تحظى إعلانات الجمال ووعود تنعيم البشرة وإطالة الرموش أو تقليل التجاعيد، بشعبية كبيرة حول العالم، لكنها غالباً ما تمثل مصدر قلق وخطورة على الصحة العامة، إذ يدخل في صناعة منتجاتها مواد كيميائية تعزز اضطرابات الغدد الصماء وتتداخل مع خصوبة المرأة ونمو الجنين وسلامته بشكل كبير.

تقليل احتمالات الحمل

دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ماساتشوستس الأميركية كشفت عن العلاقة بين التعرض إلى مادة "الفثالات" الموجودة في العديد من المنتجات المنزلية – كالشامبو ومستحضرات التجميل -، وبين الصحة الإنجابية للمرأة والتقليل من فرص واحتمالات الحمل.

ووجدت الدراسة التي نشرت في مجلة "آفاق الصحة البيئية" في ديسمبر/كانون الأول 2023، أنه بالإضافة إلى تأثير هذه المواد الكيميائية على مستويات الهرمونات التناسلية للمرأة، فإنها كذلك تزيد من الالتهاب والإجهاد التأكسدي في الجسم، كما أنها تتداخل مع وظيفة الهرمونات الطبيعية، وتثبط نشاطها في الجسم.

و"الفثالات" هي مجموعة من المواد الكيميائية المصنعة، التي تستخدم كملدنات ومذيبات ومثبتات في صناعة منتجات العناية الشخصية مثل الشامبو ومستحضرات التجميل والصابون والعطور وطلاء الأظافر ومثبتات الشعر ومرطبات الجسم، وتوجد في العديد من المنتجات المنزلية المستخدمة بشكل يومي مثل أرضيات الفينيل ومواد الطلاء وألعاب الأطفال والعبوات والأغلفة البلاستيكية وغيرها.

وتخترق "الفثالات" الجسم عن طريق تناول الطعام والشراب اللذين يلامسان هذه المركبات، أو من خلال استنشاق الجزيئات التي يحملها الهواء، وفق المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

تحتوي مستحضرات التجميل على مادة الفثالات الضارة بالصحة الإنجابية للمرأة (غيتي)

استندت الدراسة المذكورة إلى تحليل بيانات 1288 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و40 عاما على مدى 6 دورات شهرية منتظمة أثناء محاولتهن الحمل، كذلك تتبع الفريق البحثي النساء اللاتي حملن بالفعل، وعثر الباحثون على أدلة لوجود 20 مستقبلا من "الفثالات" في عينات بول المشاركات، وهو ما أكد وجود علاقة بين التركيزات البولية لمستقبلات "الفثالات" وانخفاض احتمالات الحمل أو الحفاظ عليه.

منتجات تحتوي على الفثالات

من جانبها، قالت كاري نوبلز، الباحثة الرئيسية للدراسة، والأستاذة المساعدة في كلية علوم الصحة البيئية في جامعة ماساتشوستس لموقع "نيو أطلس"، إن هناك 3 مركبات أصلية من الفثالات ترتبط بقوة بتأخر الحمل، وهي ثنائي إيثيل هيكسيل الموجود في الصناعات البلاستيكية ومستحضرات التجميل، وداي بيوتل فثالات المستخدم في صناعة العطور ورذاذ الشعر وطلاء الأظافر، وبنزيل بوتيل الذي يدخل في صناعة حقائب اليد والأحذية والأحزمة ومنتجات العناية الشخصية.

وأشارت نوبلز إلى أن زيادة التعرض لهذه المركبات ترفع مستويات بروتين سي التفاعلي الذي يؤدي إلى الالتهاب والإجهاد التأكسدي، مما يعزز تلف الأنسجة والحمض النووي، بما يؤثر على قدرة المرأة على الحمل.

ووفق نوبلز، فإن النساء اللاتي تعرضن لمستويات عالية من الفثالات، قلت لديهن هرمون الإستراديول الأنثوي، وارتفعت مستويات الهرمون المنشط للحوصلة أو الهرمون المنبه للجريب "إف إتش إس" خلال دوراتهن الشهرية، وكلا الهرمونين يعملان على تنظيم الإباضة وتأهيل بطانة الرحم للحمل.

وأشارت الباحثة إلى أن هذه المؤشرات تظهر عادة لدى النساء اللواتي يعانين من قصور المبيض ولا سيما مع التقدم في السن، كذلك تعد من العلامات التي تشير إلى أن الإباضة لم تعد تحدث كما كانت في السابق.

النساء اللاتي تعرضن إلى مستويات عالية من الفثالات قلت لديهن الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الإباضة (وكالة الأنباء الألمانية) ضعف تحمل الغلوكوز

تدعم هذه الدراسة نتائج دراسة أخرى قام بها باحثون من جامعة هارفارد الأميركية 2016، إذ توصلوا بعد متابعة 350 امرأة خلال فترة حملهن، أن أولئك اللاتي لديهن مستويات أعلى من مادة أحادي إيثيل الفثالات، والتي تدخل في صناعة العطور ومستحضرات التجميل، يتضاعف لديهن خطر الإصابة بالسمنة وكذلك الإصابة بضعف تحمل الغلوكوز (ضعف خلايا الجسم على امتصاص السكر من الدم) بمقدار 7 أضعاف مقارنة بالنساء الحوامل ذوات التركيز الأقل من هذه المادة الكيميائية.

وأوضحت الباحثة الرئيسية للدراسة وأستاذة علم الأوبئة بجامعة هارفارد، تمارا تود، لموقع "كلية هارفارد للطب" إن السمنة وضعف تحمل الغلوكوز أثناء الحمل من أهم عوامل الإصابة بسكري الحمل، وأن ما يقارب من 50% من النساء المصابات بسكري الحمل معرضات للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني خلال السنوات التالية للحمل.

ونصحت تود بضرورة تقليل التعرض لهذه المواد الكيميائية من خلال اتباع نظام غذائي صحي، وتجنب التعرض للفثالات الموجودة في العطور ومستحضرات التجميل قدر الإمكان، التي يتم امتصاصها عن طريق الجلد أو الاستنشاق.

ولادة مبكرة وطيف التوحد

وأشارت دراسة أميركية أخرى بتمويل من المعاهد الوطنية للصحة 2022 إلى أن التعرض لهذه المواد الكيميائية يعزز الولادة المبكرة قبل 3 أسابيع أو أكثر من الموعد المتوقع بما يؤثر على كل من الأم والطفل، ويمتد تأثير الفثالات إلى أبعد من ذلك، إذ ربطت دراسات بين زيادة التعرض لهذه المواد الكيميائية أثناء الحمل ومشاكل النمو لدى الأطفال فيما بعد، مثل مشاكل فرط الحركة ونقص الانتباه وانخفاض معدل الذكاء وطيف التوحد وغيرها من مشكلات النمو العصبي.

زيادة التعرض المواد الكيميائية يعزز الولادة المبكرة قبل 3 أسابيع أو أكثر من الموعد المتوقع (شترستوك) كيف نحد من التعرض لهذه المواد؟

يبدو أن تجنب التعرض للفثالات في حياتنا اليومية من الأمور المعقدة، ولاسيما مع الانتشار المذهل لها في كل مكان، ومع ذلك ينبغي على النساء اللاتي يخططن للحمل أن يقللن من التعرض لها إن أمكن من خلال:

التحقق من ملصقات منتجات العناية الشخصية واختيار خيارات خالية من الفثالات أو أي من الرموز المشيرة إليها. تجنب استخدام المنتجات المعطرة، ولاسيما معطرات الجو الصناعية والشموع المعطرة، يمكن استخدام الخل الأبيض أو صودا الخبز لتطهير المنزل من الروائح غير المرغوبة. تهوية المنزل بانتظام لتقليل فرص استنشاق المواد الكيميائية التي يحملها الهواء. استبدال البلاستيك في المطبخ بمنتجات الزجاج والفولاذ المقاوم للصدأ. تجنب تناول الوجبات السريعة، وفق دراسة أجراها باحثون في جامعة جورج واشنطن 2016، فإن تناول الوجبات السريعة يزيد من التعرض لمادة الفثالات، بسبب الاستخدام المكثف للبلاستيك أثناء إنتاج وتقديم هذه الوجبات. استبدال أرضيات الفينيل بأخرى مصنوعة من مواد طبيعية مثل الخشب أو الخيزران أو المشمع الطبيعي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذه المواد الکیمیائیة النساء اللاتی فی صناعة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عادات يومية تسبب التهاب البشرة وحب الشباب| طرق تجنبها والعناية بها

تعتبر البشرة الصحية والنقية من علامات الجمال والصحة العامة، لكن العديد من الأشخاص يعانون من مشكلات جلدية مثل التهاب البشرة وظهور حب الشباب. 

هذه المشكلات يمكن أن تكون مزعجة وتؤثر على الثقة بالنفس، وغالباً ما يكون السبب في ظهورها هو مجموعة من العادات اليومية غير الصحية، من خلال فهم العادات التي تسهم في تفاقم هذه المشكلات، يمكننا اتخاذ خطوات لتجنبها وتحسين صحة البشرة.


 

عادات تسبب التهاب البشرة وظهور حب الشباب

1. عدم تنظيف البشرة بانتظام:

   - عدم تنظيف البشرة بانتظام يمكن أن يؤدي إلى تراكم الأوساخ والدهون والبكتيريا، مما يسد المسام ويسبب ظهور حب الشباب والالتهابات الجلدية.


 

2. استخدام منتجات عناية بالبشرة غير مناسبة:

   - اختيار منتجات عناية بالبشرة غير مناسبة لنوع البشرة يمكن أن يتسبب في تهيج الجلد وظهور حبوب، خاصةً إذا كانت تحتوي على مواد كيميائية قاسية.


 

3. لمس الوجه بشكل مفرط:

   - لمس الوجه باليدين غير النظيفة يمكن أن ينقل البكتيريا والزيوت إلى البشرة، مما يساهم في انسداد المسام وظهور الحبوب.


 

4. التعرض المفرط للشمس:

   - التعرض المفرط لأشعة الشمس دون حماية كافية يمكن أن يسبب التهاب البشرة وتلفها، مما يزيد من احتمالية ظهور حب الشباب.


 

5. نظام غذائي غير متوازن:

   - تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون يمكن أن يؤثر سلباً على صحة البشرة، حيث تعزز الأطعمة غير الصحية من إنتاج الدهون في البشرة مما يؤدي إلى ظهور حب الشباب.


 

6. الإجهاد والضغط النفسي:

   - الإجهاد والضغط النفسي يمكن أن يؤديان إلى زيادة إفراز الزيوت في البشرة وتفاقم حالات الالتهاب، مما يزيد من احتمالية ظهور حب الشباب.


 

7. استخدام منتجات تجميلية منتهية الصلاحية:

   - استخدام مستحضرات تجميل قديمة أو منتهية الصلاحية يمكن أن يسبب تهيج البشرة والتهابها، مما يساهم في ظهور الحبوب.


 

8. عدم إزالة المكياج قبل النوم:

   - عدم إزالة المكياج قبل النوم يمكن أن يؤدي إلى انسداد المسام وتراكم الأوساخ، مما يسبب ظهور حب الشباب وتهيج البشرة.


 

9. عدم شرب كمية كافية من الماء:

   - نقص الترطيب يمكن أن يجعل البشرة جافة وعرضة للتهيج، مما يزيد من احتمالية ظهور حب الشباب والتهابات البشرة.


 

10. التدخين:

    - التدخين يمكن أن يؤثر سلباً على الدورة الدموية ويقلل من قدرة البشرة على تجديد خلاياها، مما يؤدي إلى تفاقم الالتهابات وظهور حب الشباب.

 

تجنب العادات السيئة التي تسبب التهاب البشرة وظهور حب الشباب يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على صحة البشرة. من خلال الاهتمام بتنظيف البشرة، استخدام منتجات ملائمة، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، يمكن تحسين صحة البشرة والحد من مشكلات حب الشباب والالتهابات.

مقالات مشابهة

  • دراسة تكشف وجود مواد كيميائية مرتبطة بالتعبئة والتغليف في أجسام البشر
  • دراسة تبحث في أسباب فيروس كورونا.. تقترب من تحديد أصله
  • رئيس الوزراء: 91% من الأدوية التي يتم استهلاكها في مصر تُصنع محليا
  • دراسة تكشف عن جزيئات بلاستيكية من هذه المادة في الأدمغة البشرية
  • دراسة تكشف عن جزئيات بلاستيكية من هذه المادة في الأدمغة البشرية
  • هل الدخل الأساسي ضرورة حتمية مع صعود الذكاء الاصطناعي.. دراسة حديثة تجيب
  • ضبط سيارة محملة بكمية من مستحضرات التجميل مجهولة المصدر بالغردقة
  • عادات يومية تسبب التهاب البشرة وحب الشباب| طرق تجنبها والعناية بها
  • دراسة حديثة تكشف تغييرات دماغية وهرمونية أثناء الحمل تنمي إحساس الأمومة
  • المفوضية الأوروبية تقيد استخدام مجموعة من المواد الكيميائية إلى الأبد