«حتّا».. عراقة تراث وتنوّع بيئي وطموحات مستدامة
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
دبي (الاتحاد)
«حتّا».. عرفت قديماً باسم «الحجرين»، وتقف اليوم شاهداً على حقبة تاريخية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، إذ يرجع بعض المؤرخين تاريخها إلى أكثر من 3000 عام مضت، وتسطر قصة تميّز تجمع فصولها بين عراقة التراث وتنوع البيئة الطبيعية، والطموح نحو مستقبل مستدام.
منطقة «حتّا»، التي تصل مساحتها إلى نحو 130 كيلومتراً مربعاً، وتقع على مسافة نحو 130 كيلومترًا جنوبي شرق إمارة دبي، تشهد حركة تنمية شاملة هدفها تطوير مختلف القطاعات الاجتماعية والتعليمية والبيئية والاقتصادية والسياحية لهذا الجزء المهم من الإمارة، والذي يشكل أحد أهم المقاصد السياحية في دولة الإمارات.
وجهة سياحية
يؤكد معالي مطر الطاير، المفوض العام لمسار البنية التحتية والتخطيط العمراني وجودة الحياة، رئيس اللجنة العليا للإشراف على تطوير منطقة حتّا، أن العمل يجري برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على تعزيز قدرات حتّا وجعلها نموذجاً للتنمية المستدامة بمشاركة أهالي المنطقة ومركزاً سياحياً يقصده الزوار على مدار العام للاستمتاع بطبيعة المنطقة، موضحاً أن التقدّم في تنفيذ مشاريع المرحلة الثانية من خطة تطوير حتّا يسير وفق الجدول الزمني المعتمد، حيث تراعي تلك المشاريع التوازن بين تحقيق أهداف الاستدامة ودفع جهود التنمية الشاملة في المنطقة.
وتخدم مشاريع المرحلة الثانية من خطة تطوير حتّا في تحويلها إلى وجهة سياحية رئيسة ومركز جذب للزوار من داخل الدولة وخارجها، من خلال الاهتمام بالمساحات الاستثمارية حول الواجهة المائية، وتوفير مرافق وخدمات وأنشطة سياحية وترفيهية، ومنها إنشاء تلفريك بطول 5.4 كم لنقل السياح من منطقة السد إلى قمة أم النسور وهي أعلى قمة جبلية في إمارة دبي، إضافة إلى مشروع «شاطئ حتا» الذي سيوفر تجربة جديدة بالمنطقة، إلى جانب بناء فنادق ومنتجعات صحية ذات تصاميم تراعي طبيعة وبيئة المنطقة، بما يخدم تنشيط حركة السياحة في حتّا، كمحور من محاور «خطة دبي الحضرية 2040»، والرامية إلى إحداث نهضة تنموية شاملة في كل مناطق الإمارة، وتطوير البنية التحتية وتنفيذ حزمة مشاريع ومبادرات تنموية للعشرين عاماً المقبلة، بداية مرحلة جديدة في تعزيز دور حتّا في تحقيق الهدف الكبير الذي حدده سموه بأن تكون دبي المدينة الأفضل في العالم للعيش والعمل والزيارة.
ويضيف معالي الطاير، قائلاً: «تتضح أهمية حتّا من خلال العناية الكبيرة التي تحيط بها القيادة الرشيدة هذه المنطقة الحيوية، بكل ما تتمتع به من مؤهلات ترشحها بقوة أن تكون نموذجاً عالمياً للحفاظ على التراث والاحتفاء بالبيئة الطبيعية والسعي لتحقيق أعلى مستويات الاستدامة، مع متابعة تفاصيل خطوات التطوير على مختلف المحاور التنموية، سواء اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية أو بيئية».
أهداف الاستدامة
تشهد منطقة حتا العديد من الجهود الرامية إلى تعزيز مستويات الاستدامة البيئية، من خلال العديد من المشاريع والمبادرات التي تنسجم مع الدور الرائد لدولة الإمارات كقوة عالمية رائدة في هذا المجال، وهو ما أكده «اتفاق الإمارات» التاريخي للعمل المناخي، الذي تم التوصل إليه في ختام أحد أهم الفعاليات العالمية التي استضافتها دولة الإمارات على الإطلاق، وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، الذي اجتمع في أروقته قادة العالم على أرض «مدينة إكسبو دبي» واختتمت أعماله رسمياً بتبني هذا الاتفاق الذي يشكل منعطفاً مهماً، بل وحاسماً في تحديد مصير كوكب الأرض، ومعالجة تداعيات التغير المناخي والحد من تأثيراته السلبية على مستقبل العالم.
«شتانا في حتّا»
وقد جاء إطلاق مجلس دبي للإعلام لمهرجان «شتانا في حتّا» قبل أيام، وفي مستهل النسخة الثالثة من مبادرة «#وجهات_دبي»، وبتوجيهات من سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، وضمن الموسم الشتوي الجديد للمبادرة، ليؤكد على المكانة المتميزة التي تتمتع بها هذه المنطقة بكل ما تحمله من معطيات جعلتها من المناطق التي يقصدها الزوار من مختلف أنحاء الدولة، بل يحرص أيضاً على زيارتها السياح القادمون إلى دبي من مختلف أنحاء العالم، لاسيما خلال فصل الشتاء.
تُعد منطقة حتّا شاهدة على جهود الدولة وإمارة دبي في مجال الاستدامة، حيث تتضافر الجهود في إطار الخطة التطويرية الشاملة لجعلها فصلاً مهماً من فصول ملحمة الاستدامة التي تواصل الإمارات كتابتها بمداد من العمل الجاد الذي يوجه النجاح المبهر لمؤتمر الأطراف في إنجاز تاريخي جديد لدولة الإمارات، أكدت به جدارتها كشريك في صنع مستقبل مستدام وآمن للعالم.
محمية حتّا الجبلية
تعتبر المحميات من أكثر الضمانات للحفاظ على البيئة الطبيعية، وهي تحظى باهتمام كبير من قبل القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، حيث يصل عدد المحميات الطبيعية في دبي إلى 8 محميات، من أهمها «محمية حتّا الجبلية» التي توفر بيئتها المجاورة لاثنين من السدود المائية في المحمية ملاذاً آمناً للعديد من الأنواع الحيوانية والنباتية النادرة، فيما تُعد المحمية الموطن لأكبر مجموعة من حيوانات «الطهر العربي» المهددة بالانقراض في الإمارات.
كما تتميز المحمية بطبيعتها الجبلية الصخرية، وهوائها النقي وبيئتها الفطرية المتنوعة، وتتيح فرصة مراقبة الحياة البرية، وفرصة التجوّل عبر الوديان المتعرجة في سفوح الجبال بالقرب من الحدود مع عُمان، لاستكشاف التضاريس الفريدة المتنوعة بين مساحات رملية وصخور، أو للتنقل على دراجة جبلية في مسارات متعرجة بين التلال والوديان والمزارع المزودة بإرشادات واضحة للدراجين المبتدئين والمتمرسين.
«حديقة التلة»
هي رئة خضراء لدبي ومنطقة حتّا تحديداً، إذ تتجاوز مساحتها 63 ألف متر مربع، واكتسبت اسمها من موقعها المتميّز أعلى تلّة حتّا، وهي من الحدائق ذات الطابع الخاص لما يميزها من تضاريس وارتفاع وتنوّع بيئتها وتمثل إضافة مهمة للرقعة الخضراء ومناطق الترفيه في إمارة دبي.
وتبقى حتّا من أكثر المناطق الجديرة بالزيارة بكل ما تضمه من موروث ثقافي وحضاري وبيئي غني، وما تقدمه للزوار من أفراد وعائلات، من مرافق خدمية متنوعة وخيارات عديدة للاستمتاع بأوقات متميزة، وسط بيئة طبيعية خلابة تبعث على الراحة وتبتعد بالإنسان عن ضغوط مسؤوليات الحياة اليومية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: منطقة حتا في دبي مهرجان شتانا في حتا وجهة سياحية
إقرأ أيضاً:
هآرتس: هذه أدوار الإمارات في المنطقة.. ومقترح مرتزقة كولومبيين لغزة
لا يزال اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار، بهدف تقديم الدعم العسكري للوجود الشرطي الفلسطيني في قطاع غزة، متعثراً، وينتظر هذا المشروع إنشاء مجلس السلام للإشراف على القطاع، بالإضافة إلى صياغة ولاية القوة، وباستثناء تركيا، لم تُبدِ الحكومات الأجنبية حماساً يُذكر لنشر قوات لحماية "غزة الجديدة".
وجاء مقال للكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل، ونشرته صحيفة "هآرتس" أن "محلل إماراتي اقترح حلاً مبتكراً لمشكلة إنشاء القوة. وعندما سألته صحيفة هآرتس عما إذا كان يرى أي فرصة لإرسال الإمارات العربية المتحدة جنوداً إلى غزة، أجاب: جنودنا، لا. لكن من الممكن إرسال مرتزقة كولومبيين".
كولومبيون؟ أجاب: "نعم، لقد عملوا لدينا قبل 15 عامًا كحراس في منشآتنا النفطية ومواقع حيوية أخرى، وشاركوا معنا في حرب اليمن. وبالتأكيد سيوافقون على الذهاب إلى غزة مقابل أجر مناسب".
وذكر التقرير الإسرائيلي أن "هذا المحلل، الذي يعمل في وسيلة إعلامية إماراتية مهمة، "نسي" بطريقة ما أن يذكر أن المرتزقة الكولومبيين يقاتلون أيضاً في السودان الآن كعملاء لأبو ظبي، وهم مسؤولون عن بعض المجازر المروعة التي تحدث في ذلك البلد منذ أكثر من عامين".
وأوضح أن "الإمارات تنفي بشدة أي تورط عسكري في الحرب الأهلية السودانية، سواء بشكل مباشر أو عبر المرتزقة، لكن الأدلة تشير إلى خلاف ذلك، وتشير التقارير الاستقصائية التي أعدها صحفيون أجروا مقابلات مع مرتزقة كولومبيين إلى أن هؤلاء المتعاقدين، الذين تتراوح رواتبهم بين 2600 دولار و6000 دولار شهرياً، يذهبون أولاً إلى قاعدة تدريب إماراتية في الصومال، ومن هناك يتم إرسالهم إلى الجبهة في السودان".
وأضافت التقارير أن شركات أمنية مقرها الإمارات العربية المتحدة تقوم بتوظيفهم، وهي التي تتولى أيضاً دفع رواتبهم. إلا أن التمويل في نهاية المطاف يأتي من الحكومة الإماراتية.
بحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" في وقت سابق من هذا العام، فإن هؤلاء المرتزقة لا يشاركون في المعارك فحسب، بل يقومون أيضاً بتجنيد وتدريب مقاتلين آخرين، بمن فيهم آلاف الأطفال والمراهقين.
قال أحد المرتزقة للصحيفة إن "معسكرات التدريب في السودان تضم آلاف المجندين، بعضهم بالغون، لكن أغلبهم أطفال. وأضاف: "هؤلاء أطفال لم يسبق لهم حمل سلاح. علمناهم كيفية استخدام البنادق الهجومية والرشاشات وقذائف آر بي جي. بعد ذلك، أرسلناهم إلى الجبهة. كنا ندربهم على الذهاب والموت". هل يرغب أحد حقاً في حدوث ذلك في غزة؟".
التنافس على السلام
وأضاف التقرير الإسرائيلي أن "السودان واليمن أكثر دولتين تضرراً من الكوارث الإنسانية خلال العقد الماضي. ففي اليمن، أودت الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2015 بحياة أكثر من 150 ألف شخص، بينما تشير التقديرات إلى أن عدداً مماثلاً من القتلى في السودان قد سقط خلال العامين الماضيين فقط".
وأوضحت "في كلا البلدين، لا تزال السعودية والإمارات، المواليتان للغرب، نشطتين وتستثمران مليارات الدولارات في التكنولوجيا المتقدمة مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة. ويُعدّ زعيماهما، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، صديقين شخصيين وشريكين تجاريين لترامب".
وذكر "كان كلا البلدين شريكين في التحالف العسكري الذي تم تشكيله عام 2015 لمحاربة الحوثيين في اليمن، وكلاهما عضوان في التحالف العربي والإسلامي والغربي الذي يسعى للمشاركة في مستقبل غزة".
وقال "لكن على الجبهتين الداميتين في كل من اليمن والسودان، أعاق التنافس السياسي والدبلوماسي بين السعودية والإمارات الجهود المبذولة لإنهاء العنف والسعي إلى حلول تُمكّن البلدين من بدء إعادة الإعمار. كما حال دون تمكّن الدولتين من شنّ حملة مشتركة فعّالة ضد الحوثيين".
في عام 2019، انسحبت أبو ظبي من التحالف العسكري العربي في اليمن، الذي كان ضعيفاً إلى حد ما، وسحبت قواتها من البلاد. ومع ذلك، لم يزد وجودها هناك إلا قوة.
نظرياً، تُدار اليمن من قبل مجلس قيادة رئاسي برئاسة رشاد العليمي، ويشرف هذا المجلس على حكومة تحظى باعتراف دولي. تسيطر الحكومة على نحو 65 بالمئة من البلاد، لكن هذه المساحة لا تضم سوى 30 بالمئة من السكان، أي ما مجموعه 40 مليون نسمة؛ أما الباقي فيخضع لسيطرة الحوثيين.
وذكر التقرير "نظرياً، يمتلك اليمن جيشاً ومؤسسات دولة، بل وميزانية، تُموّل جزئياً من السعودية وجزئياً من حقول النفط التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها. أما عملياً، فالحكومة مشلولة، ويقضي أعضاؤها معظم أوقاتهم في الخارج".
وأضاف "يتألف الجيش من وحدات قبلية غالباً ما تتقاتل فيما بينها. كما أنه يتلقى تمويلاً ضئيلاً وأسلحة رديئة، ويُقدّر عدد جنوده بما بين 40 ألفاً و100 ألف جندي فقط، مقارنةً بالحوثيين الذين يملكون أكثر من 350 ألف جندي".
وأوضح "حتى في المناطق التي يُفترض أنها تسيطر عليها، لا تتمتع الحكومة بسيادة مطلقة. فقد شُكّل المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو هيئة سياسية وعسكرية بقيادة عيدروس الزبيدي، عام 2017. وبعد ثلاث سنوات، سيطر على مدينة عدن الساحلية الهامة ومعظم المحافظات الجنوبية للبلاد، وهدفه السياسي هو إعادة تأسيس جنوب اليمن (المعروف أيضاً باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)".
واعتبر يُسيطر الزبيدي على ميليشيا تضم نحو 50 ألف جندي يتلقون تمويلاً ومساعدات أخرى من الإمارات. والمثير للسخرية حقاً أن هذا الرجل، الذي يسعى إلى تفكيك الدولة، يشغل أيضاً منصب نائب العليمي في المجلس القيادي الرئاسي".
في الأسبوع الماضي، احتلت قوات الزبيدي محافظتي حضرموت والمهرة في شرق اليمن وسيطرت على حقول النفط فيهما. وبذلك وسّع بشكل كبير القاعدة الجغرافية والاقتصادية لتحقيق حلمه بإقامة دولة مستقلة.
وتتمركز قوات سعودية في المهرة، المتاخمة لسلطنة عمان، لكن مهمتها تقتصر على حماية المنشآت النفطية وخط أنابيب النفط الذي يربط اليمن بسلطنة عمان. وهي بالتأكيد ليست هناك لمحاربة قوات الزبيدي.
وقال التقرير إن "هذا ليس مجرد صراع سياسي داخلي يقتصر على اليمن فحسب، بل إن التنافس بين الحكومة المعترف بها والمجلس الانتقالي الجنوبي يُؤجج الصراع بين الرياض وأبوظبي. ذلك لأن السعودية لا تزال تسعى إلى تعزيز وحدة اليمن بحيث يكون الحوثيون جزءًا من الحكومة، ما يُنهي التهديد الذي يُشكله الحوثيون على كل من السعودية وحركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، بينما تتبنى الإمارات رؤية استراتيجية مختلفة".
من وجهة نظر الإمارات، فإن تقسيم اليمن إلى دولتين أو حتى ثلاث دول - جنوب اليمن، ووسط اليمن، والمنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون - سيمنحها موطئ قدم، بل وسيطرة على حقول النفط والموانئ الاستراتيجية، وعلى رأسها عدن.
وهكذا، بالنسبة للإماراتيين، يُعدّ استيلاء الزبيدي على حضرموت والمهرة مكملاً لاستيلائه السابق على أرخبيل سقطرى. وقد أقامت الإمارات قواعد عسكرية على هذه الجزر، وتشير تقارير أجنبية إلى أنها تضم أيضاً قاعدة أو أكثر من القواعد الإسرائيلية.
أما فيما يتعلق بالحرب ضد الحوثيين، فيبدو أنه منذ أن جددت أبوظبي علاقاتها مع إيران عام 2022، أسقطت الحوثيين من أولوياتها. وبدلاً من ذلك، تركت مهمة التعامل معهم للسعودية، متمنية للرياض التوفيق.
أزمة إنسانية مدعومة من الإمارات
وقال التقرير الإسرائيلي إنه "كما هو الحال في اليمن، كذلك في السودان، الذي صنفته الأمم المتحدة كأشد كارثة إنسانية في العالم، تُدير السعودية والإمارات صراعاتهما الإقليمية على النفوذ من خلال النزاعات المحلية. ويأتي هذا على حساب مئات الآلاف من الأرواح وملايين آخرين نزحوا من ديارهم".
وأوضح "اندلعت الحرب الأهلية في أبريل 2023 وسط صراع على السلطة بين قائد الجيش والرئيس الفعلي، عبد الفتاح البرهان، ونائبه، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي". ومنذ ذلك الحين تطورت إلى صراع إقليمي ودولي للسيطرة على أحد أهم مفترق الطرق الاستراتيجية في المنطقة".
وذكر "يظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يستضيف مأدبة عشاء لولي العهد السعودي ورئيس الوزراء محمد بن سلمان في البيت الأبيض الشهر الماضي. ويظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يستضيف مأدبة عشاء لولي العهد السعودي ورئيس الوزراء محمد بن سلمان في البيت الأبيض الشهر الماضي".
وأكد أنه "في هذا التنافس، اختارت أبوظبي الانحياز إلى جانب حميدتي، قائد ميليشيا الجنجويد الإجرامية المسؤولة عن الإبادة الجماعية في دارفور مطلع الألفية الثانية. وقد أسس لاحقاً قوات الدعم السريع، التي سيطر من خلالها على مناجم الذهب المتمركزة في دارفور وعلى طرق التهريب خارج البلاد. هرب حميدتي معظم الذهب عبر الإمارات، ولكن هذا ليس السبب الوحيد للعلاقات الوثيقة بينه وبين أبوظبي".
وأضاف "يُنظر إلى السودان على أنه سلة غذاء دول الخليج عموماً، والإمارات العربية المتحدة خصوصاً. فقد اشترت الأخيرة أكثر من 1.5 مليون دونم من الأراضي الزراعية في السودان، واستثمرت في المزارع ومصانع الأغذية. علاوة على ذلك، يُعد السودان، الذي يسيطر على نحو 700 كيلومتر (حوالي 434 ميلاً) من الساحل على طول البحر الأحمر، رصيداً استراتيجياً محتملاً لأي قوة إقليمية وعالمية".
وأكد أنه "السيطرة على سواحل السودان جزء لا يتجزأ من النهج الاستراتيجي للرياض وأبو ظبي، تمامًا مثل سواحل اليمن وموانئها، التي تشكل معاقل سيطرة مغرية. وعندما انتشر خبر استعداد السودان لتوقيع اتفاقية غير مسبوقة تمنح البحرية الروسية حق الوصول إلى ميناء بورتسودان مطلع هذا الأسبوع، دقّت الولايات المتحدة ناقوس الخطر. ويبدو، في الوقت الراهن، أن ضغوط إدارة ترامب والسعودية قد أقنعت البرهان بوقف هذه الخطوة. إلا أن هذا القلق الذي أثارته الاتفاقية يُبرز الحساسية البالغة، والمخاطر الإقليمية والدولية التي تُشكلها الحرب في السودان، والتي لم تُفلح كارثتها الإنسانية حتى الآن في توليد ضغط دولي كافٍ لإنهاءها".
وقال "لا تزال الجهود الدبلوماسية في اليمن والسودان بعيدة كل البعد عن تحقيق أي إنجازات حقيقية. صحيح أن السعودية والحوثيين وقعوا اتفاقية وقف إطلاق النار عام 2022 والتي لا تزال سارية، إلا أنه للتوصل إلى اتفاق يضمن تشكيل حكومة موحدة في اليمن وتحقيق المصالحة بين الخصمين في السودان، سيتعين على السعودية والإمارات التوصل إلى تفاهم أولاً".
وختم بالقول إن "الافتراض هو أن الضغط الأمريكي قد يصنع المعجزة، لكن هذا يعني أن ترامب سيضطر إلى خوض مسار تصادم مزدوج مع حليفين مقربين تعهدا باستثمار تريليونات الدولارات في الولايات المتحدة، وإن الحذر المهذب الذي أشار به ترامب حتى الآن إلى الشراكة بين أبو ظبي وحميدتي، وتعليق وزارة الخارجية "عدم الرد" على سيطرة قوات الزبيدي (الإمارات) على المحافظات الشرقية لليمن، يشير إلى أن الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ موقف محايد لا يثير غضب أي من حلفائها".