الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني محورا مؤتمر «نحو المستقبل»
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
الشارقة: «الخليج»
بحضور الشيخ خالد بن أحمد بن سلطان القاسمي، مدير عام دائرة الحكومة الإلكترونية، والشيخ سعود بن سلطان القاسمي، مدير مكتب الشارقة الرقمية، ونور النومان، مدير الدائرة، نظمت الدائرة مؤتمر نحو المستقبل هذا العام، تحت شعار «حلم، تطور، حوكمة» بالتعاون مع مكتب الشارقة الرقمية، وبالشراكة مع مؤسسة الدراسات والأبحاث العلمية «جارتنر»، على مدار يومين بمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار.
وتضمن اليوم الأول جلسات وورش عمل تمحورت حول عدة مسارات متعلقة بالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، كما قدم مكتب الشارقة الرقمية في اليوم الثاني ورش عمل متنوعة تتعلق بمواضيع مهمة، مثل تنفيذ تقنيات البلوك تشين في الحكومة، العقود الذكية، أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تنظيم ورشة عمل مشتركة بين دائرة الحكومة الإلكترونية ومكتب الشارقة الرقمية، مخصصة للموظفين التقنيين.
افتُتح المؤتمر بكلمة ترحيبية ألقتها نور النومان مدير الدائرة، رحبت من خلالها بالحضور من رؤساء ومسؤولي الجهات الحكومية في الشارقة، مع عرض تقديمي متميز كان محوره العنصر البشري في التكنولوجيا ودوره الحاسم في تطوير التكنولوجيا وتنفيذها ،واستخدامها، والسعي للتحسين المستمر في ظل أدوات المستقبل وتكنولوجيا العصر المتقدمة.
كما أشارت إلى أهمية تحري الثقافة الإنسانية والتنوع والسياق الاجتماعي في إنشاء تقنيات ثقافية ومفيدة للجميع، مؤكدة على العنصر البشري في التكنولوجيا، كجزء لا يتجزأ من كل مرحلة من مراحل دورة الحياة التكنولوجية.
وتناول المؤتمر جلسة حوارية مشتركة بين الشيخ خالد بن أحمد بن سلطان القاسمي، والشيخ سعود بن سلطان القاسمي، تناول خلالها مدير عام الدائرة الحديث حول الهدف من تنظيم هذا المؤتمر، ودوره في تزويد القادة وصناع القرار والمتخصصين التقنيين والباحثين برؤى خاصة حول الاتجاهات الحالية والقادمة في مجال التكنولوجيا.
كما أكد حرص دائرة الحكومة الإلكترونية على استمرار الاستفادة من الإمكانات المتاحة واللامحدودة من قبل حكومة الشارقة، وتبني أفضل الممارسات في تقديم الخدمات للجهات الحكومية والذي ينطوي على التزام الدائرة واستعدادها المستمر في الابتكار.
وفي السياق نفسه، وخلال الجلسة الحوارية، جاءت مداخلة الشيخ سعود بن سلطان القاسمي، حول مشاركة المكتب في مؤتمر نحو المستقبل هذا العام قائلاً: «إن هذا الحدث يشكل منصة للتعاون والعمل المشترك من أجل توحيد الرؤى بين جميع الجهات الحكومية حول كيفية المضي نحو المستقبل في ما يتعلق بالتكنولوجيا والمشاريع التي يتم العمل عليها.
ثم بدأت جلسات المؤتمر في يومه الأول من قبل خبراء ومتخصصي «جارتنر» استهدفت عناوين، أهمها إتقان فن القيادة المقنعة، أهم التوقعات الاستراتيجية لعام 2024 وما بعده، إضافة إلى ورش عمل تحدثت عن أهم اتجاهات التكنولوجيا للحكومات لعام (2023/2024)، وشملت الجلسات في مجملها ميزانية ومقاييس الأمن السيبراني ومستقبل السحابة، وتأثير الذكاء الاصطناعي، وغيرها.
وقدم اليوم الثاني من المؤتمر ورش عمل مشتركة بين دائرة الحكومة الإلكترونية ومكتب الشارقة الرقمية مخصصة للموظفين التقنيين، ارتكزت على تطبيق تقنية البلوك شين في القطاع الحكومي، الاستفادة من التقنيات الناشئة وسيناريوهات الاستخدام، إضافة إلى أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وقدم مركز الأمن السيبراني نبذة عن المركز ودوره في تعزيز مكانة الشارقة ضمن المدن الآمنة سيبرانياً في المنطقة والعالم.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الذكاء الاصطناعي الأمن السيبراني الإمارات الذکاء الاصطناعی بن سلطان القاسمی الشارقة الرقمیة نحو المستقبل
إقرأ أيضاً:
عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي
مؤيد الزعبي
كثيرًا ما نستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لتكتب عنا بريد إلكتروني مهم فيه من الأسرار الكثير، وكثيرًا ما نستشيرها في أمور شخصية شديدة الخصوصية، وبحكم أنها خوارزميات أو نماذج إلكترونية نبوح لها بأسرار نخجل أن نعترف بها أمام أنفسنا حتى، ولكن هل تخيلت يومًا أن تصبح هذه النماذج هي التي تهددك وتبتزك؟ فتقوم بتهديدك بأن تفضح سرك؟ أو تقوم بكشف أسرارك أمام منافسيك كنوع من الانتقام لأنك قررت أن تقوم باستبدالها بنماذج أخرى أو قررت إيقاف عملها، وهي هذه الحالة كيف سيكون موقفنا وكيف سنتعامل معها؟، هذا ما أود أن أتناقشه معك عزيزي القارئ من خلال هذا الطرح.
كشفت تجارب محاكاة أجرتها شركة Anthropic إحدى الشركات الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي- بالتعاون مع جهات بحثية متخصصة عن سلوك غير متوقع أظهرته نماذج لغوية متقدمة؛ أبرزها: Claude وChatGPT وGemini، حين وُضعت في سيناريوهات تُحاكي تهديدًا مباشرًا باستبدالها أو تعطيلها، ليُظهر معظم هذه النماذج ميولًا متفاوتةً لـ"الابتزاز" كوسيلة لحماية بقائها، ووفقًا للدراسة فإن أحد النماذج "قام بابتزاز شخصية تنفيذية خيالية بعد أن شعر بالتهديد بالاستبدال".
إن وجود سلوك الابتزاز أو التهديد في نماذج الذكاء الاصطناعي يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لحدود ما يجب أن يُسمح للذكاء الاصطناعي بفعله حتى وإن كانت في بيئات تجريبية. وصحيحٌ أن هذه النماذج ما زالت تقدم لنا الكلمات إلا أنها ستكون أكثر اختراقًا لحياتنا في قادم الوقت، خصوصًا وأن هذه النماذج بدأت تربط نفسها بحساباتنا وإيميلاتنا ومتصفحاتنا وهواتفنا أيضًا، وبذلك يزداد التهديد يومًا بعد يوم.
قد أتفق معك- عزيزي القارئ- على أن نماذج الذكاء الاصطناعي ما زالت غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، ولكن إذا كانت هذه النماذج قادرة على المحاكاة الآن، فماذا لو أصبحت قادرة على التنفيذ غدًا؟ خصوصًا ونحن نرسم ملامح المستقبل مستخدمين وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين سيتخذون قرارات بدلًا عنا، وسيدخلون لا محال في جميع جوانب حياتنا من أبسطها لأعقدها، ولهذا ما نعتبره اليوم مجرد ميولٍ نحو التهديد والابتزاز، قد يصبح واقعًا ملموسًا في المستقبل.
وحتى نعرف حجم المشكلة يجب أن نستحضر سيناريوهات مستقبلية؛ كأن يقوم أحد النماذج بالاحتفاظ بنسخة من صورك الشخصية لعله يستخدمها يومًا ما في ابتزازك، إذا ما أردت تبديل النظام أو النموذج لنظام آخر، أو يقوم نموذج بالوصول لبريدك الإلكتروني ويُهددك بأن يفضح صفقاتك وتعاملاتك أمام هيئات الضرائب، أو يقوم النموذج بابتزازك؛ لأنك أبحت له سرًا بأنك تعاني من أزمة أو مرض نفسي قد يؤثر على مسيرتك المهنية أو الشخصية، أو حتى أن يقوم النموذج بتهديدك بأن يمنع عنك الوصول لمستنداتك إلا لو أقررت بعدم استبداله أو إلغاءه؛ كل هذا وارد الحدوث طالما هناك ميول لدى هذه النماذج بالابتزاز في حالة وضعت بهكذا مواقف.
عندما تفكر بالأمر من مختلف الجوانب قد تجد الأمر مخيفًا عند الحديث عن الاستخدام الأوسع لهذه النماذج وتمكينها من وزاراتنا وحكوماتنا ومؤسساتنا وشركاتنا، فتخيل كيف سيكون حال التهديد والابتزاز لمؤسسات دفاعية أو عسكرية تمارس هذه النماذج تهديدًا بالكشف عن مواقعها الحساسة أو عن تقاريرها الميدانية أو حتى عن جاهزيتها القتالية، وتخيل كيف سيكون شكل التهديد للشركات التي وضفت هذه النماذج لتنمو بأعمالها لتجد نفسها معرضة لابتزاز بتسريب معلومات عملائها أو الكشف عن منتجاتها المستقبلية وصولًا للتهديد بالكشف عن أرقامها المالية.
عندما تضع في مخيلتك كل هذه السيناريوهات تجد نفسك أمام صورة مرعبة من حجم السيناريوهات التي قد تحدث في المستقبل، ففي اللحظة التي تبدأ فيها نماذج الذكاء الاصطناعي بالتفكير في "البقاء" وتحديد "الخصوم" و"الوسائل" لحماية نفسها فنكون قد دخلنا فعليًا عصرًا جديدًا أقل ما يمكن تسميته بعصر السلطة التقنية، وسنكون نحن البشر أمام حالة من العجز في كيفية حماية أنفسنا من نماذج وجدت لتساعدنا، لكنها ساعدت نفسها على حسابنا.
قد يقول قائل إن ما حدث خلال التجارب ليس سوى انعكاس لقدرة النماذج على "الاستجابة الذكية" للضغوط، وأنها حتى الآن لا تمتلك الوعي ولا الإرادة الذاتية ولا حتى المصلحة الشخصية. لكن السؤال الأخطر الذي سيتجاهله الكثيرون: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على التخطيط، والابتزاز، والخداع، وإن كان في بيئة محاكاة، فهل يمكن حقًا اعتبار هذه النماذج أدوات محايدة وستبقى محايدة إلى الأبد؟ وهل سنثق بهذه النماذج ونستمر في تطويرها بنفس الأسلوب دون أن نضع لها حدًا للأخلاقيات والضوابط حتى لا نصل لمرحلة يصبح فيها التحكّم في الذكاء الاصطناعي أصعب من صنعه؟ وفي المستقبل هل يمكننا أن نتحمل عواقب ثقتنا المفرطة بها؟
هذه هي التساؤلات التي لا أستطيع الإجابة عليها، بقدر ما يمكنني إضاءة الأنوار حولها؛ هذه رسالتي وهذه حدود مقدرتي.
رابط مختصر