من البطاطس إلى البصل.. من وراء فوضى الأسعار في المحاصيل الرئيسية بمصر؟
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
القاهرة- أعاد ارتفاع أسعار البصل في مصر بشكل غير مسبوق، الحديث عن فوضى الأسعار التي تضرب بين حين وآخر محاصيل رئيسية أخرى بالبلاد ومنها في وقت سابق البطاطس والطماطم، فبينما يلقي مختصون تحدثوا لـ"الجزيرة نت" باللائمة على وزارة الزراعة ضمن أسباب أخرى، تعلن الحكومة ملاحقة المتسببين في ذلك، وسط أزمة اقتصادية قاسية.
ويتوقع صندوق النقد الدولي، تسجيل معدل التضخم في مصر 23.5% هذا العام مقارنة بـ8.5% في العام الماضي، قبل أن يصعد إلى 32.2% في العام المقبل، بالتزامن مع موجة غلاء تضرب سلعا إستراتيجية بشكل متواصل.
بدوره، أصدر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي قراره بحظر تصدير البصل حتى 30 مارس/آذار المقبل، في حين وجه وزير الزراعة السيد القصير بحصر كافة مخازن البصل في محافظات الجمهورية والقيام بحملات تفتيش عليها، وتوقع وزير التموين علي مصيلحي انخفاض سعر كيلو البصل بدءا من يناير/كانون الثاني المقبل.
فوضى البصلوتخطت أسعار البصل، الأيام الأخيرة، حاجز 50 جنيها، في بعض السلاسل التجارية الشهيرة وتطبيقات توصيل الطلبات، بشكل دفع مصريين للسخرية، مما يحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وراجت عبارة "بصل عيار 24" نسبة لوزن الذهب.
وكان سعر البصل في أسواق التجزئة الشعبية في يناير/كانون الثاني الماضي، من 8 إلى 10 جنيهات، في وقت ارتفع سعره في أسواق الجملة في سبتمبر/أيلول الماضي، ما بين 15 و19 جنيها، وعادة يضاف إلى سعر الجملة ما بين 5 إلى 7 جنيهات في أسواق التجزئة.
وفي جولة ميدانية لمراسل "الجزيرة نت" في الساعات الأخيرة، رصد سعر البصل في عدد من الأسواق الشعبية، بسعر 35 جنيها، في حين وصل سعره في منافذ أحد أبرز السلاسل التجارية بسعر 44 جنيها.
وارتفع سعر البصل المجفف كذلك، وفق بائع تحدث لـ"الجزيرة نت"، حيث بلغ سعر 100 غرام من البصل المجفف المعلب في أحد أبرز متاجر العطارة الشهيرة بالقاهرة، سعر 25 جنيها بعدما كان يباع بمبلغ 17 جنيها قبل ارتفاع سعر البصل بالأسواق.
وراجت منتجات مجمدة للبصل المفروم، تباع وزن 600 غرام، بسعر 21 جنيها، في حين وصل سعر كيلو البصل في أحد تطبيقات توصيل الطلبات الإلكترونية الشهيرة بمصر إلى 55 جنيها مساء الجمعة 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وطبقا لتقديرات بوابة الأسعار المحلية بمجلس الوزراء، فقد وصل متوسط سعر البصل الأحمر، 31 جنيها، والبصل الأبيض 26 تقريبا، في وقت وصل أعلى سعر للأحمر 45 جنيها، وأعلى سعر للأبيض 40 جنيها.
وتكررت الأزمة في محاصيل أخرى في أوقات سابقة، مثل البطاطس التي ارتفعت هذا العام بنسبة 90% عن سابقه، كما ارتفعت الطماطم كذلك بنسبة 57% عن العام الماضي، طبقا للأرقام الرسمية، في حين ارتفع سعر كيلو "البامية" من 33 جنيها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى 41-45 جنيها في ديسمبر/كانون الأول الجاري.
العشوائية وعدم مراعاة المواسم الزراعيةوفي حديثه لـ"الجزيرة نت" يوضح نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، أن أزمة البصل هي تكرار لأزمات زراعية أخرى تطول محاصيل رئيسية بين وقت وآخر مثل البطاطس والطماطم، بسبب عدم وجود خطة زراعية، وغياب مشروع الزراعة التعاقدية مع الفلاحين، وعمل وزارة الزراعة العشوائي الذي تغيب عن منظومته الدورة الزراعية.
ويؤكد نقيب الفلاحين أنه سبق وحذر وزارة الزراعة من حدوث أزمة متوقعة في البصل، بسبب الاندفاع في التصدير وملء الفراغ الذي حدث في سوق البصل العالمي لصالح مصر دون ترتيب الأمور بشكل دقيق في الداخل، مما دفع إلى قلة المعروض وارتفاع أسعاره حتى تجاوزت 50 جنيها في بعض الأسواق، متوقعا نهاية الأزمة في أبريل/نيسان المقبل مع بدء الموسم الجديد وعدم استطاعة التجار تخزين البصل أكثر منذ ذلك في ظل الرطوبة الحالية.
ويضيف أبو صدام أن تكرار الأزمات يكون في التوقيت الفاصل بين المواسم الزراعية أو ما يسمى "فاصل العروات، والذي لا تعيره -والكلام له- وزارة الزراعة الاهتمام الكافي، كي تتحكم في الإنتاج الزراعي عبر دراسات زراعية جيدة بجانب غياب ثقافة استخدام البدائل المصنعة أو المجففة في المجتمع المصري.
وزارة الزراعة هي السببمن جانبه، يلوم الأستاذ المساعد في مركز البحوث الزراعية بمصر ومستشار وزير التموين المصري الأسبق الدكتور عبد التواب بركات في حديثه لـ"الجزيرة نت" وزارة الزراعة في الفوضى المتكررة في أسواق المحاصيل وآخرها البصل، نتيجة عدم قيامها بدورها تجاه المزارع.
ويفسر بركات ما حدث في أزمة البصل قائلا "بعد تخفيض مساحة الأرز ووقف التصدير، وتدهور مكانة القطن، فإن البصل هو المحصول التصديري الأهم والوحيد الذي يستطيع الفلاح البسيط بيعه للمصدرين دون تصريح من الحكومة، بعكس محاصيل البطاطس والفراولة والعنب، فهي لا تصدر إلا بتصريح من وزير الزراعة، ويحتكر تصديرها المستثمرون المقربون من الحكومة" وفق تأكيده.
ويؤمن الأكاديمي المصري بضرورة إقرار الحكومة المصرية مثل معظم دول العالم، سياسة الزراعة التعاقدية في الإنتاج الزراعي، ومنها تبدأ بتحديد الاحتياجات الوطنية من المحصول، والاتفاق بأسعار عادلة مع المزارع في وجود اتحاد المنتجين، ليتم تسليم المحصول في الوقت المتفق عليه، لتكون الدولة مخزونا إستراتيجيا من المنتج، تطرحه في السوق المحلي بالسعر المناسب قبل أن تستطيع في نهاية الموسم، تصدير المتبقي استعدادا لاستقبال المحصول الجديد.
عرض وطلببدوره، يرى الاستشاري الزراعي زهير عبد العال في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن أزمات البصل والطماطم والبطاطس تدور حول العرض والطلب، وغياب دور الجمعيات التعاونية الزراعية مع الفلاح، وعدم تفعيل مراكز البحوث الزراعية، أو الزراعة التعاقدية.
ويشير عبد العال، الذي زرع هذا الموسم قيراط بصل، إلى أن تكاليف الإنتاج زادت هذا العام مع التضخم بنسبة مضاعفة، مما يجعل باب التصدير مغريا للفلاح في ظل عدم تقديره من حكومة بلاده، مؤكدا أن السعر العادل للبصل يتراوح ما بين 15 إلى 20 جنيها خاصة أن التجار يحصلون عليه من المزارع بسعر ما بين 8 إلى 10 جنيهات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وزارة الزراعة الجزیرة نت سعر البصل البصل فی فی أسواق ما بین فی حین
إقرأ أيضاً:
طفرة في صناعة الهواتف المحمولة بمصر: 6 ملايين هاتف محلي الصنع منذ بداية العام
شهدت مصر خلال العام الجاري، نقلة نوعية في مجال تصنيع الهواتف المحمولة، ضمن جهود الدولة لتعميق التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، حيث أعلن محمد إبراهيم، رئيس التفاعل المجتمعي بجهاز تنظيم الاتصالات، عن تصنيع أكثر من 6 ملايين هاتف محلي لصالح شركات عالمية منذ بداية العام.
وأوضح إبراهيم، أن هذه الطفرة تأتي في إطار خطة الدولة لدعم التحول نحو الاقتصاد الرقمي وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية، مشيرًا إلى أن السوق المصري يستهلك أكثر من 25 مليون هاتف محمول سنويًا، كانت نسبة 90% منها مستوردة من الخارج، وهو ما كان يمثل عبئًا على الميزان التجاري.
14 مصنعا محليا ومعايير تصنيع عالميةوأشار رئيس التفاعل المجتمعي بجهاز تنظيم الاتصالات، إلى أن مصر أصبحت تمتلك اليوم 14 مصنعا محليا لتصنيع الهواتف المحمولة، تعمل وفق نفس معايير الجودة العالمية، وتتمتع بإعفاءات جمركية تشجع الشركات العالمية على الاستثمار داخل السوق المصري.
وأضاف أن هذه المصانع تسهم في توطين التكنولوجيا وخلق فرص عمل جديدة للشباب، إلى جانب نقل الخبرات الفنية والتقنية إلى العمالة المحلية، مما يعزز قدرة مصر التنافسية في هذا المجال الصناعي الحيوي.
حوكمة الاستيراد وتشجيع المنتج المحليوتطرق إلى ما تم تداوله مؤخرًا حول إعفاء المصريين العائدين من الخارج من الرسوم الجمركية على الهواتف المحمولة، موضحًا أن هذه القواعد سارية منذ بداية العام، حيث يُسمح لكل مسافر مصري بإدخال هاتف واحد شخصي معفى من الرسوم، بشرط تسجيله لدى الجمارك في المطار.
أما في حالة إدخال هواتف إضافية، فتُفرض عليها الرسوم الجمركية والضرائب المستحقة، مع إمكانية سدادها إلكترونيًا عبر تطبيق خاص خلال فترة سماح تصل إلى 90 يومًا.
وأكد أن هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق توازن بين تنظيم السوق وتشجيع الصناعة المحلية، بما يحد من تهريب الأجهزة ويضمن المنافسة العادلة بين المنتج المحلي والمستورد.
دعم الاستثمارات المحلية وخفض الأسعاروشدد على أن تصنيع الهواتف محليًا ينعكس إيجابيًا على أسعار الأجهزة في السوق المصري، إذ يُسهم في تقليل تكاليف النقل والاستيراد، مما يوفر للمستهلك هواتف بأسعار مناسبة وجودة عالية، لافتا إلى أن السياسة تشجع المواطنين على الإقبال على المنتجات المصنعة محليا، ما يدعم استمرار الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع سريع النمو، ويعزز من ثقة الشركات العالمية في السوق المصري كمركز إقليمي للتصنيع والتصدير.
رقابة مشددة لحماية المستهلكوأكد أن جهاز تنظيم الاتصالات يراقب بدقة المنظومة الجديدة لضمان التزام جميع الأطراف بالقواعد المعلنة، مشيرًا إلى أن الجهاز يمتلك آليات فنية متطورة لاكتشاف أي محاولات للتحايل أو التلاعب، وذلك في إطار حرص الدولة على تنظيم السوق وحماية المستهلك.
صناعة الهواتف..مستقبل واعد للاقتصاد المصريوتُعد صناعة الهواتف المحمولة من القطاعات الواعدة في الاقتصاد المصري، لما توفره من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب مساهمتها في نقل التكنولوجيا وتعزيز الابتكار.
ومع توسع الشركات العالمية في التصنيع داخل مصر، يتوقع خبراء الاقتصاد أن تشهد السنوات المقبلة زيادة في نسبة المكونات المحلية في صناعة الهواتف، وتوسعًا في التصدير إلى الأسواق الإقليمية، مما يجعل مصر مركزًا محوريًا لصناعة الإلكترونيات في الشرق الأوسط وأفريقيا.