بعد فشل المفاوضات.. ماذا ستفعل مصر والسودان مع التعنت الإثيوبي بشأن سد النهضة؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
فشلت من جديد المفاوضات في الوصول إلى اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا وحل ملزم في ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي وذلك بعد مرور ما يقرب من الـ11 عامًا من المفاوضات والوساطات الدولية والإقليمية من أجل الوصول إلى حل.
التأثير على مصروبناء سد النهضة يثير قلقًا كبيرًا في مصر بسبب تأثيره المحتمل على موارد المياه، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على مياه نهر النيل للري واحتياجات الشرب، وإذا لم تتم إدارة بناء السد بعناية، فإنه قد يؤدي إلى تقليل تدفق المياه إلى مصر، مما يؤثر على الزراعة والاقتصاد.
قد يتسبب التقليل في توفر المياه في تأثيرات سلبية على الزراعة والإنتاج الغذائي، مما يؤثر على أمن الغذاء في مصر. هذا يعزز حاجة مصر إلى التفاوض والتعاون الدولي لضمان حصولها على حصتها العادلة من المياه وللحفاظ على استدامة مواردها المائية.
تتطلب هذه التحديات حلولًا دiplomية ومفاوضات بناءة لضمان مصلحة جميع الدول المعنية، والتأكيد على ضرورة التوازن بين التنمية الاقتصادية لإثيوبيا واحتياجات مصر المائية لضمان استقرار المنطقة بأكملها.
التأثير على السودانبالنسبة للسودان، فإن بناء سد النهضة يحمل تأثيرات متنوعة، بدءًا من الفوائد الاقتصادية المحتملة إلى التحديات المحتملة. يمكن أن يكون للسد أثر إيجابي على السودان من خلال توفير فرص لتوليد الكهرباء وتحسين إمكانيات التنمية الاقتصادية.
مع ذلك، يثير السد قلقًا فيما يتعلق بالتأثير على تدفق المياه إلى السودان، خاصةً خلال فترات الجفاف. يعتمد السودان بشكل كبير على نهر النيل للري الزراعي واحتياجات المياه. إذا تسبب بناء السد في تقليل كميات المياه المتدفقة، فقد يؤثر ذلك سلبًا على الزراعة والاقتصاد السوداني.
لذلك، يتعين على السودان المشاركة في المفاوضات الدولية لضمان حصته المنصفة من مياه النيل وحماية مصالحه المائية والاقتصادية. هذا يتطلب تعاونًا فعّالًا بين جميع الدول المعنية لضمان استدامة الموارد المائية في المنطقة.
تاريخ المفاوضات حول سد النهضةتاريخ المفاوضات حول سد النهضة يمتد على مدى سنوات، وقد شهدت تطورات متعددة، فيما يلي نبذة عن بعض المحطات الرئيسية:
اتفاقية النهضة (2010)بداية التفاوض بين إثيوبيا ومصر والسودان حيث تم التوقيع على اتفاقية النهضة لتحديد مسار التعاون في مجال النيل.
بداية بناء السد (2011)بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة دون إشعار مسبق لمصر والسودان، مما أثار توترات ومفاوضات جديدة حول المشروع.
تشكيل لجنة الخبراء (2012)تم تشكيل لجنة من خبراء الثلاث دول لدراسة تأثيرات بناء السد وتقديم توصيات.
توقيع اتفاقية المبادئ (2015)تم التوقيع على اتفاقية المبادئ بين الدول الثلاث، ولكن بقي هناك توتر بشأن التفاصيل التنفيذية.
توقف المفاوضات وعودة الجدل (2018-2019)شهدت هذه الفترة توقفًا في المفاوضات وتصاعد التوترات بين الدول الثلاث، مع تصاعد المخاوف بشأن تأثيرات بناء السد.
مفاوضات ووساطة الاتحاد الإفريقي (2020-2021)شهدت عودة المفاوضات بفضل وساطة الاتحاد الإفريقي، حيث تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بشأن ملء وتشغيل السد في يوليو 2020.
توترات جديدة وتحفظات (2021)عادت التوترات بين الدول الثلاث بسبب تحفظات حول الاتفاق المبرم، مما أثار قلقًا إقليميًا ودوليًا.
جهود التوسط والتصعيد (2022-2023)استمرار الجهود الدولية والإقليمية لحل الأزمة، مع استمرار التوترات والمخاوف المستمرة حول مستقبل إدارة مياه النيل.
تلك المحطات تعكس التطورات المستمرة في مسار التفاوض حول سد النهضة والتحديات التي تواجهها الدول المعنية في تحقيق توازن بين احتياجاتها المائية المتزايدة.
انتهاء مفاوضات سد النهضةانتهى مساء يوم ١٩ ديسمبر ٢٠٢٣ في أديس أبابا الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا الذي سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف أربعة أشهر.
ولم يسفر الاجتماع عن أية نتيجة نظرًا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.
أسلوبه الدبلوماسية والخيارات مفتوحةقال اللواء أركان حرب نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع المصري السابق، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية، إن التعنت الإثيوبي لن يحل أزمة سد النهضة وهذا الأمر لن يعود بالخير على الجميع موضحًا أن مصر تستخدم أسلوبه الدبلوماسية من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري.
وأضاف «سالم» في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن مصر ستتجه خلال الأيام القادمة إلى مجلس الأمن وأيضا الاتحاد الإفريقي من أجل الحفاظ على أمن مصر المائي سوف تسعى مصر بالوصول إلى حل لإنهاء تلك الأزمة الاي تهدد حياة المصريين.
وأكد المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية، أن مصر سوف تستمر في المطالبة من أجل الوصول إلى حل لإنهاء أزمة سد بجميع الطرق المختلفة.
القادم في الأزمةأشار الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إلى أن نتيجة تلك المفاوضات كانت متوقعة بالفشل وذلك وفق جميع الشواهد من اللقاءات السابقة خصوصًا مع التعنت الإثيوبي الذي يستغل أزمة سد النهضة من أجل تجميع الشعب هو الرئيس وأيضا التغطية على المشاكل الداخلية وأيضا الاقتصادية الموجودة خصوصًا مع عدم جدوى سد النهضة.
وأضاف «شراقي» في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن تقارير هذه الاجتماعات الأربعة إلى القيادات السياسية لاتخاذ ما يرونه مناسبا، رغم أن مجلس الأمن لم يتخذ إجراء مناسبا عندما تقدمنا إليه عامى 2020، 2021، إلا أن العودة إليه الآن من منطلق آخر وهو خفض التخزين فى سد النهضة إلى السعة الحالية على الأكثر نظرا للخطورة الشديدة على أمن السودان ومصر حال انهيار السد نتيجة زلازل أو فيضانات قوية أو غيره من العوامل الطبيعية أو البشرية، وما حدث فى درنة الليبية فى سبتمبر الماضي ليس ببعيد.
واختتم أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن بهذه الخطوة تستوفى مصر ومعها السودان ملف سد النهضة كاملا أمام المجتمع الدولي للحفاظ على حقوقنا المائية فى المستقبل خاصة إذا شرعت إثيوبيا فى بناء سد آخر من السدود الثلاثة الكبرى على النيل الأزرق كما هو فى الخطة المستقبلية لها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سد النهضة مصر والسودان سد النهضة الأثيوبي بناء سد النهضة المفاوضات حول سد النهضة التعنت الإثيوبي توقف المفاوضات السودان و اثيوبيا تشغيل سد النهضة السودان أثيوبيا مصر مصر والسودان الدول الثلاث سد النهضة بناء السد بناء سد من أجل
إقرأ أيضاً:
زيارة الوفد الإثيوبي إلى بورتسودان: رسائل مزدوجة في زمن التحولات الإقليمية
زيارة الوفد الإثيوبي إلى بورتسودان: رسائل مزدوجة في زمن التحولات الإقليمية
محمد تورشين*
وصل وفد إثيوبي رفيع المستوى إلى مدينة بورتسودان، في زيارة مفاجئة تمثل تطورًا لافتًا في العلاقات السودانية-الإثيوبية، وتأتي في توقيت بالغ الحساسية بالنظر إلى التحديات الإقليمية التي تواجه البلدين. ضم الوفد مدير جهاز المخابرات الإثيوبي، رضوان حسين، ومستشار رئيس الوزراء الإثيوبي لشؤون شرق إفريقيا، قيتاشو ردا، وهو أيضًا حاكم إقليم تيغراي السابق، ما يمنح الزيارة بعدًا رمزيًا وسياسيًا يتجاوز القضايا الثنائية الظاهرة، ويعكس تداخلاً واضحًا بين ملفات الداخل الإثيوبي والخارج الإقليمي.
أعلن رضوان حسين عبر منصة “إكس” أن الوفد حمل رسالة من رئيس الوزراء آبي أحمد إلى رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، يؤكد فيها دعم إثيوبيا الثابت لاستقرار السودان، واستعدادها لمشاركة تجربتها في الانتقال السياسي. غير أن الطابع الرسمي الذي أُحيطت به الرسالة لا يخفي أن الزيارة جاءت وسط حالة من الفتور في العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا، وتوترات صامتة تتغذى من ملفات سياسية وأمنية متشابكة، في مقدمتها ملف سد النهضة، والتقارب الإثيوبي مع أطراف سودانية تُعتبر مناوئة للحكومة الحالية في بورتسودان، فضلًا عن اللقاءات التي أجراها آبي أحمد مع قادة قوات الدعم السريع.
ورغم أهمية الزيارة، امتنعت وسائل الإعلام السودانية الرسمية عن تغطيتها، على عكس الإعلام الإثيوبي الذي قدّم تغطية موسعة حملت إشارات إيجابية ووصفت الزيارة بأنها تأتي في إطار تعزيز علاقات حسن الجوار. هذا التباين في التغطية يعكس بوضوح حساسية العلاقات الثنائية، والمخاوف داخل السودان من أن يُفهم الانفتاح على أديس أبابا كإعادة اصطفاف سياسي قد يُغضب حلفاء تقليديين مثل مصر وإريتريا. فالخرطوم تجد نفسها اليوم في موقع معقد، إذ تحاول موازنة علاقاتها الإقليمية في لحظة تتسم بسيولة المشهد السياسي والأمني، داخليًا وخارجيًا.
تشكل الزيارة امتدادًا لمساعي إثيوبيا للتموضع كفاعل إقليمي قادر على التواصل مع مختلف الأطراف، وإعادة نسج العلاقات مع الخرطوم رغم ما شابها من توتر خلال السنوات الأخيرة. إذ سبق أن اتهمت الخرطوم إثيوبيا بدعم فصائل مسلحة، فيما اشتكت أديس أبابا من الدعم السوداني للموقف المصري في قضية سد النهضة. ومع أن زيارة آبي أحمد لبورتسودان في يوليو الماضي بدت كمحاولة لفتح صفحة جديدة، فإنها لم تنجح في تبديد الشكوك، خاصة مع استمرار التباين في المواقف إزاء القضايا الإقليمية.
كما أن وجود قيتاشو ردا ضمن الوفد يحمل دلالات مهمة. فالرجل يمثل طرفًا رئيسيًا في النزاع الذي شهدته إثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية وإقليم تيغراي، وهو صراع خلّف تداعيات عابرة للحدود، خصوصًا على العلاقة مع السودان الذي استقبل آلاف اللاجئين الهاربين من الحرب. وقد يبدو إدراجه في الوفد كمؤشر على محاولة إثيوبيا توظيف ملف المصالحة الداخلية لتقوية أوراقها الإقليمية، من خلال تقديم نفسها كدولة تجاوزت صراعاتها الداخلية وتطمح الآن للعب دور إيجابي في جوارها المباشر. إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا، خاصة أن اتفاق بريتوريا للسلام بين الحكومة الفيدرالية والتيغراي لا يزال هشًا، وأن هناك مؤشرات على استمرار التوتر بين الطرفين، في ظل تصريحات إريترية نارية ضد الحكومة الإثيوبية، تتهمها بأنها أداة في يد أطراف أجنبية، وتدعو الشعب الإثيوبي إلى الاستعداد لمعارضتها.
في هذا السياق، تكتسب العلاقة السودانية-الإثيوبية بعدًا جديدًا، يتجاوز الحسابات الثنائية إلى صراع أوسع على النفوذ الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي. فإريتريا التي دعمت الجيش السوداني في مواجهته مع قوات الدعم السريع، ترى في تقارب الخرطوم مع أديس أبابا تهديدًا لمصالحها، وقد عبّرت عن ذلك صراحة في تصريحات رسمية. أما مصر، فتنظر إلى التحركات الإثيوبية بعين الريبة، خصوصًا في ظل تعثر مفاوضات سد النهضة، وتلويح إثيوبيا المستمر بالمضي قدمًا في استراتيجيتها المائية دون الرجوع إلى اتفاقات تقاسم المياه.
إذا كانت زيارة الوفد الإثيوبي تهدف إلى احتواء التوترات مع السودان وتقديم تطمينات سياسية، فإنها قد تكون أيضًا جزءًا من استراتيجية أوسع لتأمين المصالح الإثيوبية في بيئة إقليمية مضطربة. إذ تسعى أديس أبابا إلى تعزيز حضورها كوسيط فاعل في الملفات الإقليمية، مستفيدة من حالة الفراغ الدبلوماسي التي أحدثتها انشغالات القوى الدولية بالحرب في أوكرانيا والتوترات الآسيوية. لكن هذا الدور يظل محفوفًا بالتحديات، لا سيما إذا لم تتمكن الحكومة الإثيوبية من ضمان استقرارها الداخلي، أو إذا استمرت في إرسال إشارات مزدوجة للأطراف السودانية المتصارعة.
في المحصلة، تعكس زيارة الوفد الإثيوبي إلى بورتسودان دينامية جديدة في العلاقات بين البلدين، تتأرجح بين التهدئة والاستقطاب. فقد تكون محاولة إثيوبية للعودة إلى قلب المعادلة السودانية، أو خطوة استباقية لتأمين موقع تفاوضي متقدم إذا ما نضجت مبادرات التسوية في السودان. لكن نجاح هذه المساعي سيظل مرهونًا بقدرة أديس أبابا على بناء الثقة مع الخرطوم، وتقديم التزامات واضحة لا تُفهم على أنها محاولة لفرض أجندة إقليمية تتجاوز الإرادة السودانية. في المقابل، سيبقى أمام السودان تحدي الموازنة بين علاقاته المتشعبة، وتحديد مصالحه الحيوية في سياق يتغير بسرعة، وبشكل قد يُعيد رسم خرائط النفوذ في الإقليم برمّته.
* باحث وكاتب في الشؤون الأفريقية
الوسومإقليم تيغراي السودان العلاقات السودانية الإثيوبية الوفد الإثيوبي رضوان حسين قيتاشو ردا مجلس السيادة محمد تورشين