بعد معركة شاقة على الساحة الدولية ، عاد الفريق القانوني الجنوب أفريقي أخيرا من لاهاي،  وقد هدفت جهودهم الدؤوبة إلى ضمان أن تسود العدالة والمساءلة في خضم الصراع الدائر في غزة.

 قال تيمبيكا نغوكايتوبي  محام وباحث قانوني، يجب ألا تنسوا أن النضال مستمر ، هذه مجرد حلقة في النضال الطويل سمعتم عديلة تقول إنها حوالي 75 عاما من الاحتلال، ولكي يستمر النضال فلن ينتهي.

وأضاف نغوكايتوبي، أن  شهد هذا الأسبوع حدثا هاما، لكنه لم يمثل تتويجا لنقطة تحول حاسمة للغاية يجب أن ننظر إلى القضية من خلال عدسة قانونية.

مع وصول الحرب في غزة إلى 100 يوم غير مسبوقة، يجلب وصول الفريق القانوني لجنوب أفريقيا الأمل والتصميم المتجدد لقد تركت خبرتهم والتزامهم الثابت بحقوق الإنسان أثرا دائما على الساحة العالمية.

 بينما أشار كريسبين فيري - المتحدث باسم الوزارة العدل RSA،  إلي أن، هذا هو مصدر إلهامنا عندما قال الرئيس مانديلا إن جنوب إفريقيا ليست حرة حتى تصبح فلسطين حرة ، وهذا شيء لا يزال عميقا، بالطبع نحن نستلهم أيضا من ميثاق الحرية الذي ينص على أنه يجب أن يكون هناك سلام وصداقة في العالم.

وقد أشاد مواطنو جنوب أفريقيا بالفريق القانوني، ليس فقط لدعوتهم إلى وقف فوري لإطلاق النار والوصول إلى المساعدات، ولكن لتصعيد محنة الفلسطينيين على مستوى العالم.

علينا أن نظهر للعالم، حسنا على الرغم من أنهم يعرفون أن جنوب أفريقيا تقف مع فلسطين، وجنوب أفريقيا تقف مع الإنسانية، علينا أن نظهر للعالم أن الناس في جنوب أفريقيا يقفون مع حكومتنا نحن نقف مع فلسطين".

بالنسبة لهذا الرجل الآخر ، "لقد تحدث العالم بالفعل ليقول إن هذه إبادة جماعية ، لسنا بحاجة إلى قضية قضائية ولكننا بحاجة إلى موافقة لنقول إن ما تقوله شعوب العالم صحيح".

وبينما ينتظر العالم حكما من محكمة العدل الدولية، يستمر الصراع المحتدم بينما يفقد العشرات أرواحهم ويشرد الملايين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الساحة الدولية لاهاي غزة إلى 100 يوم غزة جنوب إفريقيا فلسطين محكمة العدل الدولية جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة

في صباح بارد من عام 1659، وطأت أقدام رجل مسلم مجهول أرض رأس الرجاء الصالح على متن سفينة هولندية. ولم يكن يدرك أن خطوته تلك ستفتح صفحة جديدة في تاريخ جنوب أفريقيا، وتؤسس لمجتمع إسلامي يضم اليوم نحو 1.6 مليون نسمة، أي ما يقارب 3% من سكان البلاد البالغ عددهم 60 مليونا.

وقد تشكل هذا المجتمع -الذي نشأ من رحم المنفى والعبودية والهجرة- عبر قرون من الاضطهاد والمقاومة، وقد أصبح اليوم جزء لا يتجزأ من النسيج الجنوب أفريقي، يحمل في طياته قصصا متشابكة من الصمود والنجاح والإسهام في بناء الدولة بعد الفصل العنصري.

أحد المساجد في جنوب أفريقيا (الجزيرة)5 موجات للوصول الإسلامي: من المنفى إلى التنوع

يقول نعيم جينا كبير الباحثين في معهد مابونغوبوي للتفكير الإستراتيجي "عندما نتحدث عن المسلمين في جنوب أفريقيا، لا يمكننا التعامل معهم ككتلة واحدة. هناك 5 موجات متميزة من الوصول، كل منها تركت بصمتها الخاصة على ما نراه اليوم".

الموجة الأولى: المنفيون والعبيد (1659-1800)

بدأت القصة مع وصول الشيخ يوسف المقاساري عام 1694 من إندونيسيا، منفيا مع 49 من أتباعه. وقد أسس هؤلاء أول جماعة إسلامية منظمة في زاندفليت قرب كيب تاون.

ولاحقا، وصل العالم الإندونيسي توان غورو إلى سجن روبن آيلاند عام 1780، ليؤسس بعد 11 عاما مسجد "أوال" (أقدم مسجد في البلاد) ويبتكر نظام "العربية الأفريكانية" لكتابة اللغة الأفريكانية بالحروف العربية.

ويقول الباحث عبد الديان بيترسن إن هذا النظام هو أقدم شكل مكتوب للأفريكانية، ويكشف كيف استخدم المسلمون الأوائل معرفتهم بالعربية لحفظ لغة المهمشين ومنحها هوية وكرامة.

أول مصحف بجنوب افريقيا بخط يد رجل سجن مع نيسلون مانديلا في جزيرة روبن (الجزيرة)الموجة الثانية: العمال الهنود والتجار (1860-1920)

مع اكتشاف الذهب والماس، جُلب آلاف العمال المسلمين من شبه القارة الهندية إلى ناتال. وجاء بعضهم بعقود عمل قاسية، وآخرون كمهاجرين أحرار. ومن أبرز الوافدين المحامي الشاب موهانداس غاندي عام 1893 الذي استدعاه تجار مسلمون للدفاع عنهم.

إعلان

وهنا بدأ تطوير فلسفته في المقاومة السلمية، رغم أن سيرته في جنوب أفريقيا تكشف جوانب عنصرية تجاه الأفارقة، كما توضح الباحثة موريين سوان في كتابها "Gandhi: The South African Experience" (غاندي: التجربة الجنوب أفريقية).

الموجة الثالثة: الزنجباريون

يصفهم جينا بمجتمع صغير لكنه مثير للجدل في ديربان، إذ تحيط بأصوله قصص متضاربة: غرق سفينة، تجارة رقيق، أو هجرة قسرية. ومع قوانين الفصل العنصري في الستينيات، أعيد تصنيفهم بضغط من المجتمع المسلم الهندي كـ"آسيويين آخرين" ليتمكنوا من العيش في أحياء المسلمين.

الشيخ إسماعيل لوند إمام أول مسجد بجنوب أفريقيا (الجزيرة)الموجة الرابعة: اعتناق الأفارقة الأصليين للإسلام

يعتبرها جينا "الأهم حاليا رغم أنها ليست الأكبر" حيث وجد بعض الأفارقة في الإسلام أيديولوجية مقاومة للأبارتايد، في حين جذب هذا الدين آخرين بسبب تعاليمه حول النظافة أو مكانة المرأة.

الموجة الخامسة: التنوع المعاصر

بعد عام 1994، تدفقت موجات جديدة من الصومال ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنغلاديش، جالبة معها مذاهب وتيارات مختلفة، بينها السلفية التي لم تكن معروفة في جنوب أفريقيا قبل ذلك.

جدارية تضامن مع فلسطين (الجزيرة)اكتشافات جديدة: صلات عثمانية وشبكات عالمية

في جامعة كيب تاون، يكشف الباحث عبد الديان بيترسن عن وثائق عثمانية تثبت أن المسلمين الأوائل لم يكونوا معزولين. فجده الأكبر كاريل بيلغريم، الذي كان أول مسلم من الكيب يؤدي الحج عام 1834، نسج علاقات مع السلطان عبد الله من أنجوان، مما مهد الطريق لرحلته.

ويقول بيترسن "هذه الوثائق تكشف أن مجتمع الكيب كان جزءا من شبكة إسلامية عالمية، يتبادل المعرفة والأموال مع العثمانيين وسلطنات جنوب شرق آسيا". ويحذر من ضياع المخطوطات الملايوية التي تؤرخ لهذه المرحلة، مؤكدا أنها "الأكثر حاجة للحفظ".

من المقاومة إلى التهميش السياسي

برز الإمام عبد الله هارون في ستينيات القرن الماضي كأول من نقل المقاومة الإسلامية من الطائفية إلى النضال الشامل ضد الأبارتايد. وقد دفع حياته ثمنا لذلك، إذ توفي تحت التعذيب عام 1969 بعد 123 يوما من الاعتقال.

لكن رد فعل المجتمع كان صادماً، إذ ترددت قياداته في إقامة جنازته. ويقول جينا "كتبت صحيفة مسلم نيوز أنه لم يُستشهد من أجل الإسلام بل من أجل السياسة".

وبعد عام 1994، بلغ تمثيل المسلمين ذروته في حكومة مانديلا (10% من الوزراء) لكنه تراجع تدريجيا حتى اختفى تقريبا في حكومة الوحدة الوطنية عام 2024.

أحد المصليات بجنوب أفريقيا (الجزيرة)التركيبة السكانية والمفارقة الاقتصادية

يتركز المسلمون في الكيب الغربي بنسبة 6.6% من سكان المقاطعة، ويشكلون نحو نصف مسلمي البلاد. وتأتي كوازولو-ناتال بنسبة 3.2%، ثم غاوتنغ بنسبة 2.8%.

وعرقياً، يشكل الملايو الكيبيون 45%، والهنود 35%، والأفارقة 15%، كما يمثل المهاجرون الجدد 5%.

واقتصاديا، يساهم المسلمون بـ12% من الناتج المحلي (180 مليار راند سنويا) لكن الفوارق الطبقية صارخة، إذ يعيش مسلمو الأحياء الفقيرة مثل هانوفر بارك في بطالة تتجاوز 60%.

وفي المقابل، يخصص المجتمع 500 مليون راند سنويا للتعليم الإسلامي، ويدير 74 مدرسة معتمدة بمعدل نجاح 94% في الثانوية العامة، متفوقاً على المعدل الوطني.

التحديات الثقافية والفنية

رغم القوة الاقتصادية والتعليمية، يواجه المسلمون تحديات معاصرة تتمثل في استمرار العنصرية ضد الأفارقة والصوماليين، والخلافات المذهبية بين الصوفية والسلفية، إضافة إلى تهديد السياحة المفرطة لهوية أحياء تاريخية مثل بو-كاب.

إعلان

وثقافيا، يبرز اسم موسيقي الجاز العالمي عبد الله إبراهيم الذي مزج بين الجاز والإيقاعات الأفريقية والروح الإسلامية.

كما يزدهر فن القوالي الصوفي في ديربان وجوهانسبرغ. وأما المطبخ، فيعكس بدوره التنوع: برياني الكيب بالزبيب والبطاطس الحلوة، مقابل برياني ديربان الحار بالتوابل الهندية، إضافة إلى مطابخ باكستانية وصومالية ونيجيرية في غاوتنغ.

شبكة عالمية وهوية متجددة

يحافظ المسلمون في جنوب أفريقيا على صلات وثيقة بالعالم الإسلامي، من دعم خليجي لترميم المساجد إلى برامج الحج الممولة.

ويقول بيترسن "لم نكن أبدا مجتمعا معزولا، بل في تدفق مستمر مع حركات إسلامية متنوعة. وهذا التواصل العالمي يثري المجتمع المحلي ويحافظ على حيويته".

ومن المتسلل المجهول عام 1659 إلى مجتمع متنوع يضم 1.6 مليون نسمة اليوم، تظل قصة الإسلام في جنوب أفريقيا مرآة لتعقيدات البلاد نفسها: تاريخ من المنفى والمقاومة، حاضر من التنوع والتحديات، ومستقبل مفتوح على إمكانات كبرى إذا ما نجح المسلمون في تجاوز انقساماتهم الداخلية وتعزيز دورهم في بناء جنوب أفريقيا الجديدة.

مقالات مشابهة

  • جنوب أفريقيا تتأهل رسمياً للمونديال
  • جنوب أفريقيا تحجز مقعدها في نهائيات كأس العالم 2026
  • جنوب إفريقيا تنجح في التأهل لكأس العالم للمرة الأولى منذ 16 سنة
  • جنوب إفريقيا تهزم رواندا بثلاثية وتخطف بطاقة التأهل لكأس العالم
  • جنوب إفريقيا تتأهل لكأس العالم للمرة الرابعة في تاريخها
  • منتخب جنوب أفريقيا يهزم رواندا ويحجز مقعده في كأس العالم 2026
  • كارثة مرورية بجنوب أفريقيا تودي بحياة 42 شخصا
  • منتخب مصر للهوكي يواصل الصدارة رغم التعادل مع جنوب أفريقيا
  • التعدين غير القانوني في غانا.. أزمة وطنية تحت المجهر
  • جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة