بدأ الناخبون في جمهورية الكونغو الديمقراطية صباح الأربعاء، بالإدلاء بأصواتهم في انتخابات عامة يتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته فيليكس تشيسيكيدي مع معارضة منقسمة وسط وضع سياسي وأمني شديد التوتّر.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن مراكز الاقتراع شرق البلاد فتحت أبوابها أمام الناخبين في الساعة الخامسة صباحا (04:00 بتوقيت غرينتش) ثم تليها بعد ساعة من ذلك مراكز الاقتراع الواقعة في غرب البلاد.



وذكرت وكالة فرانس برس، أن التوقيت المذكور سيبقى نظريا ولا يستبعد الناخبون أن تتأخّر المراكز في فتح أبوابها، علما بأن التأخير ليست مستغربا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وقد يتفاقم بفعل صعوبات نقل التجهيزات الانتخابية إلى المناطق النائية.

وقال موهيغو روتيغو، وهو رجل في الخامسة والسبعين من العمر كان واقفا أمام مكتب تصويت في وسط غوما، العاصمة الإقليمية لشمال كيفوه: "وصلت عند الرابعة وباتت الآن السادسة وهم لم يبدأوا بعد، فهم لا يحترمون النظام".


وأعلنت اللجنة الانتخابية أن المكاتب تبقى مفتوحة بعد الساعة الخامسة إلى حين انتهاء الناخبين الواقفين في صفوف انتظار عند حلول موعد الإغلاق من الإدلاء بأصواتهم.

وبدأ التصويت في العاصمة كينشاسا، وكذلك في غوما وبومافو وبيني ولوبومباشي وتشيكابا، بحسب وكالة فرانس برس.

وأُعلنت البلاد اليوم الأربعاء عطلة مدفوع الأجر، كما أنها أغلقت الحدود وعلّقت الرحلات الداخلية لمدّة 24 ساعة، اعتبارا من منتصف الليل.

ويحق  لنحو 44 مليون ناخب مسجّل، من قرابة الـ100 مليون نسمة، انتخاب رئيس البلد والنواب الوطنيين والإقليميين، وأيضا للمرّة الأولى المجالس المحلية، كما أنه سيسمح للكونغوليين في الخارج بالتصويت في خمسة بلدان.

ويتنافس أكثر من 100 ألف مرشّح في الاستحقاقات الأربعة.

وأمس الثلاثاء، تعهّد رئيس اللجنة الانتخابية دوني كاديما بضمان "شفافية" المسار، مع تتبّع "في الوقت الفعلي" لعملية جمع الأصوات، حيث نُشرت في مراكز الاقتراع عدّة بعثات لمراقبة المسار الانتخابي.

وتعدّ البعثة المشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية التي تضمّ 25 ألف فرد أكبر هذه البعثات، وتولى أهمية كبيرة للآراء والتوصيات الصادرة عنها. وهي تعهّدت الثلاثاء بـ "فرز مواز" للأصوات في الانتخابات الرئاسية.

ويتنافس الرئيس الحالي فيليكس تشيسيكيدي (60 عاما) الذي يتولّى الرئاسة منذ 2019 والمرشّح لولاية ثانية، مع 18 مرشّحا آخر.

وتختلف آراء الكونغوليين بشأن إنجازات الرئيس الحالي، ما دفعه، للمطالبة بخمس سنوات إضافية  "لتعزيز المكتسبات".


وانتقد تشيسيكيدي عدة مرات من  سماهم مرشحي الخارج، متهما إياهم بعدم التحلي بحس وطني قوي في وجه الاعتداءات التي يحمّل مسؤوليتها خصوصا لرواندا المجاورة.

ويعد موييز كاتومبي (58 عاما) رجل الأعمال الثري والحاكم السابق لإقليم كاتنغا الغني بالمناجم أكبر منافسي الرئيس الحالي، ما جعله عرضة بشكل خاص لانتقادات تشيسيكيدي.

ومن المرشحين الآخرين المتنافسين في السباق الرئاسي، مارتن فايولو (67 عاما) الذي يقول إن الفوز سلب منه في انتخابات 2018 والطبيب دوني موكويغي (68 عاما) الحائز نوبل السلام تكريما لجهوده لمساعدة النساء ضحايا الاغتصاب.

وشهدت الفترة السابقة للانتخابات توترات أمنية في الشرق حيث تتصاعد منذ سنتين وتيرة أعمال العنف المسلحة الدائرة في المنطقة منذ منتصف التسعينيات، مع عودة حركة "23 مارس" (إم23) المتمردة المدعومة من رواندا.

وخفت وتيرة المعارك منذ حوالى 10 أيام، إلا أن المتمردين ما زالوا يسيطرون على أجزاء شاسعة من إقليم شمال كيفو سيحرم سكانها من التصويت.


ونقلت "فرانس برس" عن معارضين قولهم، إن التصويت لن يكون شفّافا ويشتبهون في أن النظام يعد منذ فترة طويلة للتلاعب بالانتخابات، من خلال تعيين رجاله على رأس اللجنة الانتخابية والمحكمة الدستورية.

وأعرب كلّ من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهم حيال "خطابات الكراهية" السائدة ودعت الولايات المتحدة من جهتها إلى انتخابات "شفافة" في "أجواء سلمية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الكونغو الديمقراطية انتخابات الاقتراع تصويت توترات انتخابات تصويت توتر اقتراع الكونغو الديمقراطية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

القصة الكاملة لفشل مشروع نشر الديمقراطية في العالم

لأكثر من أربعين عاما، عملت الحكومات الغربية، والمؤسسات متعددة الأطراف، والمؤسسات الخيرية، والمقاولون من القطاع الخاص، على بناء واحد من أكبر مشاريع الهندسة السياسية في التاريخ الحديث: محاولة تصنيع الديمقراطية في الخارج.

وباستخدام مليارات الدولارات، وآلاف البرامج، ومنظومة واسعة من الفاعلين، سعى الغرب إلى تحقيق هدف بسيط في ظاهره؛ وهو غرس القيم الديمقراطية الليبرالية في المجتمعات الخارجة من الحكم السلطوي.

لقد افترضت الإستراتيجية أنه إذا ما تم دعم الانتخابات، وتدريب المجتمع المدني، وتقوية البرلمانات، وتحديث مؤسسات سيادة القانون، فإن الحكم الديمقراطي سيترسخ تلقائيا.

لكن هذا المشروع الضخم بني على سوء فهم عميق. كما جادل توماس كارذرز قبل أكثر من عقدين، فإن الغرب كان متمسكا بـ"نموذج الانتقال" الذي يفترض أن جميع الدول الخارجة من الدكتاتورية تسير في مسار أحادي باتجاه الديمقراطية.

وقد أدى هذا الافتراض إلى خلق آلة دعم ديمقراطية مبنية على توقعات خطية وحلول تقنية، بدلا من مواجهة الحقائق السياسية، وتنوع الثقافات والتواريخ، والتركيز على ديناميكيات تغيير السلوك.

والنتيجة المزعجة باتت الآن جلية: الفترة التي شهدت أكبر استثمار غربي في الديمقراطية تزامنت مع أكبر تراجع ديمقراطي على مستوى العالم. وفي كثير من الحالات، ساعدت أدوات دعم الديمقراطية نفسها في ترسيخ الحكم السلطوي.

هذه هي قصة كيف أصبح الترويج للديمقراطية صناعة تقنية بيروقراطية، وبشكل متناقض، مسرعا صعود السلطوية التي تعيد الآن تشكيل السياسة العالمية.

ماكينة تعزيز الديمقراطية الأميركية: منتجات بلا نتائج

في قلب مشروع "دمقرطة" الغرب، وقفت الولايات المتحدة. أصبحت برامج الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة (DRG) التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أكبر محرك مؤسسي في العالم لدعم الديمقراطية.

تم تمويل أنظمة انتخابية، وإصلاحات قضائية، وتدريب الأحزاب، وإعلام مستقل، وجهود لمكافحة الفساد، وتطوير المجتمع المدني بمليارات الدولارات.

إعلان

ومع ذلك، فقد أصدرت تقييمات الوكالة نفسها حكما صارما: "النماذج المنطقية للبرامج غالبا ما تفترض وجود التزامات بالإصلاح غير موجودة أصلا"، كما أن التحسينات في القدرات الفنية "لا تترجم إلى تغييرات في السلوك". وباختصار، كان المانحون يعملون أكثر من النخب السياسية التي لم تكن تنوي الإصلاح أصلا.

وسّعت المؤسسة الوطنية للديمقراطية (NED) ومعاهدها الأربعة – المعهد الجمهوري الدولي (IRI)، المعهد الديمقراطي الوطني (NDI)، مركز المشاريع الدولية الخاصة (CIPE)، ومركز التضامن – هذا النهج من خلال تدريب النشطاء، والأحزاب، والنقابات، وجمعيات الأعمال. غالبا ما أنتجت تدخلاتهم فاعلين ذوي كفاءة فنية يعملون ضمن هياكل سياسية تقاوم بطبيعتها المساءلة.

عزز مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل (DRL) التابع لوزارة الخارجية الأميركية هذه الاستثمارات من خلال تمويل المدافعين عن حقوق الإنسان والإعلام المستقل، لكن مراجعاته أشارت إلى أن المشاريع تظهر "نتائج مرئية قصيرة المدى، ولكن أدلة محدودة على تغيير ديمقراطي مستدام".

ما ظهر هو مفارقة: دعم الديمقراطية أنشأ فاعلين مدربين ومؤسسات معززة، لكنه نادرا ما أوجد حوافز ديمقراطية أو سلطة ديمقراطية حقيقية.

المؤسسات متعددة الأطراف وصعود الديمقراطية القائمة على العرض فقط

دعمت المنظمات متعددة الأطراف هذا النهج. أنتج المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية (IDEA)، وهو الهيئة الحكومية الدولية الوحيدة المكرسة حصريا للديمقراطية، معايير انتخابية عالمية، وبيانات مقارنة، وتقييمات للحوكمة. بيدَ أن مقيميه كانوا من أوائل من حذروا من أن مساعدات الديمقراطية "تعتمد بشكل كبير على جانب العرض"، مما أدى إلى "إصلاح بلا قاعدة جماهيرية".

في الوقت نفسه، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بدمج الحوكمة في إستراتيجيات التنمية: إصلاحات في الخدمة المدنية، أدوات لمكافحة الفساد، أمن الانتخابات، وبرامج سيادة القانون. لكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أقر مرارا وتكرارا بأن الإصلاحات التقنية لا يمكنها تغيير التفاهمات السياسية التي ترفض فيها النخب إعادة توزيع السلطة.

الدلالة واضحة: أنشأت برامج الديمقراطية هياكل مؤسسية مثيرة للإعجاب، لكنها لم تستطع اختراق أنماط السلوك السياسي التي أبقت النخب السلطوية في مواقعها.

القطاع الخيري ونموذج المجتمع المدني المعتمد على المانحين

استثمرت المؤسسات الخاصة- ولا سيما مؤسسات المجتمع المفتوح (Open Society Foundations)، وفورد، وموت، وهيوليت- بكثافة في الإعلام المستقل، وشبكات المساعدة القانونية، والتعليم المدني، ومبادرات الشفافية. لكن تقييمات إقليمية صادرة عن (OSF) نفسها أقرت بأن المنظمات المدنية الممولة من المانحين كثيرا ما كانت تفتقر إلى الجذور المجتمعية، وتعتمد ماليا على التمويل الخارجي، وكانت عرضة لفقدان الشرعية بسهولة.

رصدت منظمة فريدوم هاوس، التي تعد مؤشرا عالميا لصحة الأنظمة السياسية، الانحدار الديمقراطي العالمي: سبعة عشر عاما متتاليا من التراجع الديمقراطي، دون أن يتمكن دعم المانحين من عكس الاتجاه.

والنتيجة كانت نظاما هشا للمجتمع المدني- منفصلا عن الجمهور العام، يتقن لغة المانحين، ويسهل وسمه بـ"العملاء الأجانب"، وفي النهاية غير قادر على الصمود أمام قمع سلطوي منظم.

صناعة الديمقراطية: احترافية بلا قوة سياسية

تحول أكبر منفذي دعم الديمقراطية – مثل Chemonics، وDAI، وFHI 360 – إلى صناع لصناعة ديمقراطية عالمية. لقد أتقنوا تنظيم الورش، وإنشاء المؤشرات، وإعداد الجداول المنطقية، وإطلاق الحملات الإعلامية، وتصميم وحدات بناء القدرات، وإعداد بطاقات تقييم الحوكمة.

إعلان

وقد حذر المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية من أن هذا الطابع البيروقراطي جعل دعم الديمقراطية "آليا" وفي بعض الأحيان "له أثر عكسي"، إذ اختزل الصراع السياسي إلى قوائم تحقق إجرائية.

وقد كتبت سابقا أن "تسليع المعايير الديمقراطية قد أفسد الكثير من الحكمة- والشجاعة- التي كانت موجودة"، مما مكن المستبدين من "شراء الدخول في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.. لتعزيز أجنداتهم الخاصة".
لقد تعلم القادة السلطويون- وخاصة مؤسسي بعض المنظمات غير الحكومية- لغة المانحين، وأتقنوا توقعاتهم، وحصلوا على الشرعية الدولية، في الوقت الذي كانوا فيه يفرغون المؤسسات المحلية من محتواها.

أصبح تعزيز الديمقراطية قابلا للتوقع. والقابلية للتوقع هي بالضبط ما يفضله المستبدون.

ما كشفته التقييمات: برامج الديمقراطية أنتجت منتجات لا سياسة

من السمات اللافتة في مجال تعزيز الديمقراطية أن أشد الانتقادات جاءت من المانحين أنفسهم. عبر تقارير USAID، وNED، والمعهد الدولي للديمقراطية، ومؤسسة المجتمع المفتوح، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وحتى فريدوم هاوس، يتضح نمط واحد: مساعدات الديمقراطية تفوقت في إنتاج النتائج الملموسة، لكنها فشلت في تحقيق نتائج ديمقراطية فعلية.

1- بنيت على افتراضات، لا على الواقع

أكدت تقييمات USAID مرارا أن المكاسب التقنية لم تترجم إلى تغيير سياسي. افترضت البرامج وجود التزامات بالإصلاح من قبل النخب السياسية، وهي التزامات لم تكن موجودة أصلا.

ووجد كل من NDI وIRI أن التدريب حسّن تنظيم الأحزاب، لكنه لم يخلق ديمقراطية داخلية أو استجابة للسياسات. بمعنى آخر: المانحون عملوا مع فاعلين سياسيين مختارين، دون أن يدمقِرطوهم.

2- فجوة العرض والطلب

وصف المعهد الدولي للديمقراطية العيب القاتل في القطاع: بنى المانحون مؤسسات دون أن يجعلوها خاضعة للمساءلة أمام جماهير متنوعة.
تم تعزيز الانتخابات، والمنظمات غير الحكومية، والبرلمانات، وبعض قوانين الإعلام، لكن القوى التي تجعلها ديمقراطية، مثل الثقة العامة، والشرعية، والمساءلة، والانخراط المجتمعي، تركت دون مساس.

3- الأرقام كارثية

يكشف تقرير "الحالة العالمية للديمقراطية 2024" الصادر عن IDEA العواقب:

للعام التاسع على التوالي، عدد الدول التي شهدت تراجعا يفوق تلك التي شهدت تحسنا. ثلث الناخبين يعيشون في دول تدهورت فيها جودة الانتخابات. التمثيل السياسي في أدنى مستوياته منذ عام 2001. حرية الصحافة تراجعت في 43 دولة – وهو أسوأ تراجع منذ عام 1975.

وصف لاري دايموند هذا الوضع بأنه: "ركود عالمي متعمق في الحرية والديمقراطية" و"أحلك لحظة تمر بها الحرية منذ نصف قرن". إن عصر الذروة في دعم الديمقراطية قادنا إلى عصر ذروة صعود السلطوية.

لماذا فشل دعم الديمقراطية؟ التكيف الإستراتيجي للسلطوية1- الانتخابات تحولت إلى طقوس للشرعية

ركزت المساعدات الغربية على الانتخابات كمحرك للانتقال الديمقراطي. لكنّ المستبدين تعلموا بسرعة أن مجرد وجود الانتخابات، لا مصداقيتها، يرضي المانحين. أصبح تقليد الانتخابات أداة مركزية في الحكم السلطوي: سلطوية تنافسية بتمويل غربي، ومراقبين دوليين، وتحسينات تقنية لم تغير شيئا في الحوافز السياسية.

2- المجتمع المدني بني من الخارج، وسهل تدميره من الداخل

المنظمات غير الحكومية التي أنشأها المانحون كانت صغيرة، علمانية، حضرية، نخبوية، تتحدث الإنجليزية، وذات كفاءة تقنية لكنها منفصلة عن الجمهور الأوسع. وكانت المحسوبية والفساد منتشرين في العديد منها. والأسوأ أن أكبر الفاعلين المدنيين في معظم المجتمعات- الجماعات الدينية والمنظمات ذات الإلهام الديني- تم استبعادهم بسبب الافتراضات العلمانية الغربية.

النتيجة: مساحة مدنية ضيقة، يسهل على المستبدين تشويهها أو إغلاقها أو استيعابها.

3- الديمقراطية التقنية مقابل السلطوية السياسية

قدم منفذو برامج الديمقراطية تدريبات، وخططا منطقية، ومؤشرات، وأدوات. بينما ركز المستبدون على السلطة: الخدمات الأمنية، الجيوش، المحاكم، الإعلام، الإصلاحات الدستورية، والهيئات الانتخابية. المفارقة كانت صارخة: المانحون عدوا الورش؛ المستبدون استولوا على المؤسسات.

إعلان 4- تقوية مؤسسات صممت أصلا لتدار استبداديا

أشارت USAID إلى أن البرامج حسنت الكفاءة دون أن تغير السلوك. استخدم المستبدون الكوادر المدربة من المانحين لتشغيل أنظمتهم السلطوية بكفاءة أكبر. مفوضية انتخابات أو قضاء محسن لا يزال سلطويا، إذا ظل النظام السياسي الأساسي كما هو.

5- تعلُم المستبدين تفوق على تعلم المانحين

كافأت صناعة الديمقراطية اللغةَ المتوقعة: خططا إستراتيجية، ميزانيات، مقترحات، مفردات حقوق الإنسان، مؤشرات النوع الاجتماعي، أطر المشاركة، والتقارير.

رد المستبدون بالمثل: أنشؤوا منظمات حكومية (GONGOs)، ومصلحين نموذجيين، ووسطاء ملائمين للمانحين يتحدثون بلغة الديمقراطية بينما يقوضون جوهرها.

6- الانهيار المتوازي للنظام الدولي متعدد الأطراف

يتزامن الركود الديمقراطي العالمي مع أزمة أوسع في النظام متعدد الأطراف. وكما جادلت في عام 2023، فإن استمرار الحروب وعجز نظام الأمم المتحدة عن إحلال السلام، هو "إدانة كارثية لنظامنا الدولي الحالي".

فالدول تفشل في الحفاظ على العقد الاجتماعي، وتحكم شعوبا منقسمة بشرعية متآكلة. ولا يمكن لمساعدات الديمقراطية أن تزدهر فوق نظام دولي منهار لم يعد يفرض المعايير، أو يحمي الحقوق، أو يضع حدودا لإفلات المستبدين من العقاب.

المفارقة والمأساة: مساعدات الديمقراطية مكنت الاستبداد

الدرس الأعمق مؤلم ومتناقض:
مساعدات الديمقراطية لم تفشل فقط في إيقاف صعود الاستبداد، بل ساعدت- عن غير قصد- في خلق الظروف المناسبة لتقدمه.

تعلم المستبدون لغة المانحين واستخدموها لتحييد النقد. أصبحت الانتخابات طقوسا للشرعية بدلا من أدوات للمساءلة. المجتمع المدني أنشئ بتمويل خارجي، ويسهل الطعن في شرعيته، وكان هشا بنيويا. تم استبعاد الفاعلين المدنيين الدينيين الأكثر تأثيرا في معظم المجتمعات. المؤسسات التي عززها المانحون استُولي عليها من قبل النخب. صممت صناعة الديمقراطية بناء على "الخبرة الأجنبية" وأنماط قابلة للتوقع، وهي بيئة تفوق فيها المستبدون. فشل النظام متعدد الأطراف أزال الحواجز الخارجية أمام السلوك السلطوي.

لقد بنت جهود الترويج للديمقراطية واجهة، ثم تسلل المستبدون خلفها. استثمر الغرب في أشكال الديمقراطية، دون أن يزرع قواها الحقيقية. أنشأ مؤسسات لكنه أهمل شمولية الشعوب ومحاسبة السلطة؛ مول الفاعلين لكنه تجاهل الجماهير؛ درب النخب لكنه أغفل الثقافة السياسية الكامنة.

لقد تكيف الاستبداد أسرع من تطور مساعدات الديمقراطية، فتعلم كيف يقلد، ويستوعب، ويسَخِر الأدوات التي قدمها المانحون. والنتيجة؟ عالم أكثر استبدادا، أقل حرية، ومفتت بشدة – ليس بالرغم من الترويج للديمقراطية، بل جزئيا بسببه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ديسابر متفائل بحظوظ الكونغو الديمقراطية في كأس أمم إفريقيا
  • القصة الكاملة لفشل مشروع نشر الديمقراطية في العالم
  • ديسابر: التأهل إلى دور الـ16 هدف الكونغو الديمقراطية في أمم إفريقيا 2025
  • ديسابر: هدف الكونغو الديمقراطية تخطي المجموعات وكأس أفريقيا لا تعترف بالمرشحين
  • تهديد أميركي لرواندا بالتحرك بعد اتهامها بانتهاك اتفاق السلام مع الكونغو الديمقراطية
  • مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية
  • مجلس النواب يشارك في الانتخابات البلدية لتعزيز العملية الانتخابية
  • عمرو أديب: مصر بحاجة لتربية سياسية والمشاركة الفعلية في الانتخابات
  • بعد حل مجلس النواب.. تايلاند تدخل مرحلة سياسية جديدة
  • إقبال كبير على المشاركة في بطولة الإمارات الوطنية للفنون القتالية المختلطة