لجريدة عمان:
2025-06-11@05:50:19 GMT

مناخ طارد

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

(1)

أكتب عن الاستعارات مرة أخرى. فكرة تكاد تكون مضادة لما كتبت الأسبوع الماضي. هذه المرة ليس عن الاستعارات البصرية بل اللغوية. حاولت الأسبوع الماضي أن أُجادل بأن استخدام استعارة الهولوكوست لوصف ما يحدث في غزة على يد الاحتلال، لا يخدم الخطاب الفلسطيني، وهو يأخذ من تاريخ الصراع خصوصيته.

يدور جدل حامي هذه الأيام إثر منح ماشا غيسين جائزة حنا أرندت للفكر السياسي.

تم -على إثر الاحتجاجات التي حصلت عشية التكريم- إلغاء الحفل، والعشاء الملحق، وعوضا عن الاحتفال في العموم مع 400 شخص، ينتهي الأمر بهم للاحتفال مع 14 شخصًا في مكان خاص. ليأتي تعليق غيسين كالآتي: ما كانت حنا أرندت نفسها لتحصل على جائزة حنا أرندت في ألمانيا اليوم.

ماشا غيسين هم من الأمريكان الروس، المختصين بالصحافة والتأليف والترجمة، والمنحدرين من عائلة يهودية ناجية من المحرقة. وقد نشروا على «The New Yorker» في التاسع من ديسمبر مقالًا يُمكن ترجمة عنوانه للآتي: «في ظل الهولوكوست: كيف تحجب سياسة الذاكرة في أوروبا ما نراه في إسرائيل وغزة اليوم».

حسب رأي غيسين، لطالما أُستخدم التعبير «سجن مفتوح» لوصف غزة (ما قبل 7 أكتوبر)، وإذا فكرتُ في الموضوع للحظة، أُدرك أنني لا أعرف ما يعنيه السجن المفتوح. الاستعارات والتشبيهات عادة ما تَستثمر صورة يُمكن للواحد تخيلها. عندما أُفكر بغزة تحت الحصار فهي مثل غيتو، أي مثل الأحياء اليهودية في ألمانيا النازية. بالطبع ثمة فروق -ليس هذا ما أقوله- إنما هذه هي الاستعارة الأقرب لما عليه غزة، أي مكان معزول، كثيف السكان، محاط بمن يملكون السلاح، لكنه ليس محكوما من قِبلهم، بل من قِبل مجموعة دُعمت -على نحو ما- من بناة السور. سبب أني أجد استخدام كلمة «غيتو» مهم هنا، هو أنه يُعطينا اللغة للتعبير عما يحدث. وحتى لا يصبح الوعد الذي قطعته الإنسانية «never again» أجوفَ، علينا أن نمتلك الأدوات لتمييزه عندما نراه، وأنا أعتقد أن شيئا كهذا يحدث في غزة.

(2)

الحياة متوقفة. هذا ما أشعر به، ما أزال أشعر به. ثمة ركود وانتظار، وهذا كل شيء. أمر يذكر ببدايات الجائحة قبل أعوام. الفارق أن الموت حينها كان موزعا بالتساوي (تقريبا) بين الأمم، وأنه كان -على عكس هذه الحرب الدموية- يوحدنا كبشر. أراهن أن كثيرين مثلي. أحاول أن أعود لمشاريعي، لكنني أشعر بانفصال عنها، وكأنها تنتمي لحياة أخرى. ليس الأمر وكأن مقاطعة الحياة شيء أختاره، ولكنه شيء يحدث لي رغما عني. يزيد الطين بلة أنني في مرحلة أقرر فيها مسار حياتي، أمر يتطلب نوعًا خاصًا من الحماسة والإيمان والقدرة على تصور القادم.

أعرف عن نفسي أنني شجاعة، عنيدة، ومندفعة بعض الشيء. إلا أن كل هذا غادرني. لا أدري إن كانت الطريقة الألمانية في حساب الأشياء بتأنِ أثرت عليّ بخلاف ما أظن. تائهة على نحو أتمنى فيه أن تُفرض علي الأشياء فرضًا. شيء ما يقول لي أن رحلتي في ألمانيا على وشك أن تنتهي. خصوصا وأنني أرى المناخ السياسي يتجه نحو مُعاداة الأجانب (القادمين من الشرق الأوسط تحديدا). إذا كُنّا سابقا ومع الادعاءات بمحاولة إدماج المهاجرين، ومنح فرص لهم، إذا كانت في ظروف كتلك «ما مترقعة»، فكيف لنا أن نأمل بشيء في مناخ طارد.

لا أجد في نفسي القوة لإجراء المقابلات. أجلّتُ الأخيرة، ثم طلبتُ أن يُسحب طلبي. كيف لي أن أنخرط في بحوث الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته، إن لم يكن بإمكاني أن أُعالج المسألة الأهم اليوم، ألا وهي كيف تُستغل هذه الأدوات في إبادة الآلاف، وكيف تنحاز الخوارزميات ضد الضحايا، كاتمة شهاداتهم، وواقفة عقبة أمام التضامن معهم.

رؤية الظلم الذي يتعرض له الآلاف تُفرغني من الطاقة. أرى كثيرين مُحفزين ليُغيروا، ليُساهموا، ولا أعرف سبيلا لتقليدهم. أتمنى لو أني جزء من شيء آخر لا علاقة له بالتفكير والكتابة. لو أني أعمل في مخبز مثلا. لا يُوقف المخابز شيء (عدا التدمير في الحروب طبعا، أو قطع الطحين والخميرة والملح عنها). أعجن بيدي طول اليوم، حبذا بسماعة على رأسي، وموسيقى تأخذ اليوم برفق إلى نهايته.

أن نفعل شيئا ذا معنى. فكرة كهذه يُمكنها أن تُسمم حياتك إن كنتْ مخلصا لها. تُحملك مسؤولية لا يكون بوسعك دائما الوفاء بها. الأسهل للواحد إذا لم يشعر أنه ذو نفع، أن ينسحب. نحتاج للشعور أننا نافعون. إن جهدنا القليل يصب في مجرى التغيير الذي نتخيله. لكن حين ترى ألّا شيء يتغير، وأن القوي ينجح في فعل ما خطط له، ماذا يكون منك؟

أظن أن هذا هو سبب «الركود» في المجالات الفنية العربية في الفترة الأخيرة. وكأن الجميع يشعرون بلا معنى أي فعل. يعز عليهم أن يستخدموا مفردة مثل المقاومة لوصف أغنية أو نص أو لوحة، وكأنهم يلوثونها لنظافة ما عليهم من لباس، ولنضارة ما على أجسادهم من بشرة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ما الذي يحدث بولاية كاليفورنيا؟

#سواليف

اندلعت مساء الجمعة #احتجاجات في #لوس_أنجلوس بولاية #كاليفورنيا بعد أن نفذ #ضباط من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك عمليات في المدينة واعتقلوا 44 شخصا على الأقل بتهمة ارتكاب #مخالفات لقوانين #الهجرة، وسرعان ما تطورت الاحتجاجات التي استمرت حتى اليوم الأحد إلى #أعمال_عنف، مما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم إلى إصدار أوامر بنشر ألفي عنصر من قوات الحرس الوطني بالمدينة لموجهتها.

فما سبب الأزمة؟ وكيف بدأت شرارة الأحداث؟ وما موقف الإدارة الأميركية من تلك الأحداث؟ كذلك ما موقف الديمقراطيين الذين يديرون لوس أنجلوس؟ وما دور النقابات بعد اعتقال رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في ولاية كاليفورنيا؟

ما سبب الأزمة؟

مقالات ذات صلة كتائب القسام تنشر مشاهد لاستهداف جرافة عسكرية من نوع “D9” 2025/06/08

جعل ترامب من اتخاذ #إجراءات_صارمة ضد #الهجرة سمة مميزة لولايته الثانية، وبدأ عمليات #ترحيل لعشرات آلاف #المهاجرين، مما وضع الديمقراطيين في مواجهة إدارة ترامب، خاصة مع تزايد الاحتجاجات على الاعتقالات في معاقل الديمقراطيين، وتصاعد الأمر بوصول حملة ترامب إلى لوس أنجلوس -التي يديرها الديمقراطيون- التي يشكل ذوو الأصول اللاتينية والمولودون في الخارج جزءا كبيرا من سكانها.

كيف بدأت شرارة الأحداث؟

بدأت الاحتجاجات بعد ظهر أول أمس الجمعة إثر احتجاز أكثر من 40 شخصا في عمليات مداهمة للهجرة في جميع أنحاء لوس أنجلوس في وقت سابق من ذلك اليوم، مما أثار #اشتباكات بين الضباط والمتظاهرين تحولت إلى أعمال عنف وأسفرت عن إلقاء الشرطة قنابل الغاز المدمع على الحشد.

ما موقف الإدارة الأميركية وسلطات إنفاذ القانون؟

بحسب صحيفة بوليتيكو، سعى مسؤولو إدارة ترامب إلى تصوير أحداث يوم الجمعة الماضي باعتبارها هجوما عنيفا على مسؤولي الهجرة الفدراليين، مدفوعا بسياسيين ديمقراطيين كانوا صريحين في إدانتهم سياسة الهجرة التي تنتهجها الإدارة.

وقال مسؤول الحدود في البيت الأبيض توم هومان لشبكة فوكس نيوز أمس السبت إن إنفاذ قوانين الهجرة يجعل لوس أنجلوس أكثر أمانا، وإنه في ظل تنامي الاحتجاجات “سنقوم باستدعاء الحرس الوطني الليلة”.

واعتبرت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي تريشيا ماكلولين في بيان أن الوضع الذي حدث كان نتيجة مباشرة “للتشويه المتكرر وتشويه سمعة إدارة الهجرة والجمارك” من قبل السياسيين الديمقراطيين، بما في ذلك جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا وكارين باس عمدة لوس أنجلوس.

وأضافت أن “الاستهداف العنيف لرجال إنفاذ القانون في لوس أنجلوس من قبل مثيري الشغب الخارجين عن القانون أمرٌ حقير، ويجب على عمدة كاليفورنيا باس وحاكم كاليفورنيا نيوسوم المطالبة بإنهائه. لقد خاطر رجال ونساء إدارة الهجرة والجمارك بحياتهم لحماية المواطنين الأميركيين والدفاع عنهم”، مشددة على أن “الخطاب العنيف” لـ”سياسيي الملاذ الآمن” أمرٌ مرفوض.

وقد شددت إدارة الهجرة والجمارك على موقفها، وحذرت من أن أحداث يوم الجمعة لم تكن بأي حال من الأحوال نهاية حملتها على الهجرة.

ما موقف النقابات في كاليفورنيا؟

مع تصاعد الموقف، أُلقي القبض على ديفيد هويرتا رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في كاليفورنيا، حيث أصيب بجروح خلال احتجازه، مما استدعى دخوله المستشفى لفترة وجيزة، وفقًا لبيان صادر عن النقابة.

ووفقا لبيان صادر عن اتحاد عمال الخدمات الدولي مساء الجمعة الماضية، أُطلق سراح هويرتا من المستشفى، لكنه لا يزال رهن الاحتجاز.

وقال هويرتا في بيان “ما حدث لي لا يتعلق بي، إنه يتعلق بأمر أكبر بكثير. يُعامل الكادحون، وأفراد عائلتنا ومجتمعنا، كالمجرمين. علينا جميعا الاعتراض على هذا الجنون، لأن هذا ليس عدلا، بل هو ظلم. وعلينا جميعا أن نقف إلى جانب الحق”.

وتدفقت صرخات الاستنكار أمس السبت من جانب المنظمات الليبرالية الكبرى، بما في ذلك اتحاد العمال العملاق “الاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية” وفرع اتحاد الحريات المدنية الأميركي في جنوب كاليفورنيا، والتي دانت المداهمات وطالبت بالإفراج عن ديفيد هويرتا رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في كاليفورنيا.
TOPSHOT – Looters break into a gas station’s market place as demonstrators and law enforcement clash with demonstrators during a protest following federal immigration operations, in the Compton neighborhood of Los Angeles, California early on June 8, 2025.
لصوص اقتحموا سوق محطة وقود مستغلين الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في حي بلوس أنجلوس (الفرنسية)

ما موقف الديمقراطيين؟

في أعقاب الاشتباكات التي وقعت يوم الجمعة الماضي، قالت مجموعة من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين من منطقة لوس أنجلوس إنهم مُنعوا أمس السبت من زيارة المبنى الفدرالي حيث يُزعم احتجاز أشخاص في مراكز احتجاز المهاجرين.

وقالت النائبة لوز ريفاس (ديمقراطية من كاليفورنيا) في بيان “إن التقارير عما يحدث داخل مبنى رويال الفدرالي تُعدّ انتهاكًا صارخا لقوانيننا ووصمة عار على قيمنا كدولة”. وأضافت “لقد منعتني إدارة ترامب وزملائي من أداء واجباتنا الرقابية في الكونغرس بشأن الانتهاكات والإهمال المُبلّغ عنه في هذه المنشأة”.

إلى أين تتطور الأحداث؟

أمر الرئيس الأميركي اليوم الأحد بنشر ألفي عنصر من قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، وقال البيت الأبيض في بيان إن ترامب وقّع مذكرة رئاسية لنشر قوات الحرس الوطني “لمعالجة الفوضى التي سُمح لها بالتفاقم”.

وقال كبير مسؤولي إنفاذ القانون في إدارة ترامب في جنوب كاليفورنيا إن قوات الحرس الوطني ستصل إلى لوس أنجلوس خلال الساعات الـ24 القادمة لقمع المحتجين الرافضين لموقف إدارة ترامب من الهجرة.
إعلان

كما أعلن ترامب اليوم الأحد حظر ارتداء الأقنعة في المظاهرات التي تشهدها لوس أنجلوس ضد حرس الحدود، وكتب في منشور على منصة “تروث سوشيال” التي يملكها “من الآن فصاعدا سيمنع ارتداء الأقنعة في المظاهرات، ماذا يريد هؤلاء الناس إخفاءه؟ ولماذا؟”.

يرى بعض المسؤولين الأميركيين أن ترامب قد يستند -إذا اضطر- إلى قانون العصيان الذي يعود لعام 1807 ويعطي الرئيس حق نشر الجيش الأميركي لإنفاذ القانون وكبح الاضطرابات المدنيّة، مما يجعل الأحداث تأخذ منحا آخر أكثر خطورة.

مقالات مشابهة

  • ترامب: ما يحدث في لوس أنجلوس "اجتياح من قبل أعداء أجانب"
  • احتجاجات أميركا في عيون العرب.. ما الذي يحدث في لوس أنجلوس؟
  • العراق: القبض على والد طارد ولده لطعنه بالسكين
  • «الأبيض» يُطارد «مسك الختام» في مواجهة قيرغيزستان
  • بعد مداهمات الهجرة.. ماذا يحدث في لوس أنجلوس؟
  • ماذا يحدث لجسمك عند تناول اللحمة يوميا
  • تداعيات قرارات ترامب تصل إلى لوس أنجلوس.. ماذا يحدث؟
  • ماذا يحدث للجسم عند تناول العرقسوس؟
  • ما الذي يحدث بولاية كاليفورنيا؟
  • ماذا يحدث في كاليفورنيا؟