ثورة ثعلب ضد المعز أيبك.. يوم اقترب العربُ من حكم مصر وطرد المماليك منها!
تاريخ النشر: 13th, July 2023 GMT
على الاختلاف الكبير بينهم، لعب كل من المماليك والأيوبيين دورا بارزا في مسار التاريخ الإسلامي. والمماليك هم الرقيق الأبيض الذين جلبهم العباسيون والأيوبيون من وسط آسيا فعلّموهم ودرّبوهم وخصصوا لهم ثكنات عسكرية، وأغلبهم من العِرق التركي ممن أطلقوا عليهم القفجاق أو القبجاق أو الغُز، ثم في يوم تخرجهم كانوا يُمنحون وثيقة عتاقة وتخرُّج ووظيفة عسكرية في الجندية، ومن ثم يكون طريق الترقي في الوظائف فيما بعد مفتوحا أمامهم حتى بلوغ مناصب عالية في الجيش، وأعلاها قيادة الجيش "الأتابك".
أما الأيوبيون فهم سلالة إسلامية كردية حكمت مناطق شاسعة من شمال العراق وجنوب الأناضول وبلاد الشام ومصر واليمن وبرقة وراعوا الحرمين الشريفين، ودانوا بالولاء والتبعية للخلافة العباسية، وأشهر سلاطينهم ومؤسس دولتهم السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، ومن بعده تقلّد السلطة أبناؤه وأقرباؤه وأحفاده في نظام حكم فيدرالي ووراثي في الوقت نفسه، ولكن هذه السلالة كانت بخلاف المماليك من بعدهم، قوم أحرار عرفوا للعرب حقوقهم وفضلهم في مصر وبلاد الشام، لذلك أدمجهم صلاح الدين الأيوبي ومَن بعده من سلاطين وملوك الأيوبيين في بنية الدولة الأيوبية وفي الجيش في أوقات الحرب والقتال ضد الصليبيين وغيرهم.
نقمة العامة والعرب على المماليك
ومع مقتل آخر سلاطين الأيوبيين في مصر الملك توران شاه بن الصالح نجم الدين أيوب على يد قوات أبيه من المماليك بعدما أدركوا انقلابه عليهم، وتبييته النية للتخلص منهم، أصبح الطريق إلى السلطة في مصر فارغا، ومن ثم تقلدت شجرة الدر زوجة الصالح أيوب السلطنة، ثم لما اعترض الخليفة العباسي المستعصم اضطرت إلى الزواج من الأمير المملوكي التركي وقائد الجيش عز الدين أيبك التركماني، الذي تسلم السلطنة فيما بعد، وأصبح بصورة رسمية السلطان الأول للدولة المملوكية في مصر.
وفي الأعوام السبعة التي تولّى فيها المعز أيبَك الحكم في مصر (648-655هـ) لم يكن التحدي الخارجي متمثلا في الأيوبيين المنافسين في الشام الذين كانوا ينقمون على المماليك استئثارهم بالسلطة هو التحدّي الأخطر أمامه، وإنما ظهر تحدٍّ آخر داخلي لم يقل خطرا تمثّل في ثورة العرب في عدد من مناطق مصر، هؤلاء العرب رأوا أنهم أحقّ بالملك والسلطنة من المماليك الأتراك.
ظهرت هذه الثورة عقب الإعلان عن وفاة السلطان نجم الدين أيوب ومقتل ابنه السلطان توران شاه، وتولي السلطان أيبك الحكم، لقد أنف عامة أهل مصر من أن يعتلي عرش بلادهم رجل مملوك كان من جملة الرقيق وإن أُعتق وصار حُرا، وحاول أيبك من ناحيته أن يتقرب من الناس باللين وطيب المعاملة وإطلاق الهدايا والأموال، حتى قال المؤرخ ابن تغري بردي: "أطلق [أيبك] في مدّة سلطنته من الأموال والخيول وغير ذلك ما لا يحصى كثرة حتّى رضي الناس بسلطان مسّه الرّقّ. وأمّا أهل مصر فلم يرضوا بذلك إلى أن مات، وهم يُسمعونه ما يَكره، حتّى في وجهه إذا ركب ومرّ بالطرقات، ويقولون: لا نريد إلا سلطانا رئيسا مولودا على الفطرة"[1].
ولا شك أن الرفض الشعبي لسلطان مِن طبقة الرقيق كان قويا، وأن رفض المصريين إنما نبع فيما يبدو لنا من كون القاهرة قد اتخذها الفاطميون والأيوبيون عاصمة لهم ومستقرا، فعلَوْا وعلت بهم. وإذا كان رفض عامة الناس لحكم المماليك بهذا الحجم، فكيف بالعرب وهم قوم أشد أنفة ومنعة، تسري في عروقهم عادة العصبية، ومفاخر النسب؟! صحيح أن العرب في مصر قد تحولوا من بعد الفتح الإسلامي وهجراتهم من الجزيرة العربية إلى "عرب مزارعة"[2]، ما يعني أن طبائعهم صارت أقرب لأغلب أهل مصر من المزارعين والفلاحين، لكنهم أبدا لم ينسوا أنهم محاربون علوا على طبقة الفلاحين باحتياج الدولة إلى خدماتهم طيلة العهد الفاطمي والأيوبي، لذا "انتشرت الثورة العربية في شمال مصر وجنوبها أنفة من حكم الرقيق" [3].
يُشير كلٌّ من المؤرخين أحمد مختار العبّادي وسهيل طقوش إلى أن العاملين السياسي والاقتصادي تضافرا معا لإشعال هذه الثورة، فقد تمثّلت الأهداف السياسية في "إلغاء حكم المماليك وإعادة السلطة إلى العرب الأحرار أصحاب السيادة القديمة على البلاد، ويبدو أن هذا الهدف السياسي هو الذي أثار مخاوف المماليك ودفعهم إلى اتباع سياسة العنف والقسوة في قمع تلك الثورة خوفا على سلطانهم"[4].
أما على الجانب الاقتصادي، فإن المماليك "تعسّفوا في تحديد أثمان المنتجات الزراعية، وتلاعبوا بأسعارها، مما انعكس سلبا على أوضاع المزارعين الاقتصادية، وقد أدى ذلك إلى هجرة عدد كبير منهم إلى المدن الكبرى حيث اشتركوا في النزاعات الداخلية التي كانت تدور بين الأمراء المماليك، كما بالغ المماليك في الفساد والاستهتار وزيادة الضرائب إلى درجة أن بعض المؤرخين فضّلوا حكم الصليبيين على حُكمهم"[5].
منزلة آل ثعلب الجعافرة
بدأت شرارة الثورة العربية في ظل سلطنة المعز أيبك في عام 651هـ، حيث انضمت القبائل العربية في الشرقية والصعيد والمنوفية والبحيرة وغيرها بالإضافة إلى بعض من عامة الناس إلى شريف علوي -وقيل إنه كان من أحفاد جعفر الطيار بن أبي طالب- ينتمي إلى أسرة عريقة النسب في صعيد مصر قد نال بعض أبنائها شرف الإمارة في العصر الأيوبي، ومن هؤلاء والده الذي يقول عنه المؤرخ المقريزي: "الشريف الأمير الكبير فخر الدين إسماعيل بن ثعلب الجعفريّ الزينبيّ، أحد أمراء مصر في أيام الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب وغيره، وصاحب المدرسة الشريفية بجوار درب كركامة، على رأس حارة الجودرية من القاهرة"[6].
هذا عن والده ومكانته في دولة العادل أبي بكر بن أيوب أخي السلطان صلاح الدين الأيوبي، أما ابنه حصن الدين ثعلب فقد ورث المنصب والجاه والمنزلة عن والده، وعرف له الأيوبيون وعلى رأسهم كلٌّ من السُّلطانين الكامل محمد بن العادل أيوب وابنه الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل حقه ومكانته، ونرى من الأوقاف التي أوقفها والده، بل والأراضي الشاسعة التي كانوا يملكونها في القاهرة وحدها فضلا عن الصعيد، أنهم كانوا أهل مال ونفوذ عريض، حتى إن السلطان الكامل محمد بن العادل الأيوبي اضطر أن يشتري من الأمير حصن الدين ثعلب أرض اللوق المعروفة اليوم في القاهرة بباب اللوق نواحي ميدان رمسيس والأزبكية والسبتية لإنشاء ميدان فسيح في هذه المنطقة، ودفع مقابل ذلك مبلغا كبيرا قدره ثلاثة آلاف دينار ذهبي[7].
ومن المعلوم أن الأيوبيين كانوا من أوائل الأُسر الذين استفادوا من القبائل العربية بصورة منتظمة في المجهود الحربي في كلٍّ من بلاد الشام ومصر، وفي المقابل كانوا يمنحونهم الإقطاعات والرواتب وألقاب الإمارة لعلية القوم ورؤسائهم، كما استفاد المماليك من هذا الأمر في كلٍّ من الشام ومصر، وسنجد في عصرهم منصب أمير العرب في الجهاز الإداري المملوكي، الذي احتل رتبة عسكرية عالية، وقد تفرد بهذا المنصب آل مهنا أقوى الأُسر العربية في الشام وشمال الجزيرة العربية وعلى تخوم العراق لفترة لا بأس بها في ظل الدولة المملوكية البحرية[8].
ثورة حصن الدين ثعلب ونهايته
يتضح من وصف المقريزي السابق للأمير فخر الدين إسماعيل والد حصن الدين ثعلب وابنه أنهما كانا ذوي منزلة رفيعة في الدولة الأيوبية، ولا شك عندنا أن زعامتهما وأسرتهما للقبائل العربية في مصر لفضل نسبهم إلى البيت العلوي أو الجعفري القرشي، ولمالهم وجاههم العريض، ولكل هذه الأسباب أَنِفَ الأمير حصن الدين ثعلب القرشي أو خاف من أن ينتقصَ المماليكُ من حقوقهم المعنوية والمادية، بل رأى نفسه أحق بالملك منهم ووراثة السلطان من الأيوبيين الأحرار، والحق أن حصن الدين قد أعلن عن سبب قيامه بهذه الثورة المسلحة ضد دولة المماليك الناشئة بقوله: "نحن أصحاب البلاد.. أنا أحقّ بالملك من المماليك، وقد كفى أنّا خدمنا بني أيُّوب، وهم [المماليك] خوارج خرجوا على البلاد"[9].
هذا الإعلان من ثعلب كان يمثل بجلاء مأزق الشرعية الذي لازم المماليك منذ بدء دولتهم على يد شجر الدر والمعز أيبك وحتى قضائهم بصورة نهائية على الصليبيين والمغول في الشام، وكانت أزمة دستورية وسياسية كبيرة استمرت خمسين عاما كاملة. ورغم استتباب الأمر لهم بقوة السلاح والنصر على الأعداء، وقبول كثير من طبقات المجتمع لسلطة المماليك بحكم الأمر الواقع، وبحكم ملئهم للشرعية بالجهاد والعمران وإحياء الخلافة، فإن كثيرا من القبائل العربية كانت في جميع مراحل وأطوار هذه الدولة الشوكة الأقوى في حلقها والمُهدِّد الأكبر لأمنها واستقرارها[10].
كان حصن الدين ثعلب يدرك حجم قوته، ويعلم أن المماليك الذين انتصروا على أيوبيي الشام، وعلى الصليبيين في حملتهم السابعة بقيادة لويس التاسع في المنصورة ودمياط، قوم عسكريون ذوو خبرة ودُربة، وما كان لهم أن يستولوا على السلطة لولا هذه القوة العسكرية القاهرة، ولهذا السبب أراد حصن الدين أن يقوّي من موقفه السياسي، ولم يجد أمامه بدّا سوى مراسلة الملك الناصر الثاني يوسف الأيوبي الذي كان يحكم بلاد الشام لكي يمده بدعمه، ويسرع بالمجيء إلى مصر للقضاء على المماليك ويعيد إحياء الدولة الأيوبية، لكن الناصر الثاني كان منذ هزيمته أمام المماليك في موقعة العبّاسة في الشرقية شمال شرقي مصر في ذي القعدة سنة 648هـ وتحفز المماليك المستمر ضده ووقوفهم على الحدود بكامل قوتهم وجيشهم، أضعف من أن يضطلع بمهمة مساعدة حليفه الأمير حصن الدين ثعلب[11].
واللافت أننا أمام روايتين تناولتا المواجهة المملوكية للثورة العربية في مصر بقيادة الشريف حصن الدين الجعفري الجعدي. الرواية الأولى هي رواية المؤرخ تقي الدين المقريزي، التي يبينُ فيها أن العرب احتشدوا في سنة 651هـ في منطقة "دهروط صربان"، وهي المنطقة المسماة اليوم بديروط في صعيد مصر، وجاء إلى حصن الدين وفود من عسكر العرب من البحيرة والشرقية والفيوم والجيزة، وقدر المقريزي "عدَّة الفرسان اثنَي عشر ألف فَارس، وتجاوزت عدَّة الرجالة الإحصاء لكثرتهم"[12]. ولهذا السبب أرسل السلطان المعز أيبك كبير المماليك البحرية، وقائد الجيش الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار في خمسة آلاف فارس مملوكي، واستطاعوا بعد معركة سريعة أن يسحقوا الثوار من العرب، ثم عبروا إلى عرب المنوفية والغربية طبقا لرواية المقريزي.
وسرعان ما خدع السلطان أيبك حصن الدين بأن أعطاه الأمان، فجاء إليه وقبض عليه وعلى ألفين ممن معه في بلبيس بالشرقية فشُنقوا عن آخرهم، ثم أُرسل حصن الدين إلى سجن الإسكندرية فشُنق فيها، ومن بعد ذلك قررت الدولة المملوكية أن تتعامل مع القبائل العربية بالقهر والبطش، فقد "أمر المعز بزيادة القطعية (الضرائب) على العرب، وبزيادة القود (الهدايا المفروضة) المأخوذ منهم ومعاملتهم بالعنف والقهر. فذلوا وقلّوا"[13]. واستمر ضعف العرب حتى زمن المقريزي في النصف الأول من القرن التاسع الهجري على ما يُعقّب هو نفسه على هذه الرواية.
أما الرواية الثانية فهي رواية المؤرخ وأحد كبار الموظفين في الإدارة المملوكية شهاب الدين النويري؛ وهي تخلو من اللبس الظاهر في رواية المقريزي فيما يتعلّق بمواقع الأحداث والمعارك وسيرها، فهي تؤكد أن الحرب بين المماليك والعربان كانت في سنة 652هـ، وتقطع بأن أحداث الصراع كانت في منطقة الصلعا القريبة من مُنشأة إخميم، وهي في محافظة سوهاج اليوم، وتتوافق مع رواية المقريزي في عدد قوات الأمير حصن الدين ثعلب التي بلغت نحو 12 ألف فارس و60 ألف راجل، وتُبين أن التجريدة العسكرية المملوكية كانت مكونة من ألفي فارس فقط، وأن قائدها كان فارس الدين أقطاي الجمدار بمعاونة من الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحي، الذي تولّى ولاية الصعيد في فترة سابقة، ولديه معرفة بطبائع أهلها ودُروبها وطرائقها.
تقول الرواية إن الأمير أقطاي فوجئ عند الالتحام بأعداد المقاتلين العرب الكبيرة للغاية، حتى قال لأيبك الأفرم: "لقد غششتنا؛ فإن هذه العِدَّة التي معنا لا تقوم بهذه الجموع الكثيرة. فقوّى نفسه، وقال: أنا أعرفُ هؤلاء وهذه بلاد ولايتي. وحمل عليهم، ورمتهم العسكر بالنُّشَّاب (السهام)، فما كان السهم يقع إلا في أحدهم، فما كان بأسرع من أن انهزموا أقبح هزيمة، وأخذهم السيف"[14]. ويؤكد النويري في روايته أن حصن الدين تمكن من الهرب إلى أعماق الصعيد، وكان من أبرز المأسورين في هذه الموقعة ابن عم الشريف حصن الدين، حيث شنقه المماليك أسفل قلعة الجبل في القاهرة.
والتأمل في هاتين الروايتين يرجّح لدينا رواية شهاب الدين النويري؛ لأن النويري (ت 733هـ) هو الأقرب لمعاصرة هذه الأحداث، فقد يكون قد سمع من أحد أبناء أو أحفاد المشاركين في الموقعة فرواها كما هي، ولأن المقريزي متأخر عن النويري بقرن كامل ونيف فهو المتوفى في سنة (845هـ)، وأيضا لأن رواية المقريزي فيها بعض الغموض والخلط، ويشير المستشرق الفرنسي "بولياك" أيضا إلى ضعف رواية المقريزي فيقول: "يظهرُ أن الرواية التي سَردها المقريزي عن استئصال شأفة العرب في عهد أيبك لم تكن إلا طمسا للحقيقة، كانت غايته منها تمجيد الأتراك المماليك؛ لأن خطر العربان ظل باقيا حتى نهاية حُكم المماليك"[15].
كانت نهاية الشريف حصن الدين ثعلب القرشي هي الشنق، سواء كان ذلك في عصر أيبك، أو في عصر سلطنة ركن الدين بيبرس الذي استطاع خداعه وقتله في نهاية الأمر، ورغم القضاء على ثورة ثعلب وخطورتها، فقد بقي للقبائل العربية وزنها ووجودها، وثوراتها المستمرة لا في العصر المملوكي فقط، بل وفي الحقبة العثمانية التالية وحتى مشارف العصر الحديث لأسباب كثيرة قد نقف معها فيما بعد.
—————————————————————————————-
المصادر[1] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 7/13.
[2] العبادي: قيام دولة المماليك الأولى ص128.
[3] محمود السيد: تاريخ القبائل العربية في عصر الدولتين الأيوبية والمملوكية ص122.
[4] العبادي: قيام دولة المماليك الأولى ص130.
[5] طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام ص46.
[6] المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 3/212.
[7] المقريزي: السابق 3/246.
[8] دوروتيا كرافولسكي: "البدو في مصر والشام في القرنين السابع والثامن الهجريين عند العُمري في مسالك الأبصار". مجلة الاجتهاد، العدد السابع عشر – بيروت، 1992م.
[9] المقريزي: السلوك 1/479.
[10] إبراهيم بيضون: المماليك ومأزق الشرعية ص48 – 55. مجلة الاجتهاد، العدد 22 – بيروت، 1414هـ.
[11] المقريزي: السلوك 1/480.
[12] المقريزي: السلوك 1/480.
[13] المقريزي: السلوك 1/480، 481.
[14] النويري: نهاية الأرب 29/276.
[15] العبادي: قيام دولة المماليك الأولى، هامش ص132.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مواقع التواصل العربیة فی العرب فی کانوا ی کان من فی مصر ة التی من بعد
إقرأ أيضاً:
ثورة الهواتف المتوسطة.. هل تموت فئة الهواتف الرائدة؟
تغير عالم الهواتف المحمولة كثيرا في السنوات العشر الماضية، وبعد أن كانت الهواتف المحمولة كلها تنتمي إلى الفئة ذاتها، أصبحنا اليوم نرى هواتف رائدة وأخرى متوسطة وهواتف اقتصادية، حتى إن الهواتف الغبية عادت إلى الساحة مجددا.
ولا يمكن القول إن هناك معيارا واحدا يحكم قطاع الهواتف المحمولة أو يحدد سبب الاختيار، سواءً كان إيجابيا أو سلبيا، ولكن بشكل عام، فإن العديد من المستخدمين يسعون لاقتناء هواتف ذكية تقدم أفضل قيمة مقابل سعر قليل، فلا يدفعون أكثر من اللازم في مزايا موجودة في الهواتف الأخرى بسعر أقل.
ورغم أن الهواتف الرائدة هي التي تحقق المكسب الأعلى لشركات تصنيع الهواتف المحمولة، إلا أن ثمن هذه الهواتف كان يشكل حاجزا يمنع المستخدمين من اقتنائها، ومن هنا ولدت فئة الهواتف المتوسطة، أي الهواتف التي تأتي بسعر أقل قليلا من الهواتف الرائدة وتقدم مزايا مناسبة، ومع تطور التقنيات وانتشار الشركات المصنعة لمكونات الهواتف وانتشار شركات صناعة الهواتف المحمولة بشكل عام، ولدت فئة جديدة، أصبحت تدعى باسم "قاتل الهواتف الرائدة".
يشير هذا المفهوم الفريد من نوعه إلى هاتف متوسط الثمن أو أقل سعرا من الهواتف الرائدة، ولكن يقدم مزايا توازيها في الأداء، ليصبح اقتناؤها منطقيا أكثر من اقتناء الهاتف الرائد الذي تقدمه الشركة نفسها أو بعض الشركات المنافسة.
لاقت هذه الفئة من الهواتف المحمولة شعبية واسعة بين المستخدمين، إذ كانت توفر لهم خيارات متنوعة إلى جانب انخفاض قيمتها مقارنةً بالمنافسين، ومع ازدياد الإقبال، سعت جميع الشركات لتقديم هذه الفئة من الهواتف، لذا بعد أن كانت حكرا على الشركات الصينية، أصبحنا نراها اليوم في هواتف "سامسونغ" و"آبل".
تختلف مواصفات فئة قاتلة الهواتف الرائدة بحسب الشركة التي تقدمها، فبعض الشركات تركز على العتاد والمعالج والذاكرة العشوائية، والبعض الآخر يركز أكثر على الكاميرا والشاشة والتصميم، وهناك من يحاول الجمع بين كل هذه المزايا معا في هاتف واحد.
ربما يكون غريبا وصف هواتف "آبل" بأن أحدها هو قاتل للهواتف الرائدة رغم كون "آيفون" دوما من الهواتف الرائدة، ولكن مع تطور الشركة وطرح المزيد من طرز "آيفون"، ولدت هذه الفئة داخلها، وبشكل عام، يمكن القول إن "آيفون" المعتاد أو "آيفون إي" الجديد هما قاتلا الهواتف الرائدة في "آبل".
إعلانفسعر "آيفون 16" المعتاد يأتي عند 800 دولار تقريبا مقارنة مع ألف دولار و1200 دولار لفئات هواتف "برو" و"برو ماكس"، ورغم أن فارق السعر ليس كبيرا، إلا أن النسخ المعتادة من الهاتف تعد قاتلة للهواتف الرائدة، إذ لن تحتاج لاقتناء النسخة الرائدة ما دمت راغبا في التضحية ببعض المزايا، وكذلك ينطبق الأمر على "آيفون 16 إي" الجديد الذي يأتي بسعر 600 دولار تقريبا.
ولكن هواتف "آبل" حالة خاصة بسبب اعتمادها على النظام البرمجي الخاص بها، وهو ذو ثمن باهظ أكثر من أنظمة "أندرويد" مفتوحة المصدر، لذلك قد لا تنطبق عليها فكرة قاتلة الهواتف الرائدة بشكل دقيق.
هناك العديد من طرز "أندرويد" التي تأتي بمواصفات قادرة على قتل الهواتف الرائدة والتغلب عليها، بدءا من هواتف "وان بلاس" (Oneplus) التي تأتي بأسعار اقتصادية، وتحديدا، هاتف "آيس 5" (Ace 5) الذي يأتي بمعالج "سناب دراغون 8 غين 3" (Snapdragon 8 Gen 3) المستخدم في الهواتف الرائدة وبسعر يقترب من 350 دولارا، ومن الجدير بالذكر أن هذا المعالج هو نفسه المستخدم في هواتف "سامسونغ" الرائدة وحتى هواتف "وان بلاس" التي يزيد سعرها على 800 دولار.
ورغم وجود العديد من الطرز من الهواتف قاتلة الفئات الرائدة، إلا أن شركة "نوثينغ فون" (Nothing Phone) استطاعت طرح أكثر من طراز مميز يمكن وصفه فعلا بكونه قاتلا للهواتف الرائدة، ومن بينه "نوثينغ فون 3 إيه" (nothing phone 3a) الذي يأتي بشاشة كبيرة بحجم 6.77 بوصات من نوع "آموليد" (AMOLED) ودقة سطوع تصل إلى 3 آلاف شمعة ومعدل تحديث 120 هرتزا ومعالج "سناب دراجون 7 إس غين 3" (Snapdragon 7s Gen 3) الذي ما زال يعد معالجا رائدا مع ذاكرة عشوائية ملائمة وذاكرة تخزين ملائمة وبسعر لا يتخطى 380 دولارا.
إعلانوكذلك، سعت "سامسونغ" في السنوات الماضية لتقديم هذه الهواتف (قاتلة الفئات الرائدة)، إذ طرحت "غالاكسي إيه 56″ (galaxy A56) و"غالاكسي إس 24 إف إي" (Galaxy S24 FE)، وكلها تحمل داخلها مواصفات قوية ومعالجات رائدة توازي في أدائها معالجات "إس 24 ألترا" (S24 Ultra) و"إس 25 ألترا" (S25 Ultra).
ويمكن اعتبار هاتف "بيكسل 9 إيه" (Pixel 9a) من "غوغل" أيضا من الهواتف قاتلة الفئات الرائدة، إذ يأتي بمواصفات رائدة تصميم أنيق وعصري بسعر 500 دولار، ناهيك عن وجود العديد من الهواتف الصينية التي تنتمي إلى هذه الفئة من شركات "شاومي" (Xiaomi) و"ريلمي" (Realme) و"أوبو" (Oppo) وغيرها.
لماذا الابتعاد عن الهواتف الرائدة؟شهدت السنوات الماضية تطور الهواتف المحمولة بشكل غير مسبوق، إذ أصبحت الآن تأتي بقوة توازي تلك الموجودة في الحواسيب المحمولة فضلا عن الإسراف في بقية المواصفات سواء كانت حجم الشاشة والهاتف بشكل عام أو حتى مساحات التخزين وحجم الكاميرا وجودتها.
ورغم أن هذه المزايا تجذب قطاعات مختلفة من المستخدمين، إلا أن هناك قطاعات لا ترغب في امتلاك هذه المواصفات المفرطة، وتسعى للاعتدال في المواصفات وامتلاك مواصفات ملائمة بسعر ملائم.
كما أن ارتفاع سعر الهواتف الرائدة الذي أصبح يتجاوز ألف دولار في كافة الشركات الآن كان سببا كفيلا لتوجه العديدين إلى الهواتف المتوسطة التي تقدم مزايا تنافس تلك الرائدة.