البوابة نيوز:
2025-07-06@09:14:04 GMT

روح الروح

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

لا يخفى على أحد الآن بعد مرور أكثر من شهرين متتاليين للقصف الجنوني والغارات المتلاحقة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، أن المستهدف الحقيقي هم الأطفال، فلم يسلم الرضع ولا حتى الأجنة في بطون أمهاتهم من رصاصهم الغادر، ويوميًا يدفع هؤلاء الأبرياء ثمنًا باهظًا من أرواحهم وبراءتهم جراء جنون المحتل وغاراته التي يشنها على البيوت السكنية من دون أي اعتبارات للقوانين الدولية، وكأن العالم أجمع تحالف ضد هؤلاء الأبرياء لإزهاق أرواحهم بدم بارد.

الطفلة الشهيدة "ريم" التي لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات فهي كما وصفها جدها في أحد مقاطع الفيديو المؤثرة التي انتشرت مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنها "روح الروح" فارقت الحياة إثر غارة إسرائيلية على منزلهم ورحلت الطفلة الفلسطينية كما رحل الآلاف من الأطفال الأبرياء في غزة دون أن يقترفوا أي ذنب في حرب غير متكافئة بين جيش غاشم، ومدنيين عزل ليس لديهم أي سلاح للدفاع عن أنفسهم أو وسيلة للاحتماء.

لن ننسى مشهد اختلاط الدم، بالوجه البريء ريم "روح الروح" التي خطفت أرواحنا وجدها يحتضنها ويحدثها وكأنها نائمة وليست جثة بين يديه، كاد أن يمزق قلوبنا جميعا، كان هذا الجد الحنون "خالد" لا ينفصل عن حفيدته فهي عالمه الجميل الضاحك، وهو عالمها الآمن، فكانت لعبتها المفضلة سحب لحية جدها، بينما هو يسحب شعرها لتقول له "سأتركك إذا تركت شعري"، الآن يبحث هذا الجد عن ذكرياته مع حفيدته وسط أنقاض منزلهم، حيث كانت الأسرة نائمة عندما دمرت غارة جوية قريبة من منزلهم بجنوب غزة، لتصبح ريم هي "روح الروح" للعالم كله وليس جدها فقط، وهنا استثني أصحاب القلوب الميتة عديمي الرحمة والإنسانية، من يتراقصون يوميًا على أنقاض وجثث هؤلاء الأبرياء في غزة، فكل طفل فلسطيني ارتقت روحه إلى بارئها هو "روح الروح" لعائلته وأحبابه.

نقف جميعا مكتوفي الأيدي أمام المشاهد المروعة التي تتناقلها شاشات التلفاز يوميًا لقتل الأطفال الفلسطينيين برصاص وغارات الاحتلال والتي تجاوزت كل الأعراف والمواثيق، نتساءل في ذهول أين المتشدقون لحقوق الأطفال؟! فبحسب اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة فهي تنص على أن لكل طفل الحق في الحياة، وعلى الحكومات أن تتأكد من بقاء الطفل على قيد الحياة كي يكبر بأفضل طريقة ممكنة، وأن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملاءمة لحماية الطفل من آفة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال، وهي اتفاقية تمت بين البلدان التي وعدت بحماية حقوق الأطفال، لكن ما يحدث في غزة كشف زيف هذه الادعاءات، ودماء الأطفال شاهدة.

وأخيرًا يا كل "روح الروح" في غزة سامحينا على تقصيرنا فلا نملك سوى الدعاء، ‎اللهُم إنا نستودعك غزة وأهلها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: يا روح الروح شيرين بكر فلسطين اطفال غزة الاحتلال الإسرائيلي روح الروح روح الروح فی غزة

إقرأ أيضاً:

مرحلة إعادة التشكل الداخلي.. طريق النضج وسلام الروح

يمرّ الإنسان خلال مسيرة حياته بمحطات فارقة، من أكثرها عمقًا ما يُعرف نفسيًا بـ «مرحلة إعادة التشكّل الداخلي». هي تلك اللحظة التي ينسحب فيها المرء من صخب العالم، ويختار العزلة عن الضجيج؛ لا لأنّه ضعيف، بل لأنه بلغ من النضج حدًا يدفعه للتأمل، لإعادة ترتيب ذاته من الداخل، لاستيعاب ما مرّ به من مشاعر وتجارب.

إنها فترة صمت داخلي، مرهقة نعم، لكنها ضرورية. تبني فيك وضوح الرؤية، وتمنحك قوة حقيقية في مواجهة الحياة. احترام هذه المرحلة، وعدم استعجال الخروج منها، هما أول خطوة نحو الوعي والنضج الحقيقي.

وفي خضم هذا الصمت، لا تستهِن بأثرك الطيّب، فقد تكون نورًا لأحدهم دون أن تعلم. ربما ألقيت كلمة استقرت في أعماق قلب، فكانت نقطة تحول لا تُنسى. ربما قدمت نصحًا صادقًا غيّر حياة إنسان إلى الأفضل. قد تزرع بذرة خير وتمضي ناسيا، لكنها تنبت شجرة يستظل بها المارّون، ويأكل من ثمارها العابرون.

كن خيّرًا بقولك وفعلك، ولا تحقر من المعروف شيئًا، فأنت لا تدري أي دربٍ تُضيء، وأي روح تبني، وأي أثر تترك. طوبى لمن كان مصدرًا أصيلا للخير، يبني الإنسان لأجل الإنسان.

وهكذا هي الحياة. ليست كل الجراح تُداوى باعتذار، ولا كل الخطايا يُكفّر عنها بكلمة. البعض لن يعتذر، ولن يقرّ بما فعل، ولا بأس، لأن قيمتك لا تُقاس بأفعالهم. كل تجربة، سواء أكانت مؤلمة أو مبهجة، ساهمت في بنائك كما أنت اليوم. الغفران ليس لأجلهم، بل لوجه الله ولسلامك الداخلي.

الاستياء لا يؤذي إلا قلبك، فدع عنك ما لا يُصلح روحك، وركز على ذاتك، طوّرها، وكن مع من يمنحك دعمًا لا يُشترى. تذكّر دومًا: قيمتك لا تُحدّد بأحكام الآخرين، فامضِ قدمًا، وتعلّم من دروس الحياة.

ولأننا بشر، فمن الطبيعي أن نختلف، أن نعيش كما نرى نحن، لا كما يفرضه غيرنا. لا شأن لأحد بك، كما لا شأن لك بأحد، ما دمت لا تؤذي ولا تُؤذى. خذ خير الناس، وادفع شرك، لكن لا تُجبَر على ما لا يليق بك.

ولا تتدخل فيما لا ترى صورته كاملة. أنت لا ترى المشهد من كل الزوايا، ترى فقط من نافذتك، ومن نافذتك فقط. دع عنك إصدار الأحكام، ولا تفرض قناعاتك على من يسلك طريقًا غير طريقك.

ترفّق، فالكل لديه روح، والكل قادر على الإيذاء، فلا تتوهّم أنك محصّن. أنت هش، مجرد إنسان، عظيم حين تبقى إنسانًا، ولا شيء إن فقدت هذه الإنسانية بل «حين تُصبح التجارب أثقالًا لا دروسًا...».

ثمة لحظة حاسمة في حياة كل إنسان، تأتي دون موعد، لا يسبقها نذير، لكنها تترك في القلب أثرًا لا يُمحى. لحظة تُدرك فيها أن كل الطرق التي اضطررت إلى تركها بعدما استُنزفت في عبورها، لم تكن دروبًا نحو النضج كما كنت تُوهم نفسك، بل كانت محطات استنزاف متتالية جرّدتك من شيء لا يُعوّض: شغفك بالحياة.

تُدرك فجأة أن المعارك التي خُضتها بكل ما فيك من طيبة، والتي حاولت أن تبرر قسوتها بأنها كانت سبيلًا للنضج، لم تكن سوى محطات نزفٍ داخلي، أفقدتك الكثير من خِفّة روحك. كل من اتكأت عليهم في لحظة ضعف، ثم أداروا ظهورهم، كانوا يهدّون في داخلك شيئًا عزيزًا اسمه «الثقة». وكل أولئك الذين كنت تواسيهم ليلًا، ظانين أنك مادة خام للأمل، لم ينتبهوا يومًا لليالٍ كنت فيها الأحوج لمن يربت على قلبك.

تمر بك الأيام، وتوهم نفسك أن كل ما حدث صار من الماضي، وأن الألم قد هدأ، وأن النضج قد حلّ محلّ الضعف. لكن الحقيقة التي لا تُقال كثيرًا، هي أنك لم تنضج كما كنت تظن، بل تهشّمت بصمت. صرت تخاف من المحاولة حتى لو رأيت النجاح ماثلًا أمامك، صرت ترتاب من الناس، حتى لو رأيت قلوبهم ممتلئة محبةً تجاهك.

وفي لحظة إدراك مريرة، تجد نفسك وقد تحوّلت إلى كتلة من الخوف، بها شظايا إنسان كان يظن أن الأيام ستصقله، فإذا بها تتركه حطامًا، يحاول لملمة نفسه في كل مرة، لكنه يزداد تفتتًا.

ليست كل التجارب دروسًا، وليست كل النهايات نضجًا. أحيانًا، ما نظنه «نضج الأيام» هو فقط بقايا شخصٍ كان يثق، كان يحاول، وكان يحب الحياة... ثم لم يعد.

مقالات مشابهة

  • هل يواجه طفلك صعوبات حادة في فهم الرياضيات؟ إليك الحل
  • الطفلان شام وعمرو.. نماذج مؤلمة لحرب التجويع الإسرائيلية بغزة
  • همدان الروح
  • لماذا يتصرف طفلك في عمر الثالثة كمراهق؟
  • أزهري: الله لا يحاسب الطفل على أفعاله حتى البلوغ والبعض يعذبهم بالمنازل
  • وقت الطفل أمام الشاشة يقلق الأهل.. لكن المشكلة الحقيقية في مكان آخر
  • دراسة بحثية من جامعة الملك فيصل في الإعلام المرئي والمسموع تؤكد تأثير اليوتيوب على سلوكيات الأطفال
  • مرحلة إعادة التشكل الداخلي.. طريق النضج وسلام الروح
  • السفر.. تجاوز الجغرافيا إلى عالم الروح
  • مشهد من غزة.. كيس الطحين أغلى من الروح