هل أربك التصعيد بالضفة الغربية الحسابات الأمريكية؟
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
هل أربك التصعيد في الضفة الغربية الحسابات الأمريكية؟
تواصل الحرب في قطاع غزة غذّى التوتر والتصعيد في الضفة الغربية، وأطلق دينامية سياسية وأمنية عجزت أمريكا عن التحكم فيها.
حذر الأردن، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من تصعيد كبير ومواجهة مع "إسرائيل"، في حال تهجير الفلسطينيين باتجاه الحدود الأردنية.
ردود الفعل الأمريكية غير المحسوبة بعد طوفان الأقصى وتشجيعها الاحتلال على عدوانه وجرائمه؛ ولدت أخطاء متتابعة يصعب معالجتها دون تنازلات على الأرض.
القلق الأمريكي من تفجر الأوضاع بالضفة الغربية وتصاعد التوتر وانتقاله إلى دول الجوار والإقليم وأولها الأردن، دفع الإدارة الأمريكية للبحث في سبل تحقيق الهدوء.
معركة غزة ولدت مسارات أمنية وسياسية وإنسانية واقتصادية بالضفة الغربية والأردن، دفعته لاتخاذ إجراءات تصعيد، امتنع فيها عن توقيع اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" مع الاحتلال.
* * *
اكتسبت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية قوة دفع كبيرة بفعل التصعيد الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه في الضفة الغربية بعد عملية طوفان الأقصى، خصوصا أن التصعيد اقترن بأجندة يمينية متطرفه للانتقام من الفلسطينيين وإرهابهم وتهجيرهم من أراضيهم إن أمكن ذلك.
المقاومة في الضفة الغربية اكتسبت زخما مضاعفا بفعل ممارسات الاحتلال والنجاح الذي حققته المقاومة في قطاع غزة بصمودها وأدائها العسكري والميداني، الذي دفع الاحتلال ليبدي تراجعا عن أهدافه وغاياته من الهجوم البري والجوي الذي أطلقه على القطاع خلال شهر ونصف من العمليات الجوية والبرية، ليذهب نحو هدنة أطلق بموجبها 150 أسير.
صمود المقاومة في قطاع غزة وفرضها صفقات متتابعة لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الذين كان أغلبهم من الضفة الغربية، رفع أسهم المقاومة في الضفة الغربية، وهدد بإعادة رسم المشهد السياسي والأمني والاقتصادي بتوسيع حاضنة المقاومة وتعزيز مشروعها في الضفة الغربية، الذي اكتسب مزيدا من المشروعية لمواجهة جرائم الاحتلال اليومية بمصادرة الأراضي والاعتداء على الفلسطينيين قتلا واعتقالا، دون رادع من السلطة وأجهزتها في رام الله، ودون أفق لحل سياسي حقيقي ينهي معاناتهم.
التصعيد في الضفة الغربية أربك الحسابات الأمريكية، فالوزير بلينكن الذي عُرف بتطرفه الشديد في الدعوة للحرب على غزة والانتقام من المقاومة وحركة حماس، وتبنيه لطروحات بلغت حد الدعوة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، دعا وعلى نحو مغاير لقناعاته إلى خفض التوتر في الضفة الغربية، خلال لقائه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الخميس (30 تشرين الثاني/ نوفمبر المنتهي) قبيل توجهه للقاء رئيس السلطة محمود عباس في رام الله.
القلق الأمريكي من إمكانية تفجر الأوضاع في الضفة الغربية، وتصاعد التوتر وانتقاله إلى دول الجوار والإقليم وعلى رأسها الأردن، دفع الإدارة الأمريكية وأشد المدافعين فيها عن برنامجها المتطرف للبحث في السبل الممكنة لتحقيق الهدوء، بعد أن حذر الأردن، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من تصعيد كبير ومواجهة مع "إسرائيل"، في حال تهجير الفلسطينيين باتجاه الحدود الأردنية؛ وإمكانية إعلان الحرب وإلغاء العمل باتفاقية وادي عربة، وذلك على لسان عدد كبير من المسؤولين، منهم رئيس مجلس الأعيان (مجلس الملك) فيصل الفايز، ورئيس الوزراء بشر الخصاونة.
معركة قطاع غزة خلقت مسارات أمنية وسياسية وإنسانية واقتصادية في الضفة الغربية وأخرى في الأردن، دفعته لاتخاذ إجراءات تصعيدية، امتنع فيها عن التوقيع على اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأعلن فيها بدء البحث عن بدائل للغاز المستورد من الكيان المحتل، مقرونا بمراجعة اللجنة القانونية بمجلس النواب لبنود اتفاقية وادي عربة للسلام مع الاحتلال. وهي مواقف تعكس منسوب التوتر والاضطراب المرتفع في علاقات واشنطن بدول الإقليم، خصوصا الدول العربية.
التوتر في الضفة الغربية سينتقل إلى أرجاء المنطقة والعالم كافة، ليشمل شركاء أمريكا وحلفاءها المقربين، وسيرفع مستوى المخاطر من التصعيد في الجبهة الشمالية (لبنان وسوريا + العراق واليمن)، في ظل فقدان الولايات المتحدة للأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية الفاعلة لتنفيذ سياساتها في الضفة الغربية أسوة بقطاع غزة، فأمريكا لن تتمكن من حشد الإجماع الأوروبي الذي حققته بعد ساعات من عملية طوفان الأقصى، فيما عُرف بالبيان الخماسي (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا)، وستواجه معارضة عربية أكبر في حال التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهي حقائق تعطي المقاومة هامشا أوسع للمناورة والعمل مستقبلا لمواجهة التصعيد الإسرائيلي.
فتواصل الحرب في قطاع غزة غذّى التوتر والتصعيد في الضفة الغربية، وأطلق ديناميكية سياسية وأمنية عجزت الولايات المتحدة عن التحكم فيها، وردود الفعل الأمريكية غير المحسوبة والمدروسة بعد طوفان الأقصى وتشجيعها الاحتلال على عدوانه وجرائمه؛ تولدت عنها سلسلة من الأخطاء المتتابعة التي يصعب معالجتها دون تقديم تنازلات حقيقية على الأرض، توقف حالة التدهور والانتكاس للنفوذ الأمريكي في المنطقة والعالم.
ختاما، أمريكا باتت مطالبة بوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة، وصولا لوقف التصعيد وكبح الاستيطان في الضفة الغربية والمسجد الأقصى؛ إذ بدونها لا يمكن خفض الكلف والحد من الخسائر الأمريكية المرتقبة والمتوقعة للتصعيد المتواصل في الضفة الغربية خلال الأسابيع والأشهر القليلة المرتقبة.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن إسرائيل فلسطين غزة الضفة الغربية أمريكا التصعيد الحسابات الأمريكية التصعید فی الضفة الغربیة الولایات المتحدة طوفان الأقصى المقاومة فی فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إيرلندا تنوي حظر التجارة مع المستوطنات في الضفة الغربية
الثورة نت/..
قال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن، إن مجلس الوزراء سيناقش مشروع قانون يحظر استيراد البضائع من “المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية” المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وشدد مارتن على الحاجة الماسة لـ”وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء المجزرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ نحو 20 شهرا”.
وأضاف أن “القصف العشوائي على المدنيين الأبرياء وقتل العائلات وتدمير منازل بأكملها أمر يتجاوز أي مقياس أخلاقي، يجب على العالم أجمع أن يضغط على إسرائيل لإنهاء هذه الحرب على الفور”.
وأوضح وزير الخارجية والدفاع الإيرلندي سيمون هاريس من جهته، أنه سيطلب اليوم “موافقة الحكومة على مشروع قانون يحظر التجارة مع المستوطنات في الأرض المحتلة”.
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، كشفت الاثنين، أن الحكومة الإيرلندية تعتزم طرح مشروع قانون لحظر التجارة مع الشركات الإسرائيلية التي تنشط في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب الصحيفة، فإن مشروع القانون يستهدف الشركات العاملة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما يجعل إيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تتخذ خطوة من هذا النوع.
ورغم أن حجم الواردات الإيرلندية من الضفة الغربية والقدس الشرقية يُعد محدودًا، فإن دبلن تأمل في أن يشكل هذا القانون نموذجًا تحتذي به دول أوروبية أخرى.
وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الثلاثاء الماضي، أن الاتحاد سيُجري مراجعة لاتفاق الشراكة الموقع مع “إسرائيل”، في ضوء “الوضع الكارثي” في قطاع غزة، وذلك عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد.
ويُعد اتفاق الشراكة الموقع عام 1995 الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات السياسية والاقتصادية بين الطرفين، ويشمل مجالات عدة من بينها الدبلوماسية والتجارة.
ويأتي هذا التصعيد في المواقف الأوروبية بعد تحذيرات أطلقتها كل من بريطانيا وكندا وفرنسا، الإثنين الماضي، أعربت فيها عن استعدادها لفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي في حال استمرار الهجوم العسكري على غزة، وعدم رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، مما يزيد من الضغوط الدولية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.