الدبيبة يتنازل عن 40% من حقل نفطي ليبي لشركات أجنبية.. استثمار أم صفقة سياسية؟
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
أثارت خطوة الحكومة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، منح امتيازات وتنازل يصل لـ40% من حقل نفطي كبير لشركات تتبع تركيا وإيطاليا والإمارات ردود فعل متباينة بين رفض ووصف للخطوة بصفقة سياسية وبيع للأصول الليبية، وما إذا كانت الحكومة في طرابلس تريد مغازلة هذه الدول وكسب دعمها دوليا.
وتعتزم حكومة الدبيبة التوقيع على اتفاقية استثمار لحقل "الحمادة الحمراء" مع بداية العام المقبل تتنازل فيها عن نسبة تقارب 40% من إنتاج الحقل لصالح ائتلاف شركات يضم "إيني" الإيطالية و "أدنوك" الإمارتية وشركة الطاقة التركية.
"رفض برلماني"
من جهته، رفض مجلس النواب الليبي الخطوة من قبل الدبيبة، مؤكدا أن الحقل يحتوي على احتياطات كبيرة جدا من الغاز والنفط والمكثفات ما يجعل طرحها للاستثمار والشراكة الخارجية خسارة كبيرة للدولة الليبية، خصوصا أن توفير التمويل اللازم ممكن محليا، وهو ما أكده خبراء النفط في مناشدتهم لوقف هذه الصفقة، وفق بيان.
وأكد البرلمان أن "حكومة الدبيبة لا تملك أي شرعية للتوقيع، وقد استحدثت مجلسا للطاقة غير شرعي تحاول من خلاله تمرير الصفقات المشبوهة أو الصفقات ذات الطابع السياسي بقطاع النفط، محذرا الدول المعنية من التورط في استغلال الظروف التي تمر بها ليبيا لأجل نهب ثرواتها والابتزاز من أجل صفقات فاسدة أو ملحقة لضرر جسيم بالبلاد واقتصادها"، بحسب مزاعمه.
"صمت وتكتم"
ولم يصدر عن حكومة الدبيبة أي تعليق بالخصوص أو رد على بيان مجلس النواب، لكن مقربون قالوا إنها ماضية في الاتفاقية أو ربما وقعتها بالفعل في شكل سري خاصة أنها تسيطر على هذا الحقل وأن الخطوة جاءت بالتوافق مع رئيس مؤسسة النفط المقرب من الدبيبة.
فهل الخطوة هدفها الاستثمار في قطاع النفط فعلا أم صفقة سياسية وشراء ولاء الدول الثلاث بتسليمهم هذا الحقل النفطي الكبير؟
"ضرورة استبعاد الإمارات"
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إبراهيم صهد أن "المعلومات المتوفرة عن حقل الحمادة الحمراء تفيد بعدة معطيات: أولها أن الحقل مكتشف بالفعل، وثانيها أنه يتوافر على كميات تجارية كبيرة من الغاز والنفط والمكثفات، وثالثها أن الاحتياجات المطلوبة للشروع في الإنتاج ليست بتلك التي تتطلب باستثمار مالي أجنبي، والخبرات يمكن توظيفها محليا وعالميا، ولهذا فليس ثمة أية دواعي تدعو للتفريط بالنسبة الكبيرة المعطاة لشركات أجنبية".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بالإمكان تمويل تطوير الحقل من شركة الاستثمارات الليبية التي نلاحظ أن استثماراتها الخارجية غير ذات ربحية كما أن تكالب الدول على الاستيلاء على الهامش الربحي القليل وحتى على الأصول يملي ضرورة التحول إلى الاستثمار في الداخل، كذلك ففي الإمكان اللجوء إلى استخدام أموال مؤسسات وطنية أخرى"، حسب رأيه.
وأضاف: "أما من الناحية السياسية فإن وجود دولة الإمارات في الصفقة أمر غير مقبول من الناحيتين السياسية والاقتصادية وذلك لدورها في زعزعة استقرار ليبيا وتمويل مغامرات "خليفه حفتر" العسكرية بإمداده بالسلاح والمال، وكذلك فثمة تجارب سابقة لا تشجع على إشراك الإمارات في الاستثمار في ليبيا، ومنها مصفاة النفط في "راس لانوف".
وتابع: "وبالرجوع إلى خارطة الطريق "المقبرة" في تونس تحت رعاية الأمم المتحدة والتي نتج عنها المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لا تجيز لهذه الأخيرة عقد اتفاقيات أو إبرام معاهدات تلقي التزامات طويلة الأمد على الدولة الليبية"، كما قال.
"أزمة وتحديات في وجه الدبيبة"
في حين أكدت رئيس لجنة التنمية المستدامة بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص أن "موضوع الاتفاقية معقد جدا من ناحية فرصة ليبيا في تحريك عجلة الاقتصاد ومن ناحية أن مثل هذه التحالفات تشكل مخاوفا كبيرة محليا وإقليميا".
وأوضحت في تصريحها لـ"عربي21" أن "بعض المخاوف المحلية تتركز على حصة ليبيا من هذا العقد والمخاوف الدولية تتركز على دور هذه الأطراف في الملف الدولي المعني بحرب الطاقة، ويعمل حاليا ديوان المحاسبة الليبي من خلال إداراته المختصة بفحص بنود الاتفاقية والتأكد من خلوها من أي مخالفات وأنها تضمن حقوق الدولة الليبية"، وفق معلوماتها.
وأشارت إلى أن "موقف مجلس النواب جاء من خلال مخاوفه أن تقدم الحكومة تنازلات من خلال الضغط الدولي الذي يمارس عليها وخاصة أنها تمر بتحديات سياسية كبيرة داخل ليبيا"، كما رأت.
"صفقة سياسية ومالية"
الخبير الليبي ومستشار شؤون النفط والغاز، طارق إبراهيم قال من جانبه إن "امتياز الشركات الثلاث والحكومة النفطي والغازي هو امتياز سياسي بحت، كون كل البيانات والأبحاث التي تم العمل عليها من قبل خبراء النفط والطاقة أثبتت أن كمية الهيدروكربونات المتوقع إنتاجها من هذه القطعة ستكون كبيرة جدا وذات مردود اقتصادي عال جدا".
وأكد أن "رئيس مؤسسة النفط، فرحات بن قدارة بتواطئ مع "آل الدبيبة" يسعى لتوقيع هذه الاتفاقية مقابل حصة تبلغ 40% لصالح تلك الشركات، والمفارقة أن ليبيا لديها إمكانية مادية لاستثمارها في تطوير الحقل والاستفادة من كامل إنتاج الحقل، لذا ما حاجة حكومة الدبيبة إلى شراكة مع هذا الائتلاف الأجنبي؟"، وفق تساؤلاته.
وتابع في تصريح لـ"عربي21" أنه "حتى لو كانت هذه الشراكة ضرورية، فما هو المبرر المنطقي لإعطاء حصة كبيرة لا سابق لها وهي نسبة 40% للشركاء الأجانب على مدى عمر الاتفاقية، وخاصة أن تطوير هذا الحقل سيكون في رقعة برية منبسطة ذات طبيعة مناسبة، وهناك حقول مجاورة لهذا الحقل مشاركة مع المؤسسة بحصص لا تتجاوز 13%، لذا هدف هذا التنازل هو تحقيق مكاسب سياسية للدبيبة ومكاسب مالية لكل الوسطاء في هذا الاتفاق"، وفق تقديراته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحكومة الليبية الدبيبة نفطي ليبيا الإمارات ليبيا نفط الإمارات الحكومة الليبية الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة الدبیبة
إقرأ أيضاً:
الرهان على بيتكوين استثمار أم مقامرة؟
حذر تقرير تحليلي نُشر في صحيفة فايننشال تايمز من تصاعد توجه بعض الشركات الأميركية نحو اعتماد "بيتكوين" أصلا ماليا رئيسًا في نماذج أعمالها، بدلًا من الاحتفاظ بالنقد التقليدي أو توزيعه على المساهمين، مشيرًا إلى مخاطر جدية قد تترتب على هذا التوجه.
ووفقًا للتقرير، فإن الفرضية المالية التقليدية تقضي بعدم جدوى احتفاظ الشركات بكميات ضخمة من السيولة النقدية في ميزانياتها العمومية، ويفضل بدلًا من ذلك إعادة هذه الأموال إلى المساهمين ليقرروا كيف يستثمرونها. ومع ذلك، فإن شركات عملاقة مثل "آبل" و"بيركشاير هاثاوي" تحوّلت إلى خزائن مالية ضخمة، دون اعتراض يذكر من المستثمرين.
لكن الجديد، كما أوضح التقرير، أن بعض الشركات بدأت تبتعد حتى عن الدولار الأميركي، وتلجأ للاحتفاظ بعملة "بيتكوين". من بين هذه الشركات، "ترامب ميديا آند تكنولوجي غروب"، التي جمعت 2.5 مليار دولار لهذا الغرض، لتنضم إلى شركات أخرى تتبنّى توجهًا مشابهًا، مثل منصة "رامبل" ذات التوجه المحافظ، وشركة "غيم ستوب" التي اشتهرت بتقلبات أسهمها، وكذلك شركة "تسلا" لصناعة السيارات التي يديرها إيلون ماسك أغنى رجل في العالم. وتبقى شركة "إستراتيجي" (الاسم الجديد لمايكروستراتيجي) الأضخم في هذا المجال، حيث تمتلك ما يعادل 64 مليار دولار من "بيتكوين".
إعلانويستعرض التقرير 3 مبررات أساسية تتذرع بها هذه الشركات لاحتفاظها بـ"بيتكوين":
الربح المحتمل من ارتفاع السعر: وهو رهان محفوف بالغموض، إذ يمكن للمستثمرين الراغبين في هذه المكاسب شراء "بيتكوين" بأنفسهم مباشرة أو من خلال صناديق المؤشرات المتداولة، دون الاعتماد على شركات وسيطة.كما تشير "ترامب ميديا" إلى أن اعتماد "بيتكوين" من شأنه خلق "تكامل مالي" يمكن توظيفه في اشتراكات المنصات وسك رموز رقمية خاصة بها. فيما تسعى شركة "رامبل" لتوفير محافظ عملات رقمية ضمن خدماتها المستقبلية.
وفي خطوة إضافية، أعلنت شركة "سترايف" عن نيتها جمع 1.5 مليار دولار وتوظيفها فيما أسمته "إستراتيجيات تفوق السوق"، وتشمل شراء شركات ذات سيولة منخفضة القيمة وتحويلها إلى أصول "بيتكوين".
بيد أن التقرير يحذر من أن معظم المساهمين في الأسواق المالية ما زالوا يفضلون الأصول التقليدية التي تحقق تدفقات نقدية قابلة للتنبؤ. ويرى المحللون أن هذا التوجه هو "مقامرة عالية المخاطر" تهدف إلى تقليد نموذج "إستراتيجي"، التي يتم تداول أسهمها حاليًا بما يعادل 1.6 ضعف القيمة الفعلية لما تملكه من "بيتكوين".
واختتم التقرير بالقول إن "عالم الأسواق مليء بالمراهنات، لكن لا تزال قيمة الأصول الحقيقية هي المعيار الأهم، وبيتكوين ليس أكثر من رهان مرتفع المخاطر تسعى بعض الشركات إلى تسويقه كنموذج جديد للأرباح".
إعلان