يمانيون / تقرير خاص

في زمنٍ تتعدد فيه أشكال الحروب وتتخفى كثير من الهجمات خلف أقنعة الإعلام والترفيه والتعليم، خاض اليمن معركة مصيرية من نوعٍ خاص، عنوانها: “الحرب الناعمة والغزو الفكري”. لم تكن المعركة بالسلاح والذخيرة، بل كانت معركة الوعي والإيمان والهوية، حيث سعى العدو إلى إسقاط المجتمع من الداخل، وتجريد الشعب من ثوابته ومعتقداته، ولكن اليمن – رغم كل الجراح – خرج منتصرًا، وهو يحمل راية الهوية الإيمانية عالية، كما لم تكن من قبل.

ما وراء الحرب الناعمة؟

ليست الحرب الناعمة مجرد مفردة إعلامية، بل مشروع استراتيجي شامل يعتمد على التأثير غير المباشر لتغيير سلوك الشعوب وعقائدها عبر أدوات “ناعمة” مثل:

الإعلام الموجه والممول خارجيًا.

مناهج التعليم الأجنبية والمشوهة.

حملات الترفيه الهدّامة.

بث الشبهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تمجيد رموز الغرب وتهميش الرموز الوطنية والدينية.

في اليمن، حاولت هذه الأدوات أن تزرع الشك في العقيدة، وتبث الهزيمة النفسية، وتروّج للنمط الغربي كأنموذجٍ مثاليّ للحياة، مستخدمةً سلاح الفن والمصطلحات المغلّفة تحت شعارات “الحرية”، “الحداثة”، “حقوق المرأة”، و”التعددية الثقافية”.

الهوية الإيمانية كجدار صدّ منيع

في مواجهة هذه الهجمة الخفية، نهضت الهوية الإيمانية في اليمن كأقوى جبهة دفاع عن الذات الجمعية. هذه الهوية لم تكن مجرد شعارات، بل كانت منظومة قيم راسخة مستمدة من القرآن الكريم وسيرة النبي محمد (صلوات الله عليه وآله) وأعلام أهل البيت عليهم السلام، وكانت الحصن الذي تحطّمت عليه موجات التشكيك والتزييف.

ركائز الانتصار:

الخطاب القرآني الواعي: ارتكز الخطاب الوطني المقاوم على تأصيل الوعي من منطلق قرآني، حيث لم يُكتفِ بالشعارات، بل تمت مواجهة أدوات الغزو بالفكر والتبيين والحجة.

القيادة الإيمانية: مثلت القيادة الثورية والسياسية في اليمن، برؤيتها الإيمانية والبصيرة، عاملاً حاسمًا في توجيه الجماهير لمواجهة الحرب الناعمة وتفكيك أدواتها.

الإعلام المقاوم: قدّمت القنوات والمواقع اليمنية المناهضة للعدوان خطابًا متماسكًا، وفضحت مخططات الغزو الفكري، وكشفت تلاعب الإعلام المعادي بالرأي العام.

المدرسة والمسجد والمجتمع: جرى التركيز على استعادة دور المدرسة والمسجد والأسرة كحاضنات للهوية والقيم، فتم تجديد الخطاب التربوي والديني ليكون أكثر قدرة على مخاطبة الجيل المعاصر بأساليب واعية.

أوجه الهزيمة الفكرية للمشروع المعادي

أثمرت معركة الوعي عن نتائج ملموسة في الشارع اليمني فشل مشاريع التغريب الثقافي رغم ضخّ الأموال والمؤسسات.

وانكشاف أجندة المنظمات الدولية في مجالات التعليم والمرأة والطفل، وفضح نواياها التخريبية ، وكذلك تزايد الإقبال على المفاهيم الإيمانية والمواقف الثورية، خاصة في أوساط الشباب ، وعودة الثقة بالهوية الأصيلة، ورفض التقليد الأعمى للغرب.

الواقع يشهد :

الأستاذ/ عبدالملك القحوم، الباحث في الشؤون الفكرية يقول : “ما جرى في اليمن من انتصار للهوية الإيمانية ليس بالأمر العابر، بل هو نموذج يحتذى به في مواجهة الحروب غير التقليدية. لقد هُزمت آلة الإعلام الغربي أمام صمود الوعي القرآني.”

الأستاذة/ نجلاء المحطوري، ناشطة تربوية تؤكد: “عندما تحصنّا بالهوية الإيمانية، وجدنا أنفسنا أقدر على التمييز بين ما يُراد لنا، وما نريده نحن، ولهذا فإن اليمن انتصر لأن الوعي انتصر.”

اليمن.. نموذج عالمي في مقاومة الحرب الناعمة

لقد أثبتت التجربة اليمنية أن الحرب الناعمة أخطر من الحرب العسكرية، لأنها تسلب الشعوب إرادتها دون طلقة واحدة. لكن ما يجعل اليمن نموذجًا خاصًا، هو أن الشعب واجه هذه الحرب وهو في خضم معركة عسكرية واقتصادية وأمنية.

وهنا تكمن عظمة الانتصار،  أن تبني الوعي وأنت تحت النار، وأن تُحيي الهوية وأنت محاصر، وأن تنتصر بفكرك حين يحاولون أن يسرقوا عقلك.

ختاماً

لقد انتصرت اليمن في هذه المعركة، لأن سلاحها لم يكن ماديًا، بل روحيًا وإيمانيًا. انتصرت لأن أبناءها آمنوا أن النصر الحقيقي يبدأ من الداخل، من صلابة العقيدة، ومن نقاء الهوية، ومن وعي لا تنطفئ جذوته مهما اشتدت العواصف.

وفي اليمن، لم تنتصر البنادق وحدها… بل انتصر الوعي، وانتصر الإيمان.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الهویة الإیمانیة الحرب الناعمة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

جلسة «دور الإعلام في دعم الهوية العربية» تؤكد على الدور المحوري للإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية في تعزيز الهوية


استعرضت جلسة دور الإعلام في دعم الهوية العربية ضمن فعاليات اليوم الثاني لقمة الإعلام العربي 2025، التي تعقد في مركز دبي التجاري العالمي وتختتم أعمالها غدا الأربعاء، وتزامناً مع اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي، كيفية استثمار الأدوات الإعلامية لتوثيق وحماية الهوية العربية حيث أجمع المشاركون في الجلسة أن الإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية يقع على عاتقها دور محوري في تعزيز هذه الهوية، وترسيخها في عقول الأجيال، لتظل صمام الأمان في مواجهة التحديات الثقافية والفكرية والاجتماعية.
وخلال الجلسة التي أدارها الاعلامي عبد الله المديفر من روتانا خليجية بحضور الباحث والكاتب الدكتور رشيد خيون، وعبد الله الغذامي الأكاديمي والناقد الثقافي تم التطرق إلى دور الإعلام في الحفاظ على الهوية العربية مع التأكيد على أهمية الإعلام كأداة قوية في تعزيز الوعي والتصدي للتحديات التي قد تواجهها الهوية في ظل العولمة، باعتبار أن الهوية الوطنية ثروة قومية يجب المحافظة عليها ورعايتها على الدوام، لأهميتها في الحفاظ على الذات، وتشكيل الوعي والوجدان لدى الشعوب..
وأوضح رشيد خيون أن قطاع الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا المجال من خلال دوره في تشكيل الرأي العام وتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية التي تضمن ترسيخ الهوية العربية وتعزيزها بكل رموزها ومكوناتها، مشيرا الى ضرورة تعزيز الاهتمام باللغة العربية التي تعد أهم رابط يربطنا بهويتنا الوطنية، إلى جانب تزويد المجتمع بالمعلومات الكافية لتعزيز قيم المواطنة والانتماء الوطني، مع ضرورة رصد التحديات المجتمعية والعمل على التصدي للأفكار الدخيلة التي تهدد نسيج المجتمع العربي..
من جهته، قال عبد الله الغذامي أن الإعلام هو البوابة الرئيسية لحماية الهوية العربية، معتبرا أن رسوخ منظومة القيم والمعتقدات والأفكار والسلوكيات المعبرة عن الهوية الوطنية يمنح الإعلام سمات متفردة ويوفر أمامه مساحات للانطلاق والتواصل مع المجتمع المحلي بفاعلية بما يتيح للإعلام بلورة رسالة معبرة عن الوطن وخصوصياته الثقافية والحضارية..
وأشار عبد الله الغذامي إلى أن الهوية الوطنية ليست كيانا جامدا أو ثابتا، بل هي كائن حي يتفاعل مع متغيرات الزمن، يستمد من الماضي جذوره العميقة، ومن الحاضر زخمه، ويتأهب للمستقبل بروح متجددة دون أن يفقد أصالته. وأضاف ان الإعلام قوة فاعلة ومؤثرة في التعبير عن الهوية وتحديد ملامحها وتفاعلها ومقوماتها وبالتالي تشكيلها..
وأوضح عبد الله الغذامي أن الإعلام باعتباره أداة رئيسية للتأثير المجتمعي، يحمل مسؤولية كبيرة في تعزيز الوعي الجماهيري وتوجيهه نحو القيم الوطنية، مشيراً إلى أن حماية الهوية العربية تتطلب تقديم محتوى إعلامي يتسم بالمصداقية والجودة، ويعمل على مواجهة التحديات الثقافية والفكرية التي تفرضها العولمة والتكنولوجيا الحديثة.

مقالات مشابهة

  • مدير قناة العراقية الإخبارية: العراق يستلهم من مصر معركة البناء
  • الدورات الصيفية وتعزيز الهوية الإيمانية والوطنية: دور المجتمع والقبيلة اليمنية في تحصين وعي الأمة
  • حفل وعرض كشفي في اختام أنشطة الدورات الصيفي في إب
  • قمة الإعلام العربي.. جلسة “دور الإعلام في دعم الهوية العربية”
  • الشرع يعلن من حلب بدء معركة البناء والتنمية
  • جلسة «دور الإعلام في دعم الهوية العربية» تؤكد على الدور المحوري للإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية في تعزيز الهوية
  • كونوا حرّاس الحقيقة وصانعي الوعي وحلفاء النهوض
  • شيخ الأزهر من دبي: الإعلام العربي مسؤول عن كشف جرائم الاحتلال ومواجهة الإسلاموفوبيا
  • السودان وفروقات الوعي السياسي