تعتمد صناعة الموضة على مساعدة الناس في الظهور بصورة أفضل، لتتجنب القبح وتبرز الرقي والجمال.

لكن صناعة الموضة، وصناعة الجمال من ناحية أخرى، متهمتان بالتحيز الجنسي والسمية والتأثير على الصحة العقلية للسيدات، من خلال المعايير المثالية التي تروج لها الصناعتان، والتي بدورها تُشعر ملايين من السيدات حول العالم بالنقص لأنهن لا يتمتعن بالجمال الذي تدعو له تلك الصناعات.

ومع ذلك تبلغ قيمة صناعة الأزياء عالميا 1.46 تريليون دولار، في حين تبلغ قيمة صناعة التجميل عالميا 511 مليار دولار.

أطلق البعض وصف "المقاسات المجنونة" المتسببة في إحباط السيدات على ملابس العصر الحالي (شترستوك) مخطط القياس

لا يبدو أن علامات مثل "متوسط M" أو "كبير L" دقيقة لدى كثيرين حول العالم، فهي تختلف من بلد إلى آخر، وربما من علامة تجارية أو مصنع إلى آخر.

ولا يوجد في صناعة الموضة مخطط قياسي عالمي واحد، فبينما قد يكون مقاسك 14 في أحد المتاجر، قد يكون 20 في متجر آخر.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن تصنيف الملابس يفترض أن كثيرا منا لا يمانع في إسقاط مقاس أو اثنين عند شراء الملابس الجديدة.

زاد وزن المرأة الأميركية المتوسطة من 63.5 كيلوغراما في عام 1960 إلى 76 كيلوغراما في عام 2014 (شترستوك)

وعلى الرغم من أن الناس، بشكل عام، أصبحوا أكبر حجما على مدى الخمسين عاما الماضية، فإن أرقام المقاسات أصبحت أصغر، فقد وجدت بيانات الصحيفة في عام 2015، أن فستانا بمقاس 12 في عام 1958، أصبح الآن مقاس 6. علما أن وزن المرأة الأميركية المتوسطة زاد من 140 رطلا (63.5 كيلوغراما) في عام 1960 إلى 168.5 رطلا (76 كيلوغراما) في عام 2014.

كما تختلف أحجام الملابس أيضا على المستوى الدولي، وهو ما يمثل تعقيدا إضافيا نظرا لعدد الملابس التي يتم شحنها حول العالم فمقاس الملابس في الولايات المتحدة وأوروبا عادة ما يكون أكبر درجة على الأقل من نظيره في آسيا.

ثورة الملابس الجاهزة

لم تقع النساء في حيرة المقاسات قبل الثورة الصناعية، إذ كانت الموضة حكرا على سيدات القصور وأوساط الأثرياء فقط، ومع ذلك كانت القطعة الواحدة يتم تفصيلها بما يناسب مقاسات صاحبتها، في حين كانت السيدات في الطبقات الفقيرة يصنعن ملابسهن بأنفسهن، فلم تعان المرأة من عبء المقاسات الصغيرة أو غير الملائمة.

ولكن بدأت تلك الأعراف الثقافية في التحول خلال فترة الكساد الكبير، عندما كان بالكاد يستطيع أي شخص شراء الطعام، ناهيك عن القماش. وفي الوقت نفسه، كانت التقنيات الصناعية تتحسن، مما جعل إنتاج الملابس بكميات كبيرة أرخص بالنسبة للشركات. وبنهاية الحرب العالمية الثانية، كانت تلك العوامل، إلى جانب ظهور الإعلانات، قد أشعلت ثورة استهلاكية وكانت سببا في توحيد تصميمات الملابس ومقاساتها.

وفي أوائل الأربعينيات من القرن الـ20، أجريت دراسة حول مقاييس جسد المرأة على أمل إنشاء نظام قياسي موحد للملابس. أخذت الدراسة 59 قياسا مختلفا لـ15 ألف امرأة، لكن الاكتشاف المثير الذي توصل إليه الباحثان روث أوبراين ووليام شيلتون كان يشير إلى أن النساء لم يرغبن في مشاركة قياساتهن مع موظفي التسوق.

دراسة تحديد القياسات اعتمدت على النساء البيضاوات النحيفات في الولايات المتحدة (شترستوك)

وخلص الباحثان إلى أنه لكي ينجح النظام، يتعين على الحكومة إنشاء مقياس "تعسفي"، مثل حجم الحذاء، بدلا من "القياسات البشرية" المتنوعة. وفي عام 1958، وضع المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا مجموعة من الأرقام الزوجية من 8 إلى 38 لتمثيل الحجم الكلي ومجموعة من الحروف "تي آر إس" (T، R، S) والرموز (+، -) لتمثيل الطول والمقاس، على التوالي. وذلك بناء على بحث أوبراين وشيلتون. ونُصحت العلامات التجارية بصنع ملابسها وفقا لذلك. ولكن بحلول عام 1983، سقط هذا المعيار، وذلك لأنه لا يوجد مقاسات موحدة من الجسم بالولايات المتحدة.

تقول لين بورادي، الأستاذة في جامعة ولاية بافالو المتخصصة في تحديد الحجم، إن المقاسات العالمية تنجح في بلد مثل الصين، على سبيل المثال، لأن "الحجم الزائد أمر غير عادي للغاية". لكن أميركا موطن للنساء من مختلف الأشكال والأحجام. إن فرض مجموعة واحدة من المقاييس قد يسهل على بعضهن التسوق، مثل "النساء البيضاوات النحيفات" اللاتي اعتمد عليهن أوبراين وشيلتون في جميع قياساتهن، لكنها تستبعد عددا أكبر من الأشخاص، ربما يمثلن غالبية النساء. حتى إن غالبية بحوث التسويق تشير إلى أن النساء في الولايات المتحدة يرتدين مقاس 14 أو أكبر من ذلك، وهو في الوقت ذاته المقاس الأكثر ندرة في متاجر التجزئة رغم الإقبال المتزايد عليه.

كما أن صاحبات المقاس الكبير ينفقن أكثر من أي وقت مضى. فقد بلغت مبيعات الملابس ذات المقاسات الكبيرة في 2016، 20.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 17% مقارنة بالفترة نفسها في 2013، وفقا لشركة أبحاث السوق إن بي دي غروب.

عبء غرف القياس

أطلق البعض وصف "المقاسات المجنونة" المتسببة في إحباط السيدات على ملابس العصر الحالي، والأكثر إحباطا للمتسوقات عبر الإنترنت، فعلى الرغم من أنه يتم شراء ملابس بقيمة 240 مليار دولار عبر الإنترنت كل عام، فإن حجم الإرجاع يقدر بنحو 40%، ويرجع ذلك في الغالب إلى مشكلات في المقاس، وهو ما يمثل كابوسا مزعجا للمتسوق ولأصحاب الشركات أيضا، بحسب مجلة تايم.

النساء لا يعانين فقط في رحلة البحث عن تصميم مميز، إنما المعاناة الأكبر في الحصول على ملابس جميلة بمقاس ملائم (بيكسلز)

رغم أن مشكلة عدم دقة المقاسات واضحة في الملابس الحديثة، فإن النساء هن أكثر ضحايا المقاسات الصغيرة للغاية، وذلك لأن خياراتهن في الملابس متعددة لتتناسب مع مختلف المناسبات مثل العمل والمنزل والنادي وملابس المساء والحفلات والملابس المحتشمة والرياضة والسباحة، هنا يظهر عبء غرفة القياس، فالنساء لا يعانين فقط في رحلة البحث عن تصميم مميز، إنما المعاناة الأكبر في الحصول على قطعة ملابس جميلة بمقاس ملائم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

الثلاثاء.. تدشين مبادرة "تمكين" لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

مسقط- الرؤية

تدشن غرفة تجارة وصناعة عُمان، الثلاثاء، مبادرة "تمكين"، وذلك بالمقر الرئيسي للغرفة بمحافظة مسقط، وبالتعاون مع وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عمان 2040"، وهيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي، وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وسعادة المهندس بدر بن سالم المعمري رئيس هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي، وعدد من أصحاب وصاحبات الأعمال.

وتعد مبادرة "تمكين" إحدى أبرز المبادرات المنبثقة عن التوجهات الاستراتيجية لغرفة تجارة وصناعة عمان، والتي تركز على 3 مرتكزات أساسية، وهي تحسين بيئة الأعمال، وتوسيع قاعة التنويع الاقتصادي، والشراكة في تنمية المحافظات اقتصاديا.

وتسعى المبادرة إلى تنفيذ برنامجين تدريبيين خلال عامي 2025 و2026 في مختلف محافظات سلطنة عمان، بهدف تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع قدرتها للاستفادة من نسبة 10% المخصصة لها من المشتريات والمناقصات الحكومية.

 وأكد سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، أن تدشين هذه المبادرة يجسد حرص الغرفة على دعم وتمكين القطاع الخاص، وفي مقدمته المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعد ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة تستدعي جاهزية أكبر لهذا القطاع للمشاركة بفعالية في المشاريع الحكومية والخاصة.

وأوضح سعادة الشيخ أن الغرفة تعمل على تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من دخول سوق المناقصات والمشتريات بكفاءة، بما يعزز المحتوى المحلي ويوسع فرص الأعمال أمام الشباب، مؤكدا أن هذه المبادرة تنسجم مع دور الغرفة في دعم تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" وتعزيز التنويع الاقتصادي، خصوصا في القطاعات الواعدة ذات الأثر المباشر على التنمية الاقتصادية.

من جانبه، أوضح زكريا بن عبدالله السعدي الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة وصناعة عمان، أن مبادرة "تمكين" تعد إحدى أبرز مخرجات الورشة التطويرية للتوجهات الاستراتيجية لغرفة تجارة وصناعة عمان، القائمة على ثلاث مرتكزات أساسية، وهي تحسين بيئة الأعمال، وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي، والشراكة في تنمية المحافظات اقتصاديا. حيث أطلقت الغرفة فبراير العام الجاري 14 مبادرة نوعية تسهم في تحقيق هذه التوجهات الاستراتيجية.

وقال زكريا السعدي إن أهمية هذه المبادرة تأتي من إدراكنا العميق بأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ليست مجرد رافد من روافد الاقتصاد الوطني، بل هي محرك رئيسي للتنمية، ومجال واسع للابتكار وتطوير الحلول الجديدة، ومصدر مهم لتوفير فرص العمل للشباب، وعنصر فاعل في تعزيز المحتوى المحلي ودعم سلاسل الإمداد الوطنية.

مقالات مشابهة

  • بسبب ارتداء ملابس مسلسل بيكي بليندرز.. طالبان توقف أربعة شبان في أفغانستان
  • القائم بأعمال وزير الاقتصاد : اليمن يمتلك قاعدة إنتاجية قوية في صناعة الملبوسات
  • فيديو.. لحظة إلقاء القبض على المشتبه بهم بهجوم سيدني
  • أكاديمية "سدايا" تُطلق برنامج التدريب الاحترافي في النماذج اللغوية الكبيرة LLM
  • الثلاثاء.. تدشين مبادرة "تمكين" لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
  • الإنجليز أحن عليه مننا؟.. عمرو أديب: محمد صلاح يستحق الدعم لا الإحباط
  • خبير روسي: حسم الصراع الأوكراني الروسي لا يزال بعيدًا
  • بيتكوفيتش: “من الصعب تقديم وعود ولكننا نسعى لإسعاد الشعب الجزائري”
  • المقبالي حارس «المواعيد الكبيرة» بأرقام استثنائية في كأس العرب
  • فلسفة خاصة لمصمم هندي في تنظيم الحفلات الضخمة وتقديم الهدايا