شخصياً، كتبت اكثر من مقال عن التعايش السلمي في اقليم جبال النُوبة، وذلك لأهمية هذا الموضوع في تحقيق السلام المجتمعي، وإبعاد المنطقة عن النزاعات والصراعات والحروب، والسير بها نحو الإزدهار والتقدم والتنمية المُستدامة.
شعب النوبة، كونه شعبا، ذات ثقافة وحضارة عريقة. شعب يحترم الآخرين وحرياتهم، والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد والمجتمعات والقَبول بها، أي أنه يقدر التنوّع الثقافي والاجتماعي واللغوي والديني، والانفتاح على الأفكار والفلسفات الأخرى في الأديان وغيرها.


وايمانا من هذا الشعب، بمبدأ التعايش السلمي والتسامح مع الآخر. تستقبل منطقة جبال النوبة وباستمرار، الافراد والجماعات والقبائل السودانية التي تبحث عن الاستقرار والأمن والطمأنينة.
من هذه القبائل على سبيل المثال لا الحصر، تلك التي عرفت فيما بعد أو سمت نفسها لاحقا (بالبقارة)، وتتكون من قبائل (الحوازمة والمسيرية وغيرهما من القبائل الموالية لها)..
لماذا التركيز على القبائل المذكورة دون غيرها؟
سبب تركيزنا عليها، هو مقولة (اتَّقِ شر مَنْ أحسنتَ إليه). ومعنى المقولة، أن المُحسن إليه حين يرى من أحسنَ إليه فإنَهُ يتذكرُ ما للمُحسن من يَد عليه وما لهُ من فضلٍ، فيشعُر بالذِّلة، لذلك يكره وجود المُحسن ولا يحبُ أن يراه.
شعب النوبة عزيزي القارئ، احسن احسانا كبيرا لقبائل (الحوازمة والمسيرية) في اقليم جبال النوبة، باعطائها (الأرض والأبقار)، إلا ان هذا الاحسان، قُوبل بالإساءة والسخرية والعدوان، لأنهم يعتقدون في انفسهم الذكاء والشطارة، وفي شعب النوبة ـالغباء والجهل.
من لؤم هؤلاء، أنهم بمجرد ان حققوا تكوين ثروة بقرية كبيرة، أصبحوا يكيدون لشعب النوبة كيدا خبيثا مكشوفا لتبرير، تصرفاتهم واعمالهم العدوانية، وقد ضمنوا وقوف (الجلابة) معهم بالسلاح والمال، باسم العُروبة والإسلام، معتقدين انهم بهذا الاتحاد، يستطيعون هزيمة شعب النوبة واخراجهم من ديارهم.
ومن لؤمهم، أنهم لا يقفون عند حد العدوان على النوبة، بل يجهرون بهذا العدوان البربري الغاشم. ومن لؤمهم أن يتغاضى النوبة عن كل هذا، ليعتبروا النوبة مرة أخرى مغفلين وسذج، ويسخرون منهم، ولا يستحون من استجداء إحسانهم مرة أخرى، ليعاودا الكرة بنكران الجميل ثانية، ومقابلة الإحسان بالإساءة من جديد جريا وراء طبيعتهم اللئيمة، وقد تأصل فيهم اللؤم.
عزيزئ القارئ..
تعديات الحاضنة الجنجويدية على شعب النوبة، لا تعد ولا تحصى، ابتداءا بالفترة ما قبل التركية وخلالها، وما تلاها من العهد المدعو محمد احمد المهدي (الدجال المسيخ)، ثم العهد الانجليزي المصري. واستمرت تلك التعديات السافرة السافلة، وارتفعت وتيرتها بعد اعلان الجنجويد الحرب على الدولة السودانية بتأريخ 15 ابريل 2023.
والحاضنة الجنجويدية، إذ تنظر إلى العهود والمواثيق التي توقعها مع النوبة، إنها توقع للضرورة ولغرض مرحلي ولمقتضيات مصلحة آنية، فإذا استنفذ الغرض المرحلي، نقضوا الميثاق من غير استشعار بأي اعتبار خلقي أو التزام أدبي، فاللجوء إلى العهود والمواثيق ما هو إلا حالة اضطرارية إن لم تستطع تلك الحاضنة تجاوزها بالحيلة والخداع والتزوير.
إن احداث مدينة (الياوات) قبل اندلاع الحرب الدائرة، بثلاثة أشهر، واحداث مدينة الدلينج التي وقعت قبل ثلاثة أسابيع من الآن، انما دليل قاطع على ان الحاضنة الجنجويدية لا تعر أي قيمة للمواثيق التي توقعها مع الآخرين، انها مجرد حبر على ورق.
ولطالما هذا هو الحال، فإن العلاج الناجع لمثل هؤلاء الأجلاف الذين اعتادوا على نقض العهود المرة تلو الأخرى، هو عدم الدخول معهم في أي ميثاق أو اتفاق، إنما يجب اعداد العدة والقوة التي تدخل في نفوسهم الرهبة والخوف الدائم. فهؤلاء لا يستقيمون على نظام إلا إذا كانت القوة تهددهم والسيف مسلط على رقابهم، فلا ينبغي أن يكون العهد ملتزماً به من جانب شعب النوبة، بينما الحاضنة الجنجويدية لا تتقيد به وتنتهز الفرص للعدوان والغدر والخيانة.
منطقة جبال النوبة الحضارة والأرض والمووث والأبجدية، أرض المحبة، قبلة المسالمين، أرض القداسة والطهارة، لا يمكنها ان تُنحر على أيدي القبائل الجنجويدية، باسم التعايش السلمي المزيف..
لا يمكن لمنطقة جبال النوبة، ان تسمح باغتصاف براعم البراءة، أمهات المستقبل بإساليب وحشية غير انسانية، ميليشيا مبادئها إبليسية، أموالها اماراتية، افرادها من لقطاء افريقيا، تحت غطاء محاربة الفلول ودولة 56، زعيمها (تاجر حمير).
لا يمكن لمنطقة جبال النوبة، ان تسمح بتدمير بناها التحتية لتتحول مدارسها ومشافيها الى ثكنات للقتل وتصنيع أسلحة الفتك والتدمير، وتجويع شعبها وارهابه بكل وسائل الفتك القادم من دويلة آل زعبوط وعيال آل نهيان.. لا يمكنها ان تسمح، بإعدام المدنيين في الساحات العامة، ضرب المنشآت الضرورية كالكهرباء والماء ووسائل الإتصال.
التاريخ شاهد على ان الحاضنة الجنجويدية في جبال النوبة، هي التي الغت مبدأ التعايش السلمي، واختارت العدوان والخراب والدمار. لقد إنقشع الضباب، وإنكشفت الذئاب والضباع، وحان قطافها وإن أبناء النوبة الذين لا يقبلون الخيانة ولا يعرفون معنى الإستكانة، لصاحبها.
التعايش السلمي بين البشر على اختلاف عقائدهم وألوانهم وأجناسهم، ضرورة حتمية لا غنى عنها في أي زمان ومكان، وشعب النوبة ليس باستثناء، انما من اكثر الشعوب التي رسخت ثقافة التعايش السلمي في ظل التعددية الدينية واللغوية والثقافية في جبال النوبة، حيث اتسع المجتمع والأرض النوباوي للجميع. إلا ان مبدأ التعايش السلمي قد استعصى فهمه على الحاضنة الجنجويدية، فظنوا في سلمية شعب .النوبة وطيبته، جُبناً وخوفاً
ولطالما استعصى على الحاضنة الجنجويدية، فهم المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وهي: الاحترام المتبادل، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، والمساواة، والمنفعة المتبادلة. فعليها إذن أن تغادر اقليم جبال النوبة فورا، لأن أمرهم أصبح فوضى حتى صار لهم خُلقا وجِبلة.
لا تعايش سلمي مع هؤلاء القوم، بعد احداث مدينة الياوات والدلينج والتُكمة. فليبحثوا عن مكان آخر غير جبال النوبة، ليمارسوا فيه توحشهم وارهابهم.
*****
العزة والمجد لجبال النوبة، الأرض والموروث، والخزي والعار لكل معتدٍ أثيم..


bresh2@msn.com
////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التعایش السلمی اقلیم جبال

إقرأ أيضاً:

اكتشاف نوع جديد من القوارض في البيرو يؤكد تنوع جبال الأنديز

أعلن فريق من الباحثين اكتشاف نوع جديد من القوارض شبه المائية في قلب محمية ماتشو بيتشو في البيرو، وهي أحد أبرز مواقع التراث العالمي، وذلك في كشف علمي يؤكد غنى التنوع البيولوجي في جبال الأنديز.

ويحمل الكائن المكتشف اسم "إنكانوميس مايوبوما Incanomys mayopum"، وهو يعد نوعا جديدا تماما، يجعله إضافة فريدة إلى سجل الثدييات في أميركا الجنوبية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل تنام الأسماك؟ دراسات تكشف أسرار النوم في المحيطاتlist 2 of 2السلور الأفريقي.. سمك دخيل يهدد التنوع البيئي بالعراقend of list

وجاء الاكتشاف ثمرة جهود باحثين من جامعتي "سانتا ماريا" و"سان أوغستين" الكاثوليكيتين في مدينة أريكويبا، حيث سُجل الحيوان لأول مرة في منطقة "ويانياواينا"، الواقعة ضمن الممر البيئي التابع لمحمية ماتشو بيتشو الطبيعية، التي تشرف عليها الدولة لحماية تراثها البيولوجي.

ويمتاز"إنكانوميس مايوبوما" بفرائه الرمادي الداكن، وأذنيه شبه غير المرئيتين، وأرجله الخلفية المتكيفة مع البيئات المائية، مما يتيح له العيش في المجاري المائية الباردة والغابات الجبلية الرطبة على ارتفاع يقارب 2800 متر فوق سطح البحر.

وأكدت الهيئة الوطنية للمناطق الطبيعية المحمية في البيرو أن الكائن يتمتع بخصائص شكلية وجينية لا تتطابق مع أي نوع معروف سابقا.

محمية ماتشو بيتشو حيث يعيش "إنكانوميس مايوبوما" (الفرنسية) اكتشاف "الأسرار البيئية" للمنطقة

تعد محمية ماتشو بيتشو الطبيعية، التي تمتد على مساحة تتجاوز 35 ألف هكتار، من أغنى المناطق بالتنوع البيولوجي في البيرو، إذ تحتضن أكثر من 75 نوعا من الثدييات، و444 نوعا من الطيور، و377 نوعا من الفراشات، إلى جانب عشرات الأنواع من الزواحف والبرمائيات. ويظهر هذا الاكتشاف أن المنطقة لا تزال تخفي أنواعا لم ترصد من قبل.

ويعكس الاكتشاف أهمية المحميات الطبيعية، ليس فقط لحماية المناظر الطبيعية، وإنما بوصفها "مختبرات حية" تُكشف فيها أسرار التطور البيولوجي وأنماط التكيف في بيئات صعبة.

كما يؤكد العلماء أن مثل هذه الاكتشافات تعد دليلا على وجود فراغات معرفية حتى في المناطق التي يُعتقد أنها خضعت لدراسات موسعة.

البيرو مركزا للبحث البيولوجي

كذلك يعد هذا الكشف إنجازا مهما للبحث العلمي المحلي في البيرو، حيث قاده بالكامل علماء محليون.

ويؤكد المختصون أن ظهور أنواع جديدة يعزز من موقع البيرو كمنصة بحثية دولية في مجال التنوع البيولوجي، ويفتح آفاقا جديدة لدراسة الأنواع بالمنطقة.

إعلان

ويحمل اسم النوع "مايوبوما" إشارة مزدوجة إلى البيئة الجبلية التي يعيش فيها الكائن، وإلى إرث الإنكا الذي لا يزال حاضرا في ثقافة البيرو وتضاريسها. هكذا، يصبح هذا القارض الجديد رمزا للصلة بين التراث الطبيعي والثقافي في آن واحد.

ماذا يعني اكتشاف نوع جديد؟

يمثل اكتشاف نوع جديد خطوة علمية مهمة، ليس فقط لإغناء التصنيف البيولوجي، بل لفهم العلاقات التطورية بين الأنواع، ودراسة التفاعلات البيئية الدقيقة، ومعرفة المؤشرات الحيوية التي تنذر بتدهور أو استقرار الأنظمة البيئية.

وتلعب الكائنات الصغيرة، مثل هذا القارض المكتشف، أدوارا محورية في التوازن البيئي، كتوزيع البذور أو المساهمة في دورة المياه أو حتى في مكافحة الآفات. لذا، فإن توثيق وجودها يساعد العلماء على تطوير إستراتيجيات حماية أكثر فعالية للمواطن الطبيعية.

وفي ظل تزايد الضغط على النظم البيئية من التغير المناخي والسياحة الجماعية، يذكّر هذا الاكتشاف بضرورة الحفاظ على المحميات الطبيعية كملاجئ للتنوع البيولوجي ومصادر للمعرفة العلمية. فالكثير من الأنواع قد تختفي قبل أن تُكتشف، بسبب فقدان المواطن البيئية أو التلوث أو التحولات المناخية.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي وستارمر يرحبان بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ويشددان على الحل السلمي
  • العثور على مسيّرة قديمة في أعالي جبال عكار
  • نيجيرفان بارزاني : كوردستان ستبقى وطن التعايش والتسامح
  • تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الزراعات التقليدية في جبال ظفار
  • “مصطلح التعايش” بوابة الاختراق: كيف تسلل المشروع الصهيوني إلى قلب العالم الإسلامي؟
  • عضو بتحالف الأحزاب: مصر ملتزمة بسيادة الدول والحل السلمي للقضايا الإقليمية
  • قاليباف: البرنامج النووي السلمي الإيراني سيتقدم بوتيرة أسرع
  • مسرور بارزاني: أزمة الرواتب في اقليم كوردستان ستنتهي
  • اكتشاف نوع جديد من القوارض في البيرو يؤكد تنوع جبال الأنديز
  • رئيس اقليم كوردستان يرحب بإعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل