مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أصبحت مدينة رفح القريبة من الحدود المصرية مركزا لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

وتحذر الأمم المتحدة من أن رفح يمكن أن تستضيف قريبا نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتستضيف المدينة حاليا نحو نصف مليون نازح (470 ألف)، إلى جانب السكان الذين يقارب عددهم الـ 300 ألف نسمة (280 ألف)، وحذر توماس وايت، مدير قسم غزة في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عبر إكس من أن أوامر الإخلاء الأخيرة من شأنها أن تضيف نصف مليون نازح إضافي للمدينة.

 

Population in areas who have been ordered to move over 600K - could see half a million people being displaced to Rafah

Rafah that normally has a population of 280K and already hosting around 470K IDP will not cope with a doubling of its IDP population #Gaza @unrwa

— Thomas White (@TomWhiteGaza) December 5, 2023

وهربت مئات العائلات من القصف الإسرائيلي المتواصل، حيث امتلأت المدارس والملاجئ في جنوب غزة، وتضاعفت أسعار الشقق الصغيرة من 100 دولار قبل الحرب إلى نحو 5 آلاف دولار، ما يجعل النازحين أمام خيارات قليلة للتخييم في الحدائق والأراضي الفارغة والبحث عما يقيهم من الطقس البارد، وفق الصحيفة.

ونوهت الصحيفة إلى أن المدينة شهدت زيادة بثلاث مرات بعدد سكانها منذ بدء النزاع.

ورفح الواقعة جنوب قطاع غزة، هي مدينة قديمة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي تمتد على الحدود المصرية، وتضم المعبر الحدودي الوحيد في القطاع الذي لا يؤدي إلى إسرائيل.

وبدأت إسرائيل قصفا مدمرا على قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق لحركة حماس المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية في السابع من أكتوبر أوقع 1200 قتيلا غالبيتهم من المدنيين بحسب السلطات الإسرائيلية. وبدأت إسرائيل اعتبارا من 27 أكتوبر هجوما بريا واسع النطاق في القطاع الفقير والمحاصر تماما.

وقتل أكثر من 17 ألف شخص، نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال دون 18 عاما، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة.

نقص الغذاء وانتشار للأمراض نازحون في انتظار دورهم للحصول على مياه نظيفة للشرب. أرشيفية

ووثقت مجموعات الإغاثة تفشي بعض الأمراض مثل التهاب الكبد وداء الكلب والهربس، والذي نتج عن الاكتظاظ وعدم كفاية المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، ناهيك عن نقص الوقود لتغذية محطات تحلية المياه ومعالجتها بشكل كاف، الأمر الذي تسبب في حالات إسهال على نطاق واسع بين النازحين.

ولا يجد النازحون سوى الأشجار للحصول على وقود للتدفئة وطهي الطعام وغلي المياه للشرب، فيما ترتفع أسعار المواد الغذائية والمياه النظيفة، وتتضاءل إمدادات الأدوية والمنتجات الصحية خاصة للأطفال أو السيدات.

ويمثل نقص الغذاء مشكلة طيلة الحرب المستمرة منذ شهرين، لكنه تفاقم منذ انتهاء الهدنة التي استمرت أسبوعا في الأول من ديسمبر بسبب تراجع عدد شاحنات المساعدات التي تدخل من مصر وعرقلة القتال العنيف لتوزيعها بما في ذلك في جنوب غزة.

غزة.. قصة نزوح ثلاث نساء ورضيع هربا من القتال بعد شهرين من اندلاع الحرب في قطاع غزة، صار أغلب سكانه مشردين وتكدسوا بسبب القصف الإسرائيلي العنيف في مناطق أصغر داخل القطاع الضيق أصلا حيث يعيش كبار السن وحديثو الولادة على حد سواء في خيام وسط الأنقاض.

وذكرت رويترز في تقرير لها أن " أطفال غزة ينامون ويستيقظون على صراخ البطون الجائعة في مخيم برفح"، حيث "يلجأ نازحون.. إلى حلول يائسة مثل تخفيف حليب الأطفال المجفف في كمية كبيرة من الماء أو إطعام الأطفال وجبة واحدة يوميا بسبب عدم توافر ما يكفي الطعام".

وقال توماس وايت، مدير شؤون وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة عبر حسابه في منصة "إكس" إن "أوامر الإخلاء الأخيرة قد تؤدي إلى نزوح نصف مليون شخص إضافي إلى رفح".

وأشار إلى أن "البنية التحتية للمياه والصرف الصحي لن تقترب حتى من توفير احتياجات السكان النازحين داخليا، الذين يمكن أن يصل عددهم إلى مليون شخص".

وأكد برنامج الأغذية العالمي أنه أصبح من المستحيل إيصال المساعدات إلى الجياع في قطاع غزة مع تصعيد إسرائيل هجماتها على أهداف هناك في حربها مع حركة حماس.

وقال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، في بيان بعد زيارة للقطاع، الجمعة: "مع انهيار القانون والنظام، فإن أي عملية إنسانية ذات جدوى باتت مستحيلة".

وأضاف "مع وصول جزء صغير للغاية من الإمدادات الغذائية اللازمة والغياب الصارخ للوقود وانقطاع أنظمة الاتصالات وانعدام الأمن لموظفينا أو الأشخاص الذين نخدمهم في (مراكز) توزيع المواد الغذائية، لا يمكننا القيام بعملنا".

وخلال الهدنة التي انهارت الأسبوع الماضي أظهر البرنامج التابع للأمم المتحدة قدرته على إيصال المساعدات إذا كانت الظروف مواتية، ودعا سكاو إلى "هدنة إنسانية".

وأضاف "لدينا طعام على متن الشاحنات، ولكننا بحاجة إلى أكثر من معبر واحد. وبمجرد دخول الشاحنات، نحتاج إلى ممر حر وآمن للوصول إلى الفلسطينيين أينما كانوا".

برنامج الأغذية العالمي: لا نستطيع القيام بمهامنا في غزة قال برنامج الأغذية العالمي إنه أصبح من المستحيل إيصال المساعدات إلى الجياع في قطاع غزة مع تصعيد إسرائيل هجماتها على أهداف هناك في حربها مع حركة حماس.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق لوول ستريت جورنال عما إذا يمكن أن تصبح رفح هدفا للعمليات العسكرية، وقال إنه "لا يعلق على الخطط المستقبلية".

تداعيات أوسع

وألمحت الصحيفة إلى أن الأزمة الإنسانية في رفح قد يكون لها تداعيات أوسع إذا حاول الفلسطينيون في المدينة شق طريقهم للدخول إلى مصر، ما يعني أن القوات المصرية قد تكون أمام خيار استخدام القوة لرد المدنيين أو قبول أزمة اللاجئين في سيناء.

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد شرح في العاصمة واشنطن، الجمعة، موقف القاهرة الرافض لأي تهجير للفلسطينيين من غزة إلى سيناء.

وقال خلال فعالية نظمها "المجلس الأطلسي" المتخصص بالأبحاث في مجال الشؤون الدولية حول التحديات المرتبطة في الحرب في غزة، إن استمرار "التهجير والنزوح الداخلي" للفلسطينيين في غزة يشكل "انتهاكا للقانون الإنساني الدولي".

وكرر الوزير "في بداية النزاع صدرت تصريحات رسمية مفادها أن النية كانت تهجير أهل غزة إلى سيناء. هذا أمر غير مقبول إطلاقا".

شكري يشرح موقف القاهرة الرافض لتهجير الفلسطينيين لسيناء شرح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في العاصمة واشنطن، الجمعة، موقف القاهرة الرافض لأي تهجير للفلسطينيين من غزة إلى سيناء.

وأوضح شكري أن القاهرة ترفض أي عملية تهجير لعدة أسباب إذ أنه يشكل "انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.. ويمثل تحركا لتصفية القضية الفلسطينية. وتصفية لتطلعات أكثر من 4 ملايين فلسطيني في إقامة دولتهم الخاصة.. وهو أمر غير مقبول على الإطلاق".

وبين أنه رغم تراجع الحديث عن هذه التصريحات، إلا أن "جميع الإجراءات التي يتم اتخاذها يبدو أنها لا تزال تؤدي إلى تنفيذ هذا التهجير"، مشيرا إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص في غزة، مؤكدا أن "النشاط العسكري" والظروف غير الإنسانية تشكل الآن تهديدا بمزيد من التهجير خارج غزة.

استخدمت الولايات المتحدة، الجمعة، حق النقض "الفيتو" خلال تصويت في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يطالب بوقف "إطلاق نار إنساني فوري" بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

وصوتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار الذي طرحته الإمارات، مقابل معارضة الولايات المتحدة وامتناع بريطانيا عن التصويت.

واعتبر نائب المندوبة الأميركية، روبرت وود، أن مشروع القرار "منفصل عن الواقع" و"لن يؤدي إلى دفع الأمور قدما على الأرض".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأغذیة العالمی فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: كارثة إنسانية وشيكة في شرق تشاد مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين

منذ بدء الحرب في السودان في أبريل 2023، عبر أكثر من 844 ألف لاجئ سوداني إلى تشاد، التي كانت تستضيف بالفعل ما يقرب من 409 آلاف سوداني فروا من موجات سابقة من الصراع في دارفور منذ عام 2003.

بورتسودان: التغيير

دقّت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ناقوس الخطر إزاء تفاقم حالة الطوارئ الإنسانية في شرق تشاد، حيث تضاعف عدد اللاجئين السودانيين بأكثر من ثلاثة أضعاف في ظل الصراع الدامي في بلدهم.

وأكدت أنه بدون زيادة كبيرة في التمويل، “لا يمكن تقديم المساعدات المنقذة للحياة بالحجم والسرعة المطلوبين”.

ووفقا للمفوضية، فر أربعة ملايين شخص من السودان إلى الدول المجاورة منذ بداية الحرب، مما يمثل “نقطة تحول كارثية في أزمة النزوح الأكبر في العالم”.

وحذرت من أنه إذا استمر الصراع، سيستمر آلاف آخرون في الفرار، مما يعرض الاستقرار الإقليمي والعالمي للخطر.

ومنذ بدء الحرب في السودان في أبريل 2023، عبر أكثر من 844 ألف لاجئ سوداني إلى تشاد، التي كانت تستضيف بالفعل ما يقرب من 409 آلاف سوداني فروا من موجات سابقة من الصراع في دارفور منذ عام 2003.

وفي إحاطة للصحفيين في جنيف من الحدود التشادية السودانية، قال منسق المفوضية في تشاد دوسو باتريس أهوانسو، إن هذا الوضع يضغط على قدرة تشاد على الاستجابة.

وقد تصاعد عدد اللاجئين بشكل كبير منذ تكثيف الهجمات على المدنيين في شمال دارفور في أواخر أبريل، بما في ذلك على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين وفي الفاشر.

فقد وصل ما يقرب من 69 ألف شخص إلى تشاد خلال ما يزيد قليلا عن شهر، وبلغ متوسط ​​عدد الذين يعبرون الحدود يوميا 1400 شخص في الأيام الأخيرة.

وقال أهوانسو إن هؤلاء المدنيين “يفرون برعب، والكثير منهم تحت النار، ويتنقلون عبر نقاط التفتيش المسلحة والابتزاز والقيود الصارمة التي تفرضها الجماعات المسلحة”.

وأوضح أن ما يقرب من 72% من اللاجئين الذين قابلتهم المفوضية مؤخرا أبلغوا عن تعرضهم لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجسدي والجنسي، والاحتجاز التعسفي، والتجنيد القسري، وقال 60% منهم إنهم انفصلوا عن أفراد أسرهم.

أزمة إنسانية وطفولة

وأضاف مسؤول الوكالة الأممية أن أزمة الأطفال المدمرة تتكشف أيضا، حيث إن ثلثي الأطفال الوافدين حرموا من المدرسة لسنوات، وأصيب الكثير منهم بجروح جسدية ونفسية عميقة.

وروى قصة فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات تُدعى حواء، بترت ساقها نتيجة هجوم على مخيم زمزم فقدت فيه والديها وشقيقين. وقال إن هناك “العديد والعديد من الأطفال الذين يواجهون وضعا مشابها لحواء”.

وشدد على ضرورة توسيع نطاق توفير الرعاية الصحية ودعم الصحة النفسية لمعالجة المعاناة الفورية وإرساء أسس التعافي والمصالحة.

وعلى الرغم من جهود الشركاء الإنسانيين والسلطات المحلية، قال أهوانسو إنه لم تتم تلبية سوى 14% من الاحتياجات الحالية بسبب النقص الخطير في التمويل، مما يترك عشرات الآلاف معرضين للظروف الجوية القاسية وانعدام الأمن.

وأشار إلى أن اللاجئين لا يحصلون حاليا إلا على خمسة لترات من الماء للشخص الواحد يوميا، وهو أقل بكثير من المعيار الدولي الذي يتراوح بين 15 و20 لترا لتلبية الاحتياجات اليومية الأساسية.

وأضاف أن حوالي 239 ألف لاجئ ما زالوا عالقين على الحدود، معرضين لتقلبات الطقس وانعدام الأمن وخطر المزيد من العنف.

وقال: “هذه أزمة إنسانية، وأزمة أمن، وأزمة طفولة. إن حياة ومستقبل ملايين المدنيين الأبرياء، بمن فيهم أطفال مثل حواء، على المحك. وبدون زيادة كبيرة في التمويل، لا يمكن تقديم المساعدة المنقذة للحياة بالحجم والسرعة المطلوبين”.

الوسومآثار الحرب في السودان الأمم المتحدة اللاجئين السودانيين في تشاد

مقالات مشابهة

  • أونروا: هدف إسرائيل من آلية المساعدات الجديدة تهجير الفلسطينيين إلى جنوب غزة
  • الشوبكي يحذر: أزمة الشيكل في الضفة بوابة تهجير اقتصادي إلى الأردن!
  • الأمم المتحدة: كارثة إنسانية وشيكة في شرق تشاد مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين
  • أسوأ أزمة إنسانية في العالم..  نزوح 4 ملايين شخص من السودان
  • السودان: هجوم على قافلة أممية في دارفور وسط تحذيرات من "أسوأ كارثة إنسانية في العالم"
  • الأمم المتحدة: 4 ملايين شخص فروا من السودان منذ أبريل 2023
  • باحث سياسي: غزة تعيش أسوأ أزمات الجوع في التاريخ ويجب الضغط على الاحتلال لإنهاء جرائمه
  • وزير خارجية بريطانيا: السودان يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم
  • عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل
  • وزير خارجية بلجيكا للجزيرة: ما يحدث بغزة تهجير وليس دفاعا عن النفس