هل التغيير يأتي من البشر أم الله؟ علي جمعة يجيب
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، على سؤال يقول (هل التغيير يأتي من البشر أم من المولى عز وجل؟
وقال علي جمعة، في إجابته على السؤال، بأن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} إذًا هي دائرة ؛ فهناك أشياء يفعلها البشر وما يفعله البشر دائر بين الإيجاب هي الحب والرحمة، وإما بالسلب كالتدمير، والتفجير ، والتكفير، والكراهية، والغضب.
كما أن الله تعالى في دين الإسلام يسمي هذا حلالا، وهذا حراما، فإذا كان الإنسان يسير على الحلال ويسير على رضا الله على مجموعة الأخلاق التي تزكي النفس؛ فالله يغيره من حال إلى حال أفضل منه، والتغيير الإلهي غير التغيير البشري.
وأشار إلى أن التغيير البشري مناطه الاختيار، والتغيير الإلهي مناطه الخلق، فمن المفروض أكون دائما وأنا سائر في رحلة حياتي تفكيري كله مناط الخير، لأن الله تعالى هداني النجدين حيث قال: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ.
وتابع: إذًا هو تعالى أمرنا بتحرير البشرية فأمرنا بكل إيجابية ، أمرنا بكل ما هو مليح ؛ أمرنا بالصلاة والبر والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن ننتهي عن كل سلب، فنحن إن فعلنا هذه الأوامر غيَّرَ الله حالنا من الحال التي نحن عليها إلى أحسن منها، ولننظر إلى حال المسلمين وهم في مكة أول الأمر عندما رأى منهم حالهم الإيجابيِّ غيَّر الله حالهم إلى الحبشة التي فيها غيَّر حالهم إلى الأمن بعد الإضطراب، وإلى الاستقرار بعد القلق النفسي.
وبعد ذلك زاد تمسكهم وارتباطهم بخالقهم سبحانه وتعالى غير الله حالهم من الحبشة إلى المدينة التي بها تكونت دولتهم وبدأت فتوحاتهم وتوسعاتهم من الشرق إلى الغرب وسادوا العالم ، فهو جل شأنه القائل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بالفعل الله تعالى غير حالهم إلى أفضل ما كانوا عليه؛ فمثلا تجد سيدنا عبد الرحمن بن عوف قال له الربيع - رضي الله عنهما - اختر ما شئت من مالي وزوجاتي إلا أن عبد الرحمن بن عوف قال له: بارك الله لك في زوجاتك وفي مالك ، لكن أرشدني على السوق ؛ فأرشده على السوق.
وكان عبد الرحمن بن عوف تاجرا ناجحا فعندما مات لم يستطيعوا أن يعدوا ثروته من كثرتها ، حتى أن النبي - ﷺ - قال: {إن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا} فقال بعض أصحاب النظرة القاصرة والقلوب القاسية : إن عبد الرحمن بن عوف لكثرة ماله لم يكن الله راضيا عنه ، إلا أن أهل الله فسروها تفسيرا رائقا وجميلا فقالوا: إن الذي يحبو هو الطفل الصغير فكأن عبد الرحمن بن عوف سيكون في براءة الأطفال ليس عليه شيء يؤاخذ عليه عند دخوله الجنة . فهذا التفسير الذي قرأه أهل الله جاءهم عن طريق البصيرة التي رزقهم الله إياها.
وأكد أن التغيير الذي يتم من الخلق مناطه الإختيار ، وما يتم من الله مناطه الخلق ؛ فالله سبحانه هو المحيي المميت وهو الخالق وهو الموفق ، وكلما اتقينا الله وخفنا الله وغيرنا أنفسنا ؛ فالله تعالى يغير حالنا إلى أحسن حال ويفتح لنا أبواب الخير والسعة والأمن والأمان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة الأزهر التغيير البشر الله تعالى
إقرأ أيضاً:
حكم الإنابة في الحج لمن تعذر عليه أداء الفريضة.. يسري جبر يجيب
قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن حديث المرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟"، وأجابها النبي ﷺ: "نعم"، يحمل في طياته دلالات عظيمة في البلاغة، والفقه، والأدب، وأصول الاستنباط.
هل صوت المرأة عورة؟.. يسري جبر يوضح الرأي الشرعي
يسري جبر: زيارة المريض مستحبة شرعًا.. لا يثقل عليه ولا يحرجه أو يزعجه
يسري جبر: اتباع الجنازات مندوب شرعًا وواجب في هذه الحالة
هل يصح لأي إنسان أن يستفتي قلبه؟.. يسري جبر يجيب
وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن هذه المرأة ضربت مثالًا في الإيجاز والبلاغة، إذ جمعت المعنى بعبارات قصيرة واضحة، فقالت كلمات معدودة لكنها حملت معانٍ دقيقة: "فريضة"، "أبي شيخًا"، "لا يثبت على الراحلة"، "أفأحج عنه؟"، مما يعكس فصاحة العرب ووعيهم بمقام النبوة وعدم الإطالة في الخطاب.
وأضاف: “من الأدب مع النبي أنها لم تُطل في السؤال، بل أوجزت وأنجزت، وهذا يدل على فقه المرأة وأدبها مع رسول الله ﷺ، كما أن النبي أجابها بكلمة واحدة: (نعم)، وهذا غاية في البلاغة والوضوح”.
وأشار إلى أن هذا الحديث يُعد أصلًا في جواز الإنابة في الحج، وأن الأئمة الأربعة تناولوه بتفسيرات مختلفة، حيث قال المالكية إن الإنابة لا تجوز في الفريضة لمن لم تتحقق فيه الاستطاعة، لأن والدها في الحديث لم يكن قادرًا بدنيًا، وبالتالي لا تجب عليه الحجة أصلاً، فتكون النيابة عنه في حج نافلة.
أما الشافعية والأحناف والحنابلة، فقد فهموا من الحديث أن الإنابة جائزة في الحج الفرض والنافلة على السواء، بدليل أن النبي ﷺ لم ينكر على المرأة قولها "فريضة" بل أقرها، وقال لها: "نعم"، مما يدل على قبول الحج عنها كفريضة، لا كنافلة فقط.
وأوضح أن المالكية استندوا إلى قاعدة فقهية تقول إن "العبادات البدنية المحضة لا تقبل النيابة"، مثل الصلاة والصوم، في حين أن الزكاة - باعتبارها عبادة مالية - يجوز فيها التوكيل، أما الحج فعبادة مركبة: بدنية ومالية، ومن نظر إلى تغليب البدن قال بعدم جواز الإنابة، ومن نظر إلى اجتماع الجانبين أجازها بشروط.