نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني تقريرا عن إقبال الشباب الأميركي على اعتناق الإسلام، بحثا عن مغزى للحياة.

وينقل التقرير الذي أعدته الكاتبة سمدار شيلوني، عن علماء يدرسون الإسلام ويحللون جيل ما بعد الألفية نفسيا، القول إن هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول كانت تمثل "في ظاهرها" ضربة قوية للمسلمين في الولايات المتحدة.

وقد تزايدت جراء ذلك الشكوك والخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، وأصبحت الحياة أصعب بالنسبة لهم.

على أن ما حدث كان شيئا آخر، تقول الصحيفة، مضيفة أن رغبة الأميركيين من أتباع الديانات الأخرى في معرفة المزيد عن الأيديولوجية التي كانت "حافزا" لذلك الهجوم، جعلتهم فضوليين ومهتمين بالإسلام حتى أن القرآن أصبح من الكتب الأكثر مبيعا.

أعظم إعلان عن الإسلام

ويعتقد إيلاد بن ديفيد الخبير بشؤون الإسلام في الولايات المتحدة، أن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على مدينتي نيويورك وواشنطن كانت "أعظم إعلان عن الإسلام" على نطاق العالم.

وبذل قادة مسلمون عديدون جهودا كبيرة لإدانة الهجمات وإبراز الإسلام كدين يسعى للسلام وليس دينا يعيش بالسيف، وفق تقرير الصحيفة.

وفي السنوات التي تلت 11 سبتمبر/أيلول 2001، وجد الدعاة المسلمون في وسائل التواصل الاجتماعي "المنصة المثالية" لنشر الإسلام، حيث يروجون له "بلغة إنجليزية لا تشوبها شائبة" بطريقة إيجابية وموضوعية ومحبة للسلام، كما تورد الصحيفة الإسرائيلية.

يتهافتون على تيك توك

وذكرت شيلوني، في تقريرها، أن الشباب الأميركي (معظمهم من الإناث) تهافتوا على منصة (تيك توك) وانخرطوا "مسرورين" في قراءة القرآن، وكانوا في غاية الحماس بشأن محتواه حتى أن البعض منهم اعتنق الإسلام.

وأضافت أن اهتمام الأميركيين بالقرآن والإسلام زاد بعد شن إسرائيل حملتها العسكرية في غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب ما رأوه من صور تظهر معاناة المدنيين في القطاع الفلسطيني.

وبحسب يديعوت أحرونوت، فقد عثر الإسلام هذه المرة على جمهور "مثالي" من الشباب، والتقدميين، وجيل (زد) -وهم الشبان المولودون بين منتصف التسعينيات وأوائل عام 2010- الذين وجدوا في القرآن وعلومه منطلقا لوجهات نظرهم العالمية.

جاذبية صمود الفلسطينيين

وضربت شيلوني مثلا بامرأة أميركية شابة من أصل أفريقي تدعى ميغان رايس قامت قبل شهر بتحميل مدونة على تطبيق تيك توك عبّرت فيه عن إعجابها بالإسلام وصمود الشعب الفلسطيني.

ولم تضيع رايس أي وقت، فبدأت بقراءة سور من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، ثم أنشأت "النادي العالمي للكتاب الديني"، الذي أتاح للمستخدمين ممن ليست لهم خلفية، لتدارس القرآن معها.

وفي غضون أسابيع ارتدت رايس الحجاب، واعتنقت الإسلام دينا، طبقا للتقرير الذي أشار إلى أن الأميركية الشابة لم تكن هي الوحيدة، فقد أضحت جزءا من توجه ينمو سريعا وسط جيل (زد) يتعرفون من خلاله على القرآن الكريم والإسلام، حيث اكتشفوا أنه يعبر "عن كل الأمور التي يؤمنون بها" من "قيم تقدمية وحرية واشتراكية وتكافل اجتماعي، ومعارضة لعالم يتسم بالجشع والاستغلال".

أمركة الإسلام

غير أن بن ديفيد -الذي يعمل أيضا باحثا مشاركا في منتدى التفكير الإقليمي- يقول إن الرسالة الإسلامية الموجهة إلى الجمهور الأميركي بعد 11 سبتمبر/أيلول خفّت حدتها، "وتم أمركة الإسلام وتكييفه مع نمط الحياة في دولة علمانية غربية".

ومن مظاهر تلك الأمركة -بحسب تقرير شيلوني- أن كبار الدعاة المسلمين بدؤوا في ارتداء الملابس الغربية والتأكيد على هويتهم الأميركية الوطنية.

وأعرب بن ديفيد عن اعتقاده أن الثقافة العربية في الشرق الأوسط -وليس الدين- تلعب دورا أكبر، وهذا الأمر أقل وضوحا في أميركا لأن "بوتقة الانصهار" تعني أن ثقافة بلد المنشأ ليست لها صلة كبيرة بالجيلين الثاني والثالث من المهاجرين العرب، حسب رأيه.

يبحثون عن معنى لحياتهم

على أن للباحثة في العلوم السلوكية في العصر الرقمي، الدكتورة ليراز مرغليت، رأيا أشد حدة تجاه ما يعنيه إقبال الشباب الأميركي نحو الإسلام، إذ تدعي أن هذا الجيل مهتم بالأمور "السطحية"، وأنه "يسترشد بما يضعه على الخريطة، ويبرر وجودهم، ويمنحهم الشعور بأنهم أحياء".

لكنها تستدرك قائلة "أنا لا أقصد القول إنهم جميعا سطحيون، فهم يبحثون عن معنى" لحياتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشباب الأمیرکی

إقرأ أيضاً:

المسيحية والإسلام في تاريخ مصر

في قلب الكنانة، حيث يلتقي التاريخ بالعقيدة، عاش المسيحيون الأقباط تحت ظلال الإمبراطورية البيزنطية التي سامتهم سوء العذاب، وفعلت فيهم مثلما فعل قبلهم الرومان الوثنيون الذين أسرفوا في القتل، لا سيما في عهد الإمبراطور دقلديانوس، الذي شهد عصره واحدة من أشرس حملات القتل والتعذيب، حتى أن الكنيسة القبطية بدأت تقويمها المعروف بـ"تقويم الشهداء" من بداية حكمه.

كانت الكنيسة القبطية، برمزيتها العميقة وتاريخها الصامد في وجه القمع والتنكيل، تواجه حربا مزدوجة؛ حربا على بقائها الروحي، وأخرى على وجودها الدنيوي. لم يكن الاضطهاد مجرد كلمة تُطلق، بل كان واقعا يُعاش في كل زاوية: صلبان تُحطم، ورجال دين يُنفون، وعقيدة تُوصم بالهرطقة فيُقتل أتباعها لمجرد اختلافهم عن مذهب الحاكم. ورغم ذلك، لم يتزحزحوا عن إيمانهم، ولم يتركوه.

لم يُسمح للأقباط ببناء كنائس جديدة، بل حتى الكنائس القائمة أُغلقت أو حُوّلت إلى معابد تتبع المذهب الملكاني المفروض من القسطنطينية. وقد ورد في كتابات المؤرخ القبطي سويرس بن المقفع أن كثيرا من الكهنة اختفوا عن الأنظار أو قُتلوا، وأن الناس "كانوا يتعبدون في السر، في البيوت أو المغارات". وذكر المؤرخ يوحنا النقيوسي أن "الاضطهاد لم يترك للقبط موضعا يتعبدون فيه إلا خلسة، خوفا من أنظار السلطة ورجالها".

كانت أصوات الاستغاثة ترتفع بلا مجيب، والعيون تتطلع إلى السماء طلبا للخلاص، في وقتٍ اشتدت فيه قبضة البيزنطيين وأمعنوا في القمع والتنكيل، حتى جاءت لحظة مفصلية في تاريخ مصر: الفتح الإسلامي لمصر عام 640م
كما بيّنت وثائق المجامع الكنسية القبطية أن بناء الكنائس كان محرّما بقرار إمبراطوري، واعتُبر خروجا عن الدين الرسمي للدولة. القيود لم تكن فقط دينية، بل اقتصادية واجتماعية أيضا. فقد جُرِّد الأقباط من مناصبهم، وفُرضت عليهم ضرائب باهظة، وعُوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم، كما حُرموا من الصلاة بلغتهم، وتم تغيير اللغة المستخدمة في المنشآت الحكومية إلى اللغة اليونانية، في محاولة من البيزنطيين لفرض لغتهم ومحو اللغة القبطية بالقوة.

كانت أصوات الاستغاثة ترتفع بلا مجيب، والعيون تتطلع إلى السماء طلبا للخلاص، في وقتٍ اشتدت فيه قبضة البيزنطيين وأمعنوا في القمع والتنكيل، حتى جاءت لحظة مفصلية في تاريخ مصر: الفتح الإسلامي لمصر عام 640م، والذي جاء -كما يذكر بعض المؤرخين- نتيجة لاستغاثة بابا الأقباط. فحارب جيش المسلمين جيش بيزنطة، وقُتل ثلث جيش المسلمين لتحرير الأقباط، كما وصف الكاتب الإنجليزي والتر إيمري.

لم يدخل المسلمون كغزاة يسفكون دماء الأقباط، بل دخلوا بلدا منكسرا، وشعبا أنهكه القمع، فلم يجدوا كنائس عامرة ولا كهنة ظاهرين، بل وجدوا ديانة خفية، وأمة صامتة تنتظر من يُنقذها.

وكان أول ما فعله عمرو بن العاص، القائد المسلم، أنه أرسل في طلب البابا بنيامين، بطريرك الأقباط، الذي كان مختبئا في صعيد مصر منذ 13 عاما. لم يطلب منه تغيير دينه، بل أمّنه وأعاده إلى كرسيه البطريركي في الإسكندرية، وأعاد فتح الكنائس، ومنح الأقباط حريتهم الدينية التي طالما حلموا بها.

ثم رحل الجيش الإسلامي عن أرض مصر، ولم يبقَ سوى عدد يتراوح بين 500 إلى 4000 رجل، حسب ما ذكره المؤرخون، وهؤلاء الرجال كانوا من طلاب العلم، ظلوا ليُعلّموا الناس تعاليم الإسلام. لم يفرضوا الإسلام، بل عاشوا في كنف المجتمع. ومع مرور الوقت، بدأ الأقباط يقتربون من الإسلام، لا خوفا ولا إكراها، بل رغبة في فهمه، واقتناعا بعدله.

وهنا يأتي السؤال: كيف انتشرت اللغة العربية وصارت هي لغة مصر بينما كان عدد العرب المسلمين الذين تركهم الجيش من 4000 إلى 500 فرد، بينما كان عدد الأقباط 7 ملايين شخص؟

الإجابة ببساطة تقوض كل سرديات الإكراه والاضطهاد، فالأقباط بعدما شعروا بالأمان في ظل دولة الإسلام، ورأوا الفرق بين المسلمين وغيرهم ممن حكموهم، حتى أولئك الذين كانوا على ملتهم ولكن اختلفوا في المذهب، بدأوا في الإقبال على معرفة هذا الدين وتعاليمه، والدخول فيه، ثم بدأوا في تعلم اللغة العربية كونها لغة القرآن.

وهكذا، كان الأقباط أنفسهم من نشروا اللغة العربية، وهم من نقلوا هذا الدين الجديد فيما بينهم، لا خوفا ولا رهبة، بل حبا واقتناعا. وهو ما يفسر أن عدد المسلمين في مصر اليوم يقترب من 100 مليون.

نسيج مجتمعي جديد من الأقباط: مسيحيون ظلوا على دينهم يمارسونه بحرية، وأقباط اعتنقوا الإسلام لا كرها ولا قسرا، بل اقتناعا. فليس من العقل أن شعبا ذاق كل صنوف العذاب لقرون ولم يترك دينه، يتركه مجبرا بعد أن أمن العذاب
لم يُجبَر الأقباط على الإسلام، بل مارسوا عقيدتهم بحرية، ودفعوا الجزية التي كانت أقل وطأة من ضرائب البيزنطيين، وأُعفي منها الفقراء والرهبان والعجزة. لم تُفرض عليهم اللغة أو الدين بالقوة، وإنما كانت التحولات نابعة من التفاعل والتعايش.

ومع مرور الوقت، بدأت تُنسج قصة جديدة على أرض مصر. نسيج مجتمعي جديد من الأقباط: مسيحيون ظلوا على دينهم يمارسونه بحرية، وأقباط اعتنقوا الإسلام لا كرها ولا قسرا، بل اقتناعا. فليس من العقل أن شعبا ذاق كل صنوف العذاب لقرون ولم يترك دينه، يتركه مجبرا بعد أن أمن العذاب.

أما في الحياة الاجتماعية، فلم يكن الأقباط معزولين عن الدولة الجديدة بعد دخول الإسلام، كما حدث معهم في السابق، بل تولّى عدد منهم مناصب عليا في الجهاز الإداري للدولة الإسلامية عبر تاريخها، مثل:

- ابن أبي السرح القبطي، مترجم وكاتب في عهد عبد العزيز بن مروان.

- إسطفان بن باسيل، مسؤول عن ديوان الخراج.

- بطرس بن رومانوس، من كبار موظفي الدولة العباسية.


وكذلك غيرهم من الأسماء التي تؤكد أن الأقباط ظلوا جزءا من نسيج الدولة الإسلامية والمجتمع.

إن الرواية التي تقول إن الفتح الإسلامي كان احتلالا هي رواية باهتة لا تصمد أمام الوثائق والشهادات الموثقة في العديد من كتب المؤرخين المسيحيين المصريين أو الغربيين:

- "تاريخ البطاركة"، ساويرس بن المقفع.

- "تاريخ الكنيسة القبطية"، إيريس حبيب المصري.

قصة الفتح الإسلامي لمصر ليست فقط فصلا من التاريخ، بل شهادة حيّة على عدالة الإسلام، وعلى صلابة أقباط مصر وصبرهم وتمسّكهم بهويتهم
- ألفرد بتلر، الذي قال بوضوح إن "الفتح الإسلامي لمصر لم يكن غزوا، بل تحريرا للأقباط من اضطهاد استمر قرونا".

ولعل الأجمل في هذه الحكاية ليس فقط ما جرى، بل ما بقي في وجدان وجينات الأقباط بمسلميهم ومسيحييهم، وهي جينات مقاومة المحتل. فتمسّك الأقباط بلغتهم القبطية في وجه الاحتلال الروماني والبيزنطي كان فعلا مقاوما، كما قاوم المصريون اللغة الفرنسية والإنجليزية إبان الاحتلال، ورفضوها.

وهكذا، فإن قصة الفتح الإسلامي لمصر ليست فقط فصلا من التاريخ، بل شهادة حيّة على عدالة الإسلام، وعلى صلابة أقباط مصر وصبرهم وتمسّكهم بهويتهم.

ختاما، فإن هذا المقال لا يسعى إلا إلى توضيح الحقائق وردع أي محاولات لضرب النسيج المجتمعي في مصر. وندعو أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين إلى قراءة التاريخ بعين الباحث عن الحقيقة، لا بعين الأهواء والتعصّب.

إن صلابة الأقباط، وعدالة الإسلام، وقدرة مصر على احتضان الجميع، تشكل أساسا متينا لوطن واحد، لا يفرّق بين أبنائه، بل يوحدهم تحت راية العدالة والكرامة والاحترام المتبادل.

مقالات مشابهة

  • عدد من المسيحيين يعتنقون الإسلام بواغادوغو في بوكينافاسو
  • “يديعوت أحرونوت”: مصر تلقت مقترحا أمريكيا لوقف إطلاق النار في غزة
  • وزير النقل يبحث مع وفد الغرفة الفتية الدولية آلية التعاون المشترك ‏وسبل ‏تعزيزه ‏
  • المسيحية والإسلام في تاريخ مصر
  • نتنياهو يمثُل للمرة الـ28 أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم فساد
  • يديعوت أحرونوت: هكذا تضاعف إسرائيل وجودها العسكري داخل سوريا
  • بيجر 2 كانت ستستهدف عناصر حزب الله في أيلول الماضي.. وتركيا أحبطت المخطط تقارير تكشف (صور)
  • فرانسوا بورغا.. المفكر الذي يحترم حماس ويرى الإسلاميين طليعة مجابهة الاستعمار
  • ترامب يعيد «ألكاتراز» للحياة.. الصخرة تعود بمواجهة انفجار الجريمة
  • يديعوت أحرونوت: لماذا يشتد حاليا أوار هجمات الحوثيين الصاروخية على إسرائيل؟