موقع النيلين:
2025-12-09@02:35:44 GMT

شائب العرب يرعوه البهم

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT


عدت في إجازتي الحالية بالولايات المتحدة إلى علم سميته “علم اجتماع استرذال العمر” حين علقت على كلمةٍ في سبعينات القرن المنصرم عن جيل حركة مؤتمر الخريجين (في كتابي “عبير الأمكنة”). وما أعادني إليه أن الولايات المتحدة ربما ضمت الآن قطاعاً غزيراً مرموقاً من السودانيين ممن بلغوا سن الشيخوخة. وقد أقاموا بأمريكا من باب بر الولد بهم.

وأكثرهم ممن قام بأدوار مفصلية مختلفة في وجوه الحياة السودانية. ولكنهم حين جاء وقت إذاعتها للجيل الخلف وجدوا أنفسهم في بلد طيرها عجمي.

كتبت مرة أقول إنه لعل أكثر مواردنا إهداراً هي العمر كمستودع للرؤية والخبرة والقيادة. وخسارتنا فيه أكثر من إهدار المال العام، أو الدم العام. فاضطراب السياسة هزَّأت بالعمر بالتطهير والإحالة والفصل مما زلزل استقرار الصفوة الحاكمة وغير الحاكمة بالذات. فحين روَّعت السياسة أمن هذه الفئة أخذت “تتطلش” من وظيفة إلى أخرى، ومن أخرى إلى هجرة، وتسرب العمر من بين يديها وهي في هذه الملطشة التي جعلت من العمر زفة لا وقاراً أو حكمة أخرى.

فقدنا ثروتين اثنتين حين أسقطنا دلالة العمر الذي لم تكبر به العقول. الثروة الأولى هي أنه لم يعُد بوسع العمر أن يشتبك مع ماضيه مقوِّماً للخطأ، أو متيقناً من الصواب مما ينتفع به الجيل الطالع بصراً وخلقاً. وإعادة النظر في حياة المرء نعمة كبيرة. وقد قرأت لكاتب أعاد النظر في موقفٍ له قديم وضال ليخلص إلى أنه ليس هناك ما يستجمع ويشحذ طاقة الذهن للتحري والبحث في أمرٍ ما أكثر من اكتشافك أنك أخطأت فيه فيما مضى.

أما الثروة الثانية، التي تسربت منا بفضل ازدراء العمر فهي أن معمرينا تورطوا في الحاضر يعيشون رزق اليوم الفكري والروحي باليوم. وبعبارة أخرى، فهم لم ينعموا بتحدي العمر الذي قال عنه الشاعر الغربي ت. س. إليوت إنه كلما تقدم بنا أصبح العالم أكثر غرابة في ناظرينا، وأصبحت أنماطه أكثر تعقيداً. فتورطنا في الحاضر حال بيننا وبين أن ينمي الجيل المعمر الماضي كماضٍ وكتاريخ وكثروة روحية وحكمية غراء. وقد جاء عند كاتب ألمعي أن الناس الذين يعلمون لمستقبل أفضل هم في الواقع عشاق عظام للماضي. فالماضي في نظر هذا الكاتب، مستدير كامل، وذو استعداد فطري لإثارتنا واستفزازنا، والإساءة إلينا. فهو الذي يغرينا بتحطيمه كما أنه يستفزنا لتزيينه وتحسينه. فالسبب الأول والأخير الذي يطلب لأجله الناس أن يكونوا سادة المستقبل هو أن يغيِّروا من ماضيهم الآسر الكامل.

نبه الدكتور البوني مرة الى منزلة العمر في المجتمع ” القبلي” التقليدي. وكنت قرأت عن جماعة في أمريكا اللاتينية تسمى جيل العجائز فيها بـ “جيل الصدى”. وتقصد أنها الجماعة المعمرة التي رسالتها في المجتمع أن ترد وقائع الحاضر إلى شبيه أو مثيل لها في الماضي. ولذا ينشأ الناشئة على هذا الجدل الخصيب بين الماضي والحاضر، فلا يستبد بهم الحاضر ولا يروعهم الماضي، ويكونون بين ذلك قواماً: مبدعين وهميمين ومؤثرين.

يكبر الجيل عندنا بغير هذه الألفة مع الماضي لأنه أسير نزوة الحاضر وإغراءاته الجسام. ولذا يعيش الجيل اللاحق في مسغبة الروح والفكر والتاريخ. فالمستقبل الذي يرنو إليه الحدث لا ينبني على الصدى: على جدل الماضي والحاضر.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

هل ممارسة الرياضة في منتصف العمر مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أشاد العلماء بفوائد ممارسة الرياضة في سنّ مبكرة لخفض خطر تدهور الدماغ لاحقاً. لكنّ بحثاً جديداً يُشير إلى أنه حتى بعد بلوغك من العمر 45 عامًا وما فوق، فالوقت لا يعد متأخراً لبدء المحاولة.

وقد وجدت الدراسة التي نُشرت بالمجلة الطبية "JAMA Network Open"، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، أن الوصول إلى أعلى مستويات النشاط البدني في منتصف العمر وفي أواخره، ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 41% و45% على التوالي. 

وقد عُرّف منتصف العمر بأنه بين 45 و64 عاماً، في حين تراوحت أعمار مرحلة أواخر العمر بين 65 و88 عاماً.

من جهتها، قالت الدكتورة سانجولا سينغ، وهي محاضِرة في طب الأعصاب بمدرسة الطب في جامعة هارفارد وباحثة رئيسية بمختبرات "Brain Care" في مستشفى ماساتشوستس العام ببوسطن، غير المشاركة في الدراسة، إن هذه الدراسة "تنقل النقاش من عبارة التمارين مفيدة للدماغ إلى "قد تكون هناك فترات مفتاحية تصبح فيها التمارين أكثر أهمية لصحة الدماغ".

وأشار الخبراء إلى أن منتصف العمر يعتبر المرحلة التي ترتفع فيها مخاطر بعض المشاكل الصحية، ما يجعل ممارسة الرياضة أكثر أهمية.

مقالات مشابهة

  • مرسيدس تكشف الجيل الجديد من GLB 2026 بتطورات كبيرة في التصميم والتقنيات
  • إبراهيم صلاح: جيلنا مختلف عن الجيل الحالي
  • وكيل الأزهر: نقوم بدور محوري ومتقدم في تشكيل وعي الجيل ألفا
  • مدير يتحرش بتلميذته فيحكم عليه بالحبس
  • وكيل الأزهر: نقوم بدور محوري ومتقدم في تشكيل وعي الجيل«ألفا» وتوجيه مساره‏
  • في حوار خاص لـ«الفجر»… الدكتور السيد قنديل يكشف رؤية جامعة العاصمة للتحول إلى جامعة من الجيل الخامس"
  • التقاوى
  • "ملتقى ريادة الأعمال" يستعرض تقنيات الجيل الخامس لتعزيز الابتكار في قطاع الزراعة
  • ما الذي يحتاجه المنتخب المصري لعبور الأردن في كأس العرب؟..تفاصيل
  • هل ممارسة الرياضة في منتصف العمر مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف؟