قال خبراء غربيون إن المملكة العربية السعودية وجدت نفسها تسير على حبل مشدود إذ تمثل خطة السلام في اليمن خروجا لها من الحرب، لكنها تعزز في الوقت نفسه من نفوذ الحوثيين.

 

ونقلت وكالة دويتشه فيلله، عن توماس جونو، الأستاذ المشارك في جامعة أوتاوا الكندية، قوله إن الأمر لا يتعلق بـ"عملية سلام ولن يجلب سلاما وتنمية واستقرارا إلى اليمن.

تمثل المحادثات الأخيرة عملية سياسية يتفاوض من خلالها الحوثيون والسعودية على هزيمة السعودية وانسحابها النهائي من اليمن".

 

وأضاف جونو أنه منذ أن بدأت السعودية تدخلها العسكري في اليمن، كانت ترمي في نهاية المطاف إلى دحر الحوثيين، لكنها بعد "تسع سنوات تقريبا، لم تتمكن (الرياض) من دحر الحوثيين وليس هذا بحسب، بل أصبح الحوثيون أكثر قوة بكثير مقارنة بما كانوا عليه قبل بدء الحرب".

 

كما نقلت الوكالة عن سامي حمدي، المدير الإداري لشركة "إنترناشيونال إنترست" للاستشارات الدولية ومقرها لندن، قوله إن "السعودية تستخدم الحكومة (اليمنية) المعترف بها دوليا كمظلة للتفاوض بهدف إبرام اتفاق ثنائي حصري يوقف الحوثيون بموجبه هجماتهم الصاروخية عليها".

 

ومع بدء مفاوضات مع الحوثيين وطهران، شرعت الرياض في مسار يرمي في نهاية المطاف إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن عقب هجوم حماس الإرهابي في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي والحرب في غزة قررت السعودية تجميد مفاوضات التطبيع.

 

وفي ذلك، قال حمدي "باتت السعودية في موقف حرج حيث تسعى إلى تدشين علاقات أكثر دفئا مع إسرائيل على أمل أن يساعد ذلك في إقناع الولايات المتحدة بتقديم اتفاقية أمنية على غرار الناتو تستطيع من خلالها السعودية مقاومة إيران ووكلائها في العراق، لكن الرياض في الوقت نفسه تحاول تفادي أن يُنظر إليها على أنها مرتبطة بشكل وثيق بإسرائيل".

 

وفي تعليقه، قال سيباستيان سونز، كبير الباحثين في مركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (كاربو)، إن "السعودية لا ترغب في التخلي عن عملية التفاوض مع الحوثيين ولا تعريض أمن الحدود المشتركة مع اليمن للخطر".

 

وأضاف سونز، مؤلف كتاب (الحكام الجدد للخليج)، إنه يتعين النظر إلى "عزوف السعودية في الانضمام إلى التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة في البحر الأحمر في هذا السياق".

 

بيد أنّ الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز، يقول إن دور السعودية في عملية "حارس الازدهار" لم يكن ليغير قواعد اللعبة من المنظور العسكري.

 

ويضيف "الأنظمة التي نشرها الأمريكيون بشكل خاص مصممة للتعامل مع الصواريخ المضادة للسفن والصواريخ الباليستية التي يستخدمها الحوثيون. يكمن التهديد الحقيقي في الحرب غير المتكافئة التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر، حيث يمارسون ضغوطا أكبر بكثير على إسرائيل والدول الغربية من خلال التعطيل (الملاحة الدولية) بدلا من هزيمة قوات بحرية غربية".

 

وقبل أيام، نشرت مجموعات محسوبة على الحوثيين عبر تطبيق المراسلة "تيليغرام" خرائط لكابلات الإنترنت البحرية التي تمر في البحر الأحمر، الأمر الذي عده البعض تهديدا لخطوط الشبكة العالمية.

 

وفي هذا السياق، يرى سامي حمدي أن هذا الأمر يشير ضمنيا إلى نوع من "الغطرسة"، قائلا "يتصرف الحوثيون وهم يدركون أن تصرفاتهم لن تكون لها أي عواقب على محادثات السلام [اليمنية] حتى لو تفاقم الوضع في البحر الأحمر".

 

من جانبه، قال توماس جونو إن اليمن من المرجح أنه مقبل على "مرحلة جديدة في الحرب سيكون فيها الحوثيون أكثر قوة وسيسعون فيها إلى بسط حكمهم داخل البلاد وخارجها. من الواضح في الوقت الراهن أن (الحوثيين) يطمحون في أن يصبحوا قوة إقليمية مشاكسة".

 

وأضاف أن العلاقة المباشرة بين العملية السياسية الراهنة والمتمثلة بالتفاوض بين الحوثيين والسعودية من جهة والأجندة التوسعية للحوثيين في البحر الأحمر والمعادية لإسرائيل من جهة أخرى باتت أكثر واضحا الشهر الماضي، قائلا: "القاسم المشترك في الأمرين يشير إلى أن الحوثيين انتصروا في الحرب في اليمن".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية الحوثي إيران البحر الأحمر فی البحر الأحمر فی الیمن

إقرأ أيضاً:

خبراء: نتنياهو كشف عن نيته تجاه غزة ويتحدى الإجراءات الأوروبية

يعتقد خبراء أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشف في خطابه الأخير عن خطته بشأن مستقبل قطاع غزة، ووجه تحذيرا ضمنيا لدول الغرب من التمادي في انتقاد إسرائيل، وحاول أيضا طمأنة الإسرائيليين بأن "الأصدقاء" لن يتخلوا عنهم طالما أنه يقودهم.

فبعد غياب طويل عن وسائل الإعلام، خرج نتنياهو في خطاب مطول للصحفيين أكد فيه أنه سيواصل الحرب حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ونزع سلاح المقاومة والسيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه.

كما انتقد نتنياهو المواقف الغربية المناهضة لتوسيع العملية العسكرية وطالبهم بـ"الخجل من أنفسهم"، وهو ما اعتبره خبراء تحذيرا منه لهذه الدول بأنها ستكون في عداء مع إسرائيل وليس معه هو شخصيا.

وخلال هذا الخطاب، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي عن شروط تعتبر تعجيزية لإتمام صفقة تبادل أسرى مؤقتة، حيث عاود التأكيد على نيته العودة للحرب بعد انتهاء الصفقة.

بنيامين نتنياهو خلال خطابه يوم 21 مايو/أيار 2025 (وكالة الأنباء الأوروبية) بيان سياسي جديد

ويمثل هذا الخطاب البيان السياسي والإستراتيجي لإسرائيل خلال الفترة المقبلة، لأنه حدد مصير القطاع والحرب كما يريدها نتنياهو واليمين المتطرف الذي يضمن بقاءه في السلطة، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى.

إعلان

وخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، قال مصطفى إن نتنياهو أنهى المفاوضات من خلال هذا الخطاب لأنه يقول للجانب الفلسطيني إنه سيأخذ أسراه ثم يعود لمواصلة القتال حتى تفريغ غزة من سكانها، وهو أمر لا يمكن أن تتفاوض المقاومة بناء عليه.

واتفق مراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام مع الرأي السابق بقوله إن نتنياهو أبلغ الداخل والخارج بأنه ماض في تصعيده العسكري حتى احتلال القطاع، وهو ما جعل المعارضة تتهمه بعدم امتلاك خطة للخروج من هذه الحرب.

أما الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، فقال إن نتنياهو قدم في هذا الخطاب ما يعتبره حلا نهائيا لقضية غزة، على غرار الحل النهائي الذي وضعه الألمان لأزمة اليهود بعد الحرب العالمية الثانية.

محاولة طمأنة الإسرائيليين

ويرى مكي أيضا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حاول من خلال الخطاب وطريقة إلقائه وتوقيته طمأنة الإسرائيليين بأنهم لن يكونوا وحدهم في هذه الحرب، وذلك من خلال تحذير الغرب من التمادي في معارضة سلوكه "لأن هذا سيكون معاداة للسامية ولإسرائيل وليس لشخص نتنياهو".

والسبب في كل هذا -برأي مكي- أن نتنياهو لم يعد لديه مخرج سياسي آخر لهذه الحرب، لأن أي حديث عن وقفها يعني سقوط حكومته، وهو يعرف أن الغرب لن يتخذ إجراءات مؤلمة ضد إسرائيل في نهاية المطاف.

وحتى وقف الإمدادات العسكرية من دول مثل بريطانيا أو فرنسا لن يؤثر على مجريات الحرب لأن غالبية التسليح الأميركي يأتي من الولايات المتحدة وألمانيا، التي تعتبر غائبة عن هذا المسار، كما يقول مكي.

لذلك، فقد حاول نتنياهو من خلال هذا الخطاب إعادة الثقة للإسرائيليين بأنهم لن يكونوا وحدهم أبدا وأنه سيجعل العالم يقبل بما يريده هو، وفق مكي، الذي قال إن المفاوضات لن تتوقف رغم أنها وصلت لطريق مسدود.

هدف ليس سهلا

وفيما يتعلق بالسيطرة العسكرية على القطاع، قال العميد إلياس حنا إن مساحة غزة لا تسمح بإدخال 50 ألف جندي مثلا إلى جانب الآليات والدبابات.

إعلان

ووفقا لحنا، فإن القوات الإسرائيلية حاليا تمارس الضغط العسكري والسياسي في وقت واحد، لكنها تحاول ابتكار خدعة جديدة لاستعادة الأسرى بالقوة، وهو أمر فشلت فيه من قبل.

ويعتقد الخبير العسكري أن نتنياهو يحاول استخدام الطرق نفسها لتحقيق نتائج مختلفة، ويرى أن السيطرة العسكرية على القطاع سهلة نظريا لكنها لن تكون كذلك من الناحية العملية.

غير أن الخبير العسكري يرجح أن جيش الاحتلال يحاول عمليا حصر حماس في مناطق معينة ومنعها من استخدام أسلحتها أو ابتكار أسلحة جديدة مع تقطع القطاع 3 مناطق.

وأشار إلى الأحاديث التي يجري تداولها بشأن تخطيط إسرائيل للاستعانة بشركة مرتزقة ستقوم بتوزيع وجبات -ستمولها دولة غير معروفة- على الناس في جنوب القطاع لإجبارهم على الذهاب إلى هذه المنطقة تحديدا.

واستدل حنا على كلامه بأن إسرائيل من الناحية العملية لا تقوم بعمل عسكري في عموم القطاع وإنما في بيت لاهيا وبيت حانون وشرقي خان يونس ومحور كيسوفيم.

وخلص إلى أن الحرب وصلت ذروتها وحققت نتائج تكتيكية مهمة للجيش الإسرائيلي، مؤكدا أن نتنياهو لا يوظف هذه النتائج بشكل سياسي.

مقالات مشابهة

  • اليمن أمام مجلس الأمن: استمرار تهريب الأسلحة إلى الحوثيين يهدد السلم والأمن العالمي
  • أزمة الحوثيين.. هل تفتح أبواب السلام؟
  • واشنطن تهدد الحوثيين برد حاسم حال مهاجمة الملاحة
  • خبراء: نتنياهو كشف عن نيته تجاه غزة ويتحدى الإجراءات الأوروبية
  • أمريكا تهدد باستئناف ضرباتها ضد الحوثيين
  • الحوثيون يبثون خطابا لشركات الشحن العالمية بشأن الملاحة بالبحر الأحمر
  • صحيفة عبرية: الهجمات الإسرائيلية على اليمن لا تؤدي إلا إلى تقوية الحوثيين
  • نفوذ إقليمي بأدوات داخلية يهدد أهم مورد اقتصادي في اليمن!
  • الحوثيون يتخلون عن التقنية الإيرانية تفادياً لمصير حزب الله
  • اليمن الجديد: من ركام الحرب إلى قوة إقليمية صاعدة