«العربية .. لغة الشعر والفنون»
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
احتفل العالم منذ أيام قليلة فى ١٨ ديسمبر بيوم اللغة العربية تحت عنوان «العربية لغة الشعر والفنون»، ويصادف الاحتفال هذا العام مرور ٥٠ عاما على إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم ٣١٩٠ عام ١٩٧٣ والذى بموجبه تم إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فى الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، وذلك خلال انعقاد الدورة ١٩٠ للمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو.
وتعد العربية من أقدم اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا فى العالم، يتحدثها أكثر من ٤٥٠ مليون نسمة فى جميع أنحاء الوطن العربي، فضلا عن عديد من المناطق الأخرى المجاورة، وهى من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا فى الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشارًا فى التواصل على مستوى العالم.
ويرتبط مفهوم الاتصال ببدء الحياة، ويضرب بجذوره إلى ما قبل ظهور اللغة، ويرجع فى نشأته إلى عصور ما قبل التاريخ؛ فمع بداية ظهور الإنسان ظهرت أشكال متنوعة للاتصال، لم تكن الكلمة أحد عناصرها، فقد اعتمد الانسان منذ بداياته فى اتصالاته على عناصر البيئة المحيطة به، ساعيا من خلال ذلك إلى تحقيق أهدافه، فاستخدم الإشارات الضوئية بواسطة النيران، واستخدم الدخان كأدوات للاتصال، كما استخدم الإشارات الصوتية أيضا مثل طبول الحرب.
والإنسان بطبيعته لا يعيش بعزلة عن الناس؛ بل تقتضى ظروف الحياة التعامل مع الآخرين، وقد عمل الإنسان منذ نشأته الأولى على استخدام عناصر بيئته فى التواصل مع غيره، ومع مرور الوقت عمل الإنسان على تطويع تلك العناصر لما يناسب احتياجاته وبما يحقق كفاءة أعلى وفاعلية أكبر فى عملياته الاتصالية. وبمرور الوقت ومع تطور المجتمعات وتطور القدرات الذهنية للإنسان وقدرته على الكلام وتخزين المعلومات ثم الكتابة والتدوين وما تلا ذلك من تطورات، ظهرت اللغات المتنوعة ومن بينها اللغة العربية، التى ساعدت بشكل كبير على تطور الاتصال الإنسانى.
ورغم ما اشتهرت به اللغة العربية منذ زمن بعيد من مساهمتها فى الشعر والفنون، فضلا عن عديد من الأعمال الأدبية التى خلدتها اللغة العربية، فهى لغة ذات قوّة ساحرة تأسر القلوب وتجذب العقول، إلا أنه تظل أهم القضايا التى تواجهها تلك المتمثلة فى كفاية اللغة فى التعبير عن الجديد ومسايرتها للعلوم والفنون والآداب جميعا، فضلا عن ملاحقتها لركب التطور التكنولوجي؛ فقد أدى التداخل بين المعلوماتيّة كعلم والعلوم اللغوية إلى ظهور ما نسمّيه حاليا «حَوسبة اللّغة»، وهى من العلوم الجديدة المنبثقة عن هذا التداخل، والتي تمثل حجر الأساس فى بروز مفهوم الذكاء الاصطناعيّ، بما يتضمنه من تطبيقات عديدة يعتمد بعضها على خوارزميات الذكاء الاصطناعى أو غيرها من الخوارزميات التى تقوم على العمليات الحسابية، وتتعامل مع معطيات قابلة للحساب. من هنا يثار تساؤل مفاده: هل اللغة العربية قابلة للحساب؟ وبعبارة أخرى: هل ما تضمنه العربية من عمليات ذهنية يمكن حسابها كونها تُمثل بالرموز اللغوية؟
ولا تقع مسئولية الإجابة عن هذا التساؤل على عاتق اللغة فى حد ذاتها؛ بل على المتحدثين بها الذين ينبغى عليهم أن يكونوا ساعين نحو الخروج من دائرة الشكوى، والانتقال من قضايا الألفاظ والتراكيب، إلى قضايا الكفايات.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب
جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العربية لغة الشعر والفنون د أحمد أحمد عثمان العالم لمنظمة اليونسكو اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
«أبوظبي للغة العربية» يشارك في «المنتدى العلمي والعملي الدولي» بموسكو
أبوظبي (الاتحاد)
شارك مركز أبوظبي للغة العربية، في المنتدى العلمي والعملي الدولي الثاني، الذي عُقد مؤخراً في العاصمة الروسية موسكو، بتنظيم من مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك التعليمي، ومدرسة بريماكوف الإقليمية، تحت عنوان «تدريس اللغة العربية في العالم الحديث: التقاليد والابتكارات»، حضره نحو 50 خبيراً متحدثاً بالروسية، و15 متحدثاً باللغة العربية.
وسعى المنتدى، الذي يعتمد اللغتين العربية والروسية، إلى تحديث تجربة تدريس اللغة العربية التي تجمع بين التقاليد وأحدث التقنيات التعليمية، مستهدفاً العلماء المختصين في ميدان اللغة العربية، والمعلمين الذين ترتبط أنشطتهم المهنية بدراسة اللغة العربية وتدريسها، والطلاب الذين يدرسونها، مركّزاً على قضايا الذكاء الاصطناعي، والنماذج اللغوية، في تدريس اللغة العربية، واللهجات العربية في التعليم الروسي، والاطلاع على الوسائل، والتقنيات الحديثة، لتعليم وضبط وتقييم جودة تدريس اللغة العربية الفصحى، والأساليب الحديثة في تدريسها في التعليم العالي، وبحث سبل تنمية تجربة القراءة في عملية تعلم اللغة العربية، وممارسة الترجمة في تدريسها، والبحث في اللغويات الإثنية العربية، وآفاق تدريس اللغة العربية في القرآن الكريم في المدارس.
آفاق واسعة
وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «تنبع أهمية المنتدى من ترسيخه للتعاون الثقافي بين دولة الإمارات وروسيا، وتعزيز التبادل بين الثقافتين العربية والروسية. خاصة مع وجود مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك التعليمي، الذي تأسّس كصرح علمي فريد في روسيا، قبل عام، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية، فمن شأن وجود مثل هذا المركز المرموق أن يعزّز التعاون الاستراتيجي بين الدولتين، ويفتح آفاقاً واسعة لتطوير تعليم اللغة العربية، إلى جانب التاريخ والثقافة والفنون والعلوم». وتابع: «تراهن مدرسة بريماكوف الدولية منذ سنواتها الأولى على بناء العقل المبدع، وتنمية الخيال، مع تمكين طلبتها من أدوات المعرفة الحديثة، وتوفير منح للموهوبين من نحو 50 منطقة روسية، ما يتقاطع مع أهداف مركز أبوظبي للغة العربية وجهوده في مجال تعزيز اللغة العربية، ونشر تراثها الثقافي والمعرفي، ودعم المواهب الإبداعية، وصقل مهاراتهم، وتقديم منح بحثية، ومنح ترجمة، لتحفيزهم على الإبداع والعلم والمعرفة».
التقاليد والابتكار
وحلّ الدكتور علي بن تميم ضيف شرف على الندوة الرئيسة الأولى في المنتدى، والتي حملت عنوان «مراكز وتوجّهات الاستعراب الروسي: توازن بين التقاليد والابتكار»، إلى جانب نخبة من المتخصصين والخبراء وهمّ: الدكتور أوليج ريدكين، من (جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية)، والدكتور فاسيلي كوزنيتسوف، من (معهد الدراسات الشرقية- أكاديمية العلوم الروسية)، والدكتور ليونيد كوجان، من (معهد الثقافات الشرقية- الجامعة العليا للاقتصاد)، والدكتور محمد صالح العماري، من (مركز الثقافة العربية- الحضارة)، والدكتورة لاريسا زيلتين، من (الجامعة العليا للاقتصاد).
وألقى الدكتور علي بن تميم كلمة أشاد فيها بالعلاقات الثقافية بين دولة الإمارات وروسيا، والتعاون الأكاديمي مع الجامعات الروسية، من خلال الصرح العلمي الكبير المتمثّل في مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك التعليمي. وأشار إلى مشروعات مركز أبوظبي للغة العربية، في دعم الباحثين والبحث العلمي في اللغة العربية، وعلى رأسها جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي تكرّم كل عام - من خلال 10 فروع - كوكبة من المفكرين، والأكاديميين، والمبدعين الروّاد والشباب، كما تُقدّم منحاً في مجال دراسات مناهج تعليم اللغة العربية، التي تُعاين واقع تدريس اللغة العربية، والأدب العربي في التعليم المدرسي.
وتناولت كلمته أهمية مجلة «المركز»، التي يصدرها مركز أبوظبي للغة العربية، بالتعاون مع دار نشر بريل العالمية، وإسهامها في بناء الجسور بين الباحثين العرب وغيرهم. وكيف تمكّنت من أن تكون أحد المشاريعِ التي يعوّل عليها لحل مشكلة ندرة الدوريات العربية المحكمة، ومحدودية إتاحة المعرفة الأكاديمية باللغة العربية. وأكد أن «المجلة أسهمت في استعادة حضور اللغة العربيّة لغةً لكتابة البحث العلمي وقراءته، لتكون شريكاً حضارياً قوياً للمرجعيات الغربية في حقل الدراسات العربية والإسلامية».
«يداً بيد»
وتكمُن أهمية مشاركة مركز أبوظبي للغة العربية بالمنتدى، في تعزيز حضوره على المستوى الدولي، ومدّ المزيد من جسور التواصل، والتعاون الثقافي، وإيجاد مساحة يتلاقى فيها المستقبل المشترك، إذ عكس المنتدى، من خلال فعالياته على مدار يومين، وأبرزها العرض الفني، الذي قدمه طلبة دارسين للغة العربية تحت عنوان «يداً بيد»، جوهر المناسبة وروحها، مؤكداً أن اللغة العربية جسرٌ أساسي لتقوية العلاقات بين الشعوب، ومسارٌ مفتوح نحو فهم أعمق للحضارات.
مكتبة الأدب الأجنبي
وفي ختام فعاليات الحدث زار الدكتور علي بن تميم، يرافقه وفد من مركز أبوظبي للغة العربية، مكتبة الأدب الأجنبي، ثاني أكبر مكتبة في روسيا، والتي تأسست في العام 1922، نظراً لاحتوائها على قرابة 4.5 مليون كتاب بأكثر من 150 لغة، منها نحو 20 ألف كتاب باللغة العربية، كما التقى سعادته والوفد المرافق بمديرة المكتبة، وتبادلا الأفكار حول واقع التلاقي بين الثقافتين الروسية والعربية، وناقشا إمكانية التعاون مستقبلاً.