(1924م-2024م)
في حلول الذكرى السادسـة لثورة ديسمبر 2018 المجيـدة، وفيما نحن نطوي أشهراً داميـة رحلتْ فيها أرواحُ شهداءٍ غالية إلى بارئها ، ثمناً للحـرية والعزّة والكرامة، وابتـُلي الشعبُ السوداني خلالها بحربٍ طاحنة في منتصف أبريل من عام 2023م، يحلّ علينا عام 2024 ، وتحلّ بمقدمه حلول الذكرى المئوية لثورة 1924م.

إنها المئـوية الـتي شكلت الطفـرة التاريخية الأولى نحو الجهاد الوطني السوداني الذي ابتدر مصادمة المستعمر بالسلاح ، ودفع المناضلون السودانيون من ضباط وعسكريين ومتعلميـن مستنيرين دماءهم النبيلة قربانا لتكون الخطوة الجهادية الأولى في مسيرة الحركة السياسية والوطنية في البلاد . بعد نحو ثلاثة عقود من قيام تلك الثورة المجيدة ، تحقق للسودان نيل حريته واستقلاله في يناير من عام 1956م.
ذلك مجد ابتدره مناضلو ثورة 1924م ،حين تداعوا لاستعادة الحرية والعزة لبــلادهـــم ، ودفعوا ثمناً غالياً من دمائهم وارواحهم لتحقيق تلك الغايات النبيلة . كانت دوافع انتمائهم لهــذه الأرض المعطاءة ، ولقيمها وتاريخها ، هي التي حدت بهم للتصدي لقوى الاستعمار الدخيل. لم يجتمع الشباب الذي قاد تلك الثورة المجيدة إلا إيمانهم بأن الوحدة والتماسـك هي صمام قوة إرادتهـم وعزائمهم ، لتحقيق تلك الأهداف السامية والنبيلة. لم يجتمعوا حول قبيلة أو طائفة أو إثتية أو عقيدة ، بل تجاوزوا كل هذه الانتماءات واجتمعوا لعزة وطن متنوع الأعراق راسخ القيم تواق للحرية إسمه السودان.
تحل الذكرى المئوية لثورة 1924 المجيدة والبلاد قد أصابها ما نشهد من دمار وإهلاك
يهدد بقاءها بل يسعى لإفنائها بما لم يسبق أن شهدته وقائع تاريخ البلاد قديمه وحديثه. إنه الابتلاء الذي يحضنا أن نتحد لا أن نتقاتل، أن نتوافق لا أن نختلف وتلك فطرة الخلق التي فطر الله عليها البشر. إذ مثلما تلتف الأغصان حول جزع الشجرة نشدانا للحماية والبقاء، كذلك تبقى الوحدة لا التشظي والتعاون الايجابي لا التنافس السلبي، هي ضمانات الأمان والاستقرار والنماء والنهوض .
نأمل أن نجدد عزائمنا وأن نستقوى بإرادتنا وأن نستلهم من تاريحنا العامر بالتضحيات والثورات عبر مئات القرون ، وليس آخرها هذه المئوية التي تحل تزامناً مع حرب هي التحدي الوجودي الحاسم، ليكون الابتلاء الذي يعيشه السودان الآن ، آخر الابتلاءات في مسير أمة تنشد نهوضا مستحقا ومجدا خالدا ، أنجزته أجيال قدمت الغالي والنفيس ، مثلته تضحيات شبابها :بناتها وبنيها ، نسائها ورجالها .
لتكن هذه الذكرى المئوية لثورة 1924، تذكرة لنا لنقرأ كتاب تاريحنا المجيد، نستلهم من صفحاته ونضال أبنائه عٍبر تضحياته وثوراته ما يحضنا على الحفاظ على وحدته وتماسكه، كياناً نعتز بالانتماء إليه والعمل على نصرته.
أما ونحن في ظرف المعاناة التي فرضتها حرب لا مكسب من ورائها ولا ربح ، فـقـد ارتأينا في ضوء تلك الظروف، التأني في مساعينا للاحتفال بمئوية ثورة 1924م وإرجاء ترتيبات التنفيذ حتى تزول تلك الظروف المانعة. هذا وقد أجمعنا في قيادة هذه المبادرة ، أن حلول عام 2024م ، وهو عام المئوية الذي علينا جميعا ، خاصة المؤرخين والأكاديميين وأهل القلم كافة، البدء في التنوير بالمئوية والتذكير بهذه الذكرى المجيدة ، سائلين المولى أن يهدنا أجمعين للحفاظ على السودان القيم والأرض والتاريخ..
السفير جمال محمد ابراهيم
رئيس اللجنة التنفيذية لمركز ثورة 24 والحركة الوطنية  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح

لم يكن خروج المنتخب المصري من كأس العرب الأخيرة مجرد تعثر رياضي عابر، بل جاء ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإخفاقات التي تضرب كرة القدم المصرية منذ سنوات، بدءا من السقوط المدوي لمنتخب الشباب في كأس العالم، وصولا إلى الأداء المرتبك والنتائج المخزيه للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاته، وآخرها فضيحة المنتخب الثاني بقيادة حلمي طولان فى كأس العرب.

الإقصاء من كأس العرب ليس مجرد نتيجة مخيبة، بل مؤشر إضافي على أزمة شاملة تطال المنظومة بأكملها من دون استثناء، بأداء باهت، غياب استقرار فني، تراجع مستوى الدوري المحلي، وضعف في إنتاج المواهب الشابة.

وازدادت حالة الإحباط بعد المشهد المقلق الذي فرضه خروج منتخب الشباب قبل أشهر، ما فجر موجة انتقادات واسعة تجاه أداء المنتخبات الوطنية وبرامج التطوير التي باتت شبه غائبة.

فالمنافسة لم تصبح فقط مع القارة الإفريقية، بل مع كرة عربية تتطور بسرعة فائقه، ومصر لم تعد تحتمل إخفاقا جديدا، فالمشهد العام يوحي بأن الكرة المصرية تقف اليوم في مفترق طرق وسط مخاوف جماهيرية متصاعدة من تكرار الصدمات في الاستحقاق القاري المقبل “كأس الأمم الإفريقية”، في ظل حالة عدم الثقة بقدرة المنتخب الحالي على استعادة أمجاد بطولات 2006 و2008 و2010 حين كان الفراعنة رقما صعبا في القارة السمراء.

ولا يخفى على القائمين على كرة القدم أو الجماهير أن المنتخب الأول تحت قيادة حسام حسن لم يصل بعد إلى مستوى الجاهزية الفنية أو الإدارية للمنافسة على اللقب القاري.

ورغم أن النقاش العام يتركز غالبا على اللاعبين والمدربين، إلا أن جوهر الأزمة يتجاوز ذلك بكثير، فالمنظومة الرياضية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العالمي في كرة القدم، فيما تراجع الدوري المصري بفعل اضطراب جدول المباريات فى الدوري الممتاز ودروي الدرجة الثانية، والضعف البدني الواضح، وغياب التخطيط طويل المدى.

في الوقت الذي تعاني فيه الكرة المصرية من التراجع، تعيش الكرة المغربية طفرة مبهره، سواء في كأس العالم أو تتويجات قارية متتالية لأنديتها، بجانب صعود لافت للمستوى الفني في السعودية وقطر والإمارات.

النجاح المغربي لا يعود فقط إلى وفرة المحترفين في أوروبا، بل نتيجة مشروع بدأ قبل أكثر من عشر سنوات يعتمد على بنية تحتية حديثة، وأكاديميات لرعاية الموهوبين، واستقرار فني وإداري، بينما لا تزال الكرة المصرية عالقة في دائرة الأخطاء المتكررة.

النهضة المغربية أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أن اقترنت بالتخطيط الطويل ومحاربة الفساد، وهو ما تفتقده الرياضة المصرية التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعيدها إلى موقع الريادة.

فالأزمة باتت هيكلية بسبب التغيرات المستمر في الأجهزة الفنية، وغياب رؤية طويلة المدى، المسئول عنها اتحاد الكرة الذى يدير المشهد بشكل غير احترافي بقرارات ارتجالية تربك المنتخبات في مختلف الأعمار، بجانب عدم الاهتمام ببرامج تطوير الناشئين وتراجع إنتاج المواهب القادرة على المنافسة الدولية.

وفي ظل هذا المناخ المضطرب يصبح من الصعب بناء مشروع كروي حقيقي، بينما يزداد الضغط على المنتخبات قبل الظهور في بطولات عالمية وقاريه، لينتهي بنا المطاف بالخروج صفر اليديدن من معظم البطولات طوال السنوات الماضية.

يؤكد خبراء الإعداد البدني أن الفارق بين اللاعب المصري ونظيره الإفريقي أو العربي لم يعد مهاريا بقدر ما هو بدني، فمع توقف الأندية عن الاستثمار في برامج اللياقة الحديثة تراجع الأداء البدني للاعبين بشكل واضح، وهو ما يظهر عند مواجهة منتخبات شمال إفريقيا الأكثر جاهزية وقوة.

بينما يرى خبراء التدريب أن الأزمة الأكبر تكمن في تراجع منظومة الناشئين، إذ تعتمد أغلب الأندية الكبرى على شراء اللاعبين بدل صناعة جيل جديد، وفي وقت تبني فيه الدول العربية وعلى رأسها المغرب مراكز تكوين تضاهي الأكاديميات الأوروبية، ما زالت قطاعات الناشئين المصرية تدار بأساليب تقليدية تفتقد للرؤية.

أكبر نجاحات الكرة المصرية في تاريخها جاءت حين كان هناك مشروع واضح واتحاد مستقر وأهداف طويلة المدى، أما اليوم فالمشهد مختلف تماما: لا رؤية، ولا تخطيط، ولا استمرارية، بل قرارات متلاحقة معظمها وفقا للأهواء والانتماء، وهو ما يعمق الفوضى داخل المنتخبات والأندية.

الأزمة الحالية أعمق من مجرد خروج من بطولة، فهي نتيجة غياب مشروع حقيقي يربط بين المنتخبات والأندية، وتبني معايير واضحة للتطوير الفني والبدني والإداري، وإذا أرادت الكرة المصرية أن تستعيد موقعها الطبيعي فعليها التخلي عن الحلول المؤقتة والبدء في بناء المنظومة من القاعدة إلى القمة.

مقالات مشابهة

  • (200) عام على "ثورة الديسمبريين"
  • منال عوض تشارك في الاجتماع 19 لمجلس أمناء لمركز سيداري
  • المملكة تستضيف اجتماع اللجنة التوجيهية التنفيذية للبرنامج التعاوني لأمن الطيران في الشرق الأوسط
  • نائب القائد العام: نبارك إجراء الانتخابات البلدية ونؤكد دعمنا للاستحقاقات الوطنية التي تدعم مسار بناء الدولة
  • خليل الحية يوضح أولويات حماس في الذكرى الـ38 لتأسيس الحركة
  • النائب حازم الجندي: مركز التجارة الإفريقي يفتح آفاقًا جديدة للصناعات الوطنية
  • خليل الحية في الذكرى الـ38 لتأسيس حماس: أهلنا في الضفة يتعرضون لحملة إرهاب ممنهجة
  • قنبلة شتوية في سوق الألبان: الإنتاج يقفز 30% والأسعار تتراجع… والمنوفي يكشف خريطة الدولة لثورة الألبان في مصر
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح