أنشأت مصر أول مجلس نيابى حقيقى فى العالم العربى فى عهد الخديو إسماعيل عرف بـ«مجلس شورى النواب» عام 1866، وتم وصفه بـ«المجلس الأول» لامتلاكه اختصاصات نيابية فعلية، ولم يكن مجرد مجلس استشارى تغلب عليه الصفة الإدارية.
تألف هذا المجلس من 75 عضوا، ينتخبون لمدة ثلاث سنوات، ويتولى انتخابهم عمد البلاد، ومشايخها فى المديريات.
لم تكن لائحة مجلس شورى النواب تسمح لأعضاء المجلس بالغياب دون عذر، وكانت تعطى للمجلس سلطة توقيع عقوبات على من يتخلف من الأعضاء بدون عذر عن حضور الجلسات، وأدى الانضباط إلى ارتفاع نسبة الحضور، وللدلالة على حيوية المجلس ونشاطه وندرة الغياب فيه، أن أحد الأعضاء أرسل يعتذر عن عدم حضور إحدى الجلسات لمرضه، فما كان من أحد النواب إلا أن طلب بتوجيه رسالة للمديرية التابع لها زميله للكشف عليه طبياً بمعرفة حكيمباشى المديرية، فوافق المجلس على الطلب.
كانت إدارة الجلسات منوطة برئيس المجلس، ولا يجوز للعضو أن يتكلم إلا إذا طلب الكلام، وأذن له رئيس المجلس بذلك، ولا يتكلم إلا وهو فى موضعه، وتصدر القرارات بطريقة أخذ الآراء علانية، وبالأغلبية، وعلى المجلس احترام رأى الأقلية والإصغاء لأقوالها.
شهد مجلس شورى النواب إرساء العديد من التقاليد البرلمانية، والتى أصبح معمولا بها فيما بعد، وبعضها من التقاليد الراسخة فى الحياة البرلمانية الراهنة.. وفى مقدمة تلك التقاليد: خطبة العرش التى يلقيها الخديو فى حفل افتتاح المجلس وكان يحضرها لفيف من الأمراء وعلية القوم فى ذلك الوقت، وبمجرد الانتهاء منها يشكل المجلس لجنة للرد عليها. ومن التقاليد الأخرى الحصانة البرلمانية.
كما أعلنت لائحة المجلس عن نوع الملابس التى يرتديها العضو فى المجلس بأن تكون بالحشمة اللائقة، وطريقة الجلوس بأن تكون بهيئة الأدب، ولم يكن بإمكان أى عضو نشر مناقشات المجلس أو طبعها إلا بإذن من الرئيس وإلا كان عرضة للجزاء الذى يوقعه عليه المجلس.
ومن خصائص النظام البرلمانى فى عهد مجلس شورى النواب، أن الحكومة مسئولة أمام البرلمان، حيث تقرر مبدأ المسئولية الوزارية لأول مرة فى مصر عام 1879 فى عصر إسماعيل. ومن ثم كانت وزارة شريف باشا التى تشكلت فى 6 أبريل 1879 أول وزارة تُسأل أمام البرلمان.
ويرتبط بما سبق، ما أشار إليه عضو المجلس عثمان الهرميل فى اجتماع مجلس شورى النواب فى مدينة طنطا، حيث ذكر أن المجلس لم ينظر ميزانية الحكومة فى السنة الماضية مع أن له الحق فى الاطلاع عليها ليعرف كيفية الإيراد المنصرف، ويعلم أيضاً كيفية الاقتراض، وحصر دين مصر، وتسديده خلال 65 سنة طبقاً لمرسوم توحيد الديون.. لم يكن شرط القراءة والكتابة كأساس لاكتساب عضوية المجلس مطبقاً فى ذلك الوقت، حيث انفض مجلس شورى النواب بعد 13 عاما فيما نصت اللائحة على تطبيق هذا الشرط بعد 18 عاماً على تأسيس هذا النظام لإتاحة الفرصة لنشر التعليم فى البلاد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن وطن مصر العالم العربى ف
إقرأ أيضاً:
جبالي: الرئيس السيسي قدم نموذجًا فريدًا في القيادة الراسخة في وقت عصفت بالوطن التحديات
ألقى المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، كلمة فى نهاية دور الانعقاد الخامس للمجلس.
جاء نصها كالتالى: في لحظة تختلط فيها المشاعر النبيلة بالعزائم الصادقة، وتتجلى فيها أسمى معاني المسئولية الممزوجة بالفخر، نصل اليوم إلى محطة ختامية في مسيرة عامٍ حافل بالعطاء والعمل الوطني الدؤوب.
وتابع: نُسدل الستار على أعمال دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب، هذا الصرح الدستوري الشامخ، الذي لم يكن يومًا مجرد قاعةٍ للتداول، بل كان صوتًا حيًا للأمة المصرية، وضميرًا يقظًا لها، وحارسًا أمينًا على مصالحها وآمالها وتطلعاتها.
وأضاف: لقد مضى مجلسكم، على مدار أدوار الانعقاد المنقضية، مجسدًا قيم الوطنية الحقة، حاملًا أمانة التشريع والرقابة بكل إخلاصٍ واقتدار، مستلهمًا من تاريخ الوطن دروس التضحية، ومن حاضره روح الإصرار والمثابرة، ولم يكن طريقنا مفروشًا بالورود، بل كان مملوءًا بالتحديات، تزاحمت فيه الملفات، وتشابكت فيه الأولويات، ونحسب أننا كنا على قدر ثقة الشعب، وعلى قدر اليمين الدستورية.
واستكمل: لقد حرصنا كل الحرص أن نقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والتيارات السياسية داخل المجلس، مؤمنين بأن التنوع السياسي مصدر قوة لا سبب ضعف، فلم نغلق بابا في وجه المعارضة، بل سعينا جاهدين إلى إعلاء صوت الحوار والتوافق، نعمل بروح الفريق الواحد، ونتجاوز العقبات بوحدة الصف وتغليب المصلحة الوطنية.
وتابع: انتهز هذه الفرصة كي أتقدم بالشكر والتقدير للمعارضة الوطنية داخل مجلس النواب؛ التي أدّت دورها بمسؤولية، فكانت صوتًا نقديًّا موضوعيًّا، غايته الإصلاح من أجل ازدهار الوطن وتقدمه.
وأشار إلى أن المجلس حاولن قدر المستطاع خلق مزيد من مساحات التوافق مع الحكومة حول مشروعات القوانين، دون أن نتخلى عن دورنا الرقابي والتشريعي، لقد تصدى مجلسكم الموقر بعزيمة صادقة لحزمة من مشروعات القوانين شديدة الحساسية؛ واضعًا نصب عينيه مصلحة الوطن، وصون حقوق المواطنين على حد سواء، وتعزيز دولة الدستور والقانون.
واستكمل جبالى: من تحت قبة مجلس النواب؛ أُعرب عن خالص التقدير والامتنان للحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الذي قاد بكل إخلاص منظومة العمل التنفيذي، لقد لمسنا من الحكومة تعاونًا صادقًا، وقنوات اتصال فاعلة، أتاحت نقاشًا جادًّا ومثمرًا، وعكست حرصًا مشتركًا على تحقيق التكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأخص بالشكر المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، الذي كان ركيزة للتفاهم، وعنوانًا للجدية في تعزيز أواصر التعاون بين المجلس وأعضاء الحكومة.
وواصل حديثه: لقد شهدت أدوار الانعقاد الخمسة الماضية، تعاونًا مثمرًا وبنّاءً بين مجلسي النواب والشيوخ، واسمحوا لي أن أشيد بدور مجلس الشيوخ وعلى رأسه المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ في إثراء العملية التشريعية.
وفي مقام الوفاء والعرفان؛ أتقدم بخالص الشكر والتقدير لوكيلي المجلس على دورهما البارز في تعزيز أداء المجلس وخدمة القضايا الوطنية.
كما أتقدم بخالص الشكر لحزب الأغلبية وممثله النائب عبد الهادي القصبي، الذي اضطلع بدور محوري في تنسيق الجهود، وتعزيز التفاهم تحت قبة هذا المجلس.
وأُثني بكل فخر على النواب ممثلي الهيئات البرلمانية كافة، والزملاء من النواب المستقلين والمعارضة الذين أثروا جميعا النقاش البرلماني بالتنوع والتعدد، فكانوا شركاء أساسيين في صناعة مخرجات المجلس تشريعية كانت أو رقابية.
وأتقدم بجزيل الشكر وعظيم الثناء إلى السادة رؤساء اللجان النوعية وأعضاء مكاتبها، لما قدموه من جهد علمي وعملي جاد، أسهم في بلورة التشريعات وصياغة السياسات.
كما أشيد بكل فخر بنائبات المجلس الفضليات، اللائي أثبتن جدارة واقتدارًا، وشكّلن صورة مشرفة للمرأة المصرية القادرة على العطاء في كل موقع ومسؤولية.
ويسعدني أن أتقدم بتحية تقدير واعتزاز لشباب المجلس من الأعضاء، أولئك الذين حملوا طموحات جيل جديد، وعبّروا عن رؤى واعدة، فكانوا صوت المستقبل، وروح التجديد داخل المجلس.
وكل الشكر والتقدير المستشار أحمد مناع، الأمين العام، الذي أدار منظومة العمل داخل الأمانة العامة للمجلس بكل حكمة، فكان عنوانًا للانضباط، ونموذجًا للقيادة الرشيدة والتنظيم الراقي، كما أتقدم بكل الامتنان لجميع السادة العاملين بالأمانة العامة لمجلس النواب، الذين كانوا بحق جنود المنظومة البرلمانية المخلصين، وجزءًا أصيلًا من منظومة النجاح، وركنًا راسخًا في مسيرة الإنجاز، يستحقون عليه منا كل الإشادة والتقدير والعرفان.
وتقدم جبالي بالشكر والعرفان، للمستشار محمد عبد العليم كفافي، المستشار القانوني لرئيس المجلس، الذي أضاء بنور الدستور والقانون مسارات العمل البرلماني، فكان سندًا قانونيًا، ودعامة أساسية في صون الإجراءات وصياغة القرارات البرلمانية. والشكر موصول أيضا للسادة مستشاري الأمانة العامة، فهم شباب واعد وبحق،قدموا نموذجا فريدًا في العمل القانوني بكل إخلاص وتفان.
كما وجه رئيس مجلس النواب التحية والتقدير لأجهزة الإعلام والصحافة والمحررين البرلمانيين، الذين نقلوا إلى الرأي العام صورة دقيقة عن أعمال المجلس، بحرفية ومهنية، وبكل إخلاص وشفافية.
كما نشكر ضباط وأفراد الإدارة العامة لشرطة مجلسي النواب والشيوخ، الذين قاموا بدورهم، بكل إخلاص، وسهّلوا انعقاد جلسات المجلس في أمن وأمان.