بوابة الوفد:
2025-12-12@19:23:58 GMT

عتاب متأخر للشيخ الغزالى

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

يتعلم المرء كلما أوغل زمنه فى المُضى مقتربا من يقين العلم عندما يُغادر الأرض نحو ضفة الأبدية، وأهم ما يتعلمه ألا يتقبل آراء مَن يحبهم ويُسلم بها دون تمحيص أو مراجعة.

وأصل الموضوع أننى واحد من مُتيمى الشيخ محمد الغزالى، رحمه الله، نشأت مسحورا بما يكتب، ورأيت فيه نموذجا فريدا لعالم دين يحاول التماهى مع العصر، والتقارب مع الآخرين، والتوافق مع القيم الليبرالية العظيمة.

غير أن لكل إنسان، مهما حسنت سيرته وعظمت قيمته، سقطات وهنات، وكانت أشد أخطاء الرجل فى تصورى شهادته فى قضية اغتيال فرج فوده، وإقراره بكفر الرجل، واعتبار قتلته مُجرد مفتئتين على حق ولى الأمر فى قتله. لقد أوجعتنى الشهادة، وشعرت فيها بسمات تجار الإسلام الذين يزايدون على الجميع ناصبين أنفسهم قضاة وجلادين، ولا يحتملون حوارا.

وقبل أيام قرأت يوميات المستشرق المجرى العظيم إليجناس جولد تسيهر، والتى ترجمها فى المركز القومى للترجمة كل من مجدى عبدالرءوف، وعبدالحميد مرزوق، وذكرنى ذلك بكتاب هام للشيخ الغزالى صدر منتصف التسعينيات بعنوان «الرد على مطاعن المستشرقين ضد الإسلام» والذى خص فيه المستشرق جولد تسيهر بنعوت قاسية شملت «اليهودى الخبيث»،»الاستعمارى الضال»، «الكذاب المزور»، و»عدو الإسلام».

وأعترف لكم أن صورة جولد تسيهر فى ذهنى ظلت سلبية لعدة سنوات تأثرا بكلام الشيخ الغزالى، الذى لم يكن قد قرأ للرجل شيئا، وإنما كتب كتابه اندفاعا وتأثرا بكلام للشيخ مصطفى السباعى عن كتاب مبكر للمستشرق بعنوان «العقيدة والشريعة فى الإسلام»، أساء «السباعي» فهمه وحمله ظنونا خاطئة، وتسرع باعتباره عدوا للإسلام، يقوم بدراسته ليطعن فيه ويُسيء إليه.

لقد ولد جولد تسيهر سنة 1850 وكان من أوائل المستشرقين فى العالم توغلا فى دراسة الإسلام قرآنا وسنة وسيرة وتاريخا، وقضى سنوات طويلة فى مصر وسوريا وتركيا والجزائر تعلما وتعايشا مع المسلمين،ومات عام 1921، وترك لابنه يومياته لكنها لم تنشر، وورث حفيده اليوميات، وقام فى نهاية السبعينيات بنشرها، حتى ترجمت مؤخرا بمصر.

ويكشف كتاب اليوميات قدرا عظيما من التعاطف والمودة للإسلام والمسلمين من جانب الرجل، الذى وصل به الحال أن يجلس فى صحن الأزهر ضمن طلبته فى القرن التاسع عشر ليدرس التفسير والتوحيد والفقه سنين عددا.

ويفاجئ قراء يوميات المتهم بالطعن فى الإسلام بمحبة غامرة تجاهه، فيقول فى صفحة 60 :»وفى قاعة رئيس الأساقفة ازداد حبى للإسلام أكثر من حبى له عندما أكون بين المسلمين».

وفى صفحة 71 يقول :»التوحيد عندى هو الإسلام، ولم أكن كاذبا عندما قلت إننى أعتقد فى نبوءة محمد، ويشهد على ذلك نسخة القرآن التى أحتفظ بها».

ويقول فى صفحة 72» إننى أرغب جاهدا فى الانحناء مع آلاف المؤمنين والركوع والسجود أمام الله مكررا الله أكبر، بل وأعفر وجهى فى التراب مع الآخرين أمام الله الواحد القهار».

وفى صفحة 185 يكتب» فى مارسيليا اعتقد الرجل الذى يحاورنى أننى مسلم لأننى اتخذت موقف الدفاع عن الإسلام، كما دافعت عن القرآن فيما نسب إليه من نصوص مغلوطة، واستشهدت بالصحيح منه».

يقول محمد عونى عبدالرءوف مترجم اليوميات إنه قام بترجمة يوميات المستشرق ليساعد القارئ العربى على إصدار حكم صادق على الرجل ويتبين ما قدم من جهد فى دراسة العقيدة الإسلامية والحضارة العربية.

ولا شك أن تسرع الشيخ الغزالى فى تصنيف المستشرق العظيم باعتباره عدوا وطاعنا هى واحدة من أخطاء عالم الدين المدفوع بالحماس قبل العقل، والمنتفخ بالثقافة السمعية الغالبة على ساحة الفكر للسير قطيعا فى طريق واحد دون تفكر.

وما يُستفاد من الحكاية هو أننا (وأنا معكم) يجب ألا نقبل أفكار مَن نُحب دون دراسة وشك، وأن علينا أن نصيغ مواقفنا تجاه الآخرين بأنفسنا بدلا من التقليد والمسايرة.

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المرء ي غادر الأرض رحمة الله العصر

إقرأ أيضاً:

ميسي يكتب صفحة جديدة في MLS.. أول لاعب يتوج بالأفضل لعامين متتاليين

رسخ الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي مكانته كأيقونة في كرة القدم الأمريكية، بعدما توج، بجائزة أفضل لاعب في الدوري الأمريكي للمحترفين MLS للعام 2025، ليضيف إنجازا جديدا إلى سجله الذهبي ويواصل كتابة فصل آخر في مسيرته الاستثنائية مع نادي إنتر ميامي.

وجاء تتويج ميسي، البالغ من العمر 38 عاما، تتويجا لموسم استثنائي قدم خلاله مستويات مذهلة قادت فريقه إلى منصة التتويج ببطولة كأس الدوري الأمريكي، إضافة إلى تصدره قائمة اللاعبين الأكثر تأثيرا في المسابقة، وبذلك يصبح ميسي أول لاعب في تاريخ الدوري الأمريكي يحصد جائزة الأفضل لعامين متتاليين، في سابقة لم يحققها أي نجم آخر في تاريخ المسابقة منذ انطلاقها.

وخلال الموسم الماضي، كان النجم الأرجنتيني اللاعب الأكثر حضورا على المستطيل الأخضر، بعدما تمكن من تسجيل 29 هدفا جعلته الهداف الأول للدوري، إلى جانب تقديم 19 تمريرة حاسمة في الموسم العادي، ليؤكد مجددًا قدرته على الجمع بين التسجيل وصناعة اللعب بفعالية نادرة، وتعتبر هذه الأرقام أحد الأسباب الرئيسية لهيمنة ميسي على سباق الجائزة، وسط اعتراف واسع من الجماهير والخبراء بأنه كان اللاعب الأكثر تأثيرًا خلال الموسم.


وبفوزه الأخير، يصبح ميسي ثاني لاعب فقط يحقق الجائزة مرتين في تاريخ الدوري الأمريكي، بعد بريكي الذي حصد اللقب عامي 1997 و2003، بينما اكتفى بقية اللاعبين بتحقيقها مرة واحدة، ما يعزز من خصوصية الإنجاز الذي حققه قائد إنتر ميامي.

ويواصل ميسي عبر هذه الجائزة توسيع قائمة إنجازاته الفردية، إذ تضاف إلى ثروة من الجوائز التي جمعها على مدار مسيرته، وفي مقدمتها ثماني كرات ذهبية، وثلاث جوائز لأفضل لاعب في العالم من "فيفا"، وثلاث جوائز مماثلة من "يويفا"، فضلًا عن تتويجه بجائزتي الكرة الذهبية في كأس العالم التي شارك في نسختيها 2014 و2022، كما فاز "ليو" بأكثر من 15 جائزة كأفضل لاعب أرجنتيني، وأعداد لا تحصى من الجوائز على مستوى البطولات المحلية والقارية.

أما على مستوى الألقاب الجماعية، فقد شارك ميسي في تحقيق 47 لقبًا مع الأندية والمنتخب الوطني، أبرزها كأس العالم 2022، ليصبح اللاعب الأكثر تتويجًا في تاريخ كرة القدم للرجال.

وبهذا التتويج الجديد، يثبت ميسي أنه لا يزال الرقم الأصعب في عالم كرة القدم، سواء داخل أمريكا أو خارجها، وأن مسيرته المليئة بالإنجازات لم تتوقف بعد رغم اقترابه من عقده الرابع.

مقالات مشابهة

  • هل لباس المرأة هو سبب التحرّش.. أم الرجل هو المسئول؟
  • «إنترناشيونال جولد هولدنج» تبرم شراكة مع «إيه دي أي»
  • جولد بيليون تكشف أسباب قفزة الذهب وتوقعات الأسعار
  • عالم بالأزهر يوضح مفهوم الوسطية في الإسلام (فيديو)
  • إبراهيم عيسى: الدين عند الله هو الإسلام.. ودخول الجنة أمر إلهي
  • ميسي يكتب صفحة جديدة في MLS.. أول لاعب يتوج بالأفضل لعامين متتاليين
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يكشف ملامح شخصية عمر بن الخطاب قبل إسلامه
  • كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (62)
  • استشاري: خطر الجلطات يرتفع لدى المرأة المدخّنة