لبناني يبدع في تحويل مخلفات الحروب إلى تحف فنية
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
يروي اللبناني محمد نصيف (57 عاما) من بلدة شبعا الحدودية مع إسرائيل رحلة تحوله المهني من "مندوب سياحي" إلى "فنان" اكتشف موهبته بتحويل شظايا ومخلفات الحرب بين لبنان وإسرائيل منذ عام 1973 إلى تحف فنية على شكل مجسمات لأشجار وشعارات بصرية.
اكتشف نصيف شغفه بالفن والإبداع خلال زيارته المتكررة إلى أحد المعالم السياحية القريبة من بلدة شبعا الحدودية مع إسرائيل، وشهد الكثير من الحروب.
وبُغية تحويلها إلى مجسمات فنية تبعث الأمل في القلوب، يواصل اللبناني محمد نصيف جمع شظايا القذائف القاتلة الناتجة عن الاشتباكات والمواجهات المستمرة بين حزب الله وإسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على الحدود الجنوبية للبنان.
ويقيم نصيف في بلدة شبعا التي تتميز بموقع مميز على مثلث الحدود اللبنانية السورية الفلسطينية. ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة منطقة محتلة من قبل إسرائيل ومتنازع عليها بين لبنان وسوريا وفلسطين.
و"تضامنا مع قطاع غزة"، يتبادل "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.
وكما هو حال كل لبناني عاش الحرب، شاهد نصيف القذائف ومخلفاتها الحديدية التي كانت تنشر الموت والرعب في كل منطقة، وتترك أحيانا آثارها القاتلة على أجساد الناس، فقرر تحويل بقايا "آلات القتل" إلى مجسمات جمالية تعكس فنا وحياة.
وكان محمد نصيف -الذي بدأ حياته المهنية مندوبا سياحيا- اكتشف شغفه بالفن والإبداع خلال زيارته المتكررة إلى أحد المعالم السياحية القريبة من بلدته الحدودية الذي شهد الكثير من الحروب.
وتحول نصيف إلى جامع في البلدة لشظايا القذائف الموجودة بكثرة في "جبل الشيخ" (جبل حرمون) (جنوب)، حيث يحولها ببراعة إلى مجسمات وتحف فنية تعكس قوة الإرادة وروح التحدي، وفق الأناضول.
واستطاع تحويل الشظايا التي ترمز إلى الموت لدى كثيرين، إلى مجسمات مثل "الأرزة" شجرة لبنان ومجسم القدس والصُلبان وشعار الأمم المتحدة الذي يرمز للسلام.
وفي هذا الإطار روى نصيف رحلته إلى اكتشاف موهبته بتحويل الشظايا إلى تحف فنية، وقال إنه عندما زار جبل الشيخ وهو معلم سياحي، رأى كميات كبيرة تقارب الأطنان من الشظايا متناثرة على الأرض ومتبقية منذ حرب 1973 بين الجيشين السوري والإسرائيلي".
وأضاف: بدأت أجمعها من الجبل لصنع تحف فنية مثل شجر الأرز وصلبان وشعار الأمم المتحدة وشعار العقربة الذي تستخدمه الكتيبة النمساوية التي كانت عاملة ضمن قوات الأندوف في جبل الشيخ (جبل حرمون)، والكثير من الأعمال الفنية الأخرى.
وعن الهدف من عمله هذا أوضح نصيف أنه يريد "تحويل الشظايا التي تقتل الإنسان إلى تحفة فنية تعرض في منزل مريديها".
وأشار لوجود هدف بيئي أيضاً لعمله، لأنه يجمعها من أماكن يقصدها الناس ويمكن أن تؤذي أحدا منهم وخاصة محبي السير في الحقول ورعاة الماشية.
ولفت إلى أن الشظايا تتساقط اليوم في الكثير من مناطق حدود جنوب لبنان عقب اندلاع المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لأول مرة منذ حرب 2006". وتابع "لم أجمع الشظايا منذ حرب 2006 خوفا من تلوثها باليورانيوم، وهو ما يمكن أن يسبب أضرارا لعائلتي".
ومضى نصيف قائلا "بعد أن شاهدت الناس الحرب الحالية في لبنان وغزة، أصبح الطلب المحلي على المجسمات أكثر بكثير من الماضي، بعد أن كانت مطلوبة فقط من السياح".
ولفت إلى أنه استفاد من وجود جنود قوات اليونيفيل في بلدتي شبعا وخاصة الكتيبة النرويجية (1978 و1998)، وبعد عودتهم إلى بلادهم يطلبون منه أن يرسل لهم المجسمات إلى النرويج نظرا لمعرفتهم بهذا النوع من الفن.
ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى أمس الأحد 22 ألفا و835 شهيدا، و58 ألفا و416 جريحا، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تشرین الأول الماضی إلى مجسمات محمد نصیف
إقرأ أيضاً:
تعرّف على الشروط الجديدة لاقتناء وتوريد السيارات في تونس
صادق البرلمان التونسي في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري على فصل جديد ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، يمنح امتيازا ضريبيا للعائلات المقيمة يتيح لها توريد أو اقتناء سيارة جديدة أو مستعملة بشروط محددة، في مسعى يهدف إلى تخفيف صعوبات امتلاك سيارة في ظل الارتفاع الحاد للأسعار، وضعف خدمات النقل العمومي، وفق ما أفادت به وكالة الأناضول.
ويأتي هذا الامتياز، الوارد في المادة 55 من قانون الموازنة، ليمنح العائلة في تونس حق الاستفادة مرة واحدة في حياتها من شراء سيارة أو توريدها، سواء من السوق المحلية أو من الخارج، شريطة استيفاء معايير دقيقة تتعلق بالدخل، وعمر السيارة، والحصة السنوية المخصصة للتوريد.
امتياز ضريبي بشروط صارمةتنص المادة، حسب ما نقلته الأناضول، على:
أن الاستفادة من الامتياز لا تُمنح سوى مرة واحدة. أن عمر السيارة عند اقتنائها لا يتجاوز 8 سنوات. يُمنع تمكين أي عائلة تمتلك سيارة يقل عمرها عن 8 سنوات من هذا الإجراء. حدد الفصل سقف الدخل الصافي للاستفادة، بحيث لا يتجاوز 10 أضعاف الأجر الأدنى المضمون، والمقدر بنحو 520 دينارا تونسيا (173 دولارا)، في حين يرتفع السقف إلى 14 ضعفا بالنسبة للزوجين مجتمعين. ألا تقل نسبة السيارات المشمولة بالامتياز عن 10% من إجمالي السيارات المرخص بتوريدها سنويا، مع تكليف وزارات المالية والتجارة والبنك المركزي التونسي بتنفيذ الإجراء الجديد.رغم تمرير الإجراء الجديد عبّرت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي عن عدد من التحفظات، مؤكدة -وفق الأناضول- أن التشريع التونسي العام "لا يمنح المواطن حق التوريد"، وأن تفعيل هذا الفصل من القانون يتطلب إصدار "مراسيم وقوانين ترتيبية مكمّلة".
وأضافت الوزيرة أن آليات التوريد، وإجراءات إخراج العملة الصعبة، وشروط الشحن، وتنظيم العملية برمتها، تمثل تحديات جوهرية أمام الدولة، في وقت تواجه فيه البلاد "حاجة مُلحّة للحفاظ على العملة الصعبة".
إعلانوشددت الخالدي على أن الأولوية يجب أن تُمنَح لتمويل واردات إستراتيجية مثل الطاقة والحبوب والمواد الأساسية، محذّرة من أن يؤدي توسيع توريد السيارات إلى ضغوط إضافية على الميزان الخارجي.
ونقلت الأناضول عن عدد من الخبراء الاقتصاديين قولهم إن الإجراء الجديد رغم جاذبيته قد يكون محدود الأثر على أرض الواقع.
وقال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي: إن الامتياز "يبدو إنجازا مهما للعائلات التونسية في ظاهره، لكنّه في الواقع شديد التعقيد وصعب التنفيذ".
وأوضح أن شريحة واسعة من العائلات التي ينطبق عليها شرط الدخل "لا تملك القدرة المالية الفعلية على توريد سيارة"، حتى مع الإعفاءات الضريبية، فضلا عن القيود المرتبطة بنسبة 10% من السيارات الموردة سنويا، وهو ما يجعل عدد المستفيدين "محدودا للغاية".
وأضاف الشكندالي أن هذه القيود تجعل الفصل "أقرب إلى حلم قد لا يتحقق"، معتبرا أنه لن يؤثر بشكل يُذكر على التوازنات المالية للدولة ولا على الميزان التجاري، وقال: إن "الفصل سيظل سرابا يلهث وراءه المواطن دون أن يصل إليه".
دافع عدد من البرلمانيين عن الفصل، معتبرين أنه يستجيب لاحتياجات اجتماعية واقتصادية ملحّة.
وقال نائب رئيس لجنة التخطيط الإستراتيجي والنقل في البرلمان، ثامر مزهود (حركة الشعب)، إن كتلته صوتت لصالح الفصل "لما يحمله من إيجابيات للعائلات التونسية، في ظل الارتفاع الكبير بأسعار السيارات داخل السوق المحلية"، حسب تصريح للأناضول.
وأوضح مزهود أن أسعار السيارات العادية باتت خارج متناول شريحة واسعة من المواطنين، إذ تتراوح بين 70 و80 ألف دينار (23.3 إلى 26.6 ألف دولار)، نتيجة الرسوم المرتفعة التي تصل إلى ما بين 200 و250% عند التوريد، سواء عبر الوكلاء أو من قِبل التونسيين المقيمين بالخارج، ما جعل "اقتناء سيارة أمرا شبه مستحيل للطبقة المتوسطة".
وأضاف أن تدهور خدمات النقل العمومي، خاصة في المدن الكبرى، يدفع العائلات إلى الاعتماد على السيارة الخاصة لتأمين تنقلاتها اليومية.
وبخصوص الانتقادات المتعلقة بصعوبة التطبيق، أكد مزهود أن القانون يتضمن آليات تنفيذية، من بينها السماح للعائلات بالحصول على سيارات في شكل "هبة" من أقارب بالخارج، أو الاستفادة من "المنحة السياحية" المخصصة للتونسيين، فضلا عن إمكانية منح البنك المركزي تراخيص خاصة لإخراج العملة الصعبة، وفق ما نقلته الأناضول.
وشدد على أن العملية ستتم ضمن الحصة السنوية للتوريد، معتبرا أن المخاوف من "إغراق السوق" أو "تعطيل المرور" غير دقيقة، لا سيما أن نسبة السيارات المشمولة بالامتياز لا تتجاوز 10% من إجمالي السيارات الموردة سنويا.
وحسب معطيات الغرفة الوطنية لوكلاء ومُصنّعي السيارات التابعة لمنظمة الأعراف في تونس، بلغ عدد السيارات المرخصة في السوق التونسية خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 نحو 77 ألفا و112 سيارة، بزيادة قدرها 12.7%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
وتشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء، الصادرة عام 2010، إلى أن 19% فقط من العائلات التونسية تمتلك سيارة خاصة، ما يعكس حجم الطلب الاجتماعي المتراكم على وسائل النقل الفردي في ظل محدودية النقل العمومي.
إعلان