لا بديل للاستراتيجية الصناعية الخضراء
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
مع اختتام أعمال قمة المناخ مؤتمر الأطراف «COP28» الآن، تظل الأضواء مسلطة بقوة على فجوة التمويل العالمية. تشير بعض التقديرات إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 يتطلب تدبير مبلغ مذهل يتراوح بين 5 إلى 7 تريليونات دولار أمريكي سنويا. لكن المطلوب ليس تأمين رأس المال اللازم على وجه السرعة فحسب؛ بل يتعين علينا أيضا أن نعمل على ضمان توجيه الاستثمارات الصبورة الطويلة الأجل استراتيجيا نحو أهداف طموحة.
تعمل البلدان في مختلف أنحاء العالم على مضاعفة جهودها في تنفيذ خطط لتنشيط قطاعاتها الصناعية. ومن الأهمية بمكان ألا تخسر بريطانيا الأرض لصالح هذه البلدان. في وقت سابق من هذا العام، عرض وزير الخزانة جيريمي هانت الخطوط العريضة لخطة طموحة لتوظيف الصناعات الخضراء كمحركات للنمو الطويل الأمد. وقد استخدم نبرة متفائلة في تشجيع الشركات الخضراء بقوة على زيادة استثماراتها. يتعين على المحافظين والعمال أن يعملوا على ضمان ثقة المستثمرين في استقرار سياسة المملكة المتحدة، حتى لا تصبح المشاريع التي يمتد عمرها لعقود من الزمن عُرضة لعدم اليقين. تحتاج المملكة المتحدة إلى رؤية واضحة وشاملة للتنمية الصناعية المستدامة إذا كانت راغبة في جني الفرص الاقتصادية التي يقدمها عالَـم ملتزم على نحو متزايد بتحقيق صافي الانبعاثات صِفر. وكما تحذر «المراجعة المستقلة لصافي الصفر»، فإن الأساليب السياسية غير المتسقة تضر ليس فقط بالكوكب، بل وأيضا بالأعمال التجارية. في نهاية المطاف، قد تتجاوز قيمة الصناعات الخضراء 10 تريليونات دولار على مستوى العالم بحلول عام 2050.
وعلى هذا فإن الاستراتيجية الصناعية تحمل وعدا مزدوجا: المساعدة في التصدي لتغير المناخ وتنشيط الصناعة حتى تتمكن من المنافسة في القرن الحادي والعشرين. لا ينبغي لنا أن نقبل حماية البيئة باعتبارها مقايضة في مقابل التقدم الاقتصادي. فمن الممكن أن يسير الاثنان جنبا إلى جنب إذا نُـشِـرَت السياسات الخضراء لتغذية النمو والإبداع، وإذا كانت الممارسات المستدامة عنصرا أصيلا في الكيفية التي نزاول بها الاستهلاك والانتقال والاستثمار والبناء. كان لنا شرف العمل معا على مخطط الاستراتيجية الصناعية في المملكة المتحدة في عام 2018، عندما كان أحدنا (كلارك) وزيرا للدولة والآخر (مازوكاتو) رئيسا مشاركا «للجنة الإبداع والاستراتيجية الصناعية الموجهة نحو المهام» التابعة لكلية لندن الجامعية. اعتمد هذا العمل استراتيجية قِـطاعية (تركز على السيارات، والفضاء، والتمويل، وعلوم الحياة، والصناعات الإبداعية) ثم طبقها على نتائج مثل النمو النظيف، والشيخوخة الصحية، والتنقل المستدام، واقتصاد البيانات الشامل. الهدف هنا ليس اختيار الفائزين أو الاكتفاء بإصلاح إخفاقات السوق، بل العمل مع الشركات (من أي قطاع) الراغبة في توحيد قواها لحل المشكلات وإنشاء وتشكيل أسواق جديدة. وكما كان الهبوط الأصلي على سطح القمر يتطلب الإبداع في مجالات تتراوح من الفضاء إلى التغذية، والإلكترونيات، والمواد، والبرمجيات، فإن التحديات المرتبطة بالمناخ اليوم تستلزم الإبداع في قطاعات متعددة وليس فقط الطاقة المتجددة.
يقودنا النهج الموجه نحو المهمة إلى أكثر من مجرد إنجاز المهمة. فمن الممكن أن تؤدي الإبداعات التي يحفزها إلى تأثير مضاعف مع عمل الاستثمارات الأولية على حشد الاستثمار الخاص وتوليد تأثيرات غير مباشرة تعمل على تضخيم التأثير على الناتج المحلي الإجمالي. من خلال عملية حل المشكلات الأصغر في الطريق إلى القمر، أنشأنا التكنولوجيات اللازمة لكل ما نستخدمه اليوم من الهواتف المزودة بكاميرات، والبطانيات المعدنية، وحليب الأطفال، ومجموعة واسعة من التطبيقات البرمجية.
يتعين على القوى الفاعلة العامة والخاصة أن تعمل معا بكفاءة. وتتطلب إعادة توجيه الهيئات العامة حول مهام طموحة الاستعانة بمقاييس تقييم تعبر عن التأثيرات الديناميكية غير المباشرة على مستوى الاقتصاد بالكامل. لن يكون من المفيد الاستمرار في الهوس بحسابات التكلفة والعائد الدقيقة على نحو زائف غالبا (والتي كانت لتمنع مهمة القمر من الانطلاق).
على ذات القدر من الأهمية، ينبغي للشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تكون تكافلية، ويجب أن يأتي التمويل العام مصحوبا بشروط لتعظيم القيمة العامة من خلال توجيه الاستثمارات في اتجاه شامل ومستدام. على سبيل المثال، من الممكن أن تُـلـزِم الشروط المتلقين بتقليل المحتوى من المواد في منتجاتهم وإنشاء سلاسل توريد أكثر مراعاة للبيئة. نحن نعلم أن مثل هذه التدابير كفيلة بتحقيق الغرض منها. الواقع أن التقدم الذي أحرزته صناعة الصلب الألمانية في تبني نموذج الاقتصاد الدائري الرؤوف بالمناخ يرجع في جزء كبير منه إلى الاستراتيجية الصناعية التي تنتهجها ألمانيا. فقد شجعت السياسات العامة العمليات المنخفضة الكربون بين شركات تصنيع الصلب وأنشأت أسواقا لصناعات الصلب والمواد والهيدروجين الأخضر التي تتسم بالكفاءة في استخدام الكربون. وتحتاج جميع البلدان إلى خطط واسعة ومتماسكة لمواءمة الاستثمارات العامة مع التعهدات بإزالة الكربون من وسائل النقل وسلاسل التوريد عبر مختلف قطاعات الاقتصاد. لا يقل عن ذلك أهمية أن ندرك أن التحول الأخضر لن ينجح إلا إذا كان أيضا «انتقالا عادلا». لدعم تحول العمال الضروري من الوظائف البنية إلى الوظائف الخضراء، تستطيع الحكومات أن تطلب من الشركات التي تتلقى منافع عامة موائمة عملياتها مع الأهداف المناخية، واعتماد سياسات عمل عادلة، وإعادة استثمار الأرباح في تدريب العمال والبحث والتطوير.
علاوة على ذلك، يجب أن يعمل صناع السياسات على تحفيز القطاعات البنية لحملها على الحد من بصمتها البيئية، والتخفيف من مخاطر الأصول العالقة. لا تنتمي الاستراتيجيات الصناعية الخضراء الشاملة إلى اليسار ولا إلى اليمين. فهي تدور حول إنشاء اقتصاد يخدم الناس ويحافظ على العالم الطبيعي الذي نعتمد عليه جميعا. السؤال ليس ما إذا كنا قادرين على تنفيذ مثل هذه السياسات؛ بل ما إذا كان بوسعنا أن نتحمل العواقب المترتبة على التقاعس عن القيام بذلك. يتعين على الزعماء السياسيين البريطانيين المحافظين والعمال على حد سواء أن يدركوا الإمكانات العميقة التي تحملها مثل هذه الاستراتيجيات.
ماريانا مازوكاتو أستاذة اقتصاديات الابتكار والقيمة العامة في جامعة كوليدج لندن.
جريج كلارك وزير الخارجية البريطاني السابق لشؤون الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية ورئيس لجنة اختيار العلوم والتكنولوجيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إذا کان
إقرأ أيضاً:
فوز تعليم قنا بالمركز الرابع جمهورياً فى برنامج العقول الخضراء
أعلن هانى عنتر الصابر، وكيل وزارة التربية والتعليم بقنا، فوز مدرسة العويضات الجديدة للتعليم الأساسى، التابعة لادارة قفط التعليمية بالمركز الرابع على مستوى الجمهورية فى برنامج " العقول الخضراء" التى أقيمت بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى والمعهد القومى للحوكمة والتنمية المستدامة، تحت شعار" أنا حامى الأرض" للمرحلة الأبتدائية والحصول على درع التميز.
وأشار عنتر، إلى أن البرنامج يهدف إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الأرض والبيئة، متسلحاً بشعار "أنا حامي الأرض"، إذ تسعى المبادرة إلى نشر الوعى والمعرفة بالإضافة إلى تغيير السلوكيات لدى الطلاب وأسرهم ومدرسيهم، بهدف إيجاد مجتمع يشجع على اعتماد نمط حياة مستدام يتحمل المسئولية تجاه المجتمع والبيئة.
وأعرب وكيل الوزارة التربية والتعليم بقنا، عن إمتنانه لجهود كل من شارك وساهم في حصول تعليم قنا علي هذا المركز المشرف تحت إشراف سوميه عبدالفتاح، مدير عام الشئون التنفيذية، وتنفيذ الدكتور سيد مرزوق، موجه عام التربية الإجتماعية بالمديرية، تقديراً لدورهم المحورى فى توجيه الطلاب لتحقيق الأهداف المرجوة من البرنامج وهى تمكين الأجيال القادمة من بناء مستقبل أكثر خضرة ووعياً فى حماية البيئة.
وفى سياق آخر ، أعلنت أمس الإدارة المركزية للأنشطة الطلابية بوزارة التربية والتعليم، حصول الطالب هاشم محمد أحمد البدوى، المقيد بمدرسة تحيا مصر الرسمية المتميزة لغات بإدارة قنا التعليمية على المركز الرابع على مستوى الجمهورية في فعاليات مسابقة الملتقى الفكرى للطلاب المتفوقين والموهوبين.
أشاد هاني عنتر الصابر وكيل وزارة التربية والتعليم بقنا بما أحرزه هاشم البدوي من تميز جمهوري، منوهاً أن الطالب مشارك فاعل في مسابقات معرض العلوم والتكنولوجيا ISEF و الإبداع طموح و ممارس ماهر لرياضة الكاراتيه بما يعزز شروط المسابقة التي تنظمها الإدارة العامة للأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية بالوزارة.