وداعمين، ولكن-للأسف- يُصيبنا في بعض الأحيان صدمة مؤلمة عندما نكتشف أنَّ هؤلاء الذين اعتبرناهم أصدقاءً أو زملاء، هم في الواقع يسعون لإلحاق الأذى بنا؛ سواءً كان ذلك عبر الكلمات الجارحة أو التصرفات الضارة، أو حتى من خلال تجنيد الآخرين للقيام بأفعال سلبية تجاهنا.

وما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا هو أنَّ هذا النوع من السلوك لا يعتمد على أسباب مفهومة أو مبررات واضحة، فقد يكون الهدف النهائي هو التقليل من قدرنا وهيبتنا أمام الآخرين، دون أن يكون لدينا فهم واضح لسبب وراء ذلك. إنها ديناميات دنيوية معقدة تتداخل في تفاصيل حياتنا، وفي كثير من الأحيان لا يُدرك الآخرون حقيقة الأمور.

ومن المهم أن نفهم أن هذه الأمور هي جزء لا يتجزأ من الحياة الدنيوية، وأن التقدير والإحسان الحقيقيين لا يأتيان من خلال النظرات الخبيثة أو الجهود الخبيثة التي تهدف إلى التشويه، فالنجاح والتقدم في الحياة يكونان عندما نعمل بإخلاص ونسعى لتحقيق أهدافنا دون الالتفات إلى الآفات التي يسعى البعض إلى توجيهها إلينا.

إذن.. علينا أن نتذكر دائمًا أن القيمة الحقيقية للإنسان تكمن في محبة الله ورضاه، وليس في كيفية تقييم الآخرين لنا ويومًا ما، سيظهر الحق، ويتبين للجميع من هم الأشخاص الذين حاولوا التقليل من قدرنا وتشويه سمعتنا، وسنجد أن الحساب الأكبر والأعظم هو حساب الله، الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

لذلك، يجب أن نستمر في العمل بجد ونشاط، متجاهلين السلبية والإساءة، ونسعى لتحقيق النجاح والرضا الذاتي بغض النظر عما يُقال أو يفعل من قبل الآخرين، فالحياة قصيرة، وما يهم حقًا هو كيف نستثمرها في تحقيق الخير والتطوير الشخصي، دون أن نلتفت كثيرًا إلى الأصوات السلبية التي قد تعترض طريقنا.

إن التعاطي مع الآخرين بنوايا طيبة يمثل أساسًا هامًا في بناء علاقات صحية وإيجابية، وإن الله سبحانه وتعالى يحجب عنا معظم النوايا لحكمة خاصة، فلو كانت النوايا ظاهرة أمامنا، لتعرضت الكثير من النفوس للتشويه، لذا، ينبغي علينا أن نحسن نياتنا ونظن بالله كرازق ومعطٍ، وأن نتمنى الخير للآخرين كذلك.

كما يجب علينا أن نكون كشمعة تنير دروب الآخرين، وأن نتجاهل القلق حيال انقضاء ما لدينا، فإن ما عندنا ينفذ ولكن ما عند الله دائمًا باق، لذا، يجب علينا أن نبتسم ونتجاهل ما يؤلمنا، فالحياة لا تُعيد على الإنسان فرصتها إلا نادرًا.

وفي هذا السياق، يكون الرضا بما قسَّمه الله لنا جوهرًا مهمًا في تحقيق السعادة والتسامح، وينبغي لنا التعامل مع المجتمع بصفاء القلب والتجاهل للسلبيات، وعدم السعي لتصحيح الظن السيئ حيالنا، ومن الضروري أن نكرم من يكرمنا ونحترم أنفسنا عندما يتعامل الآخرون بشكل استخفافي.

إنَّ المعروف يظل باقيًا، والوفاء لا يضيع، والأعمال الطيبة تعود إلى أصحابها وإن طال الزمن. لذا، يجب علينا دائمًا السعي لتحسين التعايش داخل المجتمع بنقاء وصفاء القلب، والابتعاد عن الوقاحة، حيث يصبح الأدب والاستقامة أمورًا نادرة وملفتة، نسأل الله العافية والسلامة لنا ولأبنائنا وبناتنا."

وفي ختام رحلتنا في هذا المقال، ندرك أن التفاعلات البشرية المعقدة تحمل في طياتها مفاتيح فهم أعمق للحياة، ويبقى التحدي في كيفية تحقيق التواصل الإيجابي والرفق في محيطنا الاجتماعي، رغم التحولات المتوقعة، ولا بد أن نحمل قيم الحب والاحترام كدروع تحمينا من تقلبات العلاقات، فقط بصدق النيات وتوجيهها لتحقيق الخير يمكننا تشييد جسر إلى عالم من السلام والتفاهم. وفي نهاية المطاف، تكمن السعادة في تبنينا للخير والتقدير، مع الأخذ بالاعتبار أن الله- سبحانه وتعالى- هو القاضي الحقيقي الذي يرى القلوب ويكافئ بالعدل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أبي المنى: الشراكة الوطنية تفرض علينا الحفاظ على تماسكنا الداخلي

رعى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، حفل توقيع كتاب "دليل الموحّدين الدروز في لبنان" من تأليف خبير الإحصاء الأستاذ مجدي الدنف، وذلك بدعوة من الملتقى الثقافي والاجتماعي لجرد عاليه والجوار، في قاعة جمعية النهضة الاجتماعية – شانيه، بحضور حشد من الشخصيات الثقافية والفكرية والاجتماعية، ورؤساء لجان وأعضاء من المجلس المذهبي، ومشايخ وأهالي المنطقة.

افتُتح اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه تقديم ترحيبي من الشيخ كمال أبي المنى، ثم توالت كلمات المشاركين. وفي كلمته الختامية، أثنى الشيخ سامي أبي المنى على الجهد الذي بُذل في إنجاز هذا العمل، معتبرًا أن الإحصاء ليس مجرد أرقام، بل مرآة تعكس الواقع وتساعد على التخطيط والتطوير، سواء على مستوى المؤسسات أو المجتمعات أو الدول.

وأشار إلى أن الكتاب يفتح الباب أمام مقاربات جديدة لفهم الواقع الديموغرافي للطائفة، ويثير أسئلة حول الأسباب الكامنة وراء تشعّب بعض العائلات، وتفاوت توزيعها الجغرافي، داعيًا إلى دراسات مقارنة تاريخية لرصد التغيرات في نسب الولادات والزواج والهجرة.

وأكد الشيخ أبي المنى أن الموحدين الدروز لطالما قيسوا بالدور لا بالعدد، إلا أن الظروف اللبنانية تحتم أيضًا مراعاة الأبعاد العددية لحماية التوازنات الطائفية وتعزيز الحضور الوطني للطائفة.

وفي هذا السياق، كشف عن مبادرة المجلس المذهبي بإنشاء هيئة رصد الوظائف والاختصاصات، بهدف إحصاء الكفاءات والوظائف المتاحة، والعمل على سدّ الشواغر في القطاع العام ودعم الخريجين للاندماج في سوق العمل، إلى جانب رصد المواهب والمؤسسات الإبداعية في الداخل والخارج.

وختم بالقول: "لو لم يكن الواقع اللبناني قائماً على التعددية الطائفية، لما اضطررنا للغوص في الإحصاءات الطائفية. ومع ذلك، نبقى مؤمنين بالشراكة الوطنية التي تفرض علينا أن نحافظ على تماسكنا الداخلي لنكون شركاء أقوياء، لا هامشيين". مواضيع ذات صلة أبي المنى يدعو إلى مؤتمر للأخوة الإنسانية: نحو لبنان جديد Lebanon 24 أبي المنى يدعو إلى مؤتمر للأخوة الإنسانية: نحو لبنان جديد 10/07/2025 16:55:53 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 ابي المنى اتصل يالبطريرك يازجي متضامنا: على الدولة السورية ضرب التطرّف بيد من حديد Lebanon 24 ابي المنى اتصل يالبطريرك يازجي متضامنا: على الدولة السورية ضرب التطرّف بيد من حديد 10/07/2025 16:55:53 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 أبي المنى رعى يوماً طبياً مجانياً في عاليه Lebanon 24 أبي المنى رعى يوماً طبياً مجانياً في عاليه 10/07/2025 16:55:53 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام استقبل أبي المنى وبيدرسون Lebanon 24 سلام استقبل أبي المنى وبيدرسون 10/07/2025 16:55:53 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً فضائح الحرائق في لبنان: سمسرات وخطط خبيثة لسرقة الأموال! Lebanon 24 فضائح الحرائق في لبنان: سمسرات وخطط خبيثة لسرقة الأموال! 09:30 | 2025-07-10 10/07/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصور: هذا ما ضُبط في بعلبك والعين والحدت Lebanon 24 بالصور: هذا ما ضُبط في بعلبك والعين والحدت 09:38 | 2025-07-10 10/07/2025 09:38:40 Lebanon 24 Lebanon 24 عون: نسعى لإعادة إطلاق التنقيب عن النفط في الحقول اللبنانية Lebanon 24 عون: نسعى لإعادة إطلاق التنقيب عن النفط في الحقول اللبنانية 09:27 | 2025-07-10 10/07/2025 09:27:00 Lebanon 24 Lebanon 24 في جولة تفقدية لبشري.. أبو حيدر يطلق خطة شراكة بين الاقتصاد والبلديات Lebanon 24 في جولة تفقدية لبشري.. أبو حيدر يطلق خطة شراكة بين الاقتصاد والبلديات 09:23 | 2025-07-10 10/07/2025 09:23:22 Lebanon 24 Lebanon 24 صيغة مشتركة بين وزارة المال ومصرف لبنان تحرّك قانون إصلاح المصارف Lebanon 24 صيغة مشتركة بين وزارة المال ومصرف لبنان تحرّك قانون إصلاح المصارف 09:06 | 2025-07-10 10/07/2025 09:06:28 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ Lebanon 24 آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ 14:17 | 2025-07-09 09/07/2025 02:17:03 Lebanon 24 Lebanon 24 حزن وذهول يعيشه الوسط الفني.. العثور على ممثلة شهيرة جثة داخل منزلها وهذا ما أظهرته التحقيقات (صورة) Lebanon 24 حزن وذهول يعيشه الوسط الفني.. العثور على ممثلة شهيرة جثة داخل منزلها وهذا ما أظهرته التحقيقات (صورة) 23:28 | 2025-07-09 09/07/2025 11:28:42 Lebanon 24 Lebanon 24 "هجوم لقوة الرضوان".. معهد إسرائيلي يتحدّث عن "حزب الله" Lebanon 24 "هجوم لقوة الرضوان".. معهد إسرائيلي يتحدّث عن "حزب الله" 15:10 | 2025-07-09 09/07/2025 03:10:46 Lebanon 24 Lebanon 24 "أيام حزب الله معدودة".. هذا ما قاله تقرير إسرائيلي Lebanon 24 "أيام حزب الله معدودة".. هذا ما قاله تقرير إسرائيلي 16:27 | 2025-07-09 09/07/2025 04:27:31 Lebanon 24 Lebanon 24 قراءة جديدة تفكّ شيفرة براك: رسالة دبلوماسية مليئة بالإشارات! Lebanon 24 قراءة جديدة تفكّ شيفرة براك: رسالة دبلوماسية مليئة بالإشارات! 10:30 | 2025-07-09 09/07/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 09:30 | 2025-07-10 فضائح الحرائق في لبنان: سمسرات وخطط خبيثة لسرقة الأموال! 09:38 | 2025-07-10 بالصور: هذا ما ضُبط في بعلبك والعين والحدت 09:27 | 2025-07-10 عون: نسعى لإعادة إطلاق التنقيب عن النفط في الحقول اللبنانية 09:23 | 2025-07-10 في جولة تفقدية لبشري.. أبو حيدر يطلق خطة شراكة بين الاقتصاد والبلديات 09:06 | 2025-07-10 صيغة مشتركة بين وزارة المال ومصرف لبنان تحرّك قانون إصلاح المصارف 09:00 | 2025-07-10 كلام برّاك "المفخّخ" فيديو فنان سوري مُفاجأة سيرين عبد النور.. وتوجه له رسالة خاصة (فيديو) Lebanon 24 فنان سوري مُفاجأة سيرين عبد النور.. وتوجه له رسالة خاصة (فيديو) 03:10 | 2025-07-10 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) Lebanon 24 خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) 01:22 | 2025-07-09 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) 23:34 | 2025-07-08 10/07/2025 16:55:53 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • عبد الرحمن الجمار ينتقد طموحات النصر: يريد أن يكون معزوماً مع الكبار!
  • إطلاق حملة "مر علينا" للترويج للمقومات السياحية في الدقم
  • مذنب يزور نظامنا الشمسي قد يكون أقدم جسم من نوعه شهدته البشرية
  • علينا الاقتداء بالرسول .. داعية إسلامي عن اعتذار مها الصغير
  • انعقاد لقاء الجمعة للطفل بمسجد الملعب الكبير بمدينة جمصة | صور
  • السكوري : إصلاح مدونة الشغل يجب أن يتلاءم والتحولات المجتمعية والاقتصادية
  • ماسك يقدم تفسيرا حول مدح روبوت لـهتلر.. حريص على إرضاء الآخرين
  • د.حماد عبدالله يكتب: ما لنا وما علينا !!
  • عار علينا لو كنا جميعنا مع صانع الكباب العظيم؟!!
  • أبي المنى: الشراكة الوطنية تفرض علينا الحفاظ على تماسكنا الداخلي