الحقيقة الأولى لا النظرية الثالثة
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
لا يستطيع المرء أن يقاوم فكرة المقارنة بين الحوثي وكوريا الشمالية. مهرجان دائم ضمن إطلاق الصواريخ وغرق دائم في صناعة الفقر. ولا شيء آخر. كوريا الجنوبية تبني بناءً لا مثيل له، وكيم جونغ أون يطيِّر الصواريخ، فرحاً، على اليابان. لا احتفال آخر بأي شيء. لا شيء. صواريخ.
طبعاً، صاحب كوريا الشمالية هو من يصنِّع الصاروخ وهو من يطيِّره، في الماء أو في الهواء أو على الشط.
وهناك دول تملك القوة، لكنها لا تملك غيرها، ولا تعرف غيرها، ولا تمارس غيرها. البعض يمارسها مباشرة، والبعض الآخر بالواسطة. في سنواته الأخيرة لم يرسل جندياً واحداً إلى الخارج، وبدل ذلك أرسل الكوبيين إلى أفريقيا يطردون منها القوى الاستعمارية الغريبة. وكان الكوبيون مقاتلين بارعين. ومن ثم قرر الحرب المباشرة، وأرسل جنوده إلى أفغانستان، وكانت هزيمة قوية، ومن ثم نهاية الاتحاد نفسه.
لم ترسل إيران قواتها إلى أي ساحة حتى الآن، فيما عدا فرق «المستشارين». وهؤلاء بدأت بهم أميركا حربها في الفيتنام، وانتهت الحرب إلى ما انتهت إليه.
براً وبحراً تخوص إيران حروبها بالواسطة. وهي قادرة على إشغال المنطقة وإشعالها من دون أن تظهر في الصورة إلا صاحبة قرار. وليس في جمهورية الحوثي حتى الآن طرقات صالحة. بل تظهر الصور أنه ليس لدى مقاتليه حتى الثياب العسكرية بل «الشملة». ولكن بالتأكيد لدى المصانع الإيرانية ما يكفي من الصواريخ، ومن القوارب العسكرية، عندما يقتضي الأمر. وهناك الآن فرق هليكوبتر، وفرق مصوّرين ومخرجين تستخدم آلات وكاميرات «سوبرمان».
المشكلة أن إيران تنسخ نسخاً كاملاً درب السوفيات: لا تقدم إلى حلفائها سوى السلاح، ولا تطلب منهم سوى الحرب. وكلاهما لا يشكّل وحده قوة نمو أو تقدم أو كفاية. قد يشكّل، مثل كوريا الشمالية، قوة إخافة وقتال وسيطرة ونفوذ. ثم ماذا؟ التجربة السوفياتية انهارت لأنها صعدت إلى الفضاء بينما هموم الناس على الأرض: كفاية اقتصادية، وراحة بال، والحصول على رغيف دون الاضطرار إلى الوقوف في الطابور ساعتين.
ليست هناك «نظرية ثالثة». هناك حقيقة واحدة: إمّا تخلّف أو تطور. وكفاية أو فقر. ومركب نصنعه أو مركب نخطفه. وشعب آمن أو شعب لا يزال يقاتل في الجبال، أهله وأبناء عمومته.
الفوز الكبير ليس في أنك تستطيع إخافة الناس، بل في أنك تستطيع طمأنتهم.
*نشر أولاً في صحيفة الشرق الأوسط
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية
عملية عسكري او سياسية اتمنى مراجعة النص الاول...
انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
مع احترامي و لكن أي طفل في المرحلة الابتدائية سيعرف أن قانتا...
مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
مركز أبحاث أميركي يطالب بملاحقة زعيم الحوثيين دوليا
دعت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز أبحاث أمريكي متخصص في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، في مقال تحليلي نشرته الباحثة "بريجيت تومي"، إلى إعادة تصنيف زعيم جماعة الحوثيين، عبد الملك الحوثي، كـ"إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص"، مشيرة إلى أنه "سقط من قائمة التصنيفات الإرهابية" في أعقاب قرارات متناقضة للإدارات الأميركية المتعاقبة.
وقالت تومي إن عبد الملك الحوثي يقود الجماعة منذ أكثر من عقد، وقد أشرف على تنفيذ أكثر من 1800 عملية استهدفت إسرائيل، والسفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى القوات الأميركية وشركائها، مما أسفر عن مقتل بحارة واحتجاز عشرات الرهائن من سفن مختلفة، بينها غالاكسي ليدر وإيترنيتي سي.
وأضافت الكاتبة أن الحوثي كان قد أُدرج على قائمة الإرهاب الأميركية عام 2021 خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، لكنه شُطب من القائمة عندما رفعت إدارة الرئيس جو بايدن تصنيف الجماعة بدعوى تسهيل العمل الإنساني في مناطق سيطرتها.
ومع تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، أعادت إدارة بايدن إدراج الجماعة على لائحة الإرهاب في 2024، من دون أن تشمل الزعيم عبد الملك الحوثي نفسه.
ودعت تومي الإدارة الأميركية إلى "إعادة إدراج عبد الملك الحوثي في قائمة الإرهابيين العالميين"، معتبرة أن ذلك "سيمنح الأجهزة الاستخباراتية والأمنية الأميركية أدوات أوسع لتجفيف مصادر تمويل الجماعة، ويشجع الحلفاء الدوليين على اتخاذ خطوات مماثلة ضد قادة الحوثيين".
وختمت الباحثة بالقول إن استهداف قيادة الجماعة يبعث برسالة واضحة مفادها أن واشنطن وشركاءها سيواصلون ملاحقة الحوثيين حتى يتوقفوا عن أنشطتهم الإرهابية في البحر الأحمر والمنطقة.