بن سلمان قَلَبَ صورته في الغرب.. هذا ما فعله بنفط ومال وسياسة
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
قال محللون إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استفاد من اقتصاد المملكة وثرواتها الهائلة ودبلوماسيتها لقلب صورته في الغرب، لكن سعيه لتعزيز وتوسيع نفوذه العالمي يواجه عقبات، لاسيما أسلوب تعامله مع المعارضة، بحسب تقرير لتوم بورتر في موقع "بيزنس إنسايدر" (Business Insider) ترجمه "الخليج الجديد".
بورتر أضاف أنه "في نوفمبر/تشرين الثاني، تجمع آلاف السعوديين في شوارع الرياض للاحتفال بانتصار جريء لحاكمهم محمد بن سلمان؛ إذ تم اختيار المملكة، متفوقة على إيطاليا وكوريا الجنوبية، لاستضافة إكسبو 2030، وهو معرض عالمي سيجذب استثمارات بالمليارات وآلاف الزوار إلى الدولة الخليجية".
واعتبر أن "القرار كان بمثابة انقلاب لولي العهد في محاولته إعادة تشكيل الصورة العالمية للسعودية كجزء من مشروع رؤية 2030 المميز، والذي سيشهد ابتعاد المملكة عن اعتمادها على الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) لتصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار".
واستدرك: "لكن قبل ست سنوات فقط، كانت القصة مختلفة تماما (...)، إذ واجه ولي العهد عزلة عالمية في أعقاب القتل الوحشي للمعارض (السعودي) جمال خاشقجي (داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في عام 2018) وتقطيع أوصاله، في جريمة قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إنها ارتُكبت على الأرجح بأوامره المباشرة".
وفي حملته لانتخابات الرئاسة لعام 2020، قال جو بايدن إنه سيجعل ولي العهد السعودي "منبوذا" بسبب قتل خاشقجي، الذي نفت الرياض مرارا أن يكون قد تم بأمر أو علم محمد بن سلمان.
اقرأ أيضاً
لـ5 أسباب بينها العمر.. محمد بن سلمان لا يتعجل التطبيع مع إسرائيل
أسواق النفط
جورجيو كافييرو، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، قال إنه "مع مرور الوقت، أصبح تركيز الناس في الغرب أقل على قضية مقتل خاشقجي، واختاروا التركيز أكثر على كون السعودية لاعبا عالميا مهما يتعين على الدول العمل معه لتعزيز مصالحها الوطنية".
واعتبر جريجوري غوز، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تكساس، أن "سلطة ولي العهد على أسواق النفط العالمية كانت أساسية لقدرته على تحمل تداعيات مقتل خاشقجي وإعادة بناء سلطته".
غوز أردف أن "مركزية السعودية (أكبر مصدّر للنفط في العالم) في سوق النفط العالمية هي محور النفوذ العالمي السعودي. والحرب (الروسية) في أوكرانيا (منذ فبراير/ شباط 2022)، التي عطلت أسواق الطاقة ودفعت الأسعار إلى الارتفاع في عام 2022، زادت من أهمية الرياض بالنسبة لدول مثل الولايات المتحدة.. وإذا كنت تريد التعامل مع المملكة، فأنت بحاجة إلى التعامل مع ولي العهد".
واستطرد: "في حين أن حرب أوكرانيا هي التي دفعت إدارة بايدن للتعامل مع محمد بن سلمان، فإن معظم الدول الأخرى، وبينها روسيا والصين، كانت تتعامل مع الرياض دون أي مشاكل أو انقطاع".
اقرأ أيضاً
تسوية شمالا ونفوذ جنوبا.. هكذا تخرج السعودية عسكريا من اليمن
إسرائيل وإيران
و"لم يستخدم ولي العهد السعودي القوة الاقتصادية للمملكة فحسب، بل استخدم الدبلوماسية الحاذقة لاستعادة النفوذ"، كما زاد بورتر.
وأوضح أنه "في الأشهر الأخيرة، دخلت السعودية في مفاوضات، بوساطة الولايات المتحدة، لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولو أن المفاوضات توقفت فجأة بسبب الهجمات (...) التي شنتها (حركة) حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)، وما تلاها من قصف إسرائيلي لغزة".
وتابع: "كما انخرطت السعودية في مناقشات بوساطة الصين لتخفيف التوترات مع إيران، عدوها الإقليمي اللدود، والتراجع عن الصراع في اليمن، حيث ينخرط وكلاء السعودية والمدعومين من إيران في حرب وحشية وطويلة الأمد".
وقال جون ألترمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، إن "السعودية أصبحت لاعبا أكثر أهمية وبناءً في شؤون الشرق الأوسط (...) وساعد ذلك في تحسين مكانة ولي العهد".
ووفقا لغوز، فإنه "عندما يهدأ الصراع بين إسرائيل وحماس، فمن المرجح أن تستأنف السعودية محاولة تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
اقرأ أيضاً
الإغراء الهندي.. هكذا يحاول بايدن إبعاد السعودية عن نفوذ الصين
رياضة وسياحة
وقال بورتر إن "عمل ولي العهد لا يقتصر على كسب القادة السياسيين ورجال الأعمال، بل يسعى أيضا إلى إعادة تأهيل صورة السعودية في الغرب على نطاق واسع عبر الاستثمار وتشجيع السياحة".
وزاد بأنه "سعيا لتحقيق ذلك، تعمل السعودية على تحويل نفسها إلى قوة رياضية عالمي عظمى كجزء من ما يسمى باستراتيجية "غسل الرياضة"، في إشار إلى اتهامات تنفي الرياض صحتها بأنها تستخدم الاستثمارات في الرياضة لتحسين صورتها، لاسيما على خلفية انتخاكات لحقوق الإنسان.
ولفت إلى أن "صندوق الثروة السيادية السعودي استثمر المليارات (من الدولارات) في لعبة الجولف واستضافة بطولات الملاكمة للوزن الثقيل وجلب بعض أشهر لاعبي كرة القدم في العالم للمنافسة في الدوري المحلي".
واستدرك: "لكن ما تزال هناك عقبات أمام ولي العهد في سعيه لتعزيز وتوسيع نفوذه العالمي، وليس أقلها تصميمه المستمر على سحق المعارضة، إذ أطلق في الأشهر الأخيرة حملة لمعاقبة منتقدي مشروع مدينة نيوم الضخمة، على خلفية قرار السلطات تهجير السكان الذين يعيشون على الأرض التي ستُبنى عليها المدينة".
لكن "في الوقت الحالي، فإن تصميم ولي العهد على إنجاح خطط رؤية 2030 يحد من قدرته على العدوان المتهور.. ويدرك أن هذا النوع من الإجراءات يقوض احتمالات التنويع الاقتصادي الناجح للاقتصاد السعودي"، وفقا لكافييرو.
اقرأ أيضاً
الإغراء الهندي.. هكذا يحاول بايدن إبعاد السعودية عن نفوذ الصين
المصدر | توم بورتر/ بيزنس إنسايدر- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محمد بن سلمان ولی العهد اقرأ أیضا فی الغرب
إقرأ أيضاً:
صمت أميركي وتصعيد أوروبي.. كيف زعزعت انتقادات الغرب كيان إسرائيل؟
القدس المحتلة- بعد نحو 600 يوم من الحرب على غزة، تواجه إسرائيل تدهورا غير مسبوق في مكانتها الدولية، بعد تصاعد الانتقادات من أقرب حلفائها، حيث هدّدت بريطانيا وفرنسا وكندا بفرض عقوبات، في حين اتخذت لندن خطوات فعلية، شملت إلغاء مفاوضات تجارية، واستدعاء السفيرة الإسرائيلية، وعقاب عدد من قادة المستوطنين.
ويزداد الوضع الداخلي في إسرائيل سوءا، وسط تحذيرات من انهيار اقتصادي قد تصل خسائره إلى مليارات الدولارات، وتنامي المخاوف من عزلة دولية خانقة، حيث وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية المشهد بأنه "الأسوأ على الإطلاق"، في ظل تزايد الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو.
وهذا "التسونامي الدبلوماسي"، كما وصفته مصادر دبلوماسية في تل أبيب، يحرج الحكومة الإسرائيلية، ويثير تساؤلات جدية حول مستقبل علاقاتها الدولية، واحتمال حدوث قطيعة مع شركاء تقليديين.
عداء عالميوقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "نواجه موجة عداء عالمية، لا خطط، ولا حلول، فقط دمار، والعالم ضاق ذرعا"، بينما تتوسع المقاطعة الصامتة، وتتعمق العزلة، وتعيش إسرائيل أسوأ لحظاتها الدبلوماسية منذ عقود، على حد وصفه.
وداخليا، تتصاعد الأصوات المنتقدة لحكومة نتنياهو، بينها رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، والمسؤول العسكري السابق يائير غولان، في حين دعا إيهود باراك إلى عصيان مدني، كما امتنعت الأحزاب الحريدية (أحزاب اليهود المتدينين) عن التصويت مع الائتلاف الحكومي للأسبوع الثالث على التوالي، في مؤشرات تنذر بتفكك الحكومة.
إعلانوركزت التحليلات الإسرائيلية على ضغوط 3 دول أوروبية كبرى، أتبعتها بريطانيا بتحرك عملي مباشر، في رسالة واضحة مفادها: "كفى!".
أما الولايات المتحدة، الحليف الأقرب، فاختارت الصمت، مع تسريبات تشير لتراجع الدعم التقليدي، وسط أنباء عن "إحباط" الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أداء الحكومة الإسرائيلية.
ويعتقد مراسل الشؤون السياسية والدبلوماسية لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إيتمار آيخنر، أن الرأي العام في الغرب بات معاديا بشكل متزايد لإسرائيل، بسبب صور الدمار وسقوط المدنيين، وسط غياب خطة إسرائيلية لإنهاء الحرب أو إعادة إعمار غزة.
ولفت إلى أن تصريحات وزراء متطرفين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير زادت حدة الغضب الدولي، في ظل صمت أصوات إسرائيلية معتدلة؛ إذ يُتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب رغم مقترحات لوقف إطلاق النار، ويرى الغرب أن العمليات العسكرية تخدم أجندات داخلية أكثر من كونها تحقق أهدافا إستراتيجية واضحة.
وفي ظل هذه المعطيات، يضيف آيخنر "تجد إسرائيل نفسها محاصرة خارجيا ومهتزة داخليا، على شفا أزمة سياسية واقتصادية ودبلوماسية غير مسبوقة".
ضغوط العرب والغربوأكد أن إسرائيل تواجه ضغوطا اقتصادية خطيرة، وقال إن "بريطانيا وحدها تمثل شريكا تجاريا رئيسيا"، والاتحاد الأوروبي يلوّح بإلغاء اتفاقيات بمليارات الدولارات، وفي الوقت نفسه، تدرس دوله خطوات مثل سحب السفراء وتعليق التعاون العلمي والثقافي.
وأشار إلى أن فرنسا تقود تحركا للاعتراف بدولة فلسطينية، بدعم من السعودية، وقد تنضم إليها بريطانيا ودول أوروبية أخرى، في حين ترفض إسرائيل المشاركة في أي مؤتمر يبحث هذا الحل، وتلوح بردود حادة، مثل إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس.
إعلانوحيال ذلك، يقول آيخنر إن الولايات المتحدة، "الحليف الأهم"، تلتزم الصمت، ولم تصدر أي إدانة للضغوط الأوروبية، مما يثير الشكوك حول موقفها في حال طرحت مبادرة لإنهاء الحرب في مجلس الأمن.
ولا تقتصر الضغوط الدولية على إسرائيل من الدول الغربية، بل تمتد للعرب، وخاصة دول الخليج، التي تمارس ضغوطا على ترامب، لحثّه على التدخل وإنهاء الحرب على غزة.
وحسب محلل الشؤون الدبلوماسية في صحيفة "هآرتس"، حاييم ليفينسون، فإن دول الخليج تحاول دفع واشنطن لتقديم مبادرة لوقف القتال، في ظل رفض نتنياهو الجدي أي مناقشة لإنهاء الحرب، وتعاطيه مع قضية المحتجزين الإسرائيليين قي غزة كـ"مأساة خاصة" لا كأولوية وطنية. ويرى أن استمرار هذا النهج يجعل مفاوضات الدوحة محكومة بالفشل.
يقول ليفينسون في أوروبا بدؤوا يدركون بأن اللحظة الحالية قد تكون "الفرصة الأخيرة" لوقف ما يعتبره البعض تطهيرا عرقيا واسع النطاق في غزة، وسط غضب أوروبي متزايد من تصريحات وزراء إسرائيليين، مثل سموتريتش، الذي دعا إلى تدمير غزة وتهجير سكانها وتجويعهم.
وأشار إلى أن تحالفا بين كندا وبريطانيا وفرنسا يتشكل للضغط على إسرائيل وإنهاء الحرب، مستفيدين من قوتهم الاقتصادية رغم محدودية تأثيرهم السياسي مقارنة بواشنطن.
صمت وشرخ الداخلفي المقابل، يتابع الكاتب الإسرائيلي، "تواصل واشنطن التردد"، ففي حين يبدي مسؤولوها رغبة بإنهاء القتال، يفضل ترامب البقاء على الحياد، مما يعيق طموحاته السياسية، ومنها حلم نوبل للسلام.
ويختم ليفينسون "إسرائيل تبدو معزولة دوليا، باستثناء دعم محدود من رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، في حين يترقب الجميع ما إذا كان ترامب سيتحرك أخيرا لإنهاء هذه الأزمة".
وفي خضم "التسونامي الدبلوماسي" الذي تواجهه إسرائيل دوليا، تتفاقم أزماتها الداخلية ويتعمق الانقسام في المجتمع، في ظل استمرار الحرب وغياب اتفاق لتبادل الأسرى يضمن عودة الأسرى الإسرائيليين في غزة.
إعلانوكتب المحلل السياسي شالوم يروشالمي في صحيفة "زمان يسرائيل" أن تصريحات غولان، التي دعا فيها إلى "دولة عاقلة لا تقتل الأطفال كهواية"، ألحقت ضررا كبيرا بمعسكره، رغم صحة تحذيراته من العزلة المتزايدة لإسرائيل، ووصف الكلمات بأنها "فظيعة"، حتى لو حملت مضامين صائبة.
في المقابل، يقول يروشالمي، إن نتنياهو سارع لوصف تصريحات غولان بأنها "انحلال أخلاقي"، رغم أن كثيرين يرون أن الانحلال الحقيقي يكمن في سياسات حكومته وخطواتها الفاسدة، التي عمَّقت الأزمة ووسعت رقعة الحرب.
ويعتقد يروشالمي أن تصريحات غولان أحدثت شرخا جديدا داخل المعارضة، التي تعاني أصلا من الانقسام والتشتت، مما قد يحد من قدرتها على تشكيل حكومة في المستقبل.
ومع استمرار القتال دون أفق واضح، يتابع الكاتب الإسرائيلي "تتزايد المخاوف من تآكل الدعم الشعبي"، خاصة في ظل خطر يهدد حياة الجنود والمحتجزين، وحرب تبدو في نظر كثيرين بلا جدوى أخلاقية أو إستراتيجية.
تطورات وترتيبات
وفي سياق الائتلاف الحكومي، قدّر الكاتب الإسرائيلي آفي بار إيلي، في مقال نشرته صحيفة "ذى ماركر" أنه "مع تعيين بيني غانتس للقضاة، يبدو أن زعيم حزب "شاس"، أرييه درعي، بدأ بالفعل في تشكيل الائتلاف المقبل"، وأن التطورات الأخيرة في الساحة السياسية تشير لإعادة ترتيب القوى تمهيدا لما بعد الحرب.
ورغم أهمية الحرب على غزة، وقضية المحتجزين، وتفاقم الضغوط والعزلة الدولية، والانكماش الاقتصادي الناتج عن استمرار القتال، انشغل السياسيون -هذا الأسبوع- يقول بار إيلي "بمعركة السيطرة على المحاكم الحاخامية"، في مشهد كشف ملامح محتملة لكيفية تعيين قضاة المحكمة العليا مستقبلا.
ويرى أن تعيين 21 قاضيا في المحاكم الدينية اليهودية تحول إلى استعراض للقوة السياسية، خرج منه درعي وسموتريتش منتصرين، بينما خسر الليكود نقاطا، وسجلت شخصيات من المعارضة مكاسب يمكن أن توظف لاحقا في مفاوضات تشكيل حكومة جديدة.
إعلانوربما يكون هذا التصعيد، وفق قراءة بار إيلي، بمثابة الطلقة الافتتاحية لمفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي المقبل، ما بعد الحرب.