ثقافة الاحتراف والمهنية العسكرية لدي الجيش في السودان
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
ثقافة الاحتراف والمهنية العسكرية لدي الجيش بالسودان الوطن من الموضوعات المهمة وذات التعقيد الذي يستحق الدراسة والتحليل في هذا المقال، سأحاول استعراض بعض الجوانب المتعلقة بهذه الثقافة ومصادرها وتطورها وتحدياتها, بالرغم من أن النخب والمثقفين يستنكفون الكتابة في هذا الأمر خوفا من التصنيف السائد وهو العداء للجيش ومحاولات تفكيكه لجهات محددة أو مناصرة الدعم السريع أو المناداة بجيش مهني خلي من الالتزام العقائدي, وعلينا في البداية تعريف الاحتراف العسكري بما هو متعارف في زمننا الذي نعيشه الان وفي البداية يمكن تعريف الاحتراف العسكري بأنه مجموعة من المبادئ والقيم والمعايير التي تحكم سلوك الجنود والضباط في القوات المسلحة، وتميزهم عن باقي المواطنين ومن أهم هذه المبادئ, خضوع الجيش للسلطة المدنية الديمقراطية، والولاء للدولة والدستور، والالتزام بالحياد السياسي، والثقافة المؤسسية الأخلاقية، والانضباط والنزاهة والشرف والالتزام والخدمة والتضحية والواجب ثانيًا، لابد من تتبع نشأة وتاريخ الجيش السوداني إلى تاريخ بعيد، حيث كانت السودان موطنًا لحضارات قديمة مثل مملكة كوش ومملكة مروي ومملكة النوبة ومملكة مكريا ومملكة الفونج ومملكة سنار ومملكة الفور ومملكة النوبة الزرق في جبال النوبة وغيرها.
وهذه القيم المشتركة لها تأثير موحد قوي على الجيش، ما يعزز من تماسك القوات وكفاءتها تمثل القوات المسلحة في العديد من البلدان الأفريقية تهديدًا للأمن بسبب افتقارها إلى الاحترافية العسكرية ومنها السودان ولقد كشف هذا التقييم، الذي أجراه الجنرال مباي سيسيه، مستشار الأمن القومي لرئيس السنغال، نقطة محورية في الحُوَار حول الاحترافية العسكرية والتعليم العسكري المهني بين كبار مسؤولي الأمن في ٣٠ دولة أفريقية الذي استضافه مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية في ١٤ ديسمبر، على هامش القمة الأمريكية للقادة الأفارقة في واشنطن العاصمة. بالإضافة إلى ملاحظات الجنرال سيسيه، تضمن الحُوَار رؤى من وزيرة الجيش الأمريكي كريستين ورموت وقائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، الجنرال مايكل لانجلي شهدت قارة أفريقيا سبع انقلابات عسكرية بالإضافة إلى عدة محاولات للانقلاب منذ عام ٢٠٢٠، مما يكشف عن النمط المتزايد للجيوش المسيّسة داخل القارة هذه الموجة من التغييرات غير الدستورية للسلطة تنسف التوجه المستمر منذ عقدين الرامي للحد من حوادث الانقلابات العسكرية في أفريقيا وهو إلى ذلك يهدد بالعودة إلى عصر”سوء الحكم” والتنمية الراكدة والإفلات من العقاب، وعدم الاستقرار الذي اتسمت به الحكومات العسكرية الأفريقية في المدّة من الستينيات إلى التسعينيات – التي يشار إليها غالبًا باسم “العقود الضائعة في أفريقيا”. شهدت أفريقيا ٨٢ انقلابًا بين عامي ١٩٦٠ و٢٠٠٠ وعقد الاتحاد الأفريقي قمة استثنائية بشأن هذه القضية في شهر مايو، وذلك إثر القلق السائد إزاء العدد المتزايد للانقلابات الأخيرة. وعلى غرار ذلك، تعهد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، في ديسمبر، بإنشاء قوة إقليمية لاستعادة النظام الدستوري في الدول الأعضاء التي تشهد حالات انقلاب , وتمت الموافقة عليها ضمنيًا من الاتحاد الإفريقي وتشمل تحديد وتحليل وتخطيط وتنفيذ وتقييم وأن تشارك هذه القوات الإقليمية في تحفيز وتحقيق التحديات بإيجابية بحسم فوضي التغول علي الديمقراطية وبإصرار وتفاؤل وتعاون ولأحداث تغيير وتطور وتقدم في مهنية الجيوش الإفريقية.
نواصل
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی الحرب الأهلیة الجیش السودانی مرحلة الجیش وشارکت فی الجیش هو کبیرة فی
إقرأ أيضاً:
ترامب في أفريقيا: تحركاتٌ دبلوماسية أم مطامعٌ على الموارد؟
خلال الأشهر الماضية تصاعد حضور إدارة ترامب في ملفات أفريقية حسّاسة — من قمة روسية مصغّرة مع زعماء غرب أفريقيا إلى وساطات سلام تتصدرها الولايات المتحدة في دول غنية بالمعادن. الإعلان عن اتفاقاتٍ سلام في واشنطن مع زعماء الكونغو ورواندا (أو ما سُمِّي لاحقًا «اتفاقيات واشنطن») ووَعدٌ أميركي بالمساهمة في «شراكات للمعادن والبنى التحتية» دفع كثيرين للتساؤل: هل الدافع أميركي/إنساني لحل نزاعات؟ أم أن الهدف الأساسي هو تأمين وصول الولايات المتحدة إلى المعادن الحيوية وإقناع المستثمرين الغربيين بالعودة إلى المناطق الغنية بالموارد؟
وهناك أمثلة حديثة عن ما جرى عمليًّا؟
1. صفقة الكونغو — رواندا التي تم توقيعها الأسبوع الماضي في واشنطن حيث استضاف البيت الأبيض توقيع اتفاقية بين رئيسي جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا تهدف لوقف القتال في شرق الكونغو وتضمّنت بندًا واضحًا للتعاون الاقتصادي حول المعادن النادرة. رغم الإعلان الاحتفالي، استمر العنف داخل الحدود بعد ايام من التوقيع مما أثار شكوكًا حول قدرة الاتفاق على تطبيقه ميدانيًا.
2. قمة عمل مع قادة غرب أفريقيا (يوليو 2025) حيث دعا البيت الأبيض مجموعة من قادة دول غربية شاطئية في أفريقيا لمأدبة عمل ركّزت على «الفرص التجارية» وفتح أبواب للاستثمارات الأميركية. مراقبون اعتبروها إشارة إلى تحول منهجي نحو الربط بين الدبلوماسية والصفقات الاقتصادية.
3. التركيز على «المعادن الحرجة» وسياسة الأمن القومي. الوثائق والسياسات الجديدة للإدارة الأميركية (بما في ذلك النسخة الأخيرة من الاستراتيجية الوطنية للأمن) تؤكّد أن تأمين سلاسل الإمداد والوصُول إلى المواد الخام يُعدّ أولوية استراتيجية، ما ينسجم مع تحركات دبلوماسية مرتبطة بدولٍ غنية بالموارد.
و هناك عده دوافع لهذا التحرك يأتي أولها
• أولوية أمن الإمدادات والتكنولوجيا. الغرب، وخصوصًا الولايات المتحدة، يريد تقليل اعتماد سلاسل إمداد التكنولوجيا على منافسين مثل الصين، لذا تسعى واشنطن لتأمين وصولٍ إلى معادن حاسمة (كالتي توجد في شرق الكونغو). هذا مبرّر رسميٌّ تُقدّمه الإدارة.
• الدبلوماسية الاقتصادية بدل المساعدات التقليدية. تقارير وتحليلات تشير إلى ميل الإدارة لتبديل نهج المساعدات والإعانات نحو «صفقات تجارية» و«شراكات استثمارية» تؤمّن فوائد اقتصادية مباشرة لشركات أميركية، مع تقليص بعض أشكال المساعدات الإنسانية التقليدية. هذا ما أثار انتقادات من منظمات ومراكز بحثية.
• الوجود النفوذ /الجيوستراتيجي لمواجهة الصين وروسيا. تحركات دبلوماسية سريعة لإبرام صفقات أو وساطات في دولٍ استراتيجية تعكس رغبةً في استعادة موطئ قدم أميركي أمام الصين وروسيا اللتين تعززان نفوذهما في أجزاء من أفريقيا.و قد ظهر اسم السودان اكتر من مره خالص مع زياره ملك للسعوديه الاخيره الي امريكا فالسؤال الان
هل ستُحلُّ أزمة السودان فعلاً «برعاية سعودية» كما يُعلن؟
الإعلان عن تدخل أميركي بقيادة ترامب بناءً على طلب سعودي لوساطة في السودان أثار أملًا بإمكانية إيقاف الحرب. لكن تحليل الوقائع يُظهر سببين رئيسيين للتشكيك:
1. البيئة الميدانية المعقّدة: النزاع في السودان متشابك داخليًا (قوى مسلحة متعدّدة، مشاكل سياسية داخل البلاد)، وبحضور أطراف إقليمية ودولية ذات مصالح متعارضة. الوساطة الخارجية -حتى مع دعم سعودي- تواجه صعوبة تطبيق البنود على الأرض دون توافق إقليمي واسع وإجراءات تنفيذية ملزمة. تقارير صحفية وتحليلية أكدت أن الجهود قد تساهم في فتح قنوات تفاوض، لكنها لا تضمن وقفًا دائمًا للنار.
2. الاعتماد على وسائل الضغط غير الكافية: نجاح الوساطات الكبرى عادة يتطلب حوافز وتهديدات متوازنة (حوافز اقتصادية، ضغوط دبلوماسية/عقوبات، ومساهمة محلية قوية). حتى الآن، يبدو أن إدارة ترامب تُقدّم جهد وساطة بدعم سعودي، لكن مع غياب أدوات ضغط متسقة وموثوقة على جميع الفصائل، فإن التوصل إلى سلام دائم يبقى غير مؤكد. محللون وصفوا المبادرة بأنها «ذات فرص لكنها محفوفة بالمخاطر» وربما تهدف أيضًا إلى كسب نفوذ سياسي ودبلوماسي.
و علي الرغم من كل هذا التحرك يري باحثون ربطوا بين توسّع نشاطات وساطة البيت الأبيض وعقود/اهتمامات شركات مرتبطة بأفراد أو دوائر مقربة من الإدارة، بالإضافة إلى توجه سياسة خارجية تضع «الوصول إلى المواد الخام» كهدف مركزي. هذه الاتهامات تتطلب تحقيقًا وتعقّبًا للعقود والصلات المالية، لكنها تفسّر جزئيًا شعور دولٍ ومجتمعاتٍ محلية بعدم الثقة بمبررات واشنطن
و اخيرا اري ما جرى في الأشهر الأخيرة يظهر مزجًا متعمَّدًا بين الدبلوماسية والاقتصاد: جهود لوساطات وسلام تُقدّم في إطار حوافز استثمارية حول المعادن. هذا الأسلوب قد ينجح في فتح أبواب للاستثمارات الغربية وإضعاف النفوذ الصيني في سلاسل توريدٍ محدّدة.
• لكن النجاح طويل الأمد في إنهاء النزاعات (خصوصًا في حالات معقّدة مثل شرق الكونغو أو السودان) يتطلّب أكثر من صفقات فوق الطاولة: يتطلّب إجراءات تطبيقية على الأرض، إشراكًا إقليمياً، وضمانات حقوق محلية. الملاحظ أن الاتفاقات الاحتفالية سرعان ما تُواجه وقائع عنف ودوافع محلية تجعل تنفيذها صعبًا.
• من حيث النية: هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن جزءًا من الدافع استراتيجي-اقتصادي (تأمين معادن حاسمة)، وفي الوقت ذاته تستغّل الإدارة فرصة الوساطة لتعزيز صورتها كوسيط قوة إقليمية — لكن هذا لا يكفي لضمان اي حل دائم
فالتحركات الأميركية بقيادة ترامب في أفريقيا اليوم تشبه مبادرة اقتصادية مموّهة بدبلوماسية السلام: ملفات توقف نار تُنهي أزمات على الورق لكنها تفتح صفقات لموارد استراتيجية. إذا أرادت واشنطن فعلاً تغييرًا مستدامًا، فعليها أن توفّر خارطة طريق تنفيذية واضحة مع ضمانات محلية وإقليمية — وإلا فستبقى الاتفاقات شعاراتٍ فوق الورق دون تنفيذ او مستقبل سلام
في النهاية، تبدو القارة بالنسبة لترامب فرصة سياسية واقتصادية في آن واحد. فهو يتحرك بمرونة بين الدبلوماسية والاقتصاد، بين وساطات السلم وعقود المعادن، وبين استعادة النفوذ الأميركي وتقليص مساحة المنافسين. ومع ذلك يبقى السؤال: هل ستسفر هذه التحركات عن حلول حقيقية للأزمات الأفريقية، أم أنها ستُسجَّل كتدخلات برقمٍ جديد في سجل المطامع الدولية في القارة؟