ما هي دروس تجربة ثورة ديسمبر؟ (2/2).. بفلم : تاج السر عثمان
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
١
كيف جرت محاولة المخطط لاجهاض الثورة؟
مخطط قطع الطريق أمام الثورة بدأ بانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، في اطار سيناريو " الهبوط الناعم" الذي كان معلوما منذ تقرير المبعوث الأمريكي برينستون ليمان بعنوان " الطريق الي الحوار الوطني في السودان" بتاريخ 13 أغسطس 2013 ،الذي أشار فيه الي ضرورة طرح حوار واسع يشارك فيه حتى الإسلامويين بهدف تكوين حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، كان ذلك بعد نهوض الحركة الجماهيرية وترنح نظام الانقاذ وخوف أمريكا من قيام ثورة شعبية نؤدي لتغيير جذري في البلاد، وينتج عنها نظام ديمقراطي يهدد مصالحها وحلفاءها الدوليين والاقليميين في المنطقة ، وبهدف الاستمرار في نفس سياسة التبعية مع تغييرات شكلية في الحكام .
و بعد أن قامت الثورة اختطفتها قوي "الهبوط الناعم" التي تحالفت مع انقلاب اللجنة الأمنية الذي استخدم المجلس العسكري بعده تكتيكات ومناورات وخداع ، وعنف وحشي أمام القيادة العامة ، كما حدث في أحداث 8 رمضان ومجزرة القيادة العامة في 29 رمضان التي كانت جريمة ضد الانسانية ، لا زالت المعركة تدور حول الاسراع في إعلان نتيجة التحقيق في المجزرة والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين ، فكيف كانت الخطوات التي جرت لاجهاض الثورة؟ .
بعد مجزرة فض الاعتصام تدخلت محاور اقليمية ودولية للتوقيع علي الوثيقة الدستورية التي هيمن فيها العسكر علي السلطة ، وبعدها انقلب العسكر علي الوثيقة الدستورية ، واختطفوا ملف السلام من مجلس الوزراء ، ووقعوا علي اتفاق جوبا الجزئي القائم علي المحاصصات والمسارات، والذي يهد وحدة البلاد ، والذي كان انقلابا كاملا علي الوثيقة الدستورية ، وتعلو بنوده عليها .
كل ذلك بهدف تكرار تجارب الانتقال الفاشلة كما في الديمقراطية الأولي والثانية والثالثة ، والحلقة الجهنمية بالانقلابات العسكرية ومصادرة الديمقراطية.
٢
كما رصدنا تراكم المقاومة الجماهيرية حنى موكب 6 أبريل 2019 ، منذ الانفجارالجماهيري بعد الزيادات في المحروقات والخبز . الخ ، والذي بدأ من الدمازين في 13 ديسمبر 2018 ، وبشكل اقوي في مدينة عطبرة، وبعدها استمرت المواكب والوقفات الاحتجاجية والعرائض والمذكرات حتى موكب 6 أبريل الذي كان نقطة تحول مهمة في ثورة ديسمبر ، أدي للاعتصام أمام القيادة العامة، ولسقوط البشير ونائبه ابنعوف في 11 أبريل 2019 بعد انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، استخدام المجلس العسكري تكتيكات ومناورات وخداع ، وعنف وحشي ضد الاعتصام أمام القيادة العامة ، كما حدث في أحداث 8 رمضان ومجزرة القيادة العامة في 29 رمضان التي كانت جريمة ضد الانسانية ، لا زالت المعركة تدور حول كشف نتائجها بعد تكوين لجنة نبيل أديب والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين، ما أوضحنا في الحلقات السابقة.
استمر تراكم المقاومة الجماهيرية بعد مجزرة فض الاعتصام، مثل : الإضراب العام الذي دعت له " قوى الحرية والتغيير" يومي الثلاثاء 28 مايو والأربعاء 29 مايو 2019 ، الذي أكد أن الجماهير ما زالت قابضة علي جمر الثورة ، والسير بها قدما حتى قيام الحكم المدني الديمقراطي، وبعد الاضراب العام جاءت مواكب 30 يونيو و13 يوليو وساحة "الحرية" هادرة ، والتي أكدت أن جذوة الثورة متقدة ، و لا بديل غير تسليم السلطة للمدنيين ، والفصاص للشهداء من مرتكبي مجزرة فض الاعتصام ، وتكوين لجنة التحقيق المستقلة الدولية.
من سمات تجربة ثورة ديسمبر التصدي لتآمر القوي المضادة للثورة وعلي رأسها فلول النظام البائد من المؤتمر الوطني وامتداده داخل الحكومة والخدمة المدنية والقوات النظامية، ومؤسساته وشركاته الرأسمالية الطفيلية موجوده ، والتي تعمل بنشاط في تخريب الاقتصاد وتدهور مستوي المعيشة، ، فمازالت عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، واسترداد أموال وممتلكات الشعب المنهوبة تسير ببطء، فما استردته لجنة التمكين يمثل قطرة في جبل الجليد، اضافة للبطء في محاسبة رموز النظام البائد الذين ارتكبوا جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية ، فما قام انقلاب اللجنة الأمنية الا لحماية تلك المصالح ، وايجاد مخرج لهم من المحاكمات ، فضلا عن عدم تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، والدعوات للمصالحة مع الإسلامويين، ونسيان مجزرة فض الاعتصام !!!.
- كما برزت فكرة المصالحة مع الاسلامويين لتصفية الثورة رغم مخططهم لتصفية الثورة ، ودور انقلاب اللجنة الأمنية في قطع الطريق أمام الثورة لحماية مصالح الرأسمالية الطفيلية العسكرية والمدنية، وابرام اتفاق جوبا الذي يهدد وحدة البلاد والقائم علي المحاصصات والمسارات الذي تجاهل الشرق وقضاياه ، مما أدي لتأجيج الفتنة القبلية في الشرق ، كما يحدث الآن ، فقد أغلق شباب المجلس الأعلى لنظارات البجا مداخل ومخارج محطة الحاويات ومنطقة الكشف الجمركي في “دما دما” بميناء بورتسودان عصر أمس الجمعة بجانب إغلاق الطريق القومي بعدد من مناطق شرق السودان وإغلاق الطريق القاري الرابط بين مصر والسودان في منطقة اوسيف، مع استثناء عبور السيارات الخاصة والبصات السفرية (الراكوبة، 18 /9 / 2021) ، للمطالبة بالغاء مسار الشرق، كما استمر الاغلاق الذي شمل الميناء الذي وجد استنكارا واسعا محليا وعالميا باعتباره جريمة ضد الانسانية بقطع التموين والدواء عن المواطنين..
مما يتطلب الغاء المسارات والمحاصصات ،و الحل الشامل والعادل الذي يحقق التنمية المتوازنة وتوفير خدمات التعليم والصحة والأمن وحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعودة النازحين لقراهم وحواكيرهم وتعويضهم العادل ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، وتوفير خدمات المياه والكهرباء والرعاية البيطرية.
وقبل ذلك كان قد أغلق محتجون بغرب كردفان مطار بليلة كما تم منع المهندسين الخروج لاداء أعمالهم.
لتحقيق مطالبهم بتعويضات لصالحهم في أرض لمعسكر شركة “بترو انرجي” والذي تم إنشائه في وقت سابق، مما أدي للتردي الأمني بحقول البترول.
كل ذلك يعكس ضعف الحكومة وتجاهلها لمطالب المواطنين، وفشلها في حفظ الأمن ، والحل الشامل والعادل لقضايا الشرق والغرب ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، واللجؤ لمنهج النظام البائد في الحلول الجزئية التي تفتت وحدة البلاد ، وتؤدي لتحقيق هدف الفلول في تصفية الثورة والانقلاب عليها.
٣
الحركات المسلحة وثورة ديسمبر
بعد ثورة ديسمبر وقعت بعض الحركات في الجبهة الثورية اتفاق (جوبا) مع اللجنة الأمنية، والتي تحولت لمحاصصات ومسارات تهدد وحدة البلاد كما هو الحال في الشرق والشمال الرافض للمسارات ، وتنسف الأمن بالسماح بتعدد الجيوش مع مليشيات الدعم السريع السريع التي أدت للمزيد من تدهور الأمن في دارفور وبقية المدن من خلال تكرار حالات انتهاك حق الحياة، بدلا من الاسراع في الترتيبات الأمنية بحل كل جيوش الحركات والدعم السريع وقيام الجيش القومي المهني الموحد .
كما تراجعت الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا مع قوي "الهبوط الناعم" في "قوي الحرية والتغيير" عن المواثيق التي وقعت عليها مثل: "إعلان نداء السودان لإعادة هيكلة الدولة السودانية"، "إعلان الحرية والتغيير"، وشاركوا في مجلس الشراكة ، والحكومة التي انبثقت عنها التي سارت في سياسات النظام البائد . وتآمر الحركات ( مناوي ، جبريل ،أردول ، هجو . الخ) مع العسكر في قاعة الصداقة السبت 2 / 10 بهدف الانقلاب العسكري علي الثورة ، وضد الحكم المدني الديمقراطي..
أوضحت احداث الشرق خطورة اتفاق جوبا الجزئي الذي قام علي المحاصصات والمسارات وأهمل قضايا التنمية المتوازنة بين مناطق السودان المختلفة ومن ضمنها الشرق الذي يشهد حاليا توترا السبب الرئيسي فيه سلطة الشراكة الراهنة، فقد كرّست اتفاقية جوبا ّ الانقلاب الكامل علي "الوثيقة الدستورية"، ولم تتم اجازتها بطريقة دستورية ، أي بثلثي التشريعي كما في الدستور، بل تعلو بنود الاتفاق علي "الوثيقة الدستورية " نفسها، كما قامت علي منهج السلام الذي حذرنا منه ، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام، بل سيزيد الحرب اشتعالا قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد، مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع، اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد، والتي رفضها أصحاب المصلحة أنفسهم ومنهم أبناء الشرق ، والسير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب، من المهم الوقوف سدا منيعا لعدم تكرار تلك التجارب.
اتفاق جوبا امتداد لمنهج النظام البائد الذي وقع اتفاقات كثيرة مع قوي المعارضة والحركات المسلحة، وكان من الممكن أن تفتح الطريق لمخرج من الأزمة، ولكنه تميز بنقض العهود والمواثيق ، وافرغ الاتفاقات التي وقعّها من مضامينها، وحولها إلي مناصب ومقاعد في السلطة والمجالس التشريعية القومية والولائية تحت هيمنة المؤتمر الوطني مثل:
الاتفاقات مع مجموعة الهندي من الاتحادي، جيبوتي مع الأمة والتي أدت إلي انشقاق حزبي الأمة والاتحادي، مجموعة السلام من الداخل التي انشقت من الحركة الشعبية، اتفاقية نيفاشا والتي كانت نتائجها كارثية أدت الي تمزيق وحدة السودان، بعدم تنفيذ جوهرها الذي يتلخص في : التحول الديمقراطي وتحسين الأحوال المعيشية ، وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية بحيث تجعل كفة الوحدة هي الراجحة في النهاية، وكانت النتيجة انفصال الجنوب، اتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي، اتفاق ابوجا مع مجموعة مناوي، الانفاق مع جبهة الشرق، اتفاق التراضي الوطني مع حزب الأمة، اتفاق نافع – عقار، اتفاق الدوحة، حوار الوثبة الأخير الذي تحول لمحاصصة ومناصب.
٤
استمرت أساليب النظام البائد في الأكاذيب والمراوغة ونقض العهود والمواثيق ، والأقوال التي لا تتبعها أفعال ، كما اوضحنا سابقا ، في التراجع عن وثيقة " اعلان الحرية والتغيير" من قبل قوي " الهبوط الناعم في ( ق.ح.ت) والتوقيع علي "الوثيقة الدستورية" المعيبة مع اللجنة الأمنية ، وحتى الوثيقة الدستورية لم يتم الالتزام بها ، وتم خرقها، وزاد الخرق اتساعا بالتوقيع علي اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ومسارات مما يهدد وحدة البلاد كما هو حادث في الشرق حاليا وتعلو بنوده علي الوثيقة الدستورية ، كما أوضحنا بتفصيل سابق ذلك ، و استمرت الأكاذيب والمراوغة كما في الأمثلة التالية :
- بعد تسنمه رئاسة الوزارة في 21 أغسطس 2019 ، أعلن رئيس الوزراء حمدوك في مؤتمر صحفي أنه مع تحقيق شعار حرية – سلام – وعدالة ، ووقف الحرب وتحقيق السلام المستدام ، إصلاح مؤسسات الدولة ومعالجة الفقر ومجانية التعليم والصحة، وحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بناء اقتصاد قائم علي الإنتاج وليس علي الهبات، معالجة التضخم وتوفير السلع الأساسية ، إعادة هيكلة الجهاز المصرفي، بناء دولة القانون، المشروع الوطني لمعالجة كيف يحكم السودان ، وليس من يحكمه. الخ، طبيعي لا نتوقع حل تركة 30 عاما من الخراب في 9 شهور.
لكن حدث العكس، كما الحال في اقتصادنا القائم علي الهبات ، وتم الخضوع لتوصيات الصندوق والبنك الدوليين في رفع الدعم عن الوقود والخبز والكهرباء والتعليم والصحة ، مما أدي لتزايد الفقر والتضخم والارتفاع الكبير في الاسعار، ولم يتم حتى وضع الأسس لمجتمع يقوم علي الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ، بل تراجع حمدوك عن توصيات المؤتمر الاقتصادي ، واستبدلها بشروط الصندوق المدمرة لاقتصادنا، والتي جربناها لأكثر من 40 عاما ، وكانت الحصيلة الخراب والفقر، واضافة الي تدهورالأمن وغياب السلام المستدام ، وعدم اصلاح مؤسسات الدولة التي تدهورت بالمحاصصات، ولم يتم إعادة هيكلة النظام المصرفي . الخ ، رغم مرور عامين علي حكومة الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني...
٥
تابعنا مخطط القوي المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدء من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019 ، بعدها تم التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" التي جري فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوي "الهبوط الناعم " من قوي الحرية والتغييير ، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة ، وحتى "الوثيقة الدستورية" "المعيبة" لم يتم الالتزام بها، بل تم الانقلاب عليها ، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها ، بجعل بنوده تعلو عليها ، بهدف اجهاض وتصفية الثورة ، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية ، ما زال يشكل حائط الصد لتلك المحاولات، فجذوة الثورة مازالت متقدة ، وجذورها عميقة.
رصدنا مخطط الفلول للانقلاب الكامل علي الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي ، كما في تخريب الاقتصاد ، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان ، ونسف الأمن في المدن ، وتجريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة، وقطع الطرق الرئيسية كما جري في طريق شندي – عطبرة ، وطريق بورتسودان .الخ ، باسم كيانات و تجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا ،وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري ، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري ، وحل لجنة التمكين. الخ، وحتى المحاولة الانقلابية والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر ، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة ، وأحداث الارهاب في جبرة ، والشرق التي الهدف منها نسف الأمن والاتقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي ، لتعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي. وحتى الوصول الاعتصام الموز وتدبير انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 الذي وجد مقاومة كبيرة وتم التدخل الإقليمي والدولي لفرض الاتفاق الإطاري الذي فجر الخلاف بين الجيش والدعم السريع حول دمج الدعم السريع في الجيش.. مما أدي لانفجار الحرب اللعينة الهادفة لتصفية الثورة ونهب ثروات البلاد والتفريط في وحدتها وسيادتها الوطنية،
ومازالت الثورة مستمرة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحریة والتغییر القیادة العامة النظام البائد الهبوط الناعم ضد الانسانیة ثورة دیسمبر وحدة البلاد اتفاق جوبا فی الشرق کما فی
إقرأ أيضاً:
الدولار يتراجع إلى أدنى مستوياته أمام الجنيه خلال 9 أشهر.. ما السر؟
تراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري خلال تعاملات اليوم الأحد 27 يوليو في البنوك، مُسجلا أدنى مستوياته منذ مطلع نوفمبر 2024، وذلك على غير عادته بعد جولات الارتفاعات التي سجلتها العملة الأجنبية خاصة خلال شهري أبريل ومايو الماضيين.
وانخفض الدولار اليوم تحت 49 جنيها، وفقاً لبيانات سعر الصرف في بنكي «إتش إس بي سي» والكويت الوطني مصر، حيث تراوح سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بين 48.85 جنيه للشراء و48.95 جنيه للبيع.
وأكدت تعاملات بنك التعمير والإسكان أن سعر الدولار بنهاية اليوم الأحد، سجل 48.95 جنيه للشراء و49.05 جنيه للبيع، وفي بنك كريدي أجريكول عند 48.81 جنيه للشراء و48.91 جنيه للبيع.
كما أكد البنك الأهلي الكويتي في مصر أن سعر الدولار انخفض مقابل الجنيه حتى 48.85 جنيه للشراء و48.95 جنيه للبيع.
الدولار تحت 49 جنيها
وفي تعاملات البنوك اليوم، كشف قناة السويس عن انخفاض «الدولار» أمام الجنيه لأول مرة منذ يوم 3 نوفمبر 2024 عند أدنى مستوى، بعدما بلغ سعر الدولار حوالي 48.85 جنيه في الشراء و48.95 جنيه في البيع.
وفي البنوك الحكومية ذات الانتشار الواسع، أوضح البنك الأهلي المصري أن سعر الدولار اليوم سجل نحو 48.85 جنيه في الشراء و48.95 جنيه في البيع، كذلك أكدت التعاملات في بنك مصر على تراجع الدولار إلى نفس المستويات.
وانخفض «الدولار» في بنك القاهرة اليوم، مسجلاً بذلك 49.04 جنيه للشراء و49.14 جنيه للبيع.
وفي باقي البنوك التجارية الخاصة العاملة داخل مصر، أكد بنك قطر الوطني وبنك فيصل أن سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بلغ 48.82 جنيه للشراء و48.92 جنيه للبيع.
لماذا ينخفض الدولار مقابل الجنيه المصري؟
وقالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، إن الانخفاض الحالي في سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يعود بالأساس لتوافر النقد الأجنبي في القطاع الرسمي للبلاد، حيث زاد معروض «الدولار» في وقت يتميز بقلة الطلب عليه.
وأوضحت الدماطي أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت زخماً كبيراً منذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024، وتمكنت الأوراق المالية الحكومية خاصة أذون الخزانة المصرية من جذب مستثمرين أجانب ما ساهم بدورة في توفير نقد أجنبي.
وكشف البنك المركزي المصري في الأسبوع الماضي أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت في 11 شهرا ممتدة من أول يوليو حتى نهاية مايو من العام المالي 2025/2024 نحو 32 مليار و400 مليون دولار، بنسبة زيادة 69.6% مقارنة بنفس الفترة من العام المالي السابق عليه، منها تحويلات بقيمة 15 مليار و800 مليون دولار أول خمسة أشهر بالعام الجاري.
وذكر البنك المركزي أن إجمالي رصيد صادرات البلاد في أول 9 أشهر بالعام المالي 2025/2024 سجلت 29 مليار و750 مليون دولار، بزيادة واضحة عن صادرات نفس الفترة من العام المالي السابق والبالغة 24 مليار و119 مليون دولار.
وأشار البنك إلى أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بلغت 9 مليار و800 مليون دولار أول 9 أشهر بالعام المالي الماضي، وأفاد أن إيرادات قطاع السياحة في مصر ارتفعت بنسبة 15.4% إلى نحو 12 مليار و500 مليون دولار.
ونوهت الدماطي، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، إلى أن حجم الدين الخارجي واجب السداد هذا العام يقل بصورة ملحوظة عن العام 2024، ما يقلل معه من الطلب على النقد الأجنبي لتمويل فوائد وأقساط الديون خاصة بعد اتجاه الدولة لمبادلة الديون الخارجية باستثمارات محلية وتسديد مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة بالبلاد.
ووفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي يتعين على مصر سداد 43 مليار و200 مليون دولار في أول 9 أشهر من العام 2025، يتركز معظمها في النصف الأول من العام.
وأشارت الخبيرة المصرفية إلى أن انخفاض سعر الدولار يؤكد على استقرار الصرف محلياً، كما يمنح القطاعات الإنتاجية في مصر فرصة استيراد احتياجاتها من مواد الخام، ما يعني عودة دورات الإنتاج لطبيعتها، ما يسهم بالتالي في نمو الناتج القومي.
وتتوقع الدماطي، أن يتراوح سعر الدولار مقابل الجنيه المصري حتى نهاية عام 2025 بين 47 و49 جنيهاً لكل دولار.
وتُرجح خبيرة الاقتصاد آلاء صالح أن تراجع «الدولار» يكمن في أن الجنيه المصري يرتفع بفعل تدفقات أجنبية قوية وكبيرة مقومة بالدولار الأمريكي إلى أسواق الدين المحلية، مدعومة بتخفيف المخاطر الجيوسياسية وأسعار الفائدة الحقيقية الجذابة.
وفقاً لبيانات صادرة من البنك المركزي سجلت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية بنهاية شهر مارس الماضي نحو 38 مليار دولار.
وأضافت: «لا تزال التوقعات متفائلة بحذر ويمكن أن يؤدي استمرار الفائدة الأجنبية والتخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة والتقدم في صفقات الاستثمار مع قطر والمملكة العربية السعودية والكويت إلى دعم الجنيه المصري».
وأكدت أن الانتعاش المستدام في سعر الصرف سيتوقف على الإصلاحات الهيكلية، ومعنويات المستثمرين، واتجاهات الدولار الأوسع نطاقا.
السبب في الدولار المنخفض
ورجح محلل أسواق تداول الأوراق المالية، إبراهيم عادل، أن يكون العامل الرئيسي وراء الاستقرار الأخير للجنيه يكمن في الضعف الواسع للدولار.
وأضاف عادل، يسير مؤشر الدولار في اتجاه هبوطي ثابت منذ أوائل عام 2025، بعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، مدفوعاً بتصاعد التوترات الجيوسياسية، والصراعات التجارية التي بدأتها الولايات المتحدة مع العديد من البلدان، وزيادة التدخل الأمريكي في الصراع الإيراني الإسرائيلي.
ودعم محلل الأسواق هذا التوقع، بمسار أداء الجنيه مقابل العملات الرئيسية الأخرى، خاصة اليورو، والذي انخفض أمامه بأكثر من 40% منذ عام 2024 وحوالي 10% منذ بداية العام حتى الآن.
يشير هذا التوقع إلى أن الاستقرار الواضح للجنيه مقابل الدولار يرجع إلى حد كبير إلى ضعف الدولار وليس قوة الجنيه المتأصلة.
اقرأ أيضاًالأخضر بكام؟.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 27 يوليو 2025
سعر الدولار في مصر اليوم.. الأحد 27 يوليو 2025
استقرار الدولار.. أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم السبت 26 يوليو 2025