السرين.. ثراء طبيعي وتنوع أحيائي فريد وتضاريس تهيمن عليها الجبال الشاهقة

الرمادي إحدى قرى الجبل الأبيض توثق تكيف الإنسان قديمًا مع أقسى ظروف الطبيعة في البيئة الجبلية

تمتد محمية السرين الطبيعية في ولايات العامرات وقريات ودماء والطائيين وتمثل أولى المحميات الطبيعية في سلطنة عمان وتضم مئات النباتات وتتفرد بتنوع أحيائي إذ تعيش العديد من الحيوانات البرية النادرة في كنفها كالوعل العربي والغزال العربي والذئب العربي والقنفذ وقد أنشئت المحمية في عام 1975م، وكان لفريق جريدة «عمان» زيارة إلى الجبل الأبيض الذي يمثل جزءًا من المحمية ويقع في ولاية دماء والطائيين إذ اطلع على تكيف الإنسان العماني مع الظروف القاسية في أعالي الجبال واستقراره في قرية الرمادي التي ما زالت آثارها شاهدة على براعة العمانيين في البناء والتكيف في سلسلة جبال الحجر.

الجبال الشاهقة

وقال سليمان بن محمد الناعبي، فني نظم بيئية بمحمية السرين الطبيعية بقطاع الجبل الأبيض: إن محمية السرين الطبيعية تأسست في عام 1975م بأوامر سامية من قبل المغفور له السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ بهدف حماية الوعل العربي «الطهر العربي» وصون بيئته الطبيعية وتعدّ أول محمية يتم إنشاؤها لهذا الغرض، إذ تقع هذه المحمية في جبال الحجر الشرقي ضمن حدود ولايتي العامرات وقريات، وجزء منها يقع في ولاية دماء والطائيين، وتبعد عن مسقط حوالي 45 كيلومترا بالاتجاه الجنوبي الغربي، وتبلغ مساحة المحمية حوالي 780 كيلومترا مربعًا، وتتكون غالبيتها من جبال شاهقة شديدة الانحدار بالإضافة إلى عدد من الأودية والعيون المائية كما يوجد بها عدد من القرى والتجمعات السكنية.

وأوضح أن المحمية تتكون من قطاعين رئيسيين وهما الجبل الأبيض والجبل الأسود، إذ يقع الجبل الأبيض في ولاية دماء والطائيين بمحافظة شمال الشرقية والتي تبعد عن العاصمة مسقط حوالي 100 كيلومتر، ويعد الجبل الأبيض من ضمن جبال الحجر الشرقي والتي تمتاز بانحداراتها الشديدة وارتفاعاتها الشاهقة وتضم بين جنباتها أروع التكوينات وتأوي أنواعا مختلفة من الحياة الفطرية.

وأضاف: إن قرية الحيل الكبير من القرى التي تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار نظرًا لكونها منطقة منخفضة في وسط الجبال الشاهقة، حيث تتجمع فيها مياه الأمطار خلال المواسم الماطرة، وتكتسي بعد ذلك باللون الأخضر، فتنمو الأعشاب والحشائش والشجيرات البرية على جنباتها.

وأكد أن المحمية تتميز بتنوع أحيائي فريد، فأبرز أنواع الثدييات الموجودة في المحمية هي الوعل العربي المعروف بالطهر بالإضافة إلى الذئب العربي، والوشق، والقط البري، والغزال العربي، والثعلب الجبلي وعدد كبير من الحيوانات الثديية الأصغر، إضافة إلى وجود أنواع الحيوانات الأخرى مثل الزواحف والبرمائيات والطيور واللافقاريات.. كما تزخر المحمية أيضا بأعداد هائلة من الطيور البرية المستوطنة والمهاجرة التي تتم مشاهدتها في أوقات مختلفة من العام، ففي أجزاء مختلفة من المحمية يمكن مشاهدة اليمام الضاحك، والبومة القزمة، والحمام البري، والحجل العربي، والهدهد، والرخمة المصرية، والقطا، وأنواع من الصقور والنسور.

تنوع نباتي فريد

وأشار إلى أن النباتات الموجودة في المحمية يبلغ عددها قرابة 400 نوع، منها 10 أنواع تستوطن جبال الحجر، 4 منها مهددة بالانقراض، وتوجد ضمن القائمة الحمراء للنباتات العمانية، ومن أشهر النباتات الموجودة في المحمية هي السَّمر والتي تعدّ عنصرا غذائيًا مهمًا للحيوانات البرية، وتوفر ظلًا وفيرًا، وشجرة البوت والتي تقتات عليها بعض الحيوانات البرية مثل الخفافيش والثعالب والوعل العربي، وكذلك تعدّ من الثمار التي يفضلها السكان المحليون.. كما تنتشر نباتات أخرى مثل الشوع والزعتر البري والضجع.

قرية الرمادي

وقال سعيد بن سالم الحنظلي الذي كان يقطن قرية الرمادي بالجبل الأبيض: تعد القرية شاهدة على براعة العمانيين في التكيف مع الظروف القاسية، وتضم هذه القرية بعض المباني الأثرية، وما زالت باقية لتحكي كيف تكيف الإنسان القديم مع أقسى ظروف الطبيعة في البيئة الجبلية مثل انخفاض درجات الحرارة والأمطار الغزيرة، وكيفية استخدام الناس لخامات الطبيعة في بناء منازلهم.. مشيرًا إلى أن جدران هذه البيوت تتكون من الصخور الصلبة التي تم جمعها من الأحجار المتناثرة في الوديان والجروف الصخرية المحيطة بالمنطقة، ثم يتم صفها بطريقة هندسية، كما يتم تصميم السقف باستخدام أجزاء من النباتات المنتشرة في المنطقة، حيث تعد جذوع أشجار العتم والبوت من أقوى الأخشاب التي تبقى صامدة لفترة طويلة، وفي بعض الأحوال يتم استخدام جذوع نبات الشوع، وبعد أن يتم صف الأخشاب بشكل هرمي مائل يتم تغطيتها بأغصان نبات العسبق المجففة ويتم تثبيتها بطبقة من الطين الذي لديه القدرة على التماسك بعد خلطه مع الماء ليصبح أشبه بالطبقة الأسمنتية، كما يمكن للزائر مشاهدة بعض الأدوات التي استخدمها السكان المحليون في الطهي أو الإنارة أو تخزين الأدوات وغيرها.

المصدر: لجريدة عمان