كاتب أمريكي: غزة يتم تسميمها الآن فوق الأرض وتحتها.. وقد لا تصلح للعيش بعد الحرب
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
إن غزة يتم تسميمها الآن من فوق الأرض وتحتها، وسط حملة شرسة لتدمير القطاع الذي يعيش به أكثر من مليوني فلسطيني، حيث تسعى إسرائيل إلى جعله مكان غير صالح للعيش بعد انتهاء الحرب الحالية.
هكذا يحذر الصحفي والكاتب الأمريكي جوشوا فرانك، وهو مؤلف كتاب: "أيام ذرية: القصة غير المروية للمكان الأكثر سمية في أمريكا"، لافتا، في مقاله الذي نشره موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت"، إلى أن قصف أجواء القطاع بالفسفور الأبيض المميث وإغراق الأنفاق تحت الأرض بمياه البحر الملوثة، وتدمير ما بين الجو والأرض من مبان وانهيار الخدمات الصحية يشكل جوانب مربع مرعب لتسميم القطاع تماما.
اقرأ أيضاً
أونروا: حرب غزة تسبب في أكبر تهجير للفلسطينيين منذ 1948
إغراق الأنفاقتتمثل أولى جرائم تسميم غزة بإغراق الأنفاق بمياه البحر، وهو ما أكدت إسرائيل أنها تفعله حاليا بعدة مناطق في القطاع، وهو إجراء سبق لمصر اتخاذه ضد الأنفاق التي كانت تربط بينها وبين القطاع بداية من عام 2013.
وتسببت تلك الممارسات في تلويث إمدادات المياه الجوفية بالمحلول الملحي، ونتيجة لذلك، أصبحت التربة مشبعة وغير مستقرة، مما تسبب في انهيار الأرض ومقتل العديد من الأشخاص
وفي السابق، تحولت الحقول الزراعية الخصبة إلى حفر مملحة من الطين، وتدهورت مياه الشرب النظيفة، التي كانت تعاني بالفعل من نقص في غزة.
وتحذر جوليان شيلينجر، الباحثة في جامعة توينتي بهولندا، قائلة: "من المهم أن نضع في اعتبارنا أننا لا نتحدث هنا فقط عن المياه التي تحتوي على نسبة عالية من الملح - فمياه البحر على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ملوثة أيضًا بالأملاح بسبب مياه الصرف الصحي غير المعالجة، والتي يتم تصريفها بشكل مستمر في البحر المتوسط من نظام الصرف الصحي المختل في غزة".
اقرأ أيضاً
حكومة غزة: الموت جوعا وعطشا يهدد 800 ألف نسمة
هدف إسرائيليويقول فرانك: يبدو أن هذا، بطبيعة الحال، جزء من هدف إسرائيلي أوسع - ليس فقط لتفكيك قدرات "حماس" العسكرية، ولكن لزيادة تدهور وتدمير طبقات المياه الجوفية في غزة (الملوثة بالفعل بمياه الصرف الصحي التي تسربت من الأنابيب المتهالكة).
وقد اعترف المسؤولون الإسرائيليون علناً بأن هدفهم هو ضمان أن تصبح غزة مكاناً غير صالح للعيش بمجرد إنهاء حملتهم العسكرية القاسية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بعد وقت قصير من الهجوم الذي شنته "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول: "إننا نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف على هذا الأساس". "سوف نزيل كل شيء، وسوف يندمون على ذلك".
ويبدو أن إسرائيل الآن تفي بذلك الوعد، يقول الكاتب.
اقرأ أيضاً
إغراق الأنفاق.. خطة إسرائيلية تقضي على الزراعة والمياه الجوفية بغزة
معاناة المباني المتبقيةوكأن قصفها العشوائي، الذي أدى بالفعل إلى إتلاف أو تدمير ما يصل إلى 70% من كل المنازل في غزة، لم يكن كافيا، فإن ملء الأنفاق بالمياه الملوثة من شأنه أن يضمن معاناة بعض المباني السكنية المتبقية من مشاكل بنيوية أيضا.
وإذا كانت الأرض ضعيفة وغير آمنة، فسوف يواجه الفلسطينيون صعوبة في إعادة البناء، بحسب فرانك.
ويقول عبدالرحمن التميمي، مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، إن غمر الأنفاق بالمياه الجوفية الملوثة "سيتسبب في تراكم الأملاح وانهيار التربة، مما يؤدي إلى هدم آلاف المنازل الفلسطينية في القطاع المكتظ بالسكان".
ولا يمكن أن يكون استنتاجه أكثر إثارة للدهشة عندما يقول إن "قطاع غزة سيصبح منطقة خالية من السكان، وسوف يستغرق الأمر حوالي 100 عام للتخلص من الآثار البيئية لهذه الحرب".
اقرأ أيضاً
وول ستريت جورنال: إسرائيل بدأت ضخ مياه البحر في أنفاق حماس بغزة
أشجار الزيتونوينتقل الكاتب للحديث عن تدمير إسرائيل لمزارع الزيتون وأشجاره التي تشتهر بها غزة خلال الحرب الحالية، مؤكدا أن هذا الإجراء، بخلاف تسببه في خسائر ضخمة للفلسطينيين والقطاع، كون الزيتون جزءا مهما للغاية من اقتصاد القطاع، فإن تدمير ذلك الغطاء النباتي المهم سيؤدي لعواقب بيئية وخيمة، حيث تمتص شجرة الزيتون 11 كجم من ثاني أكسيد الكربون لكل لتر من زيت الزيتون المنتج.
الفوسفور الأبيضشهدت أجواء القطاع منذ بداية الحرب انفجار صواريخ وقنابل إسرائيلية ضخمة، لكن هناك أيضا الفوسفور الأبيض الذي استخدمه جيش الاحتلال بكثافة على حواضر سكنية واسعة بقطاع غزة، وهو ما يعد تسميما لها من الأعلى.
وتعرض العديد من مقاطع الفيديو التي حللتها منظمة العفو الدولية، وأكدتها صحيفة "واشنطن بوست"، لقطات من قنابل مضيئة وأعمدة من الفوسفور الأبيض تنهمر على المناطق الحضرية المكتظة بالسكان.
واستُخدم الفوسفور الأبيض لأول مرة في ساحات القتال في الحرب العالمية الأولى لتوفير غطاء لتحركات القوات، ومن المعروف أنه سام وخطير على صحة الإنسان.
اقرأ أيضاً
واشنطن: قلقون من تقارير استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض
إن إسقاط الفوسفور الأبيض على البيئات الحضرية يعتبر الآن غير قانوني بموجب القانون الدولي، وغزة هي واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض.
وتقول لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "في أي وقت يتم فيه استخدام الفوسفور الأبيض في مناطق مدنية مزدحمة، فإنه يشكل خطراً كبيراً يتمثل في حروق مؤلمّة ومعاناة مدى الحياة".
وفي حين أن الفوسفور الأبيض شديد السمية للإنسان، فإن تركيزات كبيرة منه لها أيضًا آثار ضارة على النباتات والحيوانات. يمكن أن يعطل تكوين التربة، مما يجعلها حمضية للغاية لزراعة المحاصيل، يقول الكاتب.
انفجار المبانيويشير الكاتب إلى أن كل مبنى ينفجر يترك سحابة باقية من الغبار السام والأبخرة المسببة للاحتباس الحراري.
ويقول الدكتور إيروم ظاهر، أستاذ الكيمياء في جامعة كراتشي: "في المناطق المتضررة من النزاع، يمكن أن يؤدي تفجير المتفجرات إلى إطلاق كميات كبيرة من الغازات الدفيئة، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والجسيمات".
وعلى سبيل المثال، دمر الغبار الناتج عن انهيار برجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر/أيلولا 2001 المستجيبين الأوائل، مثل رجال الإنقاذ الذين كانوا عرضة بنسبة 41% للإصابة بسرطان الدم مقارنة بالأفراد الآخرين".
اقرأ أيضاً
بأدلة مقنعة.. العفو الدولية تؤكد استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض في غزة
وقد عانى حوالي 10 آلاف من سكان نيويورك من أمراض صحية قصيرة الأمد في أعقاب الهجوم، واستغرق الأمر عامًا حتى تعود جودة الهواء في مانهاتن السفلى إلى مستويات ما قبل 11 سبتمبر.
ويقول فرانك: وفي حين أنه من المستحيل تحليل جميع آثار القصف الإسرائيلي المتواصل، فمن الآمن الافتراض أن التسوية المستمرة لغزة بالأرض ستكون لها آثار أسوأ بكثير من آثار أحداث 11 سبتمبر على مدينة نيويورك.
مياه الشرب والكهرباءكان الوصول إلى مياه الشرب النظيفة من أهم المعضلات التي واجهها الفلسطينيون في غزة، حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وقد تفاقمت هذه المعضلة بشكل مروع بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.
وأشار تقرير صادر عن اليونيسف عام 2019 إلى أن "96% من المياه من طبقة المياه الجوفية الوحيدة في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري".
اقرأ أيضاً
إسرائيل تستخدم الفوسفور الأبيض المحرم دوليا في قصف غزة.. والمقاومة ترد
كما أدى انقطاع الكهرباء، كنتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي، إلى تدمير مرافق الصرف الصحي في غزة، مما أدى إلى زيادة تلوث المياه الجوفية، والذي أدى بدوره إلى إصابات مختلفة وتفشي أعداد كبيرة من الأمراض المنقولة بالمياه والتي يمكن الوقاية منها.
المصدر | جوشوا فرانك / ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة تدمير غزة الاحتلال الإسرائيلي إغراق الأنفاق الفسفور الابيض الفوسفور الابيض الفوسفور الأبیض المیاه الجوفیة الصرف الصحی میاه البحر اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: ترامب طالب نتنياهو بإنهاء حرب غزة الآن
إسرائيل – ذكرت قناة عبرية، امس الثلاثاء، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإنهاء الحرب في قطاع غزة “الآن”.
جاء ذلك وفق ما نقلته القناة عن مصادر وصفتها بالمطلعة (لم تسمها) بشأن تفاصيل جديدة عن فحوى مكالمة هاتفية بين ترامب ونتنياهو، الاثنين.
وقالت القناة: “ترامب قال لنتنياهو في مكالمة أمس بعض العبارات التي لم تقلها الإدارة الأمريكية سابقا، وبدت حاسمة”.
وأوضحت أنه قال له بوضوح: “أريدك أن تُنهي الحرب”.
واعتبر ترامب أنه “ليست فقط صفقة (المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف) ويتكوف هي الممكنة، بل كلا الأمرين معا (إنهاء الحرب وتبادل الأسرى). يجب أن تنهي الحرب، لقد استنفدت نفسها”، وفق القناة.
وأضاف أن “إنهاء الحرب سيساعد في المفاوضات، سواء مع إيران أو مع السعوديين”.
وحتى الساعة 19:10 “ت.غ” لم يصدر تعقيب من تل أبيب ولا واشنطن بشأن ما ذكرته القناة.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 182 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
القناة تابعت أن هذه : “التصريحات لم نسمعها من ترامب من قبل”.
وتابعت: “يبقى غير واضح ما إذا كانت مجرّد إشارة سياسية أولية من جانبه أم بمثابة تمهيد لخطوة حاسمة وقريبة قد تتضمن ضغطا فعليا على الحكومة الإسرائيلية”.
واعتبرت أن “هذه التصريحات قد تفسّر أيضا التقدّم الأخير في الاتصالات بشأن صفقة إعادة المختطفين (الأسرى الإسرائيليين)، والذي وصفه نتنياهو بأنه “ملحوظ”.
وتقدر تل أبيب وجود 56 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين “دفعة واحدة”، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.
وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة.
** نووي إيرانومنذ فترة، يتردد في وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب تُعد لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، رغم معارضة واشنطن.
وفيما يتعلق بإيران، طالب ترامب خلال الاتصال هاتفي نتنياهو بـ”إزاحة خيار الهجوم على المنشآت النووية من جدول الأعمال”، حسب القناة.
وقال: “لم أفقد الأمل في المفاوضات، الإيرانيون سيقدمون ردا غير جيد، لكنه لن يغلق الباب” أمام المفاوضات.
ورد نتنياهو بأنه “يجب الحفاظ على تهديد عسكري موثوق ضد إيران في جميع الأوقات”.
لكن ترامب أردف: “أؤمن بأنني سأنجح في التوصّل إلى اتفاق في النهاية، لكن حاليا يجب إزالة خيار الهجوم من على الطاولة”.
والاثنين، أعلنت إيران أن بحوزتها وثائق سرية تتعلق بمنشآت ومشاريع نووية إسرائيلية، ستمكنها من استهداف منشآت نووية سرية وبنية تحتية اقتصادية وعسكرية، في حال هاجمت تل أبيب منشآت نووية إيرانية.
وفي اليوم نفسه، أعلنت الخارجية الإيرانية أن الجولة السادسة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستُعقد في 15 يونيو/ حزيران الجاري بالعاصمة العُمانية مسقط.
وكشف ترامب، في مايو/ أيار الماضي، أنه أبلغ نتنياهو بأن واشنطن تريد إبرام اتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي، وحذره من تقويض المفاوضات بشن هجوم عسكري عليها.
وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.
وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتتبادلان منذ سنوات اتهامات بالمسؤولية عن أعمال تخريب وتجسس وهجمات إلكترونية.
الأناضول