باريس, "رويترز": مع إعادة فتح المجال الجوي لدول الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وإيران والذي يبدو صامدا، لا يزال قطاع السلع الفاخرة يعول على متسوقين أثرياء في المنطقة للمساعدة في تعويض الضعف الحالي في السوقين الرئيسيتين وهما الولايات المتحدة والصين.

وخالف الشرق الأوسط، بدعم من تدفقات السياح القوية والثروة المحلية، التباطؤ العالمي الذي شهدته مؤخرا مبيعات السلع الفاخرة الذي من المتوقع أن يتفاقم هذا العام، إذ نمت مبيعات بعض العلامات التجارية هناك بمعدلات مرتفعة.

وقالت مجموعة شلهوب لاستشارات التجزئة إن مبيعات السلع الفاخرة في دول الخليج ارتفعت بنسبة ستة بالمئة لتصل إلى 12.8 مليار دولار من سوق تبلغ قيمتها حوالي 400 مليار دولار العام الماضي، مخالفة بذلك الانخفاض العالمي بنسبة اثنين بالمئة، مع إقبال قوي على الأزياء الراقية والمجوهرات ومنتجات التجميل.

لكن هذه التجارة تعتمد اعتمادا كبيرا على السياحة المزدهرة في المنطقة. حيث تقدر شركة باين الاستشارية أن ما يتراوح بين 50 و60 بالمئة من قيمة مبيعات السلع الفاخرة في الشرق الأوسط يأتي من سياح.

وأكد اندلاع حرب جوية بين إسرائيل وإيران هذا الشهر على المخاطر المستمرة في منطقة تعاني من الاضطرابات بالفعل، حيث ألغت شركات طيران رحلات جوية وغيرت مسار طائراتها في أعقاب هجمات إسرائيلية على إيران في 13 يونيو حزيران، وهي إجراءات تتراجع الشركات حاليا عنها.

وقالت فيديريكا لوفاتو وهي من كبار الشركاء في شركة باين "في هذه المرحلة لم نعدل توقعاتنا للنمو على المدى الطويل لأننا ما زلنا نرى إمكانات كبيرة في المنطقة".

وتابعت قائلة "لكن التقلبات قصيرة الأجل تزايدت في الأسابيع القليلة الماضية وقد تستمر وسيعتمد ذلك على كيفية تطور الوضع".

وتشكل المنطقة مركزا مهما للإنفاق أثناء السفر ويفضلها الأثرياء الروس والآسيويين، وازدادت أهميتها منذ أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى فرض عقوبات وتغيير مسار رحلات جوية بين أوروبا وآسيا إلى الشرق الأوسط بدلا من مسارات شمالية.

كما أنها بوابة لعلامات تجارية راقية تصل من خلالها إلى متسوقين أثرياء من الهند، حيث منعت الرسوم الجمركية المرتفعة شركات مثل إل.في.إم.إتش من توسيع شبكات المتاجر.

ويقول ماكس هاينمان الرئيس التنفيذي المشارك لمجموعة جبر هاينمان لتجارة التجزئة خلال السفر، والتي توسعت مؤخرا في السعودية وتدير متاجر تجزئة للأزياء في المطارات وتعرض علامات تجارية فاخرة في جدة، إن سوق السفر في المنطقة أظهر متانة على المدى الطويل رغم الاضطرابات. وأضاف أنه لا يزال متفائلا.

وقال "قد نشهد انخفاضات لكن النمو سيبقى قائما".

وفي برادا، ارتفعت مبيعات الربع الأول في المنطقة بنسبة 26 بالمئة على أساس سنوي كما ارتفعت مبيعات إيرميس هناك بنسبة 14 بالمئة.

وتفتتح علامات تجارية راقية للأزياء والمجوهرات متاجر جديدة واستضافت فعاليات مميزة. ونقلت علامة زينيا للأزياء الرجالية التي تتخذ من ميلانو مقرا هذا الشهر مجموعتها الربيعية إلى دار الأوبرا في دبي، وهي من مراكز الرفاهية في المنطقة، لعرض أزياء في ديكور متقن مستوحى من تصميم فيلا إيطالية.

وقدم إيلي صعب عرضا في الرياض في نوفمبر تشرين الثاني بمناسبة مرور 45 عاما على التأسيس أحيته النجمة سيلين ديون بغنائها.

كما افتتحت كل من ديور وسان لوران وفالنتينو العام الماضي متاجر في البحرين، وأتت دار لوي فيتون للأزياء بضيوفها هذا العام إلى صحراء دبي لتناول وجبة وقت الفجر، واستضافت شانيل عشاء في أبوظبي مرتبطا بإطلاق مجموعة مجوهرات راقية.

لكن الحفاظ على أعداد الزائرين إلى وجهات الشرق الأوسط سيكون أمرا ضروريا لجذب المتسوقين.

وتقول وكالة جلوبال ترافيل مومنتس للسفر الراقي إن أعداد المسافرين لديها، بالقياس على المدى الطويل، إلى الشرق الأوسط لم تتأثر في الوقت الراهن بالاضطرابات التي وقعت في الآونة الأخيرة.

لكنها أضافت أنه بالنظر لأحدث التطورات فهناك حاليا "بالتأكيد المزيد من الحذر" قبل إتمام الرحلات إلى الشرق الأوسط بشكل عام.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السلع الفاخرة الشرق الأوسط فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

الصين القطب الاقتصادي والسياسي الصاعد

على الرغم من الاهتمام الكبير لإدارة ترامب بملف الشرق الأوسط واعتبار إسرائيل ثكنه عسكرية متقدمة لأمريكا في المنطقة، إلا أن العيون الأمريكية شاخصة على الدوام باتجاه الصين وتطورها المتسارع على المستوين الاقتصادي والعسكري؛ لتصبح قطبا في نظام دولي بدأ بالتشكل.

استثمار العوائد من أمريكا

ترتبط الصين وأمريكا بعلاقات اقتصادية متشعبة، وثمة فوائد مالية كبيرة تجنيها بكين؛ حيث اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصين باستخدام المكاسب المالية من تجارتها مع الولايات المتحدة في بناء وتطوير قدراتها العسكرية حيث قال خلال مشاركته في مؤتمر ماكدونالدز في العاصمة الأمريكية واشنطن: "لقد بنوا قواتهم المسلحة بالأموال التي قدمناها لهم على مر السنين"، في إشارة إلى الفائض التجاري الضخم الذي حققته بكين على حساب واشنطن.

وبالأرقام، أشار ترامب إلى أن الصين حصلت على نحو 722 مليار دولار من الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، مبينا أن هذه الأموال ساعدت في تمويل برنامجها العسكري المتسارع، ما يشكل تهديدا لموازين القوة الإقليمية والعالمية. ولهذا تقوم أمريكا وحلفائها بمناورات عسكرية في مناطق قريبة من الصين للحد من تمدد النفوذ الصيني؛من خلال الدبلوماسية الناعمة؛ حيث تستخدم بكين نفوذها الاقتصادي في أفريقيا والشرق الأوسط وغيرهما لتعزيز مصالحها السياسية والأمنية في ذات الوقت.

ومن نافلة القول أن تصريحات ترامب وتخوفاته أتت بعد فترة قصيرة من لقاء جمعه بالرئيس الصيني شي جين بينغ في قاعدة جيمهاي الجوية في بوسان بكوريا الجنوبية، في 30 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث تم التوصل إلى اتفاقية تجارية لمدة عام، تضمنت خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية من 57 في المائة إلى 47 في المائة؛ في مقابل موافقة الصين على شراء منتجات زراعية أمريكية واستمرار توريد المعادن الأرضية النادرة بشكل حر. ويعتبر ذلك صراعا ناعما على القطبية في العالم.

الصراع على القطبية

في تسارع مع الزمن، تسعى إدارة ترامب الى اللحاق بالصين في إنتاج الدرونات (وهي طائرات يتم التحكم بها عن بعد دون طيار)، بل العمل على تجاوزها في أقرب وقت ممكن، في مؤشر على السباق المستمر بين القوتين في المجالات الاستراتيجية العسكرية والصناعية.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الصين هي قطب اقتصادي عالمي ضخم وثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا، تعتمد على قوة صناعية هائلة وصادرات سلعية ضخمة، وتستثمر في التكنولوجيا والبنية التحتية ضمن استراتيجيات طويلة الأجل مثل "مبادرة الحزام والطريق" التي تهدف لتوسيع نفوذها سياسيا، وتسعى لتغيير النظام الدولي نحو تعددية الأقطاب بدعم من الأمم المتحدة، مع التركيز على مبادئ التعايش السلمي وعدم التدخل العسكري المباشر، بينما تستخدم نفوذها الاقتصادي لتعزيز دورها الإقليمي والعالمي وتأمين مصادر الطاقة، متجنبة المواجهة المباشرة مع القوى التقليدية في أي نزاع دولي، في وقت تعتبر فيه الصين أكبر مصدر للسلع في العالم، بحصة كبيرة من الصادرات العالمية، كما اتضح خلال عام 2023 في تقارير دولية؛ جنبا الى جنب مع استثمارات صينية ضخمة في التكنولوجيا المتقدمة، مثل الرقائق الإلكترونية ومشاريع البنية التحتية الضخمة.

اللافت أن نشاط الصين وادائها في إطار العلاقات الدولية وخاصة مع أمريكا؛ إنما هدفه الاستراتيجي خلق نظام دولي متعدد الأقطاب وليس حكرا على أمريكا فقط.

ولهذا تعتبر إدارة ترامب ملف العلاقات مع الصين أولوية أمريكية من العيار الثقيل؛ رغم اهتمامها بملف الشرق الأوسط ودعم عصابة إسرائيل بغرض استمرارها كخنجر لأمريكا في الشرق الأوسط على حساب الشعب الفلسطيني ووطنه الوحيد فلسطين.

مقالات مشابهة

  • مبيعات السيارات تنتعش في أكتوبر
  • ضم قيادات نسائية بالشبكة الإقليمية للطاقة في الشرق الأوسط
  • عاصفة «بايرون» تقترب من الشرق الأوسط وسط تحذيرات من أمطار غزيرة وفيضانات
  • "استدامة" تستعرض جهودها البحثية والتطويرية لدعم قطاع البن في مؤتمر الشرق الأوسط للقهوة
  • بين صور وصور
  • سيغريد كاغ المبعوثة الأممية الخاصة في الشرق الأوسط
  • الفاو: مصر دعمت جهودنا في منطقة الشرق الأوسط
  • هجمات إسرائيل تتمدد في الشرق الأوسط
  • الصين القطب الاقتصادي والسياسي الصاعد
  • الموقع الجغرافي يعرض المنطقة لمزيج معقد من الظروف المناخية.. ماذا يحدث فى الشرق الأوسط؟