إدارة بايدن أُجبرت على التعامل مع احتجاج من طاقمها بسبب حرب غزة
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا، أعده يوجين دانيالز، قال فيه "إن المسؤولين البارزين في إدارة جو بايدن، يواجهون مشكلة غير معهودة في ثقافة البيت الأبيض، وهي الرسائل التي يوقعها عاملون في داخل الإدارة، بدون ذكر الأسماء، ويعبرون فيها عن احتجاجهم من موقف الرئيس بايدن، وإدارته، من حرب غزة، ودعم الرئيس الثابت لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو".
وأوضحت المجلة أن "رسائل كهذه كانت نادرة في الإدارات السابقة، ولكنها حطمت الحواجز في واشنطن الرسمية، وكشفت عن فجوة جيلية بين ما يراه الموظفون الشباب ورؤسائهم الكبار في العمر، بشأن المسؤولية الواجب على العامل في واشنطن التحلي بها".
وتابعت أنه منذ عملية حركة حماس على دولة الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قد "أدى الدعم المتواصل من بايدن إلى نتنياهو لسلسلة من الرسائل بدون توقيع، وصادرة من موظفي البيت الأبيض، ووزارة الخارجية وحملة بايدن الرئاسية".
وأردفت: "هي رسائل جعلت السّاسة في أعمار معينة يهزّون رؤوسهم استغرابا. ويقولون إن فكرة تجرؤ الموظفين الشباب في هذه الوظائف المرغوبة على المسؤولين عنهم، حتى بدون الكشف عن هويتهم، لم يكن متصوّرا في الأيام السابقة".
ويقول جيمس كافاريل، الذي عمل مع بيل كلينتون، بصفته استراتيجي في حملته: "هناك هذا المفهوم عن: لست رئيسي في هذا الموقف الآن؛ وربما عملت معك ولكنني أحمل آرائي الخاصة". مضيفا "إن هذا لم يكن مفكرا به في الماضي ولو قلت إنك لا تحب بعض سياسات كلينتون، فإن فكرة التعبير عنها علنا سيكون جنونا، ولن أفعل هذا، ولن تخطر على بالي".
وأكد أنه "في الأيام السابقة، كان من النادر أن يحاول المسؤولون في البيت الأبيض التأثير على رئيسهم من خلال الكشف عن الخلافات الداخلية المتعلقة بالمبدأ داخل إدارته والتعبير عنها علنا وقبل الإستقالة أولا".
إلى ذلك، أشارت المجلة نفسها بأن "التسريبات من مسؤولي الإدارة تعتبر علامة معروفة، لأجيال، وفي فترة جورج دبليو بوش، خرج مسؤولون في مناسبات للتعبير عن خلافاتهم علنا. وكان هذا يحدث فقط عندما يتركون أعمالهم". ويقول بول باغلا، الذي عمل إلى جانب كارفيل في إدارة كلينتون إن "المقايضة كانت دائما: سيكون لك دور للتأثير على قرارات أكثر الحكومة قوة في تاريخ العالم".
وتابع أنه: "مقابل هذا التأثير، عليك الموافقة على دعم القرار النهائي لو لم كان ضد موقفك. ولو واجهت قرارا يتناقض مع الخطوط الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، فالخيار هو السكوت أو الإستقالة؛ لكن الأمور تغيرت في الأوقات الماضية، فقد أصبحت التسريبات المصادق عليها جزءا من العملة السياسية، حيث يقوم مسؤولون بكتابة مقال رأي بدون التوقيع عليه، أو حادث درامي يجد طريقه إلى الإعلام".
وأردف: "في داخل البيت الأبيض اليوم، هناك شعور بأن الثقافة تغيرت وبدون رجعة. حيث إن الإحباط الكبير بين المساعدين عادة ما يكون أكبر عبر الرسائل المجهولة، والنقد وأكثر من الدعم لسياسات الرئيس".
وقال أحد مساعدي البيت الأبيض، إن "الرئيس لا يتضايق من النقد، ولا نخاف من أن نعرض اختياراتنا للسياسة أمام التدقيق، وحتى حملات الرسائل المجهولة للموظفين، فإنهم يقولون إنهم يعملون هذا من أجل احترامهم له، وهذا يقول الكثير". مشيرا إلى أن "بعض مسؤولي البيت الأبيض يتعاملون مع المعارضة الداخلية بأنها مثيرة للتشويش، في أسلوب الحديث علنا وبدون الكشف عن الهوية، ليس الأسلوب الناجع مع بايدن ومن حوله من المساعدين الموثوقين".
وقال مسؤول سابق في البيت الأبيض، لم يكشف عن هويته، "ما لا يعرفونه هو أن هذا لا يعمل مع جو بايدن، وليست هذه هي الطريقة للحصول على اهتمامه، ويعتقد الموظفون أن كتابة الرسائل أو تقديم الاستقالات أو إجراء مقابلات مع جوي ريد، قد يدفع الرئيس للتحفظ في سياساته ويدفع مساعديه للتحفظ، لكن ثبت أن الحوار المباشر معه هو الأنجع".
ويرى الجيل الجديد من الناشطين أن "هذا النوع من التحليل عفا عليه الزمن. ففي الجامعات وبعدها يقومون بالتظاهر في عصر الإحتجاجات الكبرى ضد عنف البنادق ومن أجل حقوق المرأة ووحشية الشرطة، والتي يتأثر فيها النقاش السياسي من خلال الضغط الواضح. وسواء جاء هذا الضغط من الداخل أو الخارج، ليس مهما".
ويقول مدير الاستطلاعات في معهد كينيدي بجامعة هارفارد، جون ديلا فولب: "يؤمن الكثير من أبناء جيل زيد (الجيل المولود في حقبة التسعينات وبداية العقد الأول من القرن الحالي) باستخدام القوة السياسية، في حين أن جيل الألفية (جيل الثمانينات وبداية التسعينات أو جيل واي) ربما فكر بها. وعمل جيل الألفية خارج النظام الحالي، أما الجيل هذا، فهو ملتزم بالعمل داخله وخارجه. وهذا هو الفرق بالنسبة لزملائي وأصدقائي الذين عملوا من داخل النظام، كما تعرف، فمنهم قادة منتخبين ولسنوات طويلة".
وتابع: "قد تبنى الجيل الشاب فكرة أن الأمكنة التي يتسوقون ويأكلون ويعملون فيها تعكس أخلاقياتهم، وكل شيء هو امتداد إلى قيمهم، وعشنا وقتا كان فيه المستهلكون يصوتون وانعكس الوضع الآن، حيث يستهلك المصوتون، وتحمل هذا معك كقاعدة تقيس عليها كيفية معاملة الناس".
ويرى واحد من الناشطين الجدد، والداعي للحد من انتشار السلاح، ديفيد هوغ، والناجي من مذبحة "باركلاند" في فلوريدا، إن "التغير مرتبط بطريقة نشر الأخبار. وقامت حملة بايدن بنشر رسالة مجهولة عبر "ميديم"، ووجد المعارضون وغير الراضين عن الحرب في غزة طرقا عدة على منصات التواصل الإجتماعي للتعبير عن مواقفهم، وهو ما خلق عقلية جديدة" بحسب تعبيره.
وأضاف هوغ "إن فضاء الإعلام مر بمرحلة دمقرطة مع اختراع منصات التواصل الإجتماعي خلال العقد ونصف الماضي، وقد خلقت اللامركزية أو الدمقرطة عرفا جيليا لم يعد يهتم فيه المشاركون بالتراتبية أو الأشخاص الذين هم فوقنا".
من جانبه، عقد البيت الأبيض، عدة لقاءات مع الموظفين القلقين، ومن بداية الحرب، وكذا مع أطراف من الخارج شارك فيها الرئيس نفسه. فيما استضاف رئيس طاقم البيت الأبيض، جيف زينتس، جلسة استماع لموظفي البيت الأبيض البارزين "مسلمون، عرب وفلسطينيون والاستماع منهم مباشرة"، وذلك حسب مسؤول في البيت الأبيض، وفق المجلة.
وأمر أمناء الوزارات بالتواصل مع الموظفين من المجتمعات الفلسطينية والعربية المسلمة والمسلمة". بينما قال مساعدون سابقون لبايدن إن "اللقاءات ساهمت في التأثير على نبرة الإدارة تجاه الفلسطينيين وسمحت لِلموظفين المحبطين للتنفيس عن إحباطهم".
وقال مساعد سابق: "كانت اللقاءات الأمر الصواب وأساء البيت الأبيض التقدير من أن اللقاءات هي ما يجب عمله. وأعتقد أن الأشخاص الذين شاركوا في اللقاءات أساءوا تقدير الكيفية التي ستصبح حواراتهم ومظاهر قلقهم جزءا من سياسات الحكومة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة غزة الحرب على غزة ادارة بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
لماذا يخشى قادة العالم زيارة البيت الأبيض ويتطلعون للصين في عهد ترامب؟
شدد تحليل نشرته شبكة "سي أن أن" الأمريكية على موقعها، على أن زيارة البيت الأبيض لم تعد رحلة مرغوبة من قادة العالم خلال رئاسة دونالد ترامب بقدر خوفهم من أن تكون فخا سياسيا.
وبحسب التحليل الذي أعده الصحفي في الشبكة الأمريكية ستيفن كوليسون وترجمته "عربي21"، فإن قادة الجنوب مثل جنوب أفريقيا يتطلعون إلى الصين بدلا من الولايات المتحدة.
وجاء تعليق كوليسون بعد مفاجأة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضيفه من جنوب أفريقيا، سيريل رامافوسا، بعرض فيلم احتوى مزاعم عن تعرض البيض الأفريكان في جنوب أفريقيا للإبادة.
وقال الكاتب إنه نظرا للمخاطر السياسية المتزايدة للظهور في المكتب البيضاوي، لن يكون من المستغرب أن يعيد بعض القادة النظر فيما كان في السابق دعوة مرغوبة، ولكنها أصبحت مواجهة بعواقب دبلوماسية.
وأشار إلى أن رئيس جنوب أفريقيا كان يعرف ما يحضر له، حيث أحضر معه وزير الزراعة الأبيض ووفدا متعددا الأعراق من حكومته.
وتم إحضار صديقي ترامب في جنوب أفريقيا لاعبي الغولف إيرني إيلس وريليف غوسين، لكن هذا لم يمنع الرئيس الأمريكي من إطفاء الأنوار وعرض فيلم للدعاية اليمينية عن جنوب أفريقيا. وقال وهو يعرض مقالات عن قتل البيض الأفريكان: "الموت، الموت، الموت".
وتعد مسألة ملكية الأراضي العادلة من أكثر مخلفات سنوات حكم الأقلية في جنوب أفريقيا تعقيدا. ولكن كما أوضح رامافوسا، لا توجد محاولة منهجية للقضاء على مجتمعٍ على أساس العرق أو الإثنية، وهو تعريف الإبادة الجماعية. وأكد رامافوسا أن معظم ضحايا جرائم العنف هم من السود.
وقال الكاتب إن كل لقاء في البيت الأبيض بات يخيم عليه شبح اللقاء الكارثي في شباط /فبراير بين ترامب ورئيس أوكرانيا، فولديمير زيلينسكي والذي تعرض لهجوم من ترامب ونائبه، جيه دي فانس.
ويبدو أن رامافوسا قد تعلم من الدرس، فهو وإن بدا مرتبكا حاول بأناة أن يشرح لترامب الحقائق، لكن هذا كان مصمما على أن المزارعين "يعدمون وهم بيض ومعظمهم مزارعون. لا أعرف كيف تفسر ذلك".
وقال الكاتب إن التقاط الصور في جلسة البيت الأبيض تعتبر بالنسبة للكثير من الرؤساء مملة، ويسرع الصحافيون إلى المكتب البيضاوي لسماع كل زعيم وهو يلقي عبارات مبتذلة حول العلاقة الوثيقة بين البلدين. وفي بعض الأحيان يسمح لهم بطرح بعض الأسئلة قبل أن يدفعوا إلى الخارج لانتظار مؤتمر صحافي رسمي في وقت لاحق من اليوم.
ولكن الأمر تغير في ولاية ترامب الثانية، فقد زالت حواجز اللياقة التي تميز بها في ولايته الأولى، وأصبح المكتب البيضاوي الآن أكثر ازدحاما وصخبا.
وعادة ما يجلس فانس على أريكة البيت الأبيض مع بقية أفراد الحكومة منتظرا فرصته للقفز، وهذا دور غير عادي لنائب الرئيس. وخلال إدارة باراك أوباما، غالبا ما كان نائب الرئيس آنذاك، جو بايدن، يتجنب الأضواء ويقف في الجزء الخلفي من الغرفة.
أما اليوم فيضطر زوار ترامب إلى مواجهة وسائل الإعلام التي تروج لشعار "ماغا" أو "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، حسب التحليل.
وخلال زيارة زيلينسكي، سأل أحد هؤلاء المراسلين الرئيس، الذي يرتدي سترة ميدانية عسكرية تكريما لجنود الخطوط الأمامية، لماذا لا يرتدي بدلة لإظهار الاحترام للرئيس واللقاء.
ورغم أن الكثير من المشاكل في جنوب أفريقيا بعد مرحلة الفصل العنصري لا تزال قائمة، حيث لم تساعد سنوات حكم المجلس الوطني الأفريقي الذي تزعمه نيلسون مانديلا مرة في هذا، من انتشار الفساد والخلل الوظيفي، لكن هذه ليست مشكلة ترامب، فقراره الحديث عن إبادة البيض وعرض فيلم يقوم على مزاعم وادعاءات كان يهدف لمخاطبة قاعدته من "ماغا"، وهي ماركة تقوم على العرقلة والتعطيل وبالنسبة لترامب لعب دور الشخص القادم من الخارج.
فقد عاد مرة ثانية للبيت الأبيض بهدف تمزيق التقاليد السياسية الدولية والأعراف التجارية التي يقول إنها تسرق أمريكا، القوة العظمى. ولا توجد طريقة لإظهار هذا للأمريكيين أفضل من مواجهة زواره والتقليل من قيمتهم أمام عدسات التلفزيون.
وربما كان الخطاب من ترامب موجها لصالح شخص واحد وهو إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا والملياردير الذي كان حاضرا يوم الأربعاء في المكتب البيضاوي، وبعدما اشتكى على منصته "إكس" من التمييز ضد البيض الأفريكان من جنوب أفريقيا، وفقا للكاتب.
كما وجدت أفكار ماسك اهتماما أثناء زيارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للمكتب البيضاوي، عندما اشتكى فانس مما وصفه بحملات قمع حرية التعبير في بريطانيا ضد شركات التكنولوجيا المملوكة لأمريكا. لكن ستارمر، الذي استلهم أفكاره من المواجهة الأسبوعية مع المعارضة في البرلمان رد باختصار على شكوى فانس وقال: "لقد تمتعنا بحرية التعبير في المملكة المتحدة لفترة طويلة جدًا، وستستمر لفترة طويلة جدا".
ويرى الكاتب أن محاولة ترامب التقليل من قيمة ضيوفه، تضعهم أمام مشكلة وعليهم تجهيز أنفسهم والتحضير للمواجهة. كما وعليهم التفكير بكيفية الظهور أمام ناخبيهم في الوطن. فإن فشلوا في الوقوف في وجه ترامب، فسيبدون ضعفاء، أما إن ردوا بقوة، فقد يحصلون على دعم شعبي، مثل زيلينسكي، لكنهم قد يضرون بمصالحهم الوطنية إذا خرجوا من اللقاء وقد أغضبوا ترامب الذي لا ينسى الضغينة.
كما ويجب على القادة أن يحاولوا تجنب الوقوع في فخ الكاميرات بينما يقول ترامب أو يفعل شيئا يؤكد ضعفهم النسبي مقارنة بالولايات المتحدة. وفي شباط/ فبراير، على سبيل المثال، بدا الملك عبد الله ملك الأردن منزعجا للغاية عندما ضغط عليه ترامب لقبول لاجئين من غزة. ويعرض تهجير سكان غزة ونقلهم إلى الأردن التوازن السياسي الهش للبلاد والنظام الملكي نفسه. ومع ذلك، كان عبد الله يعلم أيضا أن بلاده تعتمد على المساعدات الأمريكية للأمن، لذلك لم يحاول الوقوف في وجه مضيفه، على حد قول الكاتب.
وبالنسبة لزيلنسكي، فقد حاول مواجهة الرئيس ونائبه وطرد من البيت الأبيض لأنه رد بغضب على مطلب فانس إظهار الامتنان على الدعم الأمريكي لأوكرانيا. وقد قضى زيلينسكي أسابيع وهو يحاول إصلاح الخطأ.
ولعل أنجح الزعماء هم الذين يخرجون أنفسهم من المأزق بدون الظهور بمظهر المبتذل، فقد حمل ستارمر معه دعوة من الملك تشارلس الثالث لزيارة بريطانيا بشكل رسمي، قائلا إن هذا شرف لبريطانيا وبخاصة أن ترامب تلقى دعوة مماثلة من الملكة الراحلة إليزابيث الثانية في ولايته الأولى. ولا يعرف عن ستارمر بالشخص الطبيعي في أدائه لكنه حظي على ثناء بسبب ذكائه في التعامل مع الموقف.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد حاول تصحيح كلام الرئيس وزعمه أن أوروبا لا تنفق الكثير على أوكرانيا، ولكن بلمسة بدت عفوية و"عزيزي دونالد"، خفف من حدة تصحيح الخطأ. واعتمدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي تريد أن تلعب دور الجسر بين ترامب وأوروبا على التقارب في الأفكار من ناحية تزعمها لحزب يميني شعبوي وزارت ترامب في السابق بمقره في مار إي لاغو بفلوريدا وتعتبر نفسها من بين أصدقائه.
وفي أثناء الزيارة الأخيرة لها، حاولت التأكد من أن مترجم كلامها ينقله بدقة، ولهذا قاطعته، كما ولعبت عن فكرة ترامب لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، حيث قالت أنها والرئيس يستطيعان جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى.
ولم يواجه أي زعيم أجنبي، بحسب التحليل، ضغطا محليا في المكتب البيضاوي بقدر ما واجه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني. ففي النهاية، كان قد فاز لتوه في انتخابات هيمن عليها العداء لمطالب ترامب بضم كندا من خلال لف نفسه بعلم كندا.
وحاول كارني التحدث إلى ترامب بلغة يفهمها قطب العقارات الذي أصبح رئيسا. قال: "هناك أماكن لا تباع أبدا وبعد لقائي بمالكي كندا خلال الحملة الانتخابية قالوا إنها ليست للبيع، ولن تباع أبدا".
وعندما رد ترامب قائلا "لا تقل أبدا" أكد كارني "أبدا أبدا". لكن ترامب كانت له الكلمة الأخيرة، حيث شن خطابا لاذعا عن مدى الظلم الذي تتحمله الولايات المتحدة من خلال دفعها جزءا كبيرا من تكلفة الدفاع عن كندا عسكريا، ثم طلب من الصحافة المغادرة ولم يستطع كارني أن ينطق بكلمة واحدة.
وفي النهاية، لا يعرف القادة ماذا سيحصل معهم في حضرة ترامب. وهو ما يقودنا إلى ليو الرابع عشر بابا الفاتيكان الجديد. وكان فانس في الفاتيكان نهاية الأسبوع الماضي لحضور قداس تنصيب البابا، وسلم مظروفا أبيض ضخما يحمل الختم الرئاسي، ويحتوي على دعوة لزيارة البيت الأبيض. وسمع ليو وهو يقول "في مرحلة ما"، ربما في إشارة إلى نيته قبول العرض.
لكن روبرت بريفوست، الذي كان يشغل منصبا سابقا في شيكاغو، لم يبد على عجلة من أمره. ربما يعود ذلك إلى أنه من غير المعقول تقريبا تصور الرجل الذي يعتبره الروم الكاثوليك ممثلا لله على الأرض، وهو يخضع طوعا لضغوط المكتب البيضاوي وخطاب ترامب العلماني نوعا ما.
ومن المرجح أن تتبع أي زيارة مفاوضات مكثفة مع الفاتيكان بشأن البروتوكول. لكن مشهد أشهر أمريكيين على وجه الأرض في المكتب العريق سيكون أمرا لا يصدق، كما يقول الكاتب.