تصر غزة على أن تبقى على رأس نشرات الأخبار لليوم 100 على التوالي، ورغم كثرت الصراعات والحروب في هذا العالم، فإن غزة تبقى الخبر الأول، فهي الأولى بعدد الضحايا، الأولى بحجم الخسائر الاقتصادية، الأولى بحجم الكارثة الإنسانية، الأولى بحجم العوز الصحي و الغذائي، غزة تصر على أن تكون الأولى.

وفي اليوم المئة من هذه الحرب المفتوحة على القطاع، قتل عشرات الفلسطينيين وجُرح آخرون، جراء القصف الإسرائيل المكثف على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة.

وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن الجيش الإسرائيلي ارتكب خلال الساعات الماضية مجزرة جديدة، بعد قصفه بصاروخين على الأقل منزلاً يتكون من ثلاثة طوابق في حي الدرج وسط مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 50 فلسطينياً وجرح العشرات، فيما قصفت المدفعية حيي الصبرة والزيتون بالمدينة، ما تسبب بمقتل 5 فلسطينيين وجرح 10 آخرين.

وقصفت المدفعية والزوارق الاسرائيلية منازل الفلسطينيين في منطقة تل الهوى والشيخ عجلين جنوب غرب مدينة غزة بعدد من القذائف، فيما فجرت قواته عدداً كبيراً من المنازل قرب شارع 10 جنوباً، وشن الطيران غارات أخرى على منطقة جحر الديك.

وفي جنوب القطاع، نفذ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات شنها على منازل وسط وشرق وغرب مدينة خان يونس، راح ضحيتها أكثر من 30 قتيلا ، أغلبهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى جرح العشرات، كما قتل 23 آخرون، أغلبهم من النازحين جراء قصف منزلين وسط مدينة رفح ومركبة في الطريق الغربي من المدينة، فيما جُرح العشرات معظمهم أطفال جراء غارة على منزل في مخيم بربرة وسط المدينة.

وفي وسط القطاع، قتل ثلاثة فلسطينيين جراء قصف استهدف منزلاً غرب مخيم النصيرات في منطقة السوارحة، حيث يتواصل القصف بالمدفعية والطيران على مناطق شمال وشرق المخيم، كما قتل 6 فلسطينيين، جراء غارة أخرى شنها الطيران على مخيمي المغازي والبريج، حيث يمنع الجيش الإسرائيلي وصول فرق الإسعاف والإنقاذ للمصابين، تزامناً مع استمرار القصف المدفعي قرب عيادة وكالة الأونروا في مخيم المغازي، فيما أدى قصف آخر على منازل في منطقتي البصة والبركة بمدينة دير البلح إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت أمس ارتفاع عدد ضحايا القصف المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي إلى 23843 قتيلا ً و60317 جريحاً.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: 100 يوم إسرائيل قصف قطاع غزة وزارة الصحة

إقرأ أيضاً:

الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماكرون في مواجهة جينيه: ماذا تبقى من الضمير الفرنسي؟

في 30 مايو 2025م وبحسب وسائل إعلام عربية وغربية أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من سنغافورة تصريحًا بدا وكأنه انعطافه في الخطاب الأوروبي إزاء المأساة الفلسطينية، وهو تصريح لا يبدو مفاجئاً لمن يعرف حقيقة الموقف الفرنسي المتمثل في كبار مثقفيها من القضية، وفي قراءة لتصريح الرجل فإنه لم يكتف بالتحذير من تراخي إسرائيل في التعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة، بل مضى إلى القول: «بأن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس مجرد واجب أخلاقي، بل مطلب سياسي». وهنا يصح التساؤل حول هوية هذا الموقف، فهل يأتي التصريح في لحظة صحوة ضمير؟ أم هو مجرد حديث للاستهلاك السياسي؟ وقد بدا لنا الأمر مستحقاً للقراءة والفهم، فهل كان السيد ماكرون وهو يستدعي مفردة «الواجب الأخلاقي»، يتذكّر جان جينيه وهو يكتم أنفاسه ويفقد بلاغته المعهودة عندما كان يتفحص الجثث في صبرا وشاتيلا؟ أم ترى تذكر طالب الفلسفة في جامعة باريس الفيلسوف جيل دولوز وهو يقارب بين الفلسطيني والهندي الأحمر في تجارب الاضطهاد والقمع وإعدام الذاكرة؟ أم أن الرئيس الفرنسي، كعادة السياسيين، يستعير لغة الضمير كي يُخفي صمت الفعل؟

إن هذا السؤال لا يُفهم خارج التاريخ العميق لصورة فرنسا في الوعي العربي - تلك الصورة الملتبسة، المترددة بين الأنوار والسلاح، بين فولتير ونابليون. إنها فرنسا المعبأة في ذهن العربي آية من التناقض والجمال، فمنذ الثورة الفرنسية لم تكن باريس مجرّد عاصمة حرة، بل كانت تُستحضر في المخيلة العربية كمدينة رمزية، موطن للفكر الحر، وقِبلة للباحثين عن عدالة النموذج خارج بلادهم، باريس المرفأ لمن أرهقتهم الأنظمة القمعية، وقيَّدَهُمُ الجهلُ المُقدَّسُ. ودافعنا في كتابة هذه المقالة هو تصريح السيد ماكرون، لذا قررنا الذهاب إلى تاريخ صورة «الفرنسي» في العقل العربي طمعاً في الإجابة عن سؤال يؤرقنا، وهو؛ ترى لماذا تتنكر فرنسا لحقيقتها الإنسانية؟! وما نكتبه هنا ليست عودة إلى تاريخ الوعي، بل تذكير بما يجب أن تكون فرنسا أمينة له ذلك أن شعار 1789م (حرية- مساواة - إخاء) قد تآكل أثره، ولم تبق له من الحياة إلا غبار يسكن جدران مباني قصر العدل في باريس. كما أن هذه الصورة التي ترسخت في وعينا العربي عن فرنسا لم تولد من دعاية، بل من تماسٍ فعليّ مع الثقافة الفرنسية بوصفها فضاءً معرفيًا أعلى صوتاً من الجغرافيا السياسية. ولهذا، فإن مقاربة الموقف الفرنسي من الاعتراف بفلسطين لا تُقاس فقط بمعايير الواقعية السياسية، بل أيضًا بمرآة الذاكرة الثقافية، فكيف رأى العرب فرنسا؟ وهل لا يزال لنداءات الضمير فيها مكانٌ يمكن الاتكاء عليه في لحظة العتمة؟

إن أقدم مظاهر الحضور الفرنسي في الثقافة العربية جاءت عند رفاعة الطهطاوي وذلك في كتابه تخليص الإبريز (1831) حينما كتب: «ليس كل ما عند الفرنساوية يُذمّ، كما أنه ليس كله يُمدح، والعاقل يأخذ ما ينفعه ويدع ما يضره». ثم جاء الإمام محمد عبده ومن باريس نفسها، بعد نصف قرن، وذلك في رسائله المضمنة مجلة «العروة الوثقى» حين التحق بأستاذه جمال الدين الأفغاني حيث كتب: «إن المدينة الأوروبية تقوم على أسس العلم والعمل، لا على الخرافة أو التقليد...»

لكن هذه الصورة تنقلب عند آخر خارط النموذج الفرنسي واختار نقده لا الانبهار به، إنه أحمد فارس الشدياق الذي كتب في «الساق على الساق فيما هو الفارياق- 1885م» من منفاه الباريسي كاشفاً عن تناقض أحوال مدينة الأنوار: «الفرنساويون لا يرون في الشرقي إلا رجلًا نصف إنسان، ولو لبس كل حريرهم وتكلم بكل لغاتهم». وذهب أبعد بقوله: «يعبدون الحرية في كلامهم، ثم يسحقونها في أفعالهم». وهكذا انقسم الوعي العربي باكراً أمام فرنسا إلى صورتين: الأولى مؤسّسة على الانبهار، والثانية مشروعة بالشك. وهو انقسام لم يكن جماليًا، بل سياسيًا كذلك. فالحقيقة أن تاريخ الموقف الفرنسي من القضية اتسم بمراحل مختلفة، وصل بعضها إلى النقيض من ذاته، ففي عام 1947م كانت فرنسا من أوائل من صوّت لصالح قرار تقسيم فلسطين تحت مبرر «الحل العادل»، ثم شاركت فرنسا سياسيًا وعسكريًا في العدوان الثلاثي. غير أنها وفي عهد ديجول، عادت إلى رشدها بعد ما جرى في حرب 1967م وتوسع الكيان في الأراضي العربية ما دفع أبو الجمهورية الخامسة أن يصرح في نوفمبر 1967م بأن: «إسرائيل أصبحت الآن دولة احتلال... وهي تخالف قرارات المجتمع الدولي»، ثم يأتي عقد الثمانينيات والذي سيشهد تصاعدًا لصوت الضمير لدى المفكرين الفرنسيين، وبحق كانت هذه الفترة اختباراً لصدق نسبهم الحضاري إلى عصر الأنوار، إذ ارتفعت في تلك المرحلة أصوات الفلاسفة والكُتّاب تأييدًا للحق الفلسطيني، في مواجهة صمت سياسة التواطؤ. ومن أبرز تجليات تلك المرحلة الحوار الذي جرى عام 1980م بين الفيلسوف جيل دولوز، والمفكر الفلسطيني إلياس صنبر، رئيس تحرير النسخة الفرنسية من مجلة دراسات فلسطينية، وهو الحوار الذي أحدث دوياً بسبب تصريحات دولوز والتي قارن فيها بين نموذجين من عمليات المحو الثقافي، فقد رأى بأن ثمة تشابه كبير بين ما جرى للهنود الحمر، وما يُمارس على الفلسطينيين، وفي ذلك مقولته بأن الفلسطيني الذي ظل في عقل النخبة الفرنسية مجرد «لاجئ» فإنه اليوم مقاوم لصالح قضية، وأن ما يتم بحقه محاولة لبناء أمة فوق أنقاض أخرى. ثم جاءت مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 لتوقظ ضميرًا فرنسيًا آخر، هو الكاتب جان جينيه والذي لم يقوَ على الصمت أمام ما رآه من فظائع الموت، وبشاعة ما ارتُكب جراء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ليكتب مقالته الشهيرة «أربع ساعات في شاتيلا» وذلك بعد زيارته المخيم، وقد جاءت كلماته انحيازًا للإنسان، بوصفه كائنًا يستحق العدالة، وقد ضُمِنت مقالته هذه في الكتاب الذي صدر بعد وفاته 1986م تحت عنوان يمكن ترجمته بـ«العاشق الأسير»، كتب: «كنت أدوس الأجساد، دون أن أستطيع أن أتفاداها.. رأيت طفلًا قُطع رأسه، وقد وُضع الرأس في كيس بلاستيكي بجوار جسده.. أن تكون فلسطينيًا، هو أن تُغتال مرتين: مرة برصاصة، ومرة بالصمت». واحتوت هذه المقالة حواراً مع الذات بلغ أقصى درجات الإدانة، فالرجل وهو يتحرك بين جثث الأطفال والنساء قال: «لم أعد أرى بشرًا، بل أشلاء... كأن اللحم العربي وحده هو ما يجب أن يُسحق بلا حساب.. ثم يبلغ الموقف ذروته ليقول: «كنت هناك، ولم أصرخ. كنت شاهداً، لكن الكلمات في فمي كانت جثثًا أيضًا».. والحقيقة لم تعدم فرنسا أصوات الأحرار في لفت أنظار العالم لما يلاقيه الفلسطيني، فالفيلسوف ريجييه دوبريه يُعد أحد أبرز الأصوات في مواجهة عدوان الكيان، وإرهابه كان قد كتب في العام 2009م «لماذا لم أعد أؤيد إسرائيل؟!» والتي حاكم فيها بلاده وكشف عن تناقضها، فالموقف الفرنسي في نظره يعيش كآبة منطقية، وأنه لا يمكن لفرنسا أن تكون صديقة للعدالة وهي تتجاهل مأساة الفلسطينيين.

والسؤال أيضًا للسيد ماكرون: هل الاعتراف بدولة فلسطينية هو موقف أملاه استدعاء الضمير الفرنسي في مواجهة الظلم، والوقوف إلى جانب الضحية؟ وهل هي تحية لروح جيل دولوز، الذي رأى في المأساة الفلسطينية مرآةً حديثة لمصير الهنود الحمر، حيث تُكتب سردية المنتصر على أنقاض الضحية؟ وهل هي استعادة لصوت جان جينيه، ذلك الذي لم يستطع أن يصمت أمام بشاعة مذبحة صبرا وشاتيلا، فكتب شاهدًا بالكلمات التي صارت جثثًا؟ - ثم هل يتذكر الرئيس ماكرون أن ديجول قال ذات مرةً: «إن فرنسا لا تساير أحدًا حين يتعلّق الأمر بالكرامة والحرية».

غسان علي عثمان كاتب سوداني

مقالات مشابهة

  • الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماكرون في مواجهة جينيه: ماذا تبقى من الضمير الفرنسي؟
  • «فأل حسن» لسان جيرمان.. ميونيخ مدينة الأبطال الجدد!
  • بياستري يحافظ على صدارة مكلارين في تجارب «جائزة إسبانيا»
  • سقوط قتلى و جرحى في قصف للدعم السريع استهدف مدينة الأبيض
  • من يحدد الوقت الضائع لنتنياهو؟
  • ترتيبات لنقل ما تبقى من بنوك في صنعاء إلى عدن
  • ارتفاع عدد قتلى الغارة الإسرائيلية على مفترق السرايا وسط مدينة غزة إلى 11 شخصًا
  • السيد القائد عبدالملك الحوثي: لا ينبغي أن تكون النظرة مقصورة إلى معاناة الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بأسبوع واحد فقط
  • موجز الأخبار.. إيقاف قيد الزمالك.. وزلزال إيران وترامب يلوّح بالخيار العنيف مع إيران
  • 41 قتيلاً جراء القصف.. الجيش الإسرائيلي يدمر مواقع ومبانٍ في قلب غزة